الناقلية الكهربائية لدى الأحجار الكريمة وتجربة “راسل أوهل”
2013 الرمل والسيليكون
دنيس ماكوان
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
لننتقل من امتصاص الضوء في حجارة الكوارتز الكريمة إلى خواص السيليكون الكهربائية، وإلى مناقشة لماذا تكون الناقلية الكهربائية محساسة جداً لكميات صغيرة من أجهزة الإشابة.
يُقاس تركيز الشوائب في السيليكون فائق النقاوة بالجزء من المليار، كما يقع تركيز أجهزة الإشابة التي تُضاف إلى السيليكون لتصنيع ترانزستورات جذاذة الحاسوب في الحيز جزء من مائة ألف إلى جزء من المليون. وتُحدد هذه الشوائب الناقلية الكهربائية.
تقع الناقلية الكهربائية لنصف ناقل بين عازل مثل الكوارتز ومعدن مثل النحاس. ولنَقلِ الكهرباء، يجب وجود أحزمة طاقة ممتلئة جزئياً بحيث تكون الإلكترونات حرة في الحركة عبر البلورة.
ومن المناسب اعتبار فقط حزامي طاقة تسميان حزام التكافؤ وحزام النقل ويفصل بينهما فجوة طاقة. إذا كان حزام التكافؤ ممتلئاً وحزام النقل فارغاً، تكون عندها المادة عازلة ولا تنقل الكهرباء.
وإذا كان هناك أحزمة ممتلئة جزئياً، تكون عندها المادة معدناً وتنقل الكهرباء. وكما يُناقش في الصندوق 1.4، تكون فجوة الطاقة في نصف ناقل صغيرة كفاية بحيث يستحث عدد قليل من الإلكترونات من حزام التكافؤ إلى حزام النقل وتتمكن هذه الإلكترونات من الحركة عبر البلورة.
وتترك الإلكترونات المستحثة خلفها في حزام التكافؤ حالات فارغة تسمى الثقوب التي يمكن أن تقفز إليها إلكترونات أخرى من حزام التكافؤ وهذا ما يسمح أيضاً لتيار من المرور عبر البلورة.
في حجر كريم أو خلية شمسية، تستحث الإلكترونات بواسطة امتصاص ضوء ذي طاقة مناسبة، وفي غياب الضوء، تستحث الإلكترونات بواسطة امتصاص بعض الطاقة التي تكمن في اهتزازات ذرات البلورة.
تعتبر الناقلية الكهربائية لنصف ناقل محساسة جداً لبعض الأجهزة المضافة، فذرة السيليكون تمتلك أربعة إلكترونات تكافؤ، وإذا أُضيفت ذرة فوسفور تتضمن خمسة إلكترونات تكافؤ إلى السيليكون، فإن الإلكترون الفائض يذهب إلى حزام النقل. بشكلٍ مماثل، إذا أُضيفت ذرة البورون تتضمن ثلاثة إلكترونات تكافؤ إلى السيليكون، سيكون عندها ثقب في حزام التكافؤ. تسمى عملية إضافة الفوسفور أو البورون إلى السيليكون بالإشابة، وتقود إضافة الفوسفور إلى ما يسمى السيليكون نوع ن (n)، كما تقود إضافة البورون إلى ما يسمى السيليكون نوع ب (p).
وفي كل حالة، ستزداد ناقلية السيليكون المشاب الكهربائية بالتناسب مع عدد ذرات الفوسفور أو البورون التي تنتشر في بلورة السيليكون. وتعتمد صناعة الإلكترونيات الحديثة على أجهزة تُصنَّع بإشابة السيليكون لتغيير ناقليته.
علاوة على ذلك، تُبنى إلكترونيات أنصاف النواقل حول ما يسمى الوصلة p-n التي تنتج عندما تمتلك بلورة سيليكون أحادية سطحاً بينياً يفصل بين مناطق مشابة p ومناطق مشابة n، وتعتبر الوصلة p-n عنصراً أساسياً في الترانزستورات والخلايا الشمسية والصمّامات الثنائية المصدرة للضوء (LEDs) وليزرات أنصاف النواقل والصمّامات الثنائية الضوئية. توصف الفيزياء خلف الوصلة p-n في الصندوق 1.4.
نضج اكتشاف الوصلة p-n بالمصادفة عام 1940 عن محاولات تحسين المقوّمات التي تعتبر أجهزة تحوِّل التيار المتناوب إلى تيار مستمر، والتي كانت تُصنع في سنوات 1920 من النحاس مع طلاء من الأوكسيد.
يُدْفع تماس معدني إلى الأوكسيد المغطي ويمر تيار من نقطة التماس عبر أوكسيد النحاس إلى النحاس. وتعمل مقوّمات نقطة تماس السيليكون عند ترددات أمواج ميكروية عالية لأغراض الرادار. ويصنع سلك تنغستين تماساً مع صفيحة سيليكون، لكنه كان من الصعوبة تنفيذ تماسات موثوقة لأنه لم يكن ممكناً التحكم بتوزيع الشوائب في السيليكون الذي كان متوفراً في ذلك الزمان.
في 1940، كان راسل أوهل (Russel Ohl) في مختبرات بل يحاول تصنيع مقوّمات سيليكون أكثر وثوقية، وكان قد حضَّر مصبوبة من السيليكون بصهره في بوتقة من السيليكا وتبريده ببطءٍ. يبين الشكل 2.4 على اليسار توضيحاً لتجربته مستقىً من براءة اختراعه.
بدأ السيليكون المتجمد من قاع البوتقة، ومن الواضح بالإدراك المتأخر أن الشوائب الأخف مثل البورون قد انفصلت نحو أعلى المصبوبة في حين انفصلت شوائب الفوسفور الأثقل نحو الأسفل. لقد أنتج ذلك سطحاً بينياً حيث تغيرت الإشابة من البور إلى الفوسفور. وبما أن البورون والفوسفور يمتلكان، على التوالي، إلكترون واحد أقل أو أكثر من السيليكون، شكَّل السطح البيني وصلة p-n في وسط المصبوبة.
قص أوهل قطعة سيليسيوم من المصبوبة كما يوضح الشكل 2.4 على اليمين، وكانت أكبر مفاجآته أنه وجد أن قطبية المقوِّم قد تغيرت عندما صنع نقاط تماس في أماكن مختلفة على طول السيليكون. وكانت القطبية موجبة حينما صُنع التماس عند ما وُجد لاحقاً أنه منطقة مُشابة نوع p كما كانت سالبة حينما صُنع التماس عند منطقة مُشابة نوع n.
وجد أوهل أيضاً أن التيار مرَّ عبر البلورة عند إضاءة الوصلة p-n بواسطة الضوء، وشكَّل هذا الاكتشاف اللاحق المقدمة لخلايا السيليكون الشمسية التي ستناقش في الفصل الخامس (Ohl 1948).
في ذلك الوقت، كانت تراكيز الشوائب في السيليكون صغيرة جداً لا يمكن قياسها، وهذا ما جعل أوهل وزملاءه يتوجهون بالتجربة والحدس.
اكتشف هنري ثيورر (Henri Theuerer) أنه عندما أُضيف البور إلى المصهور، تحركت الوصلة p-n أكثر نحو أسفل المصبوبة مما أشار إلى أن الشائبة في الأعلى كانت من البور. وخمَّن أن الشائبة في الجزء السفلي من المصبوبة كانت من الفوسفور لأنه قد شمَّ آثار الفوسفين عندما فُتحت البوتقة الحاوية على المصبوبة. وقد سمَّى راسل أوهل وجاك سكاف (Jack Scaff)، بناءً على قطبية مقوّمات نقطة التماس في المناطق المختلفة، المنطقة العليا "نوع-p" أي موجب والمنطقة السفلى "نوع-n" أي سالب، وهكذا، وُلدت الوصلة p-n (Millman 1983).
في إطار هذه الخلفية، جاء اختراع الترانزستور عام 1947 في مختبرات بل، وكان الترانزستور البديل في الحالة الصلبة لمصباح (أنبوب) الفراغ الذي كان عنصراً مفتاحياً للمذياع والاتصالات خلال نصف قرن. وقد مُنح وليام شوكلي (William Shockley) وجون باردين (John Bardeen) ووالتر براتن (Walter Brattain) جائزة نوبل عام 1956 من أجل اختراع الترانزستور.
وقد وُصف عدة مرات التطور من ترانزستور نقطة التماس الأصلي (Bardeen and Brattain 1948) إلى ترانزستور الوصلة (Shockley 1948) إلى ترانزستور أوكسيد المعدن المُكمِّل (CMOS) (Wanlass 1963) (Orton 2004; Riordan and Hoddeson 1997; Reid 1958) وhttp//www.computerhistory.org/semiconductor/timeline).
وتُعطى مراجعة موجزة لهذا التطور من أجل تبيان كيف تُعتبر إضافة مضبوطة لكميات صغيرة من أجهزة الإشابة إلى السيليكون أساس الصناعة الالكترونية
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]