المراقب الراديوية وأهميتها في علم الفلك
1996 نحن والكون
عبد الوهاب سليمان الشراد
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
المراقب الراديوية علم الفلك علم الفلك
تمثل ولادة علم الفلك الراديوي واحدة من أهم التطورات العلمية في هذا القرن أو بالتحديد في أواخر الأربعينات ، ولذلك بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها.
استغنت الدول المنتصرة عن أجهزة اللاسلكي المستخدمة في الحرب ، ولم تعد بحاجة لها ، وتم إمداد المراقب الفلكية بها ، ونشأ بذلك علم قائم على الأجهزة الجديدة ، وكانت الأرصاد تتم قبل ذلك الزمن بوساطة الأرصاد البصرية وحدها.
وعندما بدأ الفلكيون بتشييد مراقبهم الراديوية صار بمقدورنا النظر ورصد الكون عند مدى أطوال موجيه أبعد كثيراً من الضوء المرئي المعتاد .
وكما ذكرنا سابقاً فإن الصورة والشكل الذي نراه بوساطة المراقب الراديوية يختلف أساساً عما نراه عبر المناظير البصرية المعتادة .
ولقد أمكن من خلال الأرصاد الراديوية كشف الكثير مما لم يكن متوقعاً أساساً من الأرصاد البصرية المعتادة .
يمكن القول إن السبق في بناء أول مرقب راديوي يعود إلى الفلكي جروت ديبير G.reber ، ولقد نشر ذلك في عام 1940 خلال الحرب العالمية الثانية في إلينوي.
وكان كارل جانسي jansky( 1905-1950) قد صنع أول جهاز استقبال راديوي في 1932.
وبحلول عام 1944 كشف ديبير بمرقبه عن تدفقات راديوية شديدة صدارة من كوكبات الرامي Sagitearius وذات الكرسي Cassiopeia والدجاجة Cygnus .
وفي عام 1946 تمكن فريق من العلماء باستخدام نوع جديد من المراقب الراديوية في انجلترا من تحديد مواقع تلك المصادر الراديوية ، ولكنهم لم ينجحوا تماماً في تحديد المواقع بدقة.
ومثلا على ذلك نجد أنهم لم يتمكنوا من تثبيت موقع المصدر الراديوي في الدجاجة لتخلف وبساطة أجهزتهم العلمية آنذاك ، ولذلك أطلقوا على المصدر اسماً مجرداً هو الدجاجة A.
ولقد تحققت القفزة الكبيرة في عام ١٩٥٤ عندما تمكن الفلكيون الإنجليز والاستراليون من إقامة أول أجهزة التداخل الراديوي Radio interferometer
وكما علمنا سابقاً فإن للموجات الراديوية أطوال موجبة أكبر كثيراً من الضوء المرئي المعتاد ، ونتيجة لذلك وللحصول على صورة راديوية واضحة وبارزة التفاصيل ، يجب أن يتم استخدام مرقب راديوي ضخم
وفي الإمكان حل هذه المعضلة بربط عدة مراقب راديوية صغيرة مع بعضها ، لكن يمكننا الحصول على نفس قوة التكبير في المراقب الكبيرة ، ويطلق على هذه الطريقة في الربط والتجميع التداخل الراديوي.
ويتم تغذية اتساع وأطوار الموجات إلى حاسب آلي ينتج أنماطاً متداخلة تمثل خرائط راديوية
وبفضل التداخلات المركبة حديثاً استطاع جراهام سميث G.Smith من كامبريج ن تعيين موقع الدجاجة A أو ٤٠٥C3 بدقة رائعة .
وحالما تم التأكد من موضع الدجاجة A استخدم الألماني والتر باد W.Baade (1893-1960 (ورودلف مينكوفسكي R.Minkowiski المنظار البصري الفلكي العملاق ٥,٨ متراً المنصوب على قمة جبل بالومار palomar على ارتفاع ١٧٤٢ متراً.
وكذلك لرصد أي جرم بصري غريب الشكل قد يكون واقعاً في ذلك الموقع ، وأدى الرصد إلى اكتشاف مجرة غريبة في موقع الدجاجة A ذاته .
كما وجد الفلكيان أن المجرة الغريبة المرتبطة بالدجاجة A تبدو مظلمة تماماً ، ورغم ذلك فقد أمكن تصوير طيفها الذي بين وجود عدد من الخطوط الطيفية اللامعة بين ألوان قوس قزح.
ولقد تأكد أن جميع الخطوط قد حادت بمقدار ٥,7٪ عن موقعها الأصلي باتجاه الطرف الآخر من الطيف ، ويدل ذلك الحيود الذي يعادل 0٥٧, 0 أن سرعة المجرة تبلغ ١٧ ألف كم / ثانية ، وتبعاً لقانون هبل تمثل السرعة مسافة تعادل نحو بليون سنة ضوئية .
ولا شك فقد كانت تلك النتيجة مذهلة ، فالبعد الذي تقع عند الدجاجة A شاسع جداً ، ورغم ذلك يُعد هذا المصدر الأشد بثاً في السماء .
وتبدو الدجاجة A خافتة الضوء فهي بالكاد تظهر في منظار بالومار ، ولكن نجد أن موجاتها الراديوية شديدة بحيث يمكن لكل فلكي جديد رصدها بما لديه من أجهزة بسيطة ، ولذلك فلابد أن الطاقة القادمة من الدجاجة A على هيئة موجات راديوية شديدة جداً.
وفي الواقع فإن البث الراديوي الذي تبدو به أكبر بنحو ١٠ ملايين مرة مما تبثه المجرات الاعتيادية مثل ٣١m الواقعة في كوكبة المرآة المسلسلة ، ويعادل ٨١٠٠ جانسكي ، ومن المؤكد أن الأرصاد قد قادتنا إلى شيء غير مألوف تماماً .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]