الفيزياء

أمثلة متنوعة من تقنيات الاتصالات اللاسلكية

2013 تبسيط علم الإلكترونيات

ستان جيبيليسكو

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الفيزياء

من الممكن أن تُبدي بعض تقنيّات الاتّصالات اللاسلكيّة فعاليةً تحت ظروف صعبة. لننظر في بعض الأمثلة.

 

– استقبال تنوُّع ثنائي

يُنقِص استقبال التنوّع الثنائي (Dual-Diversity Reception) -المعروف أيضاً للتبسيط باسم استقبال التنوّع – من الآثار الضارّة للاضمحلال (تأرجحات شدّة الإشارة المُستلَمة) في الاستقبال الراديوي، والذي يحصل عندما تعود الإشارات الآتية من  مُرسِلاتٍ بعيدة إلى الأرض عبر طبقة الأيونوسفير.

تحدث هذه الظاهرة غالباً عند تردّداتٍ من 3 إلى 30 ميغا هرتز، ويُدعى هذا الحيز باسم حزمة الموجات القصيرة. يُستخدَم مستقبِلان مُولَّفان كلاهما على الإشارة نفسها، ويستخدمان هوائيَّين منفصلَين يبعدان عن بعضهما البعض مسافةَ عدّة أطوال موجيّة.

نقوم بضمّ خرجَي المُستقبِلَين -بشكلٍ متوافِقٍ في الطور- عند دخل مُضخِّمِ صوت وحيد، كما يُبيِّن الشكل 10-8.

ينبغي أن نضع كلا المُستقبِلَين عند التردّد نفسه تماماً، بحيث يستجيب كلاهما إلى إشارة الدخل الآتية نفسِها.    

 

فكرة مفيدة: تستخدم بعض تجهيزات الاستقبال التنوّعي ثلاثةً من الهوائيّات والمُستقبِلات أو أكثر. تؤمِّن هذه التقنيّة حصانةً ضدّ الاضمحلال أفضلَ حتّى من استقبال التنوّع الثنائي، ولكنها تقتضي صعوبةً في التوليف وزيادةً في الكلفة. 

 

– الاتّصالات المُتزامِنة

تحتاج الإشارات الرقميّة إلى عرضِ حزمةٍ أصغر ممّا تحتاجه الإشارات التماثليّة، وذلك من أجل إرسال مقدارٍ مُعيَّن من المعلومات في وحدة الزمن.

يتمّ تشغيلُ المُرسِل والمُستقبِل في الاتّصالات المتزامنة (Synchronized Communication) – وتُعرَف أيضاً باسم الاتّصالات المتّسقة  (Coherent)– انطلاقاً من معيار زمن مشترَك بهدف حصل مقدار المعطيات التي يمكننا إرسالُها أمثلياً ضمن حزمةٍ أو قناةٍ تردّديّة خاصّة.

يعمل المُستقبِل والمُرسِل في نمط "الخطوة – القفل"، بحيث يقوم المُستقبِل بتقدير كلّ بِتّ مُرسَل كوحدة واحدة، من أجل مقدارٍ زمنيٍّ يستغرق الفترةَ من اللحظةِ الدقيقةِ لبدء البِتّ ولغاية اللحظة المطابقة تماماً لانتهاء البِتّ. تسمح هذه الإجراءات باستخدام مُرشِّح مُستقبِل بعرض حزمة ضيّق للغاية.  

يستلزم التزامُن الصارِم بين المُرسِل والمُستقبِل معيار زمنٍ خارجيّاً، مثل بثّ الموجات القصيرة من محطّة الراديو WWV. تَشتقّ مُقسِّماتُ التردّد التردّداتِ التزامنيّةَ الضروريّة من المعيار.

يتمّ توليدُ نغمةٍ أو نبضةٍ في خرج المُستقبِل من أجل بِتّ مُعيَّن إذا، وفقط إذا، تجاوزت فولطيةُ الإشارة الوسطيّة قيمةً مُحدَّدةً ما خلال فترة ذلك البِتّ. يتمّ تجاهُل الإشاراتِ المُزيَّفة -كتلك التي يمكن أن تنجم عن رنين المُرشِّح- والسّفيرات (Spherics) ("شحنات ساكنة" في الغلاف الجوّي ناجمة عن العواصف الرعديّة)، وكلّ أنواع الضجيج الأخرى لأنها لا تُنتِج مقداراً كافياً من فولطيةِ البِتّ الوسطيّة.          

 

فكرة مفيدة:  بيّنت التجربةُ مع الاتّصالات المتزامنة أن التحسُّن في نسبة الإشارة إلى الضجيج S/N – مقارنةً مع النُّظُم اللامتزامنة – يمكن أن يصل لـحوالي 10 ديسيبل عند سرعاتِ نقلِ معطياتٍ منخفضة أو متوسّطة.  

