التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

مكبس القص(مانع الإنفجار) (منصة النفط ديب-ووتر هورايزن ) لديك مشكله

2014 لنسامح التصميم

هنري بيتروكسكي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

التكنولوجيا والعلوم التطبيقية الهندسة

وورد في إحدى مراحل المأساة، أن السكرتير تشو قد أرسل فريقاً من موظّفين كبار من مختبرات وطنية للعمل على اكتشاف سبب فشل مانع الانفجار في العمل بشكل صحيح، واستمرت مجموعة من "كبار علميي العالم" العمل مع BP للتحرّي عن خيارات إضافية، وبينما قام العلميون، في النهاية، باستخدام أساليب فنية متقدّمة باستخدام أشعة غاما لمعاينة المانع، ظهر أن قطعة حرجة تُعرف باسم مكبس القص(Shear Ram) كانت مستخدمة جزئياً فقط، لكن لم يستطع العلميون الوصول إلى حلول أفضل من المهندسين. فقد كانت المشكلة مستعصية فعلاً، وتركز الانتباه، في وقت سابق، على فشل مانع الانفجار باعتباره السبب المباشر للمشكلة والأمل الأخير، لما قبل بئر التصريف، لحل إيقاف التدفّق، وقد يصل الأمر لمناقشة احتمال فشل بئر التصريف في عمله بشكل علني، مع اعتراف بعض العاملين من الداخل بأن البئر المتسرّب قد تضرّر لدرجة أن خطة الأسفل إلى أعلى لن تكون فاعلة.

في خلال ذلك الوقت، تمّ تطوير عدد من النظريات حول السبب الميكانيكي لفشل البئر بالتوازي مع الجهود المبذولة للتعامل معه [الفشل]. وقد صُمّم "مكبس القصّ الأعمى" المحشور ليكون خطّ الدفاع الأخير في حالة الطوارئ، ولكن اكتشاف أنه قد تعطّل بشكل أو آخر كان معرفة علمية [مستجدة]، وليس حلاً هندسياً، ولم يكن حتى درساً مفيداً مُستقى. كانت الفكرة خلف القطعة العاطلة هذه في مانع الانفجار هي أنه في حالة فشل الوسائل كافة لإيقاف تدفق الزيت، سيُقطع مكبس القص الأعمى عبر أنبوب الحفر ويقفل البئر كلياً، وفي حالة ديب-ووتر هورايزن، عندما استخدم مكبس القص جزئياً، كان بذلك قد أصبح غير فاعل، ونظرية سابقة أخرى حول الفشل تقضي، بأنه من طريق الصدفة، كان مفصل في أنبوب الحفر يقع بنفس مستوى شفرات مكبس القص، ولكون أن المفصل يحتوي على طوق يربط قسمين من الأنبوب، فقد منع السمك الإضافي للفولاذ مكبس القص من القيام بعمله، ونظرية أخرى – كنتيجة لصور أشعة غاما للأقسام الداخلية لمانع الانفجار- قالت إن قسمين منفصلين من أنبوب الحفر قد حُشرا بشكل أو آخر بين نصفي مكبس القصّ، وبالتالي منعا عمله المؤثّر، ربما يكون أن الأنبوب الثاني المزعوم قد امتدَّ إلى داخل مكبس القص خلال انفجار البئر.

كان قد تمّ تلزيم القيام بدراسة حول موثوقية مانع الانفجار في المياه العميقة قبل سنة من حادثة الخليج. ركزت الدراسة على ما يقارب 15.000 بئر تمّ حفرها في بحر الشمال وقريباً من شواطىء أميركا الشمالية خلال فترة تتجاوز خمساً وعشرين سنة، واكتشفت إحدى عشرة حالة فُعِّل فيها مانع الانفجار عندما فقد الطاقم على المنصة السيطرة على بئرهم، وفي خمس حالات، لم تستطع المانعات السيطرة على البئر، مما يعني بأن معدل الفشل كان 45%، وهي نسبة من المفروض أن تعتبر عالية بشكل غير مقبول. (وضع اللوم على انفجار خطّ هيدروليكي وفشل مكبس القص في عدم القدرة على السيطرة على انفجار بئر النفط اكستوك آي (Extoc I) الاستكشافي عام 1979 الواقع قريباً من شبة جزيرة يوكاتان المكسيكية، والذي نتج منه واحدة من أكبر بقع الزيت في العالم لذلك التاريخ. وضع اللوم في العديد من الإنفجارات الأقل تداعياً قريباً من شواطىء تكساس ولويزيانا على حالات فشل مكبس القصّ عام 1990 و1997 على التوالي. من ناحية أخرى، وقبل أربعة أشهر فقط من حادثة ديب-ووتر هورايزن، اشتغل مانع انفجار، كما صُمّم له أن يعمل، عندما عانت منصة ترانس-أوشن التي كانت تعمل في بحر الشمال من صعود مفاجىء في الضغط أدّى إلى تدفّق الزيت والوحل إلى المنصة، واستطاع تفعيل مانع الانفجار في هذه الحالة الاضطرارية أن يُغلق البئر، (هكذا تتجلى النسب المئوية والاحتمالات للفشل) فمانعات الانفجار ليست فقط غير موثوقة ولكن صيانتها مكلفة. فكلفة إيقاف عمليات الحفر لسحب مانع انفجار لغرض التصليح قدرّت بحدود 700 دولار للدقيقة. ولكي تعمل مكابس القصّ بشكل سليم، تحتاج إلى فحوص دورية، وقد اكتشفت دراسة حكومية عن الفحوصات الإجبارية لمانعات الانفجار، 62 حالة فشل فقط من مجموع ما يقارب 90.000 عملية فحص، أو معدل أقل من 0.07%. وبينما تمّ التساؤل حول فاعلية هذه الفحوصات – وهو أمرٌ مدعوم بنسب فشل، لا في الاختبارات، بل في حالات اضطرارية – استخدمت الصناعة النفطية هذه البيانات لتجادل حول تقليص دورية الفحوصات من 14 يوماً إلى 35 يوماً، وقُدِّر أن جدولاً زمنياً متساهلاً مثل هذا سيوفر حوالي 193 مليون دولاراً في السنة، وتُعَقِّد أهداف متنافسة كهذه للكلفة والفائدة المناقشات والقرارات في الصناعة بأنواعها كافة .

بالرغم من تركيز الحكومة ووسائل الإعلام والمواطنين في وضع المسؤولية لبقعة زيت الخليج على شركة BP، فقد تم أيضاً تسمية شركات أخرى [لتحمّل المسؤولية]، وبالأخص، ترانس-أوشن، مالكة منصة ديب-ووتر هورايزن التي استؤجرت من قبل BP بمبلغ 550.000 دولار في اليوم، والتي تعرضت لتحقيق دقيق خاص، وبعد أكثر من ثلاثة أشهر من حدوث بقعة الزيت، ظهر للعيان أن ترانس-أوشن قد جابهت – بسبب "سلسلة من الحوادث الخطرة وما يقاربها" – قلقها الخاص الذي لم يكن مقتصراً على ديب-ووتر هورايزن فقط، بل حول سلامة عدد من المنصات الأخرى أيضاً، وقبل شهر فقط من الحادثة المميتة، قامت ترانس-أوشن بتكليف لويد رجستر (Lloyd’s Register) القيام بمراجعة واسعة "لثقافة السلامة" في عمليات ترانس أوشن في أميركا الشمالية، وبالأخص طلبت من شركة إدارة المخاطر [لويد] التحقّق من [ثقافة السلامة في] المقرّ الرئيسي لمالك المنصة في هيوستن وبعض منصات النفط المعيّنة وتقديم تقارير سرية [بشأنها]، وعندما أصبحت هذه التقارير علنية من خلال [صحيفة] النيويورك تايمز، بدا واضحاً بأنه قد كانت هناك مشاكل سابقة لم تتم معالجتها بالكامل، وبحسب التقارير وجد أن هناك "بيروقراطية خانقة مفروضة من قِبل الإدارة البرية"، أدّت إلى "تذمّر واسع بين العاملين على المنصات". وهذا أدّى بدوره إلى "وجود عدم ثقة كبيرة ما بين المنصات والساحل"، والأخير [الساحل] مصطلح يُشار به إلى الإدارة في هيوستن. وادُّعي أن دليل السلامة "قد كتب لقاعة المحكمة، لا لحقل النفط" وقيل إن العاملين على المنصات كانوا يخافون من ردود الفعل السلبية إذا ما قاموا بالإبلاغ عن مشاكل، وعادة ما تُؤجل الصيانة الرئيسية بشكل روتيني. لذا فبعض الأجهزة الحرجة كانت تعمل في ظروف قريبة من الفشل، وقد أعطت بعض المعلومات التي جاءت في التقارير السرية مؤشرات لما يمكن أن يكون قد أدّى إلى غرق ديب-ووتر هورايزن. إذ وجد بأن هناك قضايا لم تتم معالجتها بخصوص نظام النقل، الذي صُمّم للمحافظة على توازن المنصّة الطائفة، قد تكون أدّت إلى الغرق الذي تبع الانفجار، فلو لم تغرق المنصة شبه الغاطسة، رعلى الرغم من تضرّرها بسبب الحريق، لَسَلِم أنبوب البئر من الكسر، ولم تكن بقعة الزيت قد حدثت.

لكن [بقعة الزيت] حدثت، بالطبع، وحتى بينما استمرت الجهود لاحتواء تسرّب النفط إلى الخليج، كانت جلسات استماع الكونغرس وغيرها، وتحقيقات الصناعة والتحليلات الأولية للفشل مستمرة – لم ينتج منها تقارير سرية بل قصصاً إخبارية يومية تصدر من اجتماعات مفتوحة. وكان أحد الاستنتاجات المبكرة – التي لا علاقة له بتكنولوجيا مانعات الانفجار – أن كثيراً من اللوم لبقعة الزيت يشير إلى قرارات غير حكيمة تبدو مدفوعة من ضغوطات تهدف إلى توفير الوقت والمال في عملية الحفر، وقد وصف أحد موظفي BP مشروع ماكوندو بأنه "بئر كالكابوس"، وأنه قد أرسل تحذيرات متكرّرة بأنه بحاجة إلى عناية أكثر، وسيناريو مقترح للحادث أنه قد حدث تسرّب في غلاف البئر، بشكل أو آخر، سمح للغاز بالصعود إلى أعلى البئر. ثم استمرت الحالة من دون الانتباه لها من قِبل الطاقم على منصّة الحفر، الذي أخطأ في تفسير فحوصات الضغط للبئر ذاته بأنها تدلّ على أنه مغلق، وباعتقادهم أن هذه هي الحالة، قام الطاقم بإزاحة وحل الحفر الثقيل الذي كان يكبح ضغط البئر وماء البحر، ولكن لاحظ الطاقم بعد ذلك مباشرة أن ضغطاً غير متوازن قد حصل بدأوا يفقدون السيطرة على البئر، ودفع غاز الميثان الوحل والماء من خلال [الأنبوب] الصاعد من مانع الانفجار ورُمي الخليط مئات الأقدام في الهواء فوق المنصة، وقد اشتعل الميثان، ربما بسبب شرارة نتجت من أحد الأجهزة. وعندما تمّت محاولة تفعيل مانع الانفجار، فشل بالقيام بواجبه، وأعقب الانفجار حريق ثم الغرق المحتوم للمنصة.

تبيّن من إحدى جلسات الاستماع للجنة حكومية تحقّق في حادث ديب-ووتر هورايزن أن جهاز الإنذار للطوارئ كان قد تم توقيفه، كي لا توقظ الإنذارات الزائفة أعضاء الطاقم النائمين، وهذا العمل السيىء قد أخّر إخلاء المنصّة المحترقة وتسبّب بخسارة أرواح بعض أعضاء الطاقم، واستمعت اللجنة أيضاً لحالات الفشل – من ضمنها تسربات في بعض أجهزة الطوارئ، وخلل الحواسيب، وفقدان الطاقة الكهربائية – التي كانت تحصل بشكل متكرّر في الأسابيع التي سبقت الحادث، مما يدلّ، بالإضافة لما تقدم، بأن السفينة لم تكن مصانة بشكل جيد، والحقيقة أنه قد بان للعيان أن عملية التدقيق التي أجريت في عام 2009 اكتشفت مئات من حالات الحاجة للتصليح، إضافة إلى أخطاء في الحُكم والتشغيل. والتاريخ الموثّق للأخطاء والاختصار [في الإجراءات] يبدو أنه استمر حتى بعد عملية التدقيق، ذلك لأنه في اليوم الذي سبق الحادث لم يتمّ إجراء فحص أجهزة الطوارئ بشكل مقبول، لذا لم يتم اكتشاف تجشؤ [تسرّب] الغاز الذي قد يكون النذير المسبق لما سبّب الانفجار. والتدقيق المنفصل الذي قامت به مجموعة إدارة المجازفة من شركة لويد أسابيع قليلة قبل الحادث اكتشفت قصور "ثقافة السلامة" في المنصة بسبب تردّد العاملين في الإبلاغ عن المشاكل خوفاً من ردود الفعل [الانتقامية]، ومن المؤكد أن الظروف المواتية لديب-ووتر هورايزن قد أعدّت المشهد لحادث متوقّع حدوثه، وبدت وكأنها مسألة وقت فقط.

بحسب لجنة المراجعة التابعة للأكاديمية الوطنية للهندسة، فإن الانفجار الذي "كان بالإمكان تجنّبه" قد "سببه سلسلة من التعقيدات والأخطاء غير المحتملة البشرية المقترنة بعدد من حالات لفشل الأجهزة". وعزى رئيس لجنة الطاقة في مجلس الشيوخ الانفجار إلى "سلسلة متعاقبة من الأخطاء" تضمّنت أخطاءً فنية وبشرية ونظامية، وركّزت لجنة فرعية من الكونغرس على عدد من الأخطاء بدأت هذه الأخطاء بتصميم البئر نفسه ناتجة من التسريع في إنجاز المهمة وبالتالي تخفيض الكلف وذلك بعدم اتباع معايير الممارسة في هذه الصناعة، وتبعاً لشهادات من خبراء الصناعة ومدرائها التنفيذيين. فبدلاً من استخدام بِطانات متعددة للبئر، استخدمت BP بِطانة واحدة، زادت من فرصة وصول الغاز المتسرّب إلى السطح، وقد دوّر التصميم الزوايا باستخدام عدد أقل من الفواصل لتثبيت أنبوب الحفر في منتصف تجويف البئر، وربّما كان ذلك سبباً في منع الإسمنت من التدفّق بشكل متجانس داخل حلقة البئر. مما سمح للغاز بالنفاذ من خلال بعض الفراغات غير المسدودة. (وقد اكتشفت الهيئة الرئاسية التي حقّقت بالحادث أن ما يقارب 21 "ممركزة" (Centralizer) قد أوصي بها من قِبل مهندس هاليبارتون، في حين أن BP كانت تنوي استخدام 16 منها على الأقل، ولكن، بعد ما تبيّن أن 6 فقط من هذه الممركزات متوفرّة، لذا فقد استخدمت الستة فقط). بالإضافة لذلك، بعد ما وضع الإسمنت في محله، لم يتم فحصه للتأكّد من عدم وجود تسربات، ولم يتم كذلك تأمين رأس البئر بواسطة كُمّ سداد مؤمن (Lockdown Aleeve)، وهو معيار آخر للممارسة في هذه الصناعة. فقرارات من هذا النوع تختصر الزوايا وفّرت يقيناً الوقت والمال، لكنها زادت مخاطر الانفجار، وباعتماد مثل هذه الاختصارات التصميمية، خمّن أحد "مهندسي المياه العميقة القدماء" أن BP اختصرت العمل بمقدار أسبوع، مما وفّر لها حوالي مليون دولار في اليوم، لكن موثوقية البئر أصبحت أقل بشكل واضح مما كان المفروض أن تكون لو أن الشركة اعتمدت توجّهاً محافظاً أكثر.

منذ البداية، أكّد البيئيون ومسؤولو حرس السواحل والولاية والمحليون الأضرار البيئية التي نتجت من الزيت المتسرّب، وعبّر الجميع عن الإحباطات المتكرّرة جرّاء غياب وعدم تنسيق الجهود الاتحادية، التي وصفت بأنها "فوضوية"، لمنع وصول الزيت إلى السواحل، وكذلك بالنسبة لعمليات التنظيف، التي تؤهّلها لتكون فشلاً مصاحباً. أحد علميي البيئة المهتم بالتقارير حول تجمعات خليط الزيت والماء (Oil Plumes) تحت الماء – والذي حذّر أنه قد لا تطفو إلى السطح لسنوات وعقود في المستقبل – وصف الوضع بأنه غير مألوف "مليء بثقوب من الأمور المجهولة". وأطلق على الحالة "سيناريو حيث الواقع فيه يسبق العلم". لكن الإنذارات حول ما يمكن أن يحدث، سواء للبيئة الطبيعية أو للنظام الميكانيكي، عادة ما تمرّ من دون انتباه، خاصة عندما تبدو الأمور وكأنها تحت السيطرة، وحوادث يكتان وتكساس ولويزيانا فيها دروس تستحق تشاركها، لكن لا يتذكرها الكثير، ربما لأنها لم تؤثّر بشكل واسع في جانب الولايات المتحدة من الخليج. ففي حالة غياب تجارب سيئة مباشرة، [لكون] من طبيعة البشر افتراض أن كل شيء يسير بشكل جيد، وبالتالي تتراخى المراقبة. لكن هذا التصرّف يجب ألّا يكون أمراً طبيعياً منتظماً، ووجهت إلى مكتب خدمات إدارة المعادن (Minerals Management Service) في وزارة الداخلية المسؤولة عن تنظيم الحفر البحري انتقادات واسعة. فالمكتب كثيراً ما يهمل الاعتبارات البيئة ويمنح موافقات سريعة متغاضياً عن بعض التعليمات لفعاليات ذات علاقة باستكشاف الطاقة. كذلك قلّل المكتب من أهمية الصعوبات الفنية، ولم يذكر ما يكفي حول مانعات الانفجار في تقرير عن مخاطر وفوائد ازدياد الحفر البحري، ووصف أحد المراقبين الوضع بأنه "حرب بين البيولوجيين والمهندسين". وبعد الحادث، قامت بعض الوكالات الحكومية – التي من المفهوم أنها قد أفرط في تعويضها – مع وكالة حماية البيئة (Environmental Protection Agency) التي أخذت، في رأي البعض، وقتاً مبالغ فيه للمصادقة على الإجراءات الهادفة لمنع وصول الزيت إلى المستنقعات ومناطق أخرى ذات حساسية بيