الفيزياء

عملية البناء المنضّد الغير متجانس

2013 الرمل والسيليكون

دنيس ماكوان

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الفيزياء

هل يمكننا تنمية غشاء بلورة أحادية لمادة معينة فوق ركيزة من بلورة أحادية لمادة مختلفة- عملية تسمى البناء المُنضَّد غير المتجانس؟ وعلى سبيل المثال، هل يمكننا تنمية بلورة أحادية من زرنيخ الألمنيوم على بلورة أحادية من زرنيخ الغاليوم؟ تمتلك المادتان نفس البنية البلورية، لكن وحدات الخلايا تختلف في الحجم.

تعتبر وحدة الخلية لـزرنيج الغاليوم AlAs (0.562 نانومتر) أصغر من تلك في زرنيج الغاليوم GaAs (0.565 نانومتر)، فإذا وُضعت طبقات من  زرنيج الألمينيوم فوق طبقات من زرنيج الغاليوم، فإنها لن تتطابق، ومع ارتباط ذرات الألمينيوم على سطح زرنيج الغاليوم، فإن روابط زرنيج الألمينيوم تستطيل من أجل التوافق مع روابط زرنيج الغاليوم في المسطح.

بتعبير آخر، يتشوه غشاء زرنيج الألمينيوم بحيث تتمدد وحدات خلايا زرنيج الألمينيوم وفق اتجاهين في مسطح الغشاء وتتقلص في الاتجاه العمودي عليه. يحافظ ذلك على حجم ثابت لوحدة الخلية كما يبين أعلى الشكل 2.6.

لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية نمو الطبقات الخاضعة للتشوه لأن ذلك يكلِّف طاقة لتشويه الغشاء كي يتلاءم مع الركيزة.ٍ وتزداد طاقة التشوه في الغشاء كلما زادت سماكة الغشاء قيد التنمية.

 

وعند نقطة معينة، يصبح مفضلاً طاقياً تخفيض طاقة التشوه من خلال تشكيل الانخلاعات غير المتطابقة (Van der Merwe 1962). يبين أسفل الشكل 2.6 مثالاً على طريقة واحدة يمكن فيها استرخاء التشوه، حيث يمتلك الغشاء صفاً قطرياً إضافياً من زرنيج الألمينيوم مقارنة مع ركيزة زرنيج الغاليوم.

لقد انكسر التطابق المثالي لـزرنيج الألمينيوم تحت التشوه مع زرنيج الغاليوم حيث أُضيفت صفيحة من زرنيج الألمينيوم، وأصبحت وحدة الخلية الوسطية بالتالي أصغر قليلاً. ومع نمو الغشاء إلى سماكة أكبر، تظهر انخلاعات أكثر فأكثر حتى الوصول إلى الاسترخاء الكامل لغشاء زرنيج الألمينيوم نحو حجم الخلية المكونية لـ زرنيج الألمينيوم النقي.

هناك سماكة حدية يبدأ فوقها ظهور الانخلاعات غير المتطابقة في الغشاء، فإذا قُيِّد نمو الغشاء المُنضَّد غير المتجانس إلى سماكات أقل من السماكة الحدية، فإننا نحصل على بلورة أحادية تتألف من طبقات من زرنيج الغاليوم يليها طبقات تحت التشوه من زرنيج الألمينيوم، أي بلورة أحادية مركبة صنعية.

اقترح ليو إيساكي (Leo Esaki) و ر. تسو (R. Tsu) في شركة أي بي م (IBM) أن بنىً متعددة الطبقات تتألف من مناطق متناوبة من أنصاف نواقل مختلفة يمكن أن تؤدي إلى مواد صنعية تختلف فيها الخواص الإلكترونية بشدة عن أنصاف النواقل العادية (Esaki and Tsu 1970).

وعلى سبيل المثال، تمتلك طبقات متعددة من أربع طبقات ذرية من زرنيج الألمينيوم تتناوب مع أربع طبقات ذرية من زرنيج الغاليوم فجوة طاقية تتغير دورياً كما يبين الشكل 3.6.

 

تُنَمّى الطبقات المتعددة بواسطة الفتح والإغلاق المتناوب للحواجب التي تَفتَح وتُغلِق حزمات الألمينيوم والغاليوم الجزيئية، ويُنَسّق توقيت الحواجب مع تذبذبات انعكاس انعراج الإلكترونات عالية الطاقة (RHEED) للحصول على طبقات متعددة ذات سطح بيني حاد بين طبقات زرنيج الغاليوم وزرنيج الألمينيوم.

يبين الشكل 4.6 صورة طبقات متعددة [(AlAs)2(GaAs)2]n بواسطة المجهر الإلكتروني النافذ (تشير الصيغة الكيميائية إلى أن التتابع، طبقتين من AlAs يليها طبقتين من GaAs، يتكرر n مرة).

جرى تنمية الطبقات المتعددة باستعمال البناء المُنضَّد بواسطة الحزمة الجزيئية من قبل آرت غوسارد (Art Gossard) وحصل بيار بيتروف (Pierre Petroff) على الصورة عندما كان كلاهما يعملان في مختبرات بل. تبين الصورة بوضوح الطبقات المختلفة، وتبين المسطرة المُطبّقة على الشكل أن دورية الطبقات تقترب من تلك المتوقعة في تناوب وحدات خلايا من زرنيج الألمينيوم وزرنيج الغاليوم.

وتبرهن دراسات انعراج الأشعة السينية والإلكترونات أن هذه الطبقات المتعددة تعتبر تقريباً بلورات أحادية مثالية جرى تنميتها باستعمال البناء المُنضَّدعلى بلورة أحادية حجمية من زرنيج الغاليوم. هناك نوع من التمازج بين الغاليوم والألمينيوم عند السطح البيني، لكن ذلك يعتبر إنجازاً هاماً في تنمية بلورة طبقة ذرية تلو الأخرى مع تغيير التركيب الكيميائي والمحافظة على دورية مثالية نوعاً ما (McWhan 1985).

تستمر تقنيات تنمية الطبقات المتعددة بالتحسن حيث تُنمّى روتينياً، طبقة ذرية تلو الأخرى، طبقات متعددة من تنوع واسع من أنصاف النواقل والمعادن والعوازل. ولقد أوصلت هذه البحوث حول النمو طبقة تلو الأخرى إلى ترانزستورات تأثير الحقل FETs والترانزستورات ثنائية القطبية هجينة البنية HBTs تحت التشوه التي نوقشت أعلاه وإلى الصمّامات الثنائية المُصدرة للضوء وليزرات أنصاف النواقل في الصندوق 2.6.

تعتبر فجوة حزام الطاقة خاصية أساسية لنصف ناقل، وإذ تمتلك أنصاف نواقل مختلفة فجوات حزام طاقة مختلفة، فإن طبقات متعددة مؤلفة من أنصاف نواقل مختلفة تمتلك فجوات حزام طاقة تتزايد وتتناقص دورياً.

 

في المثال أعلاه، يتبدل حزام الطاقة في الطبقات المتعددة بين1.43 eV  (GaAs) و  2.16 eV (AlAs) كما يبين الشكل 3.6. وبالتشابه، تمتلك طبقات متعددة من السيليكون والجرمانيوم فجوات حزام طاقة تتبدل بين  1.2 eV و  0.667 eV(من أجل البقاء تحت السماكة الحدية لتشكيل الانخلاعات في معظم الطبقات المتعددة، تتناوب سبائك GaAlAs و SiGe مع GaAs و Si على التوالي).

تسمى البلورة الأحادية المؤلفة من مناطق من مواد مختلفة بالبنية غير المتجانسة التي تُظهر خواص جديدة لا تًظهرها المواد ثلاثية الأبعاد الطبيعية. وتُحتجز الإلكترونات في حزام نقل GaAs بين مناطق AlAs لأن زيادة الطاقة تًشكل حاجزاً عند السطح البيني بين GaAs و AlAs، فإذا كانت طاقة الإلكترون أقل من الحاجز، يكون محتبساً بين الحواجز. وتتشابه هذه الحالة مع مسار لعبة كرات البولينغ حيث تتدحرج كرات البولينغ المنفردة (الإلكترونات) على مسار خاص وتُمنع بواسطة الأقنية من القفز إلى مسار مجاور.

عندما تًحتبس الإلكترونات، تتحدد طاقاتها، وفق ميكانيك الكم، بقيم منفصلة، ويقال أنها تحتل آباراً ميكانيكية كمية. تكمن الطريقة التقليدية لتوضيح تأثير ميكانيك الكم هذا في اعتبار وتر مهتز تتقيد نهايتيه إلى حاجزين. ومن أجل إطالة الاهتزاز، يجب تحقيق عدد كامل من أنصاف طول الموجة بين الحاجزين.

أقام راي دينغل (Ray Dingle) وزملاؤه الدليل لأول مرة على احتباس الإلكترونات في البنية غير المتجانسة في مختبرات بل (Dingle et al. 1974). كانت البنية طبقية بحيث تُحتبس الإلكترونات فقط في الاتجاه العمودي على الحواجز وتكون حرة الحركة في المسطح. وتوفر القدرة على تنمية المواد طبقة طبقة طريقة جديدة للتحكم بخواصها بواسطة تأثيرات ميكانيك الكم.

تتناسب ناقلية نصف الناقل مع أجهزة الإشابة المُضافة، وكما ذًكر سابقاً، تتحدد حركية الإلكترونات بحقيقة أنها تنتثر عن ذرات عنصر الإشابة الثابتة. أثبت دينغل وزملاؤه عام 1978 أن الإشابة المًعدلة تعتبر طريقة بارعة في تحقيق زيادة كبيرة في حركية الإلكترونات  (Dingle et al. 1978)

ونظراً للتحكم الدقيق الذي توفره تكنولوجيا MBE، قاموا بتنمية طبقات متعددة حيث جرى ترسب أجهزة الإشابة فقط في المناطق على كل جانب من زرنيج الغاليوم حيث هاجرت الإلكترونات الناتجة إلى الآبار الكمية فيه وشكلت غاز إلكترونات ثنائي الأبعاد (2-DEG) يمكن أن تتحرك الالكترونات فيه بحرية وفق اتجاهين وتكون محتبسة وفق الاتجاه الثالث. وبما أن مراكز الانتثار لم تعد بعد في زرنيج الغاليوم، فإن حركية الإلكترونات تتزايد.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى