علم الجيولوجيا البيئية وعلاقته بالبيئة
1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الثاني
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
علم الجيولوجيا البيئية علاقة علم الجيولوجيا البيئية بالبيئة علوم الأرض والجيولوجيا
تتضمن الجيولوجيا البيئية الدراسات الجيومورفولوجية التي تُعنى بدراسة أثر العوامل الطبيعية في تشكيل ظاهرات سطح الأرض في البيئات المختلفة.
ويقصد بالعوامل والظاهرات الطبيعية هنا تلك التي ليس للإنسان دخل في نشأتها. وتضنف العوامل الطبيعية إلى عوامل خارجية مثل عوامل التجوية (الطبيعية والكيميائية والبيولوجية) وعوامل التعرية (المياه الجارية والمياه الجوفية والبحر والرياح والجليد).
وأخرى داخلية سواء أكانت فجائية مثل حدوث الزلازل والبراكين أم بطيئة مثل تعرض قشـرة الأرض لحركات الرفع أو الطيّ والثني التكتونية.
كما تشير الجيولوجيا البيئية إلى أثر نشاط الإنسان في تشكيل مظهر سطح الأرض وفي زيادة الأثر الناتج عن فعل التجوية والتعرية أو في الحد من هذا الأثر.
وعلى ذلك يستطيع دارس الجيولوجيا البيئية أن يحدد تأثير نشاط الإنسان السلبي أو المدمر والإيجابي أو المثمر على البيئة التي يعيش فيها. وأن يقوّم الباحث هذا النشاط ويقترح ما يمكن عمله من أجل الحفاظ على البيئة وصيانة مواردها.
وقد نتج عن زيادة السكان على سطح الكرة الأرضية زيادة هائلة خلال القرن العشـرين، ضرورة العمل على استغلال مساحات واسعة من سطح الأرض استغلالاً اقتصادياً وعمرانياً وأدى ذلك بدوره إلى تعرض قسم كبيرة من سطح هذا الكوكب للتدمير والتشويه.
واعترف العلماء بالاستغلال المدمر للبيئة وظهر تعبير "الأزمة البيئية (Environmental Crises). ويلاحظ آثار هذا التدمير البيئي في انكماش المساحة المغطاة بالغابات في العالم.
وتقلص المساحات المزروعة وزيادة مساحة الأراضي التي تتعرض لانجراف التربة (وكثيراً ما يكون ذلك على حساب التوسع العمراني الأفقي الحديث).
هذا إلى جانب زيادة مستويات التلوث البيئي (في التربة والبحر والبحيرات والأنهار وفي الغلاف الجوي) وزيادة المخزون من المواد السامة والضارة والنفايات الصلبة السائلة والغازية والنووية في باطن الأرض، والتي قد تؤثر على الظروف البيئية والحياتية في المستقبل، ووتعرض طبقات الجو العليا لأضرار التلوث وحدوث فجوات الأوزون فيها.
وكان نتيجة لذلك انخفاض حجم الإنتاج الزراعي والغابي والرعوي والسمكي في العالم وأصبح الإنتاج لا يكفي حاجات سكان العالم المتزايدين عاما بعد آخر.
واحتواء معظم هذه المنتجات على نسب عالية من مواد ضارة وأخرى مشعة تضـر صحة الإنسان وتؤدي إلى انتشار أنواع جديدة من الأوبئة والأمراض التي تفتك بحياة البشـر على سطح هذا الكوكب.
وعلى ذلك فإن قانون التبادل (Law of reciprocity) هو الذي يتحكم في العلاقة المتبادلة بين الموارد الطبيعية في البيئة ونشاط الانسان عند استغلاله لهذه الموارد.
وقد ظهر علم جديد يختص بدراسة أثر الظروف الطبيعية على نشاط الإنسان يعرف باسم "جغرافية الإنسان (Anthropogeography).
وتمتد جذور هذا العلم إلى المفاهيم التي وصفها كارل ريتر (karl Ritter) في ألمانيا عام 1817 وإلى آراء أصحاب المدارس البيئة والإمكانية والاحتمالية في الدراسات الجغرافية منذ القرن التاسع عشر الميلادي.
ويقترح بعض العلماء أن جذور الحضارات البشـرية ربما تعزى أساساً إلى حاجة الإنسان إلى التآلف مع بيئته.
فيذكر الأستاذ ويتفوجل Wittfogel بأن الحضارات البشرية القديمة تشترك جميعها في عامل مشترك واحد يتمثل في حاجة الإنسان إلى المياه وحسن استغلال مصادرها حتى أنه أطلق على هذه الحضارات القديمة تعبير الحضارات الهيدرولوجية (Hydraulic civilization).
ففي الأراضي الزراعية يحتاج العمل إلى فئات من العمال المدربة في بناء الجسور والسدود والخزانات ومد القنوات لري الحقول الزراعية.
ويتطلب العمل كذلك اكتشاف طرائق مختلفة لرفع المياه من القنوات إلى الحقول، وتيسير عملية انسيابها مع انحدار الأرض، وحمايتها من التسـرب والتبخر، والاستفادة من معظم كمياتها في ري الحقول الزراعية.
وبتقدم هذه الأعمال الفنية يزداد الإنتاج الزراعي ويتوافر الغذاء للسكان. ومع ذلك فإن اقتصاد هذه الحضارات القديمة كان مبنياً على مدى استغلال الموارد المائية.
أما في المناطق الجافة وشبه الجافة قد يضطر السكان إلى النزوح من هذه المناطق والسطو على المناطق المجاورة لهم بحثاً عن الغذاء عند حدوث فترات الجفاف.
ومن دراسة مواضع 13 مدينة كبيرة الحجم في الولايات المتحدة الأمريكية تبين أن مدينة دنفر Denver هي المدينة الوحيدة التي لا تقع بجوار مسطحات مائية واسعة، ذلك لأن التوزيع الجفرافي للسكان عند بداية تعمير أمريكا الشمالية كان يعتمد على مدى توفر الموارد المائية.
وعلى ذلك تركزت المراكز العمرانية على طول السهول الساحلية الشـرقية المطلة على المحيط الأطلسـي وعند خط المساقط Fall Line بجوار مواقع الشلالات والجنادل النهرية (عند مقدمات السفوح الشـرقية لمرتفعات الأبلاش) حيث كانت تتوافر الطاقة المحركة.
وهكذا يتضح أن مصادر البيئة الطبيعية وخاصة الموارد المائية والتربة الخصبة والسهول المستوية السطح، ومدى استغلال الإنسان لهذه المصادر كانت ولا تزال من أهم العوامل التي تؤثر في التوزيع الجغرافي للسكان وفي انتشار المراكز الحضارية.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]