 

– معالجة الإشارة الرقميّة (DSP)

يمكن لـ معالجة الإشارة الرقمية Digital Signal Processing) (DSP أن توسِّع حيز العمل لدارة اتّصالات لأنها تسمح بالاستقبال تحت شروطٍ أكثر سوءاً ممّا كنّا نحلم بالعمل تحته في غيابِها.

تُحسِّن معالجةُ الإشارة الرقميّة كذلك نوعيّةَ الإشارات المتوسطة، بحيث يرتكب المُشغِّل أو الجهازُ المُستقبِل أخطاءَ أقلّ. تستطيع الـ DSP في داراتٍ تقتصر على أنماط رقميّةٍ في العمل أن "تُنظِّفَ" الإشارة، بحيث يصبح ممكناً نسخُ المعطيات الرقمية مرّةً بعد مرّة (أي إنتاج نسخ متعدّدة الأجيال).

عندما نستخدم الـ DSP مع الأنماط التماثليّة – من مثل الـ SSB أو الـ SSTV – فإن الدارات تغيِّر الإشارات من شكلٍ تماثليّ إلى شكلٍ رقميّ باستخدام التحويل A/D. بعد ذلك، "تُنظَّف" المعطياتُ الرقميّة بحيث تلتزم سعة النبضة ومدّتها الزمنيّة تماماً بالمعايير التقنيّة (المعروفة باسم الميثاق Protocol) لنوع المعطيات المُتضمَّنة. في النهاية، تعود المعطيات الرقميّة للصوت أو الصورة الأصليَّين باستخدام تحويلٍ من رقمي إلى تماثليّ D/A.

تجعلُ منظومةُ الـ DSP الضجيجَ والتداخُلَ في إشارةٍ رقميّة مُستقبَلة أصغريَّين، كما يبيِّن الشكل 10-9.

نرى عند A إشارةً افتراضيّةً قبل الـ DSP؛ بينما نرى عند B الإشارةَ نفسَها بعد الـ DSP. إذا بقيت سعة إشارة الدخل الآتية -أو كانت قيمتُها المتوسّطة- أعلى من مستوى مُحدَّد لفسحة من الزمن، ولّدت منظومةُ الـ DSP إشارةَ خرجٍ عاليةً (الحالة المنطقيّة 1)، بينما إذا بقيت سعة إشارة الدخل الآتية -أو كانت قيمتُه المتوسّطة- أدنى من عتبةٍ حرجةٍ خلال فسحة زمنية، كان الخرجُ منخفضاً (حالة منطقيّة 0).    

 

– التضميم

يمكن للإشارات في قناة أو حزمة اتّصالات أن تتشابك وتنجدل مع بعضها البعض بطرائق متنوّعة. أكثر هذه الطرق انتشاراً هي التضميم باقتسام التردّد FDM) (Frequency-Division Multiplexing، والتضميم باقتسام الزمن TDM) (Time-Divisim Multiplexing.

يتطلّب التضميمُ مُرمِّزاً عند المُرسِل ومُفكِّكَ ترميزٍ عند المُستقبِل. تقسم القناةُ في الـ FDM إلى قنواتٍ جزئيّة، ويُفسَح بين تردّدات الحامِل بحيث لا تتراكب فوق بعضها البعض. تنقسم الإشاراتُ في الـ TDM إلى قطعٍ من الزمن، ثمّ تُنقَل هذه القطع في متتاليةٍ تدور.

ينبغي على المُستقبِل أن يكون متزامناً مع المُرسِل، حيث يمكن توقيتُ كليهما بواسطة معيار زمن مثل WWV. تبقى كلُّ إشارةٍ في كلا نمطَي الـ FDM والـ TDM مستقلّةً تماماً عن الإشارات الأخرى.   

 

– اتّصالات الطيف المنثور

يتغيّر تردّد الحامِل الرئيس في اتّصالات الطيف المنثور (Spread-Spectrum Communication) بسرعةٍ وبشكل مستقلّ عن ترنيم الإشارة، وتتمّ برمجةُ المُستقبِل ليتبعَ ذلك.

كنتيجةٍ لذلك، تنعدم قيمة احتمال التداخل الكارثيّ -حيث تستطيع إشارةٌ تداخليّةٌ وحيدةٌ قويّةٌ إلغاءَ الإشارة المنشودة- أو تقترب من الصفر. علاوةً على ذلك، سوف يجد الأشخاصُ غيرُ المُخوَّلين مستحيلاً من الناحية العمليّة أن يقوموا باستراق السمع على اتّصالٍ قائمٍ.   

