نبذة تعريفية عن المجالات المتعددة لاستخدام أشعة الليزر
2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الرابع عشر
عبد الرحمن أحمد الأحمد
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
أشعة الليزر مجالات استخدام الليزر الفيزياء
كَلِمَةُ «لِيزَرْ» هي التَّعْريبُ المُتَّفَقُ عَلَيْه لِلأَصْلِ الأَجْنَبِيِّ «Laser» المُسْتَخْدَمِ في مُعْظَم اللُّغاتِ.
وتَعْنِي حَرْفِيَّا «تَضْخيمُ الضَّوْءِ (بِمَعْنَى زِيادَةِ شِدَّتِهِ) بِطَريقَةِ الانبِعاثِ المُسْتَحَثَّ للإشْعاعِ». ويُطْلَقُ الاسْمُ «لِيزَرْ» على الضَّوْءِ المُرَكَّزِ المُنْبَعِثِ بهذه الطَّريقَةِ، وعلَى الجِهازِ المولِّدِ لَهُ أَيْضاً.
ويَتَمَيَّزُ شُعاعُ اللِّيزَر بشِدَّةِ البَريقِ والتَّركيزِ والنَّقاءِ اللَّوْنِيِّ. وذَلِكَ لأَنَّهُ أُحادِيُّ الطُّولِ المَوْجِيِّ.
وقَدْ يَقَعُ الطُّولُ المَوْجِيُّ في مَدَى الطَّيْفِ الضَّوْئِيِّ المَنْظورِ أو غَيْرِ المَنْظورِ، كما أَمْكَنَ حديثاً الحُصولُ علَى شُعاعٍ لِيزَرِيٍّ ذي طولٍ مَوْجِيٍّ في مِنْطَقَةِ الأَشِعَّةِ السِّينِيَّةِ.
وكان اكْتِشافُ أَوَّلِ لِيزَر في عامِ 1960 علَى يَدِ «تِيودُورْ هارولدْ مايمانْ» مُسْتَخْدِماً بَلُّورَةَ الياقوتِ.
وهناكَ الآنَ أَنْواعٌ كَثيرَةٌ مُتاحَةٌ من اللِّيزَر تَعْمَلُ بِنَفْسِ المَبْدَأ الذّي اُشْتُقَّ مِنْه اسْمُه علَى أَساسِ انْبِعاثِ مَوْجاتٍ ضَوْئِيَّةٍ مُتطاوِرَةٍ مَعَ بَعْضِها البَعْضِ مِنْ ذَرَّاتِ المادَّةِ اللِّيزَرِيَّةِ تَحْتَ ظروفٍ خاصَّةٍ. هذا بِخِلافِ الذَّرَّاتِ في جميعِ المَصادِرِ الضَّوْئِيَّةِ العادِيَّةِ.
وتمتازُ أَشِعَّةُ اللِّيزَر بِشِدَّتِها العالِيَةِ، كما أَنَّها تكونُ بَعْدَ خُروجِها مِنَ المَصْدَرِ أَقَلَّ تَفَرُّقاً في أَثْناءِ انْتِشارِها مِنَ الضَّوْءِ العادِيِّ، ولِذا نَجِدُ أَنَّ طاقَتَها لا تَتَبَدَّدُ بِسُرْعَةٍ.
ويُسْتَفادُ مِنْ أَشِعَّةِ اللِّيزَر في مجالاتٍ عَديدَةٍ تَشْمَلُ الصِّناعَةَ، والطِّبَّ، والبَحْثَ العِلْمِيَّ والزِّراعَةَ، والاتِّصالاتِ، ومِلاحَةَ الفَضَاءِ، وغَيْرَها.
علَى سبيلِ المثالِ، هناكَ تَطْبيقاتٌ عديدَةٌ تَعْتَمِدُ علَى الشِّدَّةِ العالِيَةِ لهذه الأَشِعَّةِ، وزِيادَةِ تَرْكيزِها لِلْحُصولِ علَى طاقَةٍ عالِيَةٍ جدّاً تُؤَدِّي إلَى ارْتِفاعٍ مَوْضِعِيٍّ عالٍ في دَرَجَةِ الحراَةِ يَصِلُ إلى عِدَّةِ آلافِ دَرَجَةٍ خِلالَ جُزْءٍ مِنَ الثَّانِيَةِ.
وبِذَلِكَ يُمْكِنُ حَفْرُ ثُقوبٍ صغيرَةٍ جدّاً أَصْلَبِ المَوادِّ كالأَلْماسِ، وفي المَعادِنِ والصُّخورِ والأَسْنانِ وشَفَراتِ الحِلاقَةِ وغَيْرِها.
كَذَلِكَ تَجِدُ هذه الخاصِّيَّةُ تَطْبيقاتٍ مهمَّةً لأَشِعَّةِ اللِّيزَر في عَمَليَّاتِ قَطْعِ المَعادِنِ أو تَوْصيلِها أو في عَمَليِّاتِ اللِّحام الدَّقيقِ، كما في الدَّوائِرِ الإلِكْترونِيَّةِ، بِدونِ حُدوثِ أَكْسَدَةٍ بالقُرْبِ مِنْ مِنْطَقَةِ اللِّحامِ.
وفي المجالِ الطِّبِّيِّ يُسْتَفادُ مِنْ أَشِعَّةِ اللِّيزَرِ في عَمَليَّاتِ لِحامِ الشَّبَكِيَّةِ في العَيْنِ في زَمَنٍ لا يَتَعَدَّى جزءاً مِنْ أَلْ فِ جزءٍ مِنَ الثَّانِيَةِ بِدونِ جِراحَةٍ أو إِزْعاجٍ لِلْمَريضِ.
وهناكَ اسْتِخداماتٌ أُخْرَى لأَشِعَّةِ اللَّيْزَرِ في الجِراحَةِ، كَمِشْرَطِ اللِّيزَرِ. وفي عِلاج بَعْضِ الأَوْرامِ، وإحْداثِ تَدْميرٍ مَوْضِعيٍّ لِلأَنْسِجَةِ غَيْرِ المَرْغوبِ فيها من جِسْمِ الإنْسانِ.
وفي مَجالِ الاتِّصالاتِ يُسْتَخْدَمُ اللِّيزَرُ في حَمْلِ المَوْجاتِ الصَّوْتِيَّةِ إلَى مَسافَاتٍ بَعيدَةٍ في الاتِّصالاتِ السِّلْكِيَّةِ واللَّاسِلْكِيَّةِ. كذَلِكَ يُسْتَفادُ منه في الاتِّصالاتِ الفَضائِيَّةِ بَيْنَ مَحَطَّةِ فَضاءٍ والأُخْرَى، أو بَيْنَ صاروخٍ ومَحَطَّةِ فَضاءٍ
أمَّا العَسْكرِيُّونَ فإنَّهم يَسْتَخْدِمونَ اللَّيزَر في أَغْراضٍ عَديدَةٍ مِنْها تَصْويبُ قَذَائِفِ ومَدافِعِ الطَّائراتِ مِنَ الجَوِّ بإحْكامٍ بالِغٍ.
وفي مَشارِيعِ حَرْبِ النُّجومِ أو حَرْبِ الكَواكِبِ تُسْتَخْدَم لِيزَراتٌ طويلَةُ المَدَى تُوَجَّهُ مِنْ مُسْتَعْمَراتٍ فَضائِيَّةٍ نَحْوَ الصَّواريخِ عابِرَةِ القارَّاتِ لِتُعَطِّلَها في الفَضاءِ، أو تُدَمِرَّها قَبْلَ بُلوغِها أَهْدافَها.
ويُسْتَعانُ حالِيّاً بالتَّصْويرِ اللِّيزَرِيِّ المُجَسَّمِ (الهُولوجْرافْيا) في كافَّةِ المَجالاتِ.
ففي الصِّناعَةِ يُسْتَخْدَمُ اللِّيزرُ في تصميم نماذج الطائرات والصواريخ والأقمار الصناعية والدوائر الإلكترونية. وفي مجال الإنشاءات يستخدم الليزر في عَمَلِ نَماذِجِ المَبانِي.
وفي المجالِ الطِّبِّيِّ يستخدَمُ في تَصْويرِ الأَجْزاءِ الدَّقيقَةِ بالجِسْمِ مثلِ الدَّماغِ. كَذَلِكَ يَدْخُلُ التَّصْويرُ المُجَسَّمُ باللَّيزَرِ في مجالِ صِناعَةِ السِّينَما، وفي تَحْديدِ الفُروق الصَّغيرَةِ في حُجومِ الأَجْسام المُتشابِهَةِ.
وتَمْنَحُ بعضُ البُنوكِ عُمَلاءَها بِطاقَةَ الأَرْصِدَةِ بِتَوْقيع مُجَسَّمٍ لِصاحِبِها؛ وهي طريقةٌ دَقيقَةٌ لا يُمْكِنُ تَزْويرُها.
ومِنْ أَشْهَرِ التَّجارِبِ الّتي أُجْرِيَتْ باسْتِخدامِ اللِّيزَرِ تِلْكَ التَّجْرِبَةُ الَّتي بَدَأَ تنفيذُها في 20 يوليو عامَ 1969 مَعَ أُولَى خُطُواتِ الإنْسانِ علَى القَمَرِ في إِحْدَى رَحَلاتِ سَفينَةِ الفَضاءِ الأَمْريكِيَّةِ «أَبولُّو 2».
وذَلِكَ عِنْدَما قامَ رُوَّادُ هذه السَّفينَةِ بِوَضْعِ جهازٍ يَحْوِي مِئَةَ مِرْآةٍ صَغيرَةٍ لِكَيْ تَعْكِسَ نَبَضاتِ أَشِعَّةِ اللِّيزَرِ المُوَجَّهَةِ إِلَيْها مِنْ مَحَطَّاتٍ أَرْضِيَّةٍ في أَماكِنَ مُخْتَلِفَةِ فَوْقَ قارَّاتِ الأَرْضِ.
ويَتِمُّ حِسابُ بُعْدِ القَمَرِ عَنْ الأَرْضِ بِتَوْجيهِ نَبْضَةِ لِيزَرٍ مُكَثَّفَةِ التَّرْكيزِ مِنَ الأَرْضِ إلى المَرايا العاكِسَةِ علَى سَطْحِ القَمَرِ، وقِياسِ الزَّمَنِ الّذي تَسْتَغْرِقُهُ ذَهاباً وإِياباً، عِلْماً بأَنَّ اللِّيزَرَ مِنْ نَوْعِ المَوْجاتِ الكَهْرمِغْناطِيسِيَّةِ الّتي تَنْتَشِرُ في الفَضاءِ بِسُرْعَةِ الضَّوْءِ المُساوِيَةِ لِمِقْدارِ 300 أَلْفِ كيلومترٍ في الثَّانِيَةِ.
وتَهْدِفُ هذه التَّجْرِبَةُ إلَى تحليلِ ودِراسَةِ مَدَى التَّغَيُّرِ الّذي يَحْدُثُ في قِياسِ بُعْدِ القَمَرِ عَنْ الأَرْضِ مَعَ مُرورِ السِّنينِ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]