زحل
2013 أطلس الكون
مور ، السير باتريك مور
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
زحل
زحل (Saturn)، هو ثاني الكواكب العملاقة، ويقع على ضعفي مسافة المشترى تقريبًا، له مدة مدارية تربو على 29 سنة، لذلك فهو متنقل بطيء عبر السماء – من الطبيعي أن يطلق عليه القدماء اسمه تكريمًا لإله الزمن. ويمكن أن يكون أسطع من أي نجم آخر عدا الشعرى اليمانية (Sirius) وسهيل (Canopus)، أما من حيث الحجم والكتلة فهو يأتي بعد المشترى فقط.
من حيث الرصد المقرابي قد يحوز زحل على لقب أجمل جسم في السماء قاطبة، إذ لديه قرص أصفر اللون ومسطح بشكل واضح، تخطه أحزمة أقل وضوحًا من أحزمة المشترى. وتحيط بالكوكب أنظمة من الحلقات والتي تشاهد بوضوح حتى باستعمال مقراب صغير إلا حينما يكون النظام من الجنب بالنسبة إلينا (مثلما حدث عام 2009). هناك ثلاثة حلقات رئيسية، اثنتان براقتان وواحدة شبه شفافة، وتم التعرف على أخريات من قبل المسبارات الفضائية التي مرت من الأرض بكوكب زحل: بايونير 11 في عام 1979، وفويجير 1 في عام 1980، وفويجير 2 في عام 1981، وكاسيني التي دخلت مداره في عام 2004
.
إن معظم معلوماتنا التفصيلية حول زحل استقيناها من هذه البعثات الفضائية، لكن كان يُعلم سلفًا أنه من حيث التركيب لا تختلف الكرة عن كوكب المشترى بالرغم من وجود اختلافات مهمة في التفاصيل – وذلك يعود بشكل جزئي إلى الكتلة المنخفضة والحجم الأصغر لكوكب زحل، وجزئيًا لأنه على بُعد أعظم عن الشمس. ويرجع التسطح القطبي إلى الدوران السريع. وتبلغ المدة عند خط الاستواء 10 ساعات و14 دقيقة، في حين أن الدوران القطبي أطول من ذلك بكثير. ويُعد تحديد مدد الكوكب أقل سهولة بطريقة بصرية بالمقارنة بكوكب المشترى نظرًا لانعدام وجود معالم سطحية واضحة.
يتكون السطح الغازي بشكل رئيسي من الهيدروجين، إضافة إلى الهيليوم وكميات أقل من غازات أخرى. يتواجد الهيدروجين السائل تحت السحب، أولاً كجزيئات ثم بشكل معدني تحت عمق 30,000 كيلومتر (19,000 ميل). وليس اللب الصخري أكبر كثيرًا من لب الأرض إلا أنه أعظم كتلة منه، ودرجة الحرارة المركزية قدرت بـ 15000 درجة مئوية، إلا أن ذلك مشكوك فيه جدًا.
إحدى النقاط المثيرة للإهتمام هي أن الكثافة الإجمالية لكرة كوكب زحل أقل من كثافة الماء – بل قد قيل أن الكوكب إذا تم إسقاطه في محيط ضخم، فإنه سيطفو! وبالرغم من أن كتلته تبلغ 95 ضعف كتلة الأرض، إلا أن الجاذبية السطحية تزيد بـ 1.16 ضعف فقط. مع ذلك، يمتلك زحل قوة شد جاذبية قوية جدًا، وله تأثير اضطراب قوي على الأجسام الهائمة مثل المذنبات.
إن زحل، مثل المشترى، يطلق طاقة أكثر مما لو إعتمد بشكل كامل على ما يتلقاه من الشمس، لكن السبب وراء ذلك قد يكون مختلفًا. فلقد كان لزحل الوقت الكافي ليتخلص من كل الحرارة التي لا بد أنه إكتسبها أثناء مرحلة تكوينه، وهناك اقتراحات بأن الإشعاعات الزائدة ربما تكون بسبب الجاذبية، فتنتج عن قطرات صغيرة من الهيليوم تغوص بشكل تدريجي إلى الأسفل عبر الهيدروجين الأخف. وهذا سيفسر سبب احتواء السحب العليا لزحل على نسبة أقل من الهيليوم بالمقارنة مع كوكب المشترى.
يُصدر زحل نبضة راديوية لها مدة تبلغ 10 ساعات 45 دقيقة و45 ثانية، ويفترض أن هذه هي مدة دوران اللب الداخلي. الغلاف المغناطيسي متفاوت بعض الشيء، لكنه يمتد تقريبًا إلى نفس مسافة تيتان (Titan)، أكبر الأقمار التابعة لكوكب زحل. هناك مناطق إشعاعية، لكنها أضعف بكثير من مناطق المشترى.
المجال المغناطيسي نفسه أقوى 1000 مرة من الأرض، والمحور المغناطيسي متعامد تقريبًا مع محور الدوران، إلا أن مركز المجال منحرف تجاه الشمال على طول المحور بحوالي 2400 كيلومتر (1500 ميل)، والمجال أقوى في القطب الشمالي عنه في الجنوبي.
إن رأينا اليوم في كوكب زحل يختلف تمامًا عن الفلكي أر. أي. بروكتور (R. A. Proctor) في عام 1882، عندما كتب:
“فوق منطقة تمتد لمئات آلاف الأميال المربعة، لا بد أن السطح الناتج تتجاذبه قوى تحت-كوكبية. ولا بد أن كميات هائلة من البخار شديد الحرارة تتدفق من الأسفل وتعلو إلى ارتفاعات شاهقة، فإما أنها تزيح الغلاف المحيط من السحب والذي يحجب السطح المضطرب، أو هي نفسها تتحول إلى كتلة من السحاب، يتم التعرف عليها نظرًا لمداها الهائل … (إلا أنه) لو حصل، فوق ما يزيد على ألف منطقة مختلفة، جميعها بمثل مساحة يوركشاير، أن تغير السطح بأسره من حالة سكون إلى مثل هذا النشاط الذي يشبه السطح المضطرب لمعدن يغلي، وتشكلت سحب هائلة على جميع هذه المناطق المشابهة بحيث تحجب البريق الحقيقي للسطح فإن أشد مقاريبنا قوة ستفشل في إظهار أدنى درجة من التغير.”
عادة ما يقول المراقبون بالعين أن زحل أقل إثارة للإهتمام من المشترى، بالرغم من أنه بلا شك أكثر جمالاً. ليست هناك تغيرات قصيرة المدى قابلة للرؤية بالمقاريب ذات الحجم الصغير أو المتوسط، ويظل زحل يبدو بنفس الشكل ليلة تلو أخرى. لا توجد هناك أي من الألوان المتنوعة التي تظهر بوضوح في المشترى، كما لا يوجد شيء يقارن بالبقعة الحمراء الكبرى لكوكب المشترى. ومع ذلك، هناك أحداث مفاجئة تحدث بالفعل، وأبرزها البقع البيضاء البراقة التي تبرز دون سابق إنذار، فالراصد المتحمس لكوكب زحل يجب أن يكون يقظًا دومًا، إذ لا يعلم أحد ما ينتظره. على أي حال، لا يسع أحدًا ما أن يمل التحديق إلى نظام الحلقات الرائع الذي لا يشبه أي شيء نعرفه. فالكواكب العملاقة الأخرى قد تمتلك حلقات، لكن وحدها حلقات زحل براقة وجليدية.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]