سطح الشمس
2013 أطلس الكون
مور ، السير باتريك مور
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
سطح الشمس
تتكون البقعة الأساسية من جزء مركزي داكن يسمى الظل محاط بجزء أقل دكنة يسمى شبه الظل، وأحيانا تكون الأشكال منتظمة و أحيانا ما تكون شديدة التعقيد مع وجود أكثر من ظل محاط بكتلة واحدة من شبه الظل حيث تكون درجة حرارة الظل 4500 درجة مئوية ودرجة حرارة شبه الظل 5000 درجة مئوية )مقارنة بـ5500 درجة للغلاف الضوئي المحيط غير المتأثر(، فلو كانت البقعة الشمسية تشع لوحدها لكان تألقها السطحي أشد من تألق أي مصباح قوسي.
تظهر البقع الشمسية عادة في مجموعات، والمجموعة المعتادة تبدأ بزوجين من المسام الصغيرة الموجودة في أقصى حد لمجال الرؤية، ثم تبدأ تلك المسام بالتحول إلى بقع تامة تبدأ بالنمو والتباين في الطول بحيث تصل المجموعة إلى أقصى طول لها خلال أسبوعين بوجود بقعة منتظمة تعتبر البقعة الرئيسية وبقعة أخرى تابعة أقل انتظاما مع العديد من البقع الأخرى الأصغر التي تنتشر في المنطقة، ثم يبدأ التراجع بشكل بطيء بحيث تبقى البقعة الرئيسية آخر الباقين. ينطبق هذا السيناريو على %75 من المجموعات مع وجود الكثير من التباينات، كما أن البقع المنفردة منتشرة أيضا.
قد تصل البقع الشمسية إلى أحجام ضخمة فأكبر بقعة تم تسجيلها في أبريل 1947 غطت مساحة قدرها 18,000 مليون كيلومتر مربع )7000 مليون ميل مربع( عندما كانت في أوجها، ومن البيدهي أن البقع الشمسية ليست دائمة فقد تمتد حياة المجموعات الكبيرة حتى 6 أشهر أما البقع الصغيرة فقد تختفي في غضون ساعات.
البقع الشمسية هي بالأساس ظواهر مغناطيسية كما أنه يمكن توقع الأحداث المرتبطة بها بسهولة، فتحدث الذروة كل 11 عاما عندما يمكن رؤية أكثر من مجموعة معا ثم يخف النشاط حتى الحد الأدنى حيث يبقى قرص الشمس خاليا من البقع لأيام أو أسابيع عدة وبعد ذلك يبدأ النشاط بالزيادة مرة أخرى حتى الوصول إلى الذروة التالية، ورغم أن الدورة ليست منظمة تماما إلا أن 11 عاما هي متوسط الطول الأدق حيث حدثت الذروة أعوام 1957-1958، 1968-1969، 1979-1980، 1990-1991 و 2000-2001.
وليس كل أوج مساويا للآخر من حيث النشاط كما أنه يبدو أن هنالك فترة طويلة بين عامي 1645 و 1715 لم تظهر فيها أية بقع على الإطلاق، وتسمى هذه الفترة حضيض موندر نسبة إلى الفلكي البريطاني أ.و.موندر (E.W. Maunder) وهو أول من نبه إلى هذه الفترة. من البديهي أن ليست سجلات هذه الفترة مكتملة لكن الأكيد أنه كانت هناك ندرة في البقع لأسباب غير مفهومة، كما أن هناك أدلة على فترات سابقة ندرت أو غابت فيها البقع الشمسية وربما يحدث حضيض مطول في المستقبل. أثناء حضيض موندر مرت الأرض بفترة باردة نسبيا ففي العقد البادئ بـ 1680 تجمد نهر التيمز كل سنة بل وعقدت معارض الصقيع فوقه. كذلك وقد ارتبطت الفترات الباردة بأكثر من حضيض سابق.
وهناك خاصية أخرى لاحظها ألماني هاو هو ف.و.سبورير (F.W. Sporer) وهي أنه مع بداية كل دورة جديدة تظهر البقع بين خطي عرض 30 و 45 شمال أو جنوب خط استواء الشمس ثم مع تقدم الدورة تبدأ البقع بالظهور أقرب و أقرب من خط الاستواء وعند الذروة يكون متوسط خط العرض الذي تظهر عنده هو 15 درجة شمال أو جنوب خط الاستواء، وبعد الذروة تقل البقع الشمسية و إذا ظهرت تظهر متناثرة على خطوط عرض قد تصل حتى °7 شمال أو جنوب خط الاستواء، ولا تظهر البقع على خط الاستواء نفسه أبدا، وقبل أن تموت آخر بقع الدورة القديمة تبدأ بقع الدورة الجديدة بالظهور على خطوط عرض أبعد.
حسب النظرية المقبولة عالميا والتي اقترحها هـ . بابكوك (H. Babcock) في 1961، فإن البقع يسببها تأثير خطوط المجال المغناطيسي للشمس التي تسري من قطب إلى الآخر تحت سطح الشمس الوهاج مباشرة، و حيث أن فترة الدوران عند خط الاستواء أقصر منها عند خطوط العرض الأعلى فإن خطوط المجال المغناطيسي تمتد طوليا بشكل أسرع و تتكون تحت السطح أنفاق مغناطيسية أو أنابيب تدفق بعرض 500 كيلومتر (320 ميل) لكل منها. تطفو هذه الأنابيب إلى الأعلى و تخترق السطح مؤدية إلى ظهور أزواج من البقع بقطبية متعاكسة، وعند الذروة تكون خطوط المجال المغناطيسي منحنية ومتشابكة و لكنها تجتمع بعد ذلك لتصنع تكوينا أكثر استقرارا بحيث يبدأ النشاط بالتلاشي مع نهاية الدورة وتعود الخطوط إلى حالتها الأصلية.
تنعكس قطبية البقعة الرئيسية والبقعة التابعة في نصفي الكرة كما أن هناك انعكاسا كاملا بعد كل دورتين و من ثم فهناك أساس للاعتقاد بأن طول الدورة 22 عاما بدلا عن 11.
إن متابعة البقع الشمسية هواية ممتعة، فمجموعة البقع الشمسية تستغرق أقل من أسبوعين لتعبر من طرف القرص إلى الطرف الآخر، وبعد فترة مقاربة قد تظهر في الطرف التالي إذا كانت لا تزال موجودة بالطبع. تقصر البقعة عندما تكون قريبة من الطرف و يبدو شبه الظل الخاص بالبقعة المنتظمة أعرض في الجانب الموجه باتجاه الطرف. هذا التأثير الذي يسمى بتأثير ويلسون يدل على أن البقع هي منخفضات وليست بروزات و لكن لا ترى هذه الظاهرة على كل البقع.
كثير من البقع يكون لها ما يسمى بالصياخد والمشاعل و التي يمكن وصفها بأنها ملامح ساطعة على شكل سحب على مستويات عليا و ترى غالبا حيث توشك البقع على الظهور وتستمر لفترة بعد أن تموت تلك البقع. وحتى في المناطق الخالية من البقع لا يكون السطح مستقرا، فالغلاف الضوئي له تركيب حبيبي و كل جزء حبيبي يبلغ قطره 1000 كيلومتر تقريبا (600 ميل) و تبلغ مدة حياته 8 دقائق. تمثل هذه الأجزاء الحبيبية تيارات حمل و يقدر عددها على السطح في اللحظة الواحدة بنحو 4 ملايين.
سيكون من التكاسل أن نتظاهر بأننا اقتربنا بأي شكل من تكوين مفهوم متكامل عن الشمس، ومع أن الكثير من المعضلات قد تم حلها إلا أنه لا يزال لدينا الكثير لنتعلمه عن نجمنا النهاري.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]