علم الأحياء الفلكية
2013 أطلس الكون
مور ، السير باتريك مور
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
علم الأحياء الفلكية
منذ إطلاق سلسلة ’سماء الليل’ التابعة لBBC من أكثر من 50 عاما، تَوَجَّهت إلي آلاف الأسئلة وأكثرها شيوعا هو “هل توجد حياة في الأكوان الأخرى؟” ويليها “لو توجد بالفعل حياة، أين سنجدها- وكيف ستكون؟”
وفي هذه اللحظة لا يمكنني الرد بجواب محدد لأننا لا نملك أي دليل قاطع على وجود حياة في أي مكان خارج الأرض. كل ما بوسعنا هو التخمين، وبهذا ندخل في علم جديد هو علم الأحياء الفلكية الذي يدمج الفلك والفيزياء الفلكي مع الكيمياء والأحياء والجيولوجيا، فهي تعتبر في الواقع دراسة شاملة لجميع جوانب الحياة سواء هنا أو في أي مكان آخر.
بداية، توجد نقطة واحدة جديرة بالذكر، وهي أن كل أنواع الحياة التي بإمكاننا فهمها أساسها نوع واحد من الذرات: الكربون. لا يستطيع أي عنصر آخر أن ينتج الجزيئات الكبيرة المعقدة الضرورية للحياة، وهذا يلغي تماما فكرة الكائنات الفضائية من النوع المشهور لدى مؤلفي أفلام الخيال العلمي ’بالوحوش ذوي العيون الجاحظة’ BEM) Bug-eyed Monsters). لو كنا مخطئين في ذلك، إذا فعلمنا الحديث ككل خاطئ أيضا، وفي هذه الحالة يصبح التخمين لا نهاية له ولا جدوى منه، ولذلك يجب أن نحصر أنفسنا في حدود معرفتنا بالحياة كما هي عليه.
يُصِر البعض، ومنهم علماء بارزون، على أنه بما أن ظهور الحياة يشمل العديد من العمليات المعقدة فمن غير المحتمل أن يكون قد تكرر أكثر من مرة، وهذا يعني أن الحياة على سطح الأرض فريدة من نوعها. ولكن مجرتنا وحدها تضم 400,000 مليون نجم وكثير منها يصاحبها كواكب، ويمكننا رؤية 500,000 مليون مجرة على الأقل، ولا بد أن مجموع عدد الكواكب الموجودة في الكون مذهل. لا بد أن يكون أحد هذه الكواكب مماثلا لكوكب الأرض، ومن وجهة نظري لا يمكنني تصور أننا هنا وحدنا.
للأسف، ليس لدينا تصور حقيقي عن كيفية خلق الكائنات الحية. هناك اقتراحات بأن الحياة على أرضنا جاءت من الفضاء، وتسمى هذه الفكرة بنظرية شمولية التكاثر، وقد اقترحها سفانتي آرهينيوس
(Svante Arrhenius) منذ قرن وكان يعتقد بأن الحياة جاءت إلى الأرض على ظهر مذنب. لم يتلق مساندة قط لنظريته لأنها قدمت مشاكل أكثر من حلول ولأنها لم تقترب أبدا من الإجابة على كيفية بدء الخلق من أوله. وتم إعادة إحياء نسخة معدلة من هذه النظرية من خلال السير فريد هويل و شاندرا ويكراماسينغ (Chandra Wickramasinghe)ولكنها أيضا قوبلت بالقليل من الترحيب. وعلاوة على ذلك، فإننا لا نعرف إطلاقا كيفية خلق الحياة، مع أننا للأسف بإمكاننا إنهاءها بمنتهى السهولة.
هناك مشكلة أساسية يجب علينا حلها من قبل أن نحرز أي تقدم حقيقي. فلو كانت الظروف على سطح كوكب ما ملائمة لظهور الحياة، هل يعني هذا أنها ستظهر؟ ولو ظهرت، هل ستتطور إلى الحد الذي تسمح به بيئتها؟ فقد تطورت الحياة على سطح الأرض من كائنات صغيرة جدا ذات خلية واحدة إلى ما عليه أنا وأنت اليوم، وقد بيَّنت أيضا أن الكائنات الحية بإمكانها البقاء في أماكن غير متوقعة- مثل الفتحات الهيدروحرارية الموجودة في قاع المحيط! واقعيا، كل ما بوسع عالم أحياء فلكي في عام 2007 فعله هو أن يُقيِّم الأدلة المتاحة لنا اليوم ويستخلص منها النتائج الأكثر منطقية.
وقد تم اقتراح فكرة أننا حتى لو عثرنا على مخلوقات فضائية فإننا ربما لن نتعرف عليها، بما أن لدينا القليل من الأدلة المؤكدة التي تُوجِّهنا. هذا وإن مقابلة كائنات ذكية هو أمر مختلف تماما، فباستطاعتنا استبعاد وجود أي كائنات متقدمة في المنظومة الشمسية، وبناءا على هذا فإن أي حضارة فضائية لابد أن تكون على بعد سنوات ضوئية عديدة. لا يمكننا استبعاد حدوث اتصال راديوي مع سلالة أخرى، وقد كانت هناك منظمات -ومازالت موجودة- مُكَرَّسة للبحث عن حياة فضائية ذكية Search for Extraterrestrial Intelligence) “SETI”). إن احتمال حدوث اتصال ضئيلة، ولكننا بدون تقديم أي محاولات سيكون الاحتمال صفرا. ولو تمكنا من التقاط رسالة ذكية، لتغيرت طريقة تفكيرنا تغييرا جذريا.
في الواقع، إن العالم الوحيد الذي يمكننا أن نأمل الوصول إليه في المستقبل المنظور هو كوكب المريخ )باستثناء القمر بالطبع(. نحن اليوم متأكدون من عدم وجود حياة على سطح القمر، ولكن هذا لا يعني بالضرورة عدم تواجدها تحت السطح. عندما نؤسس قواعدنا هناك، الأمر الذي نأمل حدوثه قبل نهاية القرن الحالي بوقت طويل، سيكون من المفيد أن يكون باستطاعتنا زراعة نباتات من الممكن استخدامها في حياتنا اليومية. وقد بدأ علماء الأحياء الفلكي عملهم بالفعل، على أمل أن يُنبِتوا نباتات بإمكاناها أن تتحمل ظروفا تشمل ضغط جوي منخفض وليالي قارسة البرودة والقذف بإشعاعات مدمرة من قِبَل الشمس والفضاء.
إذا- هل توجد حياة في أكوان أخرى؟ من وجهة نظري، يمكننا الحصول على الإجابة من كوكب المريخ. لو أثبتت مركباتنا وجود أي نوع من الحياة، حتى ولو من أبسط الأنواع، فإننا سنعرف، لأن الظروف تحت سطح المريخ لن تكون أقل ملائمة من فتحاتنا الهيدروحرارية فلو تمكنت الحياة من البقاء فيها سنكون واثقين إلى حد ما بأن الكائنات الحية ستظهر أينما أمكن. وفي هذه الحالة، سيصبح لعلم الأحياء الفلكي مستقبل باهر.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]