تقييم إزالة واستئصال الأمراض
2013 استئصال الأمراض في القرن الواحد والعشرين
والتر ر.دودل ستيفن ل.كوشي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
يجب أن تبدأ التحليلات الاقتصادية للأمراض بدراسة المرحلة المرضية وإمكانية نجاح مكافحتها، كما ناقشناها في القسم السابق.
ونؤكد على أن الطرق الاقتصادية التقليدية ستواجه تحديات بارزة عند تقييمها اقتصاديات الأمراض الظاهرة (Beutels et al. 2008)، ولكن المحللين يجب أن يسعوا، حيث يمكن، إلى تقييم التدخلات النوعية اللازمة لإزالة مرض ما عندما يظهر وقبل أن يصبح مستوطناً.
كما يجب على التقديرات الاقتصادية أن تحدد التدخلات الممكنة وتحدد مقدار أكلافها، وتقدر المنافع الصحية من تنفيذها. وفي نطاق المرض الظاهر والذي تُمثل طبيعته وقدرته على الانتشار أموراً في موضع الشك، يواجه فيها المحللون تحديات في تنبؤ أعبائه المحتملة (مع أو بدون أية تدخلات) وفي تحديد التدخلات التي عليهم تقييمها.
بالإضافة إلى هذه الصعوبات يجب على التقييمات الاقتصادية الوطنية أن تحاول أيضاً دراسة الجوانب الخارجية للدول الأخرى الداخلة في الاستئصال في نطاق أنشطتها الوطنية الداخلية (أي أن الفشل في احتواء ووقف الانتشار سيؤدي لتصديره إلى بلدان أخرى التي يلزمها نفقات لمكافحته. وقد يرغب الكثير من هذه البلدان في دفع مبالغ لا بأس بها لمنع وصوله).
وهكذا، فإنه في سياق التحليل الاقتصادي لمنع مرض ظاهر، تمثل اقتصاديات الاستئصال ناحية أخرى لها علاقتها؛ وسوف تحتاج الدول إلى إقامة الآليات الملائمة لتحويل المبالغ المطلوبة من البلدان الراغبة في المشاركة بإمكاناتها المتوفرة إلى البلدان التي تحتاجها.
وهذا قد ينطوي على نفقات لعقد صفقات تتعلق بتحويلها، وتعبئة مصادرها المالية ومخزوناتها وقد يؤدي إلى مفاوضات سياسية للوصول إلى المناطق المصابة، وإدارة الأمور التي تتعلق بملكية المعلومات العلمية، والمعلومات التي يتوصل إليها الخبراء العلميون والعملانيون والتي تفيد للقيام بالمساعدة. واستناداً إلى الخبرات من سارس SARS فإن بعض هذه الأمور تحصل مسبقاً لأن العلاقات القائمة بين السلطات الصحية الوطنية والدولية ستسهل عقد الصفقات وتخفف بعض هذه الأكلاف.
على كل حال، إن هذه الطريقة تبقى إلى حد ما غير رسمية، وقد تمثل دراسة أكلاف عقد الصفقات خطوة هامة. وبأخذ مثل جهود SARS لوقف انتشار المرض قبل أن يصبح مستوطناً، فإنه يمثل صيغة قيمة وهامة وغالباً ما يُتغاضى عنها بين نشاطات استئصال المرض.
وهكذا، فإن التحليلات الاقتصادية الوطنية المتعلقة بوقف انتشاره يجب أن توضع في إطار يضم المنظورين الوطني والعالمي، مع علمنا بالقيم الكبيرة المنتظرة من بعض الدول ( مثل الدول ذات الدخل المرتفع) التي تستثمر في منع استقرار المرض الظاهر.
فالأمراض المستقرة أو الثابتة في مناطق ما نتوقع أن يقيم الاقتصاديون التدخلات لتحقيق إزالة المرض وطنياً واقليمياً باستعمال الطريقتين CEA و BCA القياسيتين، بمقارنة مجموع الأكلاف والمنافع من تدخلات الإزالة مع معيار المقارنة للحالة الأساسية. وهذه التحليلات تتطلب تقييم كلٍ من المنافع والأكلاف.
ويركز CEA (تحليل الكلفة مقابل الفعالية) النموذجي على تقدير نسبة تزايد الكلفة مقابل الفعالية Incremental cost-effectiveness ratio (ICER) بوحدات نقدية (مثل الدولار الأميركي) لكل حصيلة صحية من التدخل (i) (أي، مبادرة إزالة أو استئصال) مقارنة مع معيار المقارنة (C) (أي الحالة الأساسية أو الحالة الراهنة):
حيث تمثل تكاليف خطة المشروع P (وتكون P إما i أو c خلال السنة J ؛ و هي حدوث الحصيلة الصحية لسيناريو الخطة P خلال السنة J؛ وتصف T تكاليف العلاج المباشر للوحدة من الحصيلة الصحية؛ و هي نسبة الحسم؛ و تمثل وقت البدء لتطبيق المداخلة؛ و t تعني زمن انتهاء تحليل الأفق الزمني (وقد اختير حرفياً بحيث لا يكون للنتائج التي تتجاوز الزمن t تأثير يذكر على الحصيلة الإجمالية بسبب إجراءات الحسم).
كثير من التدخلات لها وقعها المميت والممرض؛ وهكذا فإن الخطوط الإرشادية في CEA تركز على الإعلام عن النتائج الصحية سواءً كانت على شكل عجز – أو سنوات من الحياة ذات نوعية معدلة ( أي DALYs أو QALYs) (WHO 2008a).
