نبذة تعريفية عن “المصادر الراديوية الثنائية” و”الإشعاع السينكروتروني”
1996 نحن والكون
عبد الوهاب سليمان الشراد
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
المصادر الراديوية الثنائية الإشعاع السينكروتروني علم الفلك
ولقد ساهم تطور نوعية وأسلوب المراقب الراديوية في رصد العديد من المصادر الراديوية الثنائية وذلك عبر كل السماء ، وكما كان الوضع مع الدجاجة A فإن جميع تلك المصادر الثنائية كانت مكونة من موقعين للبث .
ويفضل العديد من الفلكيين تسمية تلك المناطق التي تنبعث منها كميات هائلة من الموجات الراديوية ((أنشوطات راديوية radio lobes)) ، وذلك بدلا من الفقاعات الراديوية ، ولا شك أن الدجاجة A يظل مميزا لكونه مثلا نموذجيا لهذا النمط من المصادر .
ومن المعلوم أن هيئات وأشكال المصادر الراديوية الثنائية تتباين بشدة ، فمنها الشديد ومنها الضعيف ، وقد يكون بعضها كبيرا أو صغيرا ، ورغم هذا التباين بينها إلا أن خرائطها الراديوية تتماثل إلى درجة كبيرة من خارطة الدجاجة A ، وتتواجد في كثير منها مجرة منفردة بين إنشوطتين راديويتين .
ولقد عَدّ علماء الفيزياء الفلكية المصادر الراديوية الثنائية أجراما يكتنفها الغموض ، ولم تعرف ماهيتها حتى الآن ، فما الذي يؤدي الى تكون الأنشوطتين ؟ وهل من المحتمل أن انفجارا ما قد وقع بها في الماضي.
ولا شك أن هذا الانطباع قد ندركه من الهيئة المشوشة والغريبة للمجرات المفردة التي عادة ما نراها في منتصف الأنشوطتين الراديويتين ، ولعل هناك سؤال آخر يطرح نفسه حول العلمية التي أدت الى قذف الأنشوطتين باتجاهات متضادة تماما للمجرة المركزية؟
لقد مكن تحسن وتطور الأرصاد من إدراك نوع الإشعاع الراديوي القادم من تلك المصادر الثنائية ، وأصبحنا نعلم تماما أن هذا الانبعاث يحدث نتيجة الكترونات عالية السرعة تدور بمسار لولبي حول مجال مغناطيسي.
ويعرف هذا النوع من الإشعاع بالإشعاع السينكروتروني Synchrotron radiation وهو إشعاع غير حراري كهرومغناطيسي ، وما يحدث هو أن الالكترونات المتحركة في مجال مغناطيسي ، تنحرف عن اتجاه الحركة المستقيم بفعل المجال المغناطيسي الذي يقودها الى الحركة بمسارات لولبية.
وعندما تتحرك الالكترونات لولبيا حول المجال المغناطيسي فإنها تبث موجات راديوية مميزة .
ولقد أدركنا الآن أن الإشعاع السينكروتروني يعد مصدرا لأهم العمليات التي تبث بواسطتها الأجرام السماوية موجات راديوية ، ولقد وجد أن كل ما يتطلبه البث حتى يحدث هو وجود الكترونات لها سرعة عالية تقارب سرعة الضوء ، بالإضافة الى مجالات مغناطيسية شديدة .
ويبدو أن هذين العاملين يتوافران في العديد من الحالات الفلكية مثل سحب غازات ما بين النجوم في المجرات الراديوية والسدم وكوكب المشتري Jupiter.
ولاشك أن الإشعاع يقدم معلومات قيمة عن تركيز الالكترونات واتجاه المجال المغناطيسي في أنحاء الكون .
ورغم ذلك فإن البيانات والأرصاد المتاحة حول الإشعاع السينكروتروني لا تقدم الكثير لحل لغز الدجاجةA والأجرام السماوية المشابهة .
وقد يتبادر الى الأذهان سؤال حول ماهية المنتج لكل هذه الالكترونات؟ وكيفية وصولها الى داخل الأنشوطات ؟
يمثل اكتشاف المصادر الراديوية الثنائية أحد السبل التي يفترض أن تقودنا الى كشف الغموض المحيط بعمليات إنتاج الطاقة الهائلة في المجرات والأجرام شبه المجرية.
ولقد مكننا اكتشاف أشباه النجوم في أوائل الستينات من الاقتراب من كشف ذلك الغموض . وكما ذكرنا سابقا إن أشباه النجوم تظهر بلمعان يزيد بمئات المرات عن لمعان المجرات الاعتيادية .
لقد بدا ولأول مرة عندما رصدت أشباه النجوم والمصادر الراديوية الثنائية وكأن هناك فجوة هائلة تفصل بين الأجرام الغريبة وبين المجرات الاعتيادية .
ولكن الأرصاد الدقيقة ومعاودة اختبار البيانات المتاحة عن المجرات والتي كان يظن أنها مجرات اعتيادية قد قادنا مباشرة الى الكشف عن دليل مثير طال انتظاره .
وبفحصنا للمجرة 82M أو 231C3 نرى أنها عضو في عنقود مجاور صغير من المجرات يقع في كوكبة الدب الأكبر Ursq major ، وهو مصدر شديد للموجات الراديوية والسينية وتحت الحمراء.
ولقد أظهرت الصور الضوئية التفصيلية ودراسات التحليل الطيفي التي أجراها الن سانداج A. Sandage وروجر لايندز R. Lundes في الستينات عن وجود كميات هائلة من الخيوط الغازية المندفعة من نواة المجرة.
وتصل خيوط Fliamanents وزوائد الغاز الى مسافات تزيد عن 10 آلاف سنة ضوئية وتتمدد بسرعة تبلغ 1000 كم / ثانية.
ولقد تأكدت تلك النتائج عبر الأرصاد التي أجريت في أواخر السبعينات وأظهرت أن انفجارا رهيبا قد حدث في مركز المجرة منذ نحو مليوني سنة .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]