وجود اعتبارات معاكسة فيما يخص العديد من الأمراض
2013 استئصال الأمراض في القرن الواحد والعشرين
والتر ر.دودل ستيفن ل.كوشي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
قد يسأل أحدهم ما الذي يجعل الإنقاذ من مرض ممكن الاستئصال جديراً بالاهتمام الخاص. فإذا كان هناك واجب لإنقاذ من هم في حالة ضيق وشدة عندما توجد الوسيلة والفرصة، فلماذا لا ننقذ الأطفال المعرضين لخطر مرض السكري أو العنف العائلي ؟
ولماذا نركز الجهود على برنامج معين مكلف، مثل الاستئصال، عندما يمكن الاستفادة من تلك المصادر المالية في تلبية حاجات صحية أخرى؟ وهذا سؤال حق، ويتناول مباشرة موضوع التخصيص العادل للمصادر المالية. نستطيع الإجابة بالحجة التالية:
من المعلوم أخلاقياً أن الأمراض ليست كلها بذات الشكل: فبعضها يؤدي إلى ضرر أكثر من غيره، وبعضها يمكن السيطرة عليه، والقليل منها ممكن استئصاله.
وبالنسبة لما يمكن استئصاله، فإن العائد من الاستثمار مهم وكبير. ومن وجهة نظر اقتصادية، بمجرد استئصال مرض ما، فإن المصادر المالية التي كان يمكن إنفاقها على إجراءات السيطرة، يمكن استخدامها في أمور أخرى. وعلاوة على ذلك فإن عمليات الاستئصال يمكن ويجرى استخدامها في كثير من البلدان النامية كمنطلق للتصدي لأولويات صحية أخرى (Sutter and Cochi 1997).
والمثل على فعالية الاستئصال مقابل أكلافه هو في حالة الجدري، وفي الولايات المتحدة التي تستعيد كامل استثماراتها البالغة 32 مليون دولار أميركي كل 26 يوم، وتبين الصياغة الاقتصادية أن الاستئصال في المدى البعيد كاستراتيجية يقدم مجموع أكلاف أقل (Thopmson and Duintjer Tebbens 2007). وبينما يعتقد حالياً بأن الاستئصال لا ينطوي على الكف عن كل إجراءات الوقاية من الأمراض، فإن التحليل الاقتصادي لـ GPEI يبين بوضوح أن صافي الفوائد من الاستئصال تفوق كثيراً الأكلاف الناشئة عن إنجازه (2011 Duintjer Tebbenset al. ).
وبالإضافة إلى ذلك، وحتى مع أكلاف الحفاظ على بعض إجراءات الحصانة الدائمة، فإن الأقطار تستفيد من الموفورات الكبيرة الناجمة عن عدم اضطرارها لإقامة ردود على ظهور الأمراض وعدواها الآتية من الخارج. ومن منظور أخلاقي فإن استئصال الأمراض يمثل استثماراً هائلاً في تخفيض " كلفتها البشرية " والتي لها أعباؤها الاقتصادية والأخلاقية.
وهذه هي الكلفة التي لا حصر لها من الآلام والمعاناة والتمزق الاجتماعي، وتغير حياة الناس، وموتهم. ومن الصعب أن نضع قيمة اقتصادية لما يشير إليه تومبسون ودوينتجر تيبنز (2007) " بالفوائد الواسعة غير الملموسة الناجمة عن تجنب الخوف والمعاناة " التي تنجم عن غياب المرض.
وفي الوقت الذي يعتبر إنقاذ الأطفال من الأشكال الأخرى من شدة المعاناة، فإن تجنب الأمراض وكشفها ومعالجتها يجب أن لا يجري اختيارها على حساب الاستئصال. وإنه لمن الحكمة والأخلاق أن تستخدم كل هذه الاستراتيجيات لتحقيق صحة أفضل للجميع.
يمكن للإنسان أن يميز أيضاً بين "إنقاذ صعب" Hard Rescue و "إنقاذ سهل" Easy Rescue (Hopkins 2006) ويرى أن استئصال المرض يصل إلى حالة الإنقاذ الصعب التي تفرض عبئاً ثقيلاً. ألسنا ملزمين أخلاقياً بمتابعة الإنقاذ الأسهل.
وتعتمد هذا الاعتراض على فرضيتين ظهر خطأهما أولاً يفترض أن العبء يجري تحمله بشكل لا يتناسب مع أي عنصر لوحده، عندما يكون استئصال المرض جهداً عالمياً. وفي الحقيقة يمكن توزيع العبء بحيث لا يكون مرهقاً لأي عنصر لوحده ويؤدي بالمقارنة إلى فوائد إكمال الإنقاذ تزيد عن العبء الجماعي.
ثانياً: هذا الاعتراض يفترض أيضاً أن المعايير الموضوعية يمكن أن تحدد إنقاذاً سهلاً ويتوقف المدى الذي يعتبر فيه الإنقاذ "سهلاً" أو "صعباً" على السياق والعناصر المخففة الديناميكية والتي تخضع للتغيير مع تغير الظروف. وهكذا فما يعتبر إنقاذاً صعباً قد يتحول ويصبح إنقاذاً سهلاً، والعكس بالعكس.
ففي 2003 أدت مقاطعة التلقيح ضد شلل الأطفال في شمال نيجيريا لأسباب اجتماعية سياسية إلى تصاعد في حالات شلل الأطفال الذي أدى إلى انتشار الفيروس إلى الخارج واندلاعه عالمياً. ولفترة كان يبدو أنه من الصعب احتواء شلل الأطفال تحت هذه الظروف الصعبة، وكانت الآمال بالاستئصال تتبخر مع الإعلان عن كل حالة جديدة (Kaufmann and Feldbaum 2009).
وعلى كل حال ونتيجة لضخ موارد مالية كبيرة ودبلوماسية ماهرة وكثير من العزم انتهت تلك المقاطعة وتم وضع شلل الأطفال تحت السيطرة. وكان بالإمكان أن تبدو نيجيريا في حينها حالة إنقاذ صعبة، إلا أنها استمرت منذئذ في إعطاء مستويات انخفاض قياسية لانتشار فيروس شلل الأطفال بين البلدان التي يبقى شلل الأطفال فيها مستوطناً.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]