مسائل اصغرية حلها بالهندسة الابتدائيه
2000 الرياضيات والشكل الأمثل
ستيفان هيلدبرانت و انتوني ترومبا
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
لقد طرح عالم الرياضيات الياباني >كاكيياKakeya< عام 1917 المسألة التالية:
أوجد شكلاً أصغري المساحة يمكن أن ندور فيه على نحو مستمر قطعة مستقيمة طولها 1 دورة كاملة (أي بزاوية قدرها °360.(
(يمكنك أن تفكر بإبرة رفيعة تدور في وعاء مسطح.)
كان ثمة "شعور" بأنه يجب أن يوجد حل لمسألة كاكييا، وقد مرت حقبة من الزمن ساد فيها اعتقاد بأن الهيپوسيكلوئيد hypocycloid الذي مساحته 8π/ هو الشكل المطلوب (انظر الشكل السفلي في يسار الصفحة السابقة). لكن بيزيكوفيتش Besicovitch نشر عام 1927 النتيجة المفاجئة التالية:
توجد أشكال مساحاتها صغيرة بقدر ما نشاء يمكننا أن ندور فيها على نحو مستمر قطعة مستقيمة طولها 1 بزاوية قدرها °360 بحيث تبقى القطعة دائما في الشكل.
ويقتضي هذا أنه لا يوجد لمسألة كاكييا حل- وهذه مفاجأة كبيرة لكل من لم يطلع على هذا السؤال من قبل.
لننتقل الآن إلى مثال جميل آخر على مسألة أصغرية يمكن حلها بالهندسة الابتدائية وبالاستعانة بمبدأ أصغري minimum principle وقد طرح هذا المثال .J>شتاينر< Steiner الذي كان أستاذاً في جامعة برلين.
يراد ربط ثلاث مدن C, B,A بشبكة من الطرق. وسنفترض أنه لا توجد معوقات تحول دون إنشاء الطريق كما نشاء، وأن المنطقة المحيطة بهذه المدة منبسطة، والمطلوب هو إيجاد الشبكة التي طولها الكلي أصغري. ويمكن إعادة صياغة هذه المسألة رياضياتياً كما يلي: لدينا ثلاث نقاط C,B,A في مستوٍ، والمطلوب إيجاد نقطة P وثلاثة طرق تصل P بالنقاط C,B,A بحيث يكون الطول الكلي لهذه الطرق بين نقطتين، فيمكننا أن نفترض أيضاً أن هذه الطرق مستقيمة.
وتعتمد طبيعة الحل على كيفية توزيع النقاط، فإذا كانت كل من زوايا المثلث ABC أصغر من 120°، فإن P هي تلك النقطة الموجودة داخل المثلث بحيث تكون الزوايا APC و CPB و BPA متساوية، ومن ثم فإن كلا منها يساوي 120° (انظر الشكل العلوي في يمين الصفحة 63)، لكن لو كانت إحدى الزوايا (ولتكن C مثلا) في المثلث ABC أكبر من °120، فإن نقطة الحل P يجب أن تكون النقطة C .
ومن جديد، فإن الهندسة الابتدائية وتطبيق قانون (هيرون) في الانعكاس سيقوداننا إلى النقطة المرشحة الوحيدة لأن تكون حلاً.
لنفترض أن النقطة P لحل ما لمسألة شتاينر لا تنطبق على أحد الرؤوس B, A أو C. عند ذلك ننشئ دائرة مركزها في C وقطعاً ناقصاً محرقاه A و B بحيث يمر كل من الدائرة والقطع الناقص بالنقطة P (انظر الرسم في الأعلى). ونظراً إلى الخاصة الأصغرية للنقطة P، فإنه يوجد للدائرة والقطع الناقص مماس مشترك في النقطة P، ومن ثم فهذه هي النقطة الوحيدة المشتركة بينهما. وتقتضي خاصة الانعكاس reflection property للقطع الناقص (التي شرحناها في الصفحات 48، 49، 50) أن الزاويتين APC, BPC متساويتان. وإذا كان مركز الدائرة في B بدلاً من ذلك، وأخذنا النقطتين A و C كبؤرتين للقطع الناقص، عندئذ تكون الزاويتان BPA, BPC متساويتين، ولما كان مجموع هذه الزوايا الثلاث المتساوية والتي رأسها P، يساوي °360، فإن كلا منها يساوي °120. ويترتب على هذا، استناداً إلى الهندسة الابتدائية، أن P تقع داخل المثلث ABC وأنها تتحدد بطريقة وحيدة، وذلك بفرض أنها موجودة، وكما هي الحال في مسألة شوارز، فمن الممكن تقديم برهان على تحقيق هذا الوجود.
وما يهمنا هو أنه إذا لم تكن نقطة الحل P أحد رؤوس المثلث، فيجب أن تكون كل زاوية من الزوايا الثلاث التي رأسها P مساوية لـ °120 ولاحقاً، عند دراستنا للأغشية الصابونية والفقاقيع الصابونية والشقوق في مواد معينة، فإن الزاوية التي قياسها °120 ستحدث على نحو متكرر، فضلاً على ذلك، سنرى أن الأغشية الصابونية يمكن استعمالها للحصول على حل فيزيائي لمسألة شتاينر.
هناك صيغة أعم بكثير لمسألة شتاينر حيث يجب وصل عدة نقاط موجودة في مستوٍ بنظام من القطع المستقيمة مجموع أطوالها أصغري. ولا بد من حل هذه المسألة لدى تضميم شبكة من الطرق الرئيسية تصل بين ثلاث مدن أو أكثر وتكون تكلفة إنشائها أقل ما يمكن(1).
إن حل مسألة شتاينر المعممة يضم الحلين المشار إليهما سابقاً. هذا ونعرض بعض أشكال الحلول الممكنة في أعلى الصفحة 64. ومما تجدر ملاحظته أن حل مسألة شتاينر المعممة ليس وحيداً دوماً. وعلى سبيل المثال، فإننا نبين في أسفل الصفحة 64 شبكتين ممكنتين لهما طولان كليان أصغريان متساويان، وهاتان الشبكتان تصلان بين أربعة رؤوس.
- لمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع، انظر: "مسألة أقصر الشبكات في مجلة العلوم، التي تصدر عن مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، العدد 5(1990)، ص6 (المترجمان)
وثمة نمط آخر من المسائل الأصغرية، ألا وهو إيجاد أقصر طريق يبن نقطة ومنحنٍ، أو أقصر طريق بين منحنيين. واستناداً إلى مبرهنة فيثاغورس. يمكن إيجاد أقصر وصلة بين نقطة وخط مستقيم L بإسقاط العمود من النقطة P على L. والعمود هو المستقيم المار بالنقطة P والذي يقطع L وفق زاوية قائمة في نقطة ما P*.
ومن هذه الحقيقة، يمكن استنتاج أن أقصر وصلة بين نقطة P ومنحن محدب مغلق C (حيث تفترض P موجودة داخل C ) ستلاقي هذا المنحني بزاوية قدرها °90 في نقطة ما P*. ولو رسم المماس L للمنحني C في P*، فإن القطعة المستقيمة PP* ستمثل عندئذ أقصر مسافة بين P و L، وهكذا فإن كلاً من الزوايا المحصورة بين L و PP* ستكون زاوية قائمة.
حلان مختلفان لمسألة واحدة من مسائل شتاينر المعممة بأربع نقاط.
ونشير أخيراً إلى أنه حتى في حال منحنٍ كيفيّ أملس C، فإن أقصر الوصلات بين نقطة ما P والمنحني ستلاقي المنحني C بزاوية قائمة، لكن إيراد برهان دقيق على صحة هذه الدعوى يتطلب معلومات تتعلق بحسبان الصغائر.
كذلك فإن أقصر الطرق الواصلة بين منحنيين C1، C2 يلاقي كلاً منهما بزاوية قائمة. وتذكر بما أوردناه في المقدمة بان الأغشية الصابونية، عندما تكون حرة الحركة على سطوح أخرى، فإنها تلاقي هذه السطوح عمودياً، كما أن الشقوق في بعض المواد تقاطع بعضها بعضاً بزوايا قدرها 90.°
وسنرى في المناقشة التالية أن التعامد يؤدي دوراً مهماً في مسألة أخرى تتعلق بأقصر الوصلات، عمرها 300 سنة وسبق ذكرها في بداية هذا الفصل. وهذه المسألة هي إيجاد أقصر الطرق بين نقطتين على سطح متقوس (غير مستوٍ). لقد كانت هذه المسألة، ولا تزال، واحدة من المسائل الأساسية في علم الهندسة.
وكما رأينا، فقد عرف اليونانيون أن أقصر الطرق بين نقطتين في مستوٍ هو القطعة المستقيمة الواصلة بينهما، وأن الضوء في وسط متجانس يسلك دوماً أقصر الطرق (أو، في الأقل، أقصر الطرق محلياً).
بيد أنه لا توجد على السطح المنحني، في الحالة العامة، خطوط مستقيمة. وحتى في سطوح بسيطة، كالكرة والأسطوانة والمخروط، فليس من الواضح مباشرة ما هي أقصر الطرق عليها؛ أما في السطوح الأعقد، فإن الحصول على جواب هو أمر أصعب بكثير.
وسندرس أولاً مسألة أقصر الطرق على ثلاثة سطوح دورانية S، هي الأسطوانة والمخروط والكرة.
إن أقصر طريق يصل بين منحنيين أملسين C1 و C2 يقابل كلا منهما بزاوية قائمة.
يحوي سطح الأسطوانة خطوطاً مستقيمة، هي خطوط طوله meridians (التي تولد الأسطوانة على هيئة سطح دوراني)، وهي قطعاً خطوط لأقصر الوصلات.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]