نبذة عن حياة الصيدلاني داود “الأنطاكي”
1998 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء التاسع
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الصيدلاني داود الأنطاكي شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة
هذا الصيدلاني العالم هو داود بن عمر، الملقب الأنطاكي.
ولد بفوعة ثم انتقل به والده إلى أنطاكية فنشأ بها، ثم انتقل إلى الشام، ثم منها إلى مصـر.
وفي مصـر كانت له خلوة بالمدرسة الظاهرية تجاه البيمارستان (أي: المستشفى) يجلس بها نهارا. وقد كان كسيحا صغير الجسم وأعمى.
تعلم قراءة القرآن والأدب والطبيعيات والطب. وصار يمارس صنعة الطب بالتلمس والاستجواب. ثم سافر لأداء فريضة الحج، واستوطن مكة وقضـى فيها أقل من سنة، حيث توفي سنة 1008 هـ : 1599 م. وقد تعلم داود اليونانية. وعمل طبيبا بالبيمارستان في مصر.
لداود أكثر من عشرين كتابا ومؤلفا، نذكر منها:
1- "تذكرة أولي الألباب والجامع للعجب العجاب"، المشهورة باسم "تذكرة داود". وهي من أشهر الكتب في هذا المجال. وقد طبعت في مصـر تسع طبعات على الأقل من سنة 1254 حتى سنة 1324 هـ.
2- "النزهة المبهجة في تشحيذ الأذهان وتعديل الأمزجة"، طبع على هامش التذكرة.
3- "نزهة الإنسان في إصلاح الأبدان".
4- "تذكرة الإخوان في طب الأبدان".
5- "رسالة في الحمام"
6- الدرة المنتخبة فيما صح من الأدوية المجربة".
7- كتاب طبقات الحكماء.
8- ألفية في الطب.
9- زينة الطروس في أحكام العقول والنفوس.
10- "كفاية المحتاج في علم العلاج"، أو "بغية المحتاج في المجرب من العلاج".
11- "الملكي" في طب الملوك.
12- "غاية المرام في تحليل المنطق والكلام".
13- "مختصر القانون لابن سينا".
14- "السن الثالث إلى آخر العمر"، متضمنة: معرفة المزاج، وتقرير الأمراض الغالب حدوثها بعد الأربعين.
والمشهور من هذه الكتب، "التذكرة"، التي ارتبط اسمها باسم داود الأنطاكي. وهي كتاب علمي قيم، يحوي العديد من المعارف والمعلومات عن كثير من النباتات الطبية والعقاقير.
جمع فيه الأنطاكي، على الرغم من أنه كان ضريرا، خلاصة ما وصلت إليه المعارف والعلم حتى سنة 976 هـ، كما ذكر في مقدمة كتابه.
وما زالت التذكرة تمثل المرجع لكثير من العطارين في معظم المدن والقرى العربية.
ولعلها أشهر كتاب في هذا المجال. فعلى الرغم من انتشار الصيدليات، وما بها من أدوية وعقاقير حديثة، ما زالت حوانيت العطارة وبائعي الأعشاب صامدة، يطرقها الكثيرون طلبا للتداوي بما يصفه العطارون.
وبما يقدمونه من عقاقير، يستعينون في تجهيزها وتركيبها، بما ورد في كتب مثل التذكرة.
ويقول الأنطاكي عن كتابه: "ورتبته حسبما تخيلت الواهمة على مقدمة، وأربعة أبواب، وخاتمة".
أما المقدمة: ففي تعداد العلوم المذكورة في هذا الكتاب، وحال الطب معها، ومكانته، وما ينبغي له ولمتعاطيه، وما يتعلق بذلك من الفوائد.
والباب الأول: في كليات هذا العلم والمدخل إليه.
والباب الثاني: في قوانين الإفراد والتركيب، وأعماله العامة، وما ينبغي أن يكون عليه من الخدمة، في نحو السحق والقلي والغسل، والجمع والإفراد، والمراتب، والدرج، إلى غير ذلك.
والباب الثالث: في المفردات والمركبات، وما يتعلق بها من اسم وماهية ومرتبة، ونفع وضرر، وقدر وبدل وإصلاح، مرتبا على خروف المعجم.
والباب الرابع: في الأمراض وما يخصها من العلاج، وبسط العلوم المذكورة. وما يخص العلم من النفع، وما يناسبه من الأمزجة، وما له من الدخل في العلاج.
والخاتمة: في نكت وغرائب ولطائف وعجائب.
ونظرة إلى هيكل كتاب التذكرة الذي قدم به داود لكتابه، تعطي فكرة واضحة عن التسلسل المنطقي في عرض موضوع معقد ومتشعب. فالعرض يدل على صفاء ذهن المؤلف وقدرته.
والنهج العلمي الذي اتبعه الأنطاكي في كتابه، يدعو للتقدير والاحترام، فهو يقرر في أمانة علمية ما لجأ إليه من مصادر لتذكرته، فيقول: "فنحن كالمقتبسين من تلك المصابيح ذبالة، والمغترفين من تلك البحور بلالة".
واللافت للنظر أن الأنطاكي، وضع في تذكرته قوانين لوصف العقاقير والأدوية، تمثل الدقة المتناهية في وصف كل عقار ودواء.
ويبين داود أنه لا بد من ذكر بيانات مع كل مفرد من المفردات الطبية كالآتي:
1- ذكر أسمائه بالألسن (أي: اللغات) المختلفة ليعم نفعه.
2- ذكر ماهيته من لون، ورائحة، وطعم، وخشونة، وملاسة، وطول وقصر.
3- ذكر جيده ورديئة ليؤخذ أو يجتنب.
4- ذكر منافعه في سائر أعضاء البدن.
5- كيفية التصرف به مفردا، أو مع غيره.
6- ذكر مضاره.
7- ذكر ما يصلحه.
8- ذكر المقدار المأخوذ منه منفردا أو مركبا، مطبوخا أو منشفا، بجرمه أو بعصارته، أوراقا أو أصولا، إلى غير ذلك من أجزاء النبات.
9- ذكر ما يقوم مقامه ما يقوم مقامه إذا فقد.
وأضاف داود أن بعضهم زاد أمرين آخرين: الأول الزمان الذي يقطع فيه الدواء ويدخر، والثاني من أين يجلب الدواء.
وباستعراضنا لهذه القوانين للكتابة عن المفردات الطبية، فإنه مما لا شك فيه أن أي كتاب عن النباتات الطبية يلتزم مؤلفه بهذه القواعد، سيكون موسوعة علمية، تفوق قدرة أي عالم أن يستوعبها بمفرده.
وعلى الرغم من غياب الإمكانات في عصـر الأنطاكي، تمكن بمفرده من إعداد هذا الكتاب القيم: تذكرة داود.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]