يمكن لوظائف نَثْر التردّد أن تكون مُعقَّدةً فعلاً. إذا لم يُفْشِ المُشغِّلون في محطّة الإرسال وفي جميع محطّات الاستقبال سرَّ الوظيفة لأيّ شخصٍ آخر، وإذا لم يُخبروا أحداً بوجود اتّصالِهم، فإن أيَّ شخصٍ غيرَهم على الحزمة نفسها لن يعرف بحدوث الاتّصال.

يمكن لأيّ عددٍ من المُستقبِلين أن يعترض سبيلَ إشارةِ الطيف المنثور طالما كان المُشغِّلون المُستقبِلون يعرفون وظيفةَ نثر التردّد ونشره. يُشكِّل استخدامُ مثل هذه الوظيفة شكلاً من أشكال تعمية المعطيات.

 

إحدى الطرائق المألوفة في توليد إشاراتِ الطيف المنثور تتمثل في ما يُعرَف باسم القفز التردّدي (Frequency Hopping). تكون للمُرسِل قائمةُ قنواتٍ يتبعها في ترتيبٍ مُعيَّن، وتتمّ برمجةُ المُستقبِل بهذه القائمة نفسِها وبالترتيب نفسه، بحيث يتبع تردّده تماماً تردّد المُرسِل.

يساوي زمنُ المكوث طولَ الفترة الزمنية التي يمكث خلالها كلا المُرسِل والمُستقبِل على تردّد مُعيَّن بين القفزات. توجد تردّداتُ مكوثٍ عديدة بهدف "تخفيف" طاقة الإشارة بحيث تمرّ -في حال ولّف أحّدُهم على تردّد ثابتٍ مُحدّد ما في متتالية التردّدات – من دون أن تتمّ ملاحظتُها.

تتضمّن طريقةٌ أخرى للحصول على اتّصالات الطيف المنثور – وتُدعى باسم المسح التردّدي (Frequency Sweeping) – ترنيماً تردّديّاً للحامِل الرئيس المُرسَل بشكلٍ موجيٍّ يُوجِّهُه نحو الأعلى ونحو الأسفل فوق الحزمة المُخصَّصة.

تعمل وظيفة الترنيم التردّدي هذه بشكلٍ مستقلّ عن الشكل الموجي لذكاء الإشارة. يمكن لُمستقبِلٍ أن يعترض سبيلَ إشارةٍ ممسوحةٍ تردّديّاً إذا -لكن فقط إذا- تغيّر توليفُه تبعاً للوظيفة نفسِها، وعلى طول الحزمة نفسها، وعند التردّد نفسه، وفي الطور نفسه لتغيُّر توليف المُرسِل.    

 

ألا تزال تكافح؟

قد تتساءل فيما إذا كانت تكنولوجيا الطيف المنثور تسمح لعددٍ لانهائيّ من الإشارات أن "لتنظم" في حزمةٍ بعرضٍ تردّديّ محدود.

الإجابةُ هي لا، فنحن لا نستطيع ذلك. عندما تصبح الحزمةُ مشغولةً بعددٍ متزايدٍ من إشارات الطيف المنثور، فإن مستوى الضجيج الإجمالي سوف يزداد -على ما يبدو- كما ‘‘يُسمَع’’ من قبل أيّ مُستقبِلٍ في الحزمة. لذلك، 

توجد عمليّاً نهايةٌ تُحِدّ من عدد اتّصالات الطيف المنثور التي يمكن لحزمةٍ التعامُل معها. تماثِل هذه النهايةُ – بدلالة عدد الإشارات – تقريباً ما كانت ستكون عليه لو كانت جميعُ الإشاراتِ موافقةً لإصداراتٍ اصطلاحيّة ثابتة التردّد.  

 

– مسألة 10-8 :

ماذا سوف يحصل إذا تعطّل التواقت الزمني بين المُرسِل والمُستقبِل في منظومة اتّصالات متزامنة؟

الحلّ: 

سوف نفقد القيمةَ الجيّدة لنسبة الإشارة إلى الضجيج. في بعض النُّظُم، تعود المنظومةُ إلى النمط المعياريّ غير المتزامِن (ويُدعى بـالاتّصالات اللامُتزامنة) إذا  تعطّل التزامُن، وبالتالي سوف يستمرّ الاستقبال ولو غدا بمستوى أداءٍ أكثر انخفاضاً. في النُّظُم الأقلّ تطوُّراً وتعقيداً، يحصل في هذه الحالة عطبٌ كامل بسبب "ضياع" المُستقبِل وانعدام قدرته على إيجاد الإشارة المُرسَلة.    

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى