علوم الأرض والجيولوجيا

الكوارث الناجمة عن تحليل الكلفة – العائد

2014 الاقتصاد وتحدي ظاهرة الاحتباس الحراري

تشارلزس . بيرسون

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

عملية تحليل الكلفة – العائد كوارث عملية تحليل الكلفة – العائد علوم الأرض والجيولوجيا

لم يكن تحليل الكلفة–العائد مناسباً تماماً لوضع سياسة مناسبة لمواجهة الكارثة.

فالكورات تمتلك خاصيتين: هما الارتفاع الكبير في حالة عدم اليقين المتطرف، ووخامة العواقب المترتبة عنها.

فتحليل الكلفة – العائد لا يواجه صعوبة تضمين تلك العواقب الوخيمة في النتائج المحتسبة، لكونها كبيرة وتقع خارج إطار التوازن الجزئي التقليدي، كما أنها نادرة الوقوع. فمازالت العواقب الوخيمة غير خطرة.

 

ولا تُمثل تحدياً تحليلياً كما هو الحال بالنسبة لحالة عدم اليقين المتطرفة، الذي يتجسد في غياب الهدف، أو التوزيعات الذاتية المحتملة للمعايير الحرجة.

وخاصة تلك المتعلقة بتركيزات غازات الدفيئة وعلاقتها بدرجة الحرارة، ودرجة الحرارة وعلاقتها بسمات الظواهر المناخية الأخرى، وتلك هي سمات الأضرار.

 

بعض الباحثين قد أدرجوا في الفصل الأول آثار كارثة المناخ، التي شملت تحوير أنظمة حركة دوران تيار الخليج في المحيطات، الذي يشكل مصدر لتدفئة غرب أوروبا، وأدى بشكل واسع إلى الذوبان الكبير للصفائح الجليدية في غرين لاند وغرب القطب الجنوبي.

بالإضافة إلى ذلك فإن التغذية المرتدة للقنوات التي تضخم الاحترار هي  الآخرى ذات صلة، والتي تشمل ذوبان الغطاء الجليدي في القطب الشمالي.

والإطلاق الممكن لغاز الميثان المحتبس حالياً في التربة الدائمة التجمد، واطلاق "هايدرات المثيال" (Methal Hydrate)  من مياه المحيطات العميقة، ومع ارتفاع درجات الحرارة تنخفض قدرة المحيطات لتكون بمنزلة أحواض للكربون.

 

وإلى حدٍ كبير، أعطت نماذج التقييم المتكامل القليل جداً، أو لم تُعطِ أي اهتمام لـ "آليات التغذية المرتدة" (Feedback Mechanisms).

لقد أظهرت دراستان مقدار التحدي الذي تشكله الكارثة عند الأخذ بالأسلوب التقليدي لتحليل الكلفة –العائد.

فالدراسة الأولى (Tol 2003) راحظت منذُ البداية أن القيام بتحليل الكلفة – العائد المتوقع، والتباين لكلا قيمتي الكلفة الحدية والعوائد الحدية التي يجب أن تكون متناهية.

 

فإذا كان التباين لا نهائيا، فإن الفائدة الصافية المتوقعة لا يمكن حسابها، ويفقد بذلك تحليل الكلقة – العائد شرعيته.

كيف يمكن لـ [قيمة] التباين أن تكون لا متناهية لأضرار الخصم الحدية المترتبة من  ظاهرة الاحتباس الحراري؟ "الحدس البديهي" (Intuitive Argument) سيكون على النحو الآتي: إن الآثار الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري غير مؤكدة.

وهناك بعض الاحتمالات الصغيرة، إلا أنها إيجابية، وبالنسبة لبعض مناطق العالم النامية قد تصبح سلبية.

 

فمع انخفاض الدخل والاستهلاك، ستكون القيمة الحالية للاستهلاك في المستقبل أكبر من قيمته المستقبلية، مما يعني ضمناً أن معدل سعر الخصم ستكون قيمته سلبية.

علاوة على ذلك، إذا تم إدخال وزن المساواة(15) فمصير المناطق الفقيرة عالمياً سيكون في تزايد مستمر، مما يُعطي وزناً إضافياً في حساب القيمة الصافية المتوقعة لأضرار ظاهرة الاحتباس الحراري.

وفي هذا السياق، يبرز السيناريو غير المرجح  ليهيمن على القيمة الحالية المتوقعة لتكاليف الأضرار الحدية، وتتباين تقديرات الأضرار لتصبح لا نهائية.

لذا فتحليل كلفة – العائد التقليدي في هذا النموذج غير مجدي(16). ما يكمن وراء فرضية النموذج هذا، هو التداول السريع في أدبيات الموضوع لمفهوم، أن الفائدة تساوي لوغاريتم استهلاك الفرد. وكلما اقترب استهلاك الفرد من الصفر كان نهج العائد لا متناهيا.

 

الدراسة الثانية، ويطلق عليها اسم "النظرية الكئيبة" (Dismal Theorem) (Weitzman 2009a) التي تتمثل في [إجراء اختبار أعمق للاساس الذي يقوم عليه تحليل الكلفة – العائد.

وقد حان الوقت الآن لتُعرف هذه النظرية باسم مشكلة "الذيول الممتلئة" (Fat Tails)، لأن الجانب الأيمن لدالة الكثافة [التوزيعية] الاحتمالية قد لا تتقلص بسرعة.

وجوهر الحجة هو أن الحالة القصوى من عدم اليقين المتعلقة بالمعايير الحرجة كحساسية المناخ (استجابة المناخ للزيادة في درجة الحرارة) مظافاً إليها  دوال رياضية عالية وغير يقينية للأضرار، يمكن أن تؤدي إلى حدوث كارثة الاحتباس الحراري التي تنخفض ببطئ أكثر من تأثيرات الارتفاع.

فالقيمة المتوقعة لأي مؤثر (الاحتمال × المؤثر) فسيكون عندئذٍ لا محدود، وسنواجه خسارة كارثية عالمية في الدخل والرفاهية.

 

في نهاية المطاف، إن هذه النظرية تستند إلى فكرة مفادها بأن المراقبة والمتابعة فقط غير قادرتان على تزويدنا بالمعلومات الكافية حول وقوع كارثة بعد فوات الأوان(17).

فمعرفتنا لاحتمال التغيير الأقصى غير كافي، ولا نستطيع أن نتعلم ما يكفي حولها عبر الاستعانة بالوصف الذي تأتي به التجربة الاستقرائية لوحدها حين توصفها.

"إن المبدأ الأساسي لأخذ العينات النظرية هو أنه كلما كانت هناك ندرة في الحدث، كلما كانا غير متأكدين من تقديراتنا لاحتمالية لحدوث كارثة (Weitzman 2007, p. 4). حيث لا يكون لدينا إلا أمثلة قليلة جداً للتنبؤ بالكوارث المناخية.

 

الآثار المترتبة على هذه النظرية الخاصة بالتحليل التقليدي لـ التكلفة – العائد ذات أثر عميق، حتى لو كانت تحليل التكلفة – العائد مبنياً على أساس نظرية المنفعة المتوقعة (Expected Utility Theory).

فمشكلة عدم اليقين تهيمن بقوة على التحلي، حتى إن كانت مسألة الخصم (Discounting) التي طالما اعتبرت لمدة طويلة أساس في تحليل سياسة المناخ، قد أصبحت أهميتها تحتل المرتبة الثانية في سلم الأولويات.

 

ويخلص فايتسمان إلى القول، أن عمق حالة عدم اليقين يفرض قيوداً شديدة على طبيعة المشورة المقدمة  بشأن السياسات الواجب الأخذ بها والمبنية على معايير تحليل الكلفة – العائد. كما أنها توفر المزيد من الدعم لتبني النهج الوقائي(18).

وعلى أية حال، إن استخدام نهج تحليل التكلفة – العائد ليس كذلك، وللإجابة على السؤال، علينا أن نحدد،  كم نحتاج  من الحذر لتسويغ هذا التحليل؟(19).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى