نبذة تعريفية عن أنسجة القِلف

2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الرابع عشر

عبد الرحمن أحمد الأحمد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

أنسجة القِلف النباتات والزراعة الزراعة

القِلْفُ لَفْظَةٌ تُطْلَقُ علَى أَنْسِجَةٍ ميِّتَةٍ تُغَلِّفُ جُذوعَ الأَشْجارِ وفروعَها وجذورَها. ولأَنَّ الأَشْجارَ نباتاتٌ مُعَمَّرةُ فإنَّ سُوقَها وجذورَها تتغلَّظُ بِتَكوينِ أَنْسِجةٍ ثَانَوِيَّةٍ منْ عَناصِرِ الخَشَبِ واللِّحاءِ فِيما يُعْرَفُ بالتَّغَلُّظِ الثّانوِيَّ.

ونَتيجَةً لِهذا التَّغَلُّظِ يَتَّسِعُ مُحيطَا السَّاقِ والجِذْرِ اتِّساعًا شديدًا يَتَرَتَّب عَلَيْه تَعَرُّضُ الأنْسِجَةِ الخَارِجِيَّةِ ( القِشْرةِ والبَشَرَةِ ) لِشدَّ وتَوَتُّرٍ مُتَزايِدَيْن.

 

وقُدْرَةُ هذه الأَنْسِجَةِ الخارِجِيَّة لمُقاوَمَةِ الشَّدَّ والتَّوَتُّرِ قُدْرَةٌ مَحدودَةَ ، لِذَلِكَ تَتَمزَّقُ عِنْدَما تبلغُ أقْصَى حدودِ تَوَتُّرِها.

وإذا تمزَّقتْ البَشَرَةُ تُصْبِحُ غيرَ صالِحَةِ لأداءِ وَظيفَتِها كنسيج يغطي ما تحته من أنسجة ويقيها من العوامل الخَارِجِيَّةِ ولِذَلِكَ يَلْجَأُ النَّباتُ إلَى تكوينِ نَسيجٍ بديلٍ لِيَحُلَّ محَلّ البَشَرَةِ والأَجْزاءِ الخارِجِيَّةِ من القِشْرَةِ المُمَزَّقَةِ، ويُعْرَفُ هذا باسمِ «النَّسيجِ الفِلِّيني» المُسَمَّى بـ «القِلْف»

 

ويِنْشَأُ النَّسيجُ الفِلِّينِيُّ من كامْبيوم خاصِّ يتكوَّنُ من خلايا مِرِيسْتيمِيَّةٍ تَنْقَسِمُ لِتُعطِيَ إلَى الخَارِجِ صُفوفاً نصفَ قُطْرِيَّةٍ، هي خلايا الفلِّين، وإلَى الدَّاخِلِ خلايا بَرْانْشيمِيَّةً تُضافُ إلَى خلايَا القِشرَةِ.

ويكونُ مَوضِعُ الكامْبيومِ الفلِّينِيِّ إمَّا تَحْتَ البَشَرَةِ مُباشَرَةً وإمَّا في الدَّاخِلِ قليلاً أَيْ في الخَلايا الخارِجِيَّةِ لِلْقِشْرَةِ.

وخَلايا الفَلِّينِ حيَّةٌ في المَراحِلِ الأُولَى لِتَكْوينِها، وفي أَثْناءِ نُضْجِها تَتَرَسَّبُ طَبَقَةٌ مِنَ السُّوبْرِينْ فوقَ الجدارِ الأَصْلِيِّ السِّليلوزِيِّ، ويُقالُ إنَّ الخلايا «تَسَوبْرَت».

 

والسُّوبْرينُ مادَّةٌ غَيرُ مُنْفِذةٍ للماءِ والغازاتِ ونتيجةً لِذَلِكَ تتلاشَى المادَّةُ الحَيَّةُ داخِلَ الخَلِيَّةِ بالتَّدْريجِ، وهذا يُؤَّدِّي إلَى مَوْتِها.

ولأَنَّ خلايا الفِلِّين غَيْرُ مُنْفِذَةٍ فإنَّ الأنْسِجَةَ الواقِعَةَ خارِجَها لا يَصِلَ إلَيْها ماءٌ أو غِذاءٌ فَتَموتُ هي أيْضاً.

ويُشاهَدُ القِلْفُ علَى سَطْحِ الأِشْجارِ كأجزاءٍ متَّشَقِّقَةٍ طولِياً، مثل قِلْفِ شَجَرِ الكافَورِ، أو يَنْفصِلُ عن السّاقِ في صُورةِ حَلَقاتٍ علَى طولِ مُحيطِها مثلِ قِلْفِ الكُرَيزِ والعِنَبِ، أو علَى صُورةِ حَراشِفَ تمثِّلُ كلُّ حُرْشُفَةٍ منها جزءاً من المحيطِ – لا المحيطَ كلَّهُ – مِثل قِلفِ الصَّنَوْبَرِ والبَلُّوطِ.

 

ويَتَكوَّنُ الفِلِّينُ أَيْضاً في النَّباتاتِ العُشْبِيَّةِ الّتي لا يوجدُ بِها تغلُّطٌ ثَانوِيٌّ. فإذا ما جُرِحَتْ السَّاقُ أو الوَرَقَةُ تَتَسَوْبرُ السطوحُ الخارِجِيَّةُ لِلْخلايا المَجْروحَةُ.

ثُمَّ يمتدُّ هذا التَّسَوْبُرُ إلَى الدَّاخِلِ بِعِدَّةِ طبقاتٍ تَنْتَهِي بِتَكْوينِ كامبيومٍ فلِّينِيٍّ يَعطِي طبقاتِ الفلّينِ في النَّاحِيَةِ الخارِجِيَّةِ، وبِذَلِكَ يَلْتَئِمُ الجُرْحُ.

وإلَى جانِبِ فَائِدةِ القِلْفِ للسَّاقِ بِحِمايَةِ أَنْسِجَتِها، يَحْتَوِي القِلْفُ علَى مادَّةٍ دِباغِيَّةٍ،

 

وهي مادَّةٌ قابِضَةٌ تُعالَجُ بها جُلودُ الحيواناتِ فتتفاعَلُ مع الجيلاتين الموجودِ في الجُلودِ لتكوينِ مادَّةٍ قَوِيَّةٍ مُتَماسِكَةٍ قَبْلَ تَصْنيعِها إلَى حَقائِبَ وأَحْذِيَةٍ ومَصْنوعاتٍ جِلْدِيَّةٍ أُخْرَى.

وتَتَفاعَلُ المادَّةُ الدِّباغِيَّةُ أَيْضاً مَعَ بَعْضِ أَمْلاحِ الحَديدِ لِتَكْوينِ الأَصْباغِ والأَحْبارِ.

 

وقِلْفُ البَلُّوطِ لَهُ أَهَمِّيَّةٌ اقْتِصادِيَّةٌ فهو مَصْدَر الفِلِّين الّذي يدخُلُ في صناعاتٍ كثيرَةٍ أَبْسَطُها سِداداتُ القَوارِيرِ.

وقِلْفُ شَجَرَةِ سِينْكونَا بِهِ مادَّة «الكينين» الّتي تُستَعْملُ لِعِلاجِ الملاريا.

كما أنَّها تُضافُ إلَى أدْوِيَةِ السُّعالِ، إلَى جانِبِ فائِدَتِها المُقَوِّيَّةِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]