العواء، الإكليل الشمالي، والذؤابة
2013 أطلس الكون
مور ، السير باتريك مور
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
العواء، الإكليل الشمالي، والذؤابة
بوتس (Bootes). كوكبة شمالية كبيرة يقال أنها تُمَثل الراعي الذي قام باختراع المحراث الذي يجره ثوران- ولهذه الخدمة التي قدمها للبشرية كوفئ بمكان في السماوات.
يهيمن السماك الرامح (Arcturus) (α)على المنطقة بأكملها، وهو أسطع نجم في نصف الكرة الشمالي من السماء وأحد أربعة نجوم فقط لها أقدار سالبة (النجوم الأخرى هي الشعرى اليماني، سهيل، و α قنطورس). لونه برتقالي فاتح وهو من الفئة K، ومسافته 36 سنة ضوئية ويبلغ تألقه 115 ضعفا للشمس، وقطره 30 مليون كيلومتر (19 مليون ميل) تقريبا. وهو ساطع جدا بحيث لا يمكن الخطأ فيه، ولكن في حال وجود أي شك يمكن العثور عليه بتتبع ذيل الدب الأكبر (α، ζ، و η).
السماك الرامح له حركة حقيقية استثنائية تبلغ 2.3 ثانية قوسية في السنة، ومنذ 1718 وكان إدموند هالي قد وجد أن موقعه بالنسبة للنجوم الخلفية قد تحرك بكمية ملحوظة منذ العصور القديمة. وهو في هذه اللحظة يقترب منا بمعدل 5 كيلومتر (3 ميل) في الثانية، ولكن هذا المعدل لن يستمر إلى ما لا نهاية، فبعد مرور عدة ألف سنة سيمر من جانبنا ثم يبدأ في التراجع حيث سينتقل من بوتس إلى العذراء وسينخفض تحت مجال الرؤية بالعين المجردة بعد 500,000 سنة. هو نجم من الجمهرة II وينتمي إلى هالة مجرية، ولذلك فإن مداره مائل بحدة وهو الآن يخترق المستوى الرئيسي للمجرة.
في عام 1860 وجد راصد مشهور للنجوم المتغيرة، جوزيف باكسيندال (Joseph Baxendall)، نجما من القدر 9.7 في منطقة السماك الرامح عند زاوية الموقع 250 درجة ويفصله 25 دقيقة قوسية. في خلال أسبوع كان النجم قد اختفى، ولم يظهر ثانية أبدا، مع أنه ما زال مدرجا في بعض الفهارس تحت اسم T العواء. ربما كان مستعرا أو مستعرا معاودا ويبقى دائما الاحتمال بأنه سيظهر مرة أخرى ولذلك يقوم الفلكيون الهواة بالبحث عنه دوريا ليتأكدوا إن كان قد ظهر.
إن ε (إزار) هو ثاني أسطع نجم في الكوكبة، وهو ثنائي دقيق، نجمه الأولي برتقالي من الفئة K ومرافقه يبدو بجانبه مائلا إلى الأزرق نوعا ما. لا شك في أن للنجمين منشأ مشترك، ولكن لا بد أن مدة الدوران طويلة جدا. النجم الأولي يفوق تألق الشمس ب400 ضعفا، مما يجعله أقوى من السماك الرامح، ولكنه أبعد- على مسافة 210 سنة ضوئية تقريبا. المتغير شبه المنتظم W العواء في نفس مجال الرؤية بالمنظار مع ε ويسهل التعرف عليه بسبب لونه الأحمر-البرتقالي.
ζ نجم ثنائي وعنصراه متساويان تقريبا (قدراهما 4.5 و 4.6)ودورته المدارية 123 سنة، ولكن الفاصل بينهما لا يزيد أبدا عن ثانية واحدة من القوس، ولذلك يجب استخدام مقراب ذو فُتحة تبلغ 13 سنتيمتر (5 بوصة) على الأقل للتفرقة بينهما. لا يحتوي بوتس على أي من أجسام ميسيه، وفي الواقع لا يحتوي على أي أجسام سديمية يصل قدرها المدمج إلى 10.
من الكوكبات التي مازالت تذكر مع أنها لم تعد موجودة في خرائطنا هي ’كوادرانس ميوراليس’ (الربع الحائطي) التي أضافها بود إلى السماء عام 1775. أقرب نجم ساطع إلى حد ما هو β العواء(النقار) وقدره 3.5. كما هو الحال مع بقية مجموعات بود، تم رفض الربع الحائطي لاحقا ولكن حدث وأن الوابل الشهبي الذي يحدث في أوائل شهر يناير ينطلق من هناك ولهذا تسمى كوادرانتيدس (شهب العواء). وهذا هو السبب الوحيد الذي ربما لأجله احتفظنا بكوكبة الربع الحائطي.
الإكليل الشمالي (Corona Borealis). كوكبة صغيرة جدا تغطي مساحة أقل من 180 درجة مربعة من السماء )في مقابل أكثر من 900 درجة مربعة التي تغطيها بوتس(، ولكنها تحتوي على أكثر من نصيبها من الأجسام المثيرة للاهتمام. إن أسطع النجوم هو α أو الفكة (Alphekka) و يسمى أيضا جيما، فهو من القدر الثاني وهو في الواقع ثنائي كسوفي ونطاق تغير قدره صغير على غير العادة. يبلغ تألق العنصر الرئيسي 50 ضعفا للشمس، في حين أن طاقة العنصر الأخفت تبلغ فقط ضعفي الشمس. المسافة الحقيقية الفاصلة بينهما أقل من 30 مليون كيلومتر (19 مليون ميل) ولهذا لا يمكن رؤيتهما منفصلين، ومسافته من المنظومة الشمسية تقريبا 78 سنة ضوئية.
η ثنائي متقارب، متوسط الفاصل بين عنصريه 0.5 ثانية قوسية، والعنصران من اللون الأصفر نوعا ما وقدراهما 5.6 و 5.9. هو ثنائي تصل دورته إلى 41.6 سنة ويعتبر جسما مفيدا لاختبار المقاريب ذوي فُتحة تساوي 13 سنتيمتر (5 بوصة)تقريبا. هناك مرافقان بصريان عند 58 ثانية قوسية
(قدر 12.5) و 25 ثانية قوسية (قدر 10.0). ζ و σ ثنائيان يسهل رؤيتهما، في حين أن β ثنائي طيفي وهو أيضا متغير مغنطيسي من نفس فئة قلب شارلز(α السلوقيان).
نجد المتغير المشهور R الإكليل الشمالي داخل تجويفة التاج، وهو يحجب نفسه دوريا وراء سحبا من السخام في غلافه الجوي. في العادة يدخل بالكاد في مجال الرؤية بالعين المجردة، ولكن يحدث له هبوط مفاجئ غير متوقع إلى أدنى نقطة له. عند أخفت درجة سطوع له يصل قدره إلى أقل من 15، فيخرج بعيدا عن مجال رؤية المقاريب الصغيرة. من ناحية أخرى من الممكن مرور فترات طويلة يبقى فيها الضوء ثابتا إلى حد كبير، كما حدث بين عامي 1924 و 1934. هو أسطع عضو في فئته، ومن بقية النجوم لا يقترب من مجال الرؤية بالعين المجردة إلا RY الرامي.
R الإكليل الشمالي هو هدف رائع للمشاهدين بالمنظار، عادة ما يُظهر المنظار نجمين في هذه المنطقة من التجويفة هما R والنجم (M) من القدر 6.6. لو درست المنطقة بأداة ضعيفة ورأيت نجما واحدا فقط فتأكد أن R الإكليل الشمالي قد ’أخذ غطسا‘.
من خارج التجويفة، بالقرب من ε، نجد النجم الوهاج T الإكليل الشمالي الذي يبلغ قدره 10 في العادة ولكنه مر بانفجارين خلال القرن ونصف القرن الماضيين، أولهما في 1866 عندما وصل إلى القدر 2.2 (ليعادل α، الفكة) والثاني في 1946 عندما وصل قدره الأعظم إلى 3 تقريبا. لم يبق النجم في كلتا المرتين ضمن مجال الرؤية بالعين المجردة لمدة تزيد من الأسبوع، ولكنه يستحق المتابعة مع أنه لو كانت لهذه الاندلاعات دورة من أي نوع لما كان من المحتمل أن تتكرر قبل عام 2026 تقريبا.
بينت الدراسة الطيفية أن T الإكليل الشمالي هو في الواقع ثنائي مكون من نجم حار من الفئة B وعملاق أحمر بارد. تحدث الاندلاعات في النجم B في حين يبدو العملاق الأحمر غير منتظم ومتغير في نطاق قدر واحد، مما يؤدي إلى التغيرات الطفيفة التي تشاهد عندما يكون النجم عند أدنى نقطة له. توجد مستعرات أخرى معاودة، ولكن يبدو أن النجم الوهاج هو الوحيد الذي بإمكانه البروز فعليا. نجد في الكوكبة أيضا S الإكليل الشمالي، وهو متغير ميرا عادي يصل إلى حد مجال الرؤية بالعين المجردة عند نقطة أوجِه.
يقال عن الإكليل الشمالي في الأساطير أنه يمثل التاج الذي أعطاه إله النبيذ باخوس (Bacchus) إلى آريادني (Ariadne)، ابنة الملك مينوس (Minos)، ملك كريت.
الذؤابة (Coma berenices) ليست كوكبة أصلية- إذ أضافها تايكو براه إلى السماء عام 1690- ولكن توجد أسطورة مرتبطة بها. عندما انطلق ملك مصر في غزوة خطيرة، نذرت زوجته بيرينيس بأنها ستقص شعرها الجميل وتهديه إلى معبد فينوس لو عاد زوجها سالما. فعندما عاد الملك، أوفت بيرينيس بكلمتها ووضع جوبيتر خصلها اللامعة في السماء.
إن كوكبة الذؤابة تعطي انطباعا بأنها حشد شاسع معتم، فهي تزخر بالمجرات منها خمس مدرجة في قائمة ميسيه، أبرزها M64 المعروفة بمجرة العين السوداء نسبة إلى المنطقة الداكنة الموجودة شمال مركزها، مع أنه لا يتمكن رؤية هذا المعلم باستخدام أي مقراب تقل فُتحته عن 25 سنتيمتر (10 بوصة) تقريبا. يوجد أيضا حشد كروي، هو M53، بالقرب من α الذؤابة والذي يعتبر هدفا سهلا للمقراب. يعتبر β و جاره 41 دليلين جيدين على الحشد الكروي M3 الذي يقع وراء حدود كوكبة السلوقيان مباشرة ومواصفاته موجودة في الخريطة النجمية 1.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]