ويتطلب تقدير ICERs إشراك معدل كلفة العلاج لكل حالة (T) لتنتزع الموفورات المالية الحقيقية المتعلقة بعدم معالجة النتائج الصحية الممنوعة. وعلى كل حال فإن تفسير تزايد الكلفة مقابل الفعالية ICER وخيار الاستثمار في التدخلات يتطلبان تقييماً ضمنياً للنتائج الصحية التي سبق تقديرها بالقاسم المشترك (أي أن صائغ القرار يجب أن يقدر الفعالية مقابل الكلفة، وتقبل كلفة ما، لكل حصيلة صحية تحددها CEA).
أما استخدام BCA فيتوقف على تقييم القاسم المشترك ظاهراً (أي، إشراك تقدير القيمة المالية أو سعر الظل المتعلق بالحصيلة المتوفرة ). وبذلك فإن BCA النموذجي يركز على تقدير صافي المنافع الحاصلة بالدولارات والناجمة عن تطبيق المداخلة (i) مقارنة مع المعيار الأساسي للمقارنات (c):
حيث تمثل W الرغبة المجتمعية – للدفع بسعر الوحدة من الحصيلة الصحية التي وُفرت للمنافع غير المباشرة للمجتمع والتي تتعلق بمكتسباته من الإنتاج وتحاشي الألم والمعاناة وغيرها من الأعباء التي تم تجنبها (دون أن تشمل أكلاف العلاج المباشر T).
وتظهر التحديات بالاعتماد على تقدير كل عناصر هذه المعادلات. فتقدير الأكلاف يتطلب الاستقراء من معلومات قليلة خاصة بالتدخلات والمعيار الأساسي للمقارنات، وتقدير المنافع يتطلب تقديم الأشكال المرضية والاستقراء. وتطرح كافة نواحي التقييم أسئلة صعبة، باختيار نسبة الحسم، والأفق الزمني، والمنظور والصياغة المعتبرة كخيارات هامة. وبالرغم من مرور عقود على الأخذ بهذه المعلومات القليلة في التقييم (على سبيل المثل، Creese and Henderson 1980، Cutting 1980)، إلا أن هذه العناصر الحاسمة في التحليلات الاقتصادية تبقى موضع كثير من الشك.
وتظهر التحديات المعتمدة على خصائص المنافع المباشرة وغير المباشرة، وتشتمل المنافع المباشرة على تراجع في الوفيات والإصابات، التي نقدرها أصولاً باستخدام كل من المعلومات والنماذج، وما يتعلق بهما من توفير في أكلاف العلاج، التي يجب أن تقدر مالياً. وتشمل المنافع غير المباشرة "النواحي غير الملموسة" Intangibles مثل تجنب الألم، والمعاناة والخوف والمكاسب من الإنتاج المتعلق بأفراد الأسرة الذين لن يحتاجون إلى العناية، وأمور ايجابية خارجية أخرى (مثل التدني في شل نظام العناية الصحية نتيجة عدم تفشي الأمراض).
وإحدى الطرق لانتزاع المنافع غير المباشرة تضع قيمة للرغبة في الدفع لتجنب العجز الذي نجنيه ضمن إجمالي معدل الدخل القومي السنوي كأحسن تقدير لها، بافتراضنا أن هذا يبين الأكلاف الحقيقية في رأس المال البشري الناجم عن الخسارات في الإنتاج نتيجة العجز (Hutubessy et al. 2003؛ WHO 2001b, 2008a).
فهذه المقاربة تأخذ بعين الاعتبار الفروق الكبيرة التي توجد في القيم والرغبات والقدرات على إنفاق المصادر المالية في البلدان ذات المستويات المختلفة في الدخل. فإذا علمنا أن عناصر التقييم تبقى إلى حد كبير غير موثوقة ويصعب توصيفها، وأن هذه المقاربة ترصد فقط الخسارات الحقيقية في الإنتاج، وليس العناصر غير الملموسة من الرغبة في الدفع، فإن المحللين يأخذون باعتبارهم عدداً كبيراً من القيم الممكنة في تحليلاتهم للحساسية، مع وجود حدود قصوى تصل إلى ثلاثة أضعاف إجمالي معدل الدخل القومي السنوي لكل DALY (WHO 2001b).
هناك تحديات أخرى قد تتعلق أيضاً بالأفق الزمني وهناك افتراضات صياغة أخرى قد تحدد مجال النموذج المطروح ( مثل، اختيار، و t، و في المعادلتين 9-1 و 9-2)، التي يبحثها المحللون أيضاً في تحليلاتهم الحساسة. ولقد بيّنا أن الخيارات المتعلقة بالصياغة تؤثر كثيراً في التقديرات الاقتصادية لأنشطة الإزالة والسيطرة على شلل الأطفال تاريخياً في الولايات المتحدة (Thopmson and Duintjer Tebbens 2006).
فنسبة الحسم (أو نسبة التفضيل الزمني) تمثل مجالاً لاستمرار النقاش والجدل في الاقتصاد (Gravelle and Smith 2001; Parsonage and Neuburger 1992; van Hout 1998).
ومع أن الخطوط الإرشادية الحالية توحي باستخدام نسبة حسم منخفضة نسبياً (مثل 3 %) لكل من المال في المستقبل والنتائج الصحية (WHO 2008a; Gold et al. 1996)، فإن خيار نسبة الحسم يمكن أن يكون له وقعه البارز على النتائج الاقتصادية (WHO 2008a).
وتمثل هذه الأمور اعتبارات هامة في التقييمات الاقتصادية لمبادرات إزالة الأمراض واستئصالها. ونظراً لاستمرار التدخلات في الغالب بسبب أخطار دخول الأمراض، فإننا نتوقع تأثيراً أكبر في نطاق تقييم جهود الاستئصال في العالم، التي قد تنظر في الكف عن التدخلات على ضوء عدم انتشار عدوى الأمراض عالمياً.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]