آلية حدوث دورة الماء في الطبيعة والعوامل المرتبطة بها
1998 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء التاسع
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
آلية حدوث دورة الماء في الطبيعة دورة الماء في الطبيعة عوامل مرتبطة بدورة الماء في الطبيعة علوم الأرض والجيولوجيا
الماء في صورته النقية الخالصة هو مركب كيميائي يتألف الجزيء الواحد منه من ذرتين من الهيدروجين وذرة واحدة من الأكسيجين. ولكن في الظروف الطبيعية المعتادة، تحتوي المياه كميات من العناصر الكيميائية الأخرى.
وتوجد المياه في صورها الثلاث المعروفة: في صورة غازية على هيئة بخار ماء ينتشـر في الغلاف الجوي حتى ارتفاع 12 كيلومترا من سطح الأرض.
وفي صورة سائلة في المحيطات والبحار، والأنهار، والبحيرات، وفي مسام الصخور الحاوية للمياه والمنتشـرة على سطح الأرض إلى عمق 16 كيلومترا.
كذلك توجد المياه في صورة صلبة على هيئة ثلوج هشة؛ أو جليد متماسك في المناطق القطبية وقمم الجبال التي تنخفض درجات الحرارة فيها عن الصفر.
وتغطي المياه 70.8% من مساحة سطح الكرة الأرضية، ومعظمها في البحار والمحيطات.
ويقدر الحجم الكلي للمياه بحوالي 1.4 مليار كيلومتر مكعب، وهي كمية لو وزعت على سطح الأرض، لو كان سطحا مستويا منتظما، لشكلت طبة مائية سمكها 3800 متر.
ونسبة المياه على الأرض اليابسة لا تزيد على نحو 3% من الحجم الإجمالي للمياه التي على سطح الأرض.
أما حجم المياه الجوفية فهو محل خلاف شديد بين العلماء المتخصصين. فهو في أقل تقدير لهم: 1.5 مليون كيلومتر مكعب، وفي أقصـى تقديرهم: 1.2 مليار كيلومتر مكعب؛ أي إن الحد الأقصـى يزيد 800 مرة على الحد الأدنى!
ويرجع هذا الاختلاف الشديد إلى النقص الكبير في المعلومات المؤكدة عن حجم وظروف الخزانات الجوفية للمياه. ولا سبيل للاقتراب من تحديد الحجم الحقيقي للمياه الجوفية إلا بحفر مئات الآلاف من الآبار الاستكشافية والإنتاجية للمياه الجوفية.
وترتبط دورة المياه في الطبيعة بكثير من العوامل البيئية الأساسية، وهي:
1- العوامل الجغرافية، وأهمها التضاريس.
2- العوامل المناخية، وأهمها درجة الحرارة ونسبة الرطوبة.
3- العوامل الجيولوجية، وأهمها التركيب المعدني للصخور.
4- العوامل الجوية، وأهمها الرياح.
5- العوامل البيولوجية (الأحيائية)، وأهمها توزيع المساحات النباتية.
ولهذا تختلف دورة المياه في الطبيعة من مكان إلى آخر، ومن زمان إلى آخر.
ويمكن التمييز بين نمطين لدورة المياه في الطبيعة على النحو التالي:
أولا: الدورة الإقليمية القصيرة: وهي دورة محدودة الانتشار نسبيا، مثل الدورة المحيطية، أو الدورة القارية، حيث تتبخر المياه من إقليم معين في نطاق البحر أو اليابسة، ويتصاعد البخار إلى الغلاف الجوي، ثم تتجمع السحب وتتكثف فيسقط المطر أو البرد في نطاق الإقليم ذاته، لتبدأ المياه في التبخر من جديد.
ثانيا: الدورة الكوكبية الطويلة: وهي دورة واسعة الانتشار، تشمل كوكب الأرض كله بمسطحاته المائية الكبرى كالمحيطات والبحار، كما تشمل اليابسة بمسطحاتها الصخرية والمائية والنباتية المنتشرة في مختلف الأقاليم المناخية.
ويؤدي هذا التنوع البيئي إلى تنوع عناصر الدورة المائية من الناحيتين الكيفية والكمية.
وتتكون الدورة المائية من طرفين هما: الموارد والمصارف، أو الإيرادات والمصـروفات، أو المدخلات والمخرجات. ويتكون كل طرف من هذين الطرفين من عناصر عديدة تختلف كما وكيفا على النحو المذكور طبقا للتنوع البيئي.
فالبخر، مثلا، يتكون من العناصر التالية: بخر من المسطحات المائية، وبخر من سطح الأرض الجرداء، وبخر من السطح الخضـري للغابات والحقول، وبخر من تحت سطح التربة، حي يوجد بخار الماء في مسام التربة، وبخر من المياه الجوفية الموجودة على عمق قريب من سطح الأرض.
هذا بالإضافة إلى نوع من التبخر يعرف بالنتح، وهو الماء الخارج من ثغور أوراق النباتات. ومن ذلك كله يتضح كيف يؤثر التنوع البيئي في عناصر البخر المختلفة.
ففي بيئة معينة قد ينعدم وجود هذا العنصـر أو ذاك، وقد يوجد بكميات قليلة أو كبيرة بالمقارنة مع العناصر الأخرى.
أما الرواسب المائية المتساقطة من الغلاف الجوي فتتكون من ثلاثة عناصر، هي: الأمطار التي تختلف كمياتها تبعا لاختلاف المناطق البيئية، والثلوج الهشة التي تختلف غزارتها من بيئة إلى أخرى، والبرد الذي يتخذ شكل الكرات المائية المتجمدة المتدرجة في أحجامها ومدى شفافيتها.
وتظل الرواسب الثلجية والجليدية في صورتها الصلبة لفترة زمنية تطول أو تقصـر. ولكنها عندما تذوب تتدفق في صورة سائلة، شأنها في ذلك شأن مياه الأمطار، متجهة نحو مصبات الأنهار الموسمية والدائمة في البحار والمحيطات.
وتختلف كميات وسرعات وصول المياه الجارية من البر إلى البحر طبقا لاختلاف التضاريس واختلاف المسافات من المنابع إلى المصبات. وخلال رحلة المياه الجارية إلى البحر يتسـرب جزء منها إلى خزانات المياه الجوفية التي يصب بعضها في البحر تحت سطح المياه.
وهكذا فإن المياه التي تتبخر من المسطحات المائية. ثم تسقط على اليابسة تعود إلى المسطحات المائية لتبدأ دورة جديدة.
وتجدر الإشارة إلى أن الدورة المائية قد تكتسب كمية ضئيلة جدا من المياه لم يسبق لها أن شاركت في الدورة.
ويحدث لك في حالة النشاط البركاني إذ تنصهر الصخور في الأعماق، وتتفاعل هذه المواد المصهورة فتنشأ عن التفاعل مركبات صخرية جديدة، وتتطاير بعض المياه في صورة غازية. وتحدث هذه الظاهرة على أعماق لا تزيد على ألف كيلومتر من سطح الأرض.
ومن كل ما سبق يظهر أن موارد المياه لا تتساوى مع مصـروفاتها خلال فترة زمنية محدودة، ولا على نطاق محدود. ولا محل أبدا للتساوي بين الإيرادات والمصـروفات المكونة لدورة المياه في الطبيعة، إلا إذا أخذنا الدورة في مجملها على اتساع الكوكب كله وعلى مدى الزمان كله.
أما بالنسبة لمنطقة محددة فإن الدورة المائية السنوية لا بد أن تتمن فقدان أو اكتساب كمية معينة. ولذلك تأخذ معادلة التوازن المائي السنوي لمنطقة معينة الصيغة الرياضية التالية:
الإيرادات – المصروفات ± كمية معينة = صفرا.
والإشارة الموجبة تعني أن المنطقة تقترض من المناطق المجاورة أو من الخزانات الجوفية بعض الموارد الإضافية حتى تتوازن الإيرادات مع المصـروفات، أما الإشارة السالبة فتعني على العكس أن المنطقة تقرض المناطق المجاورة أو الخزانات الجوفية بعض الموارد الزائدة عن مصروفاتها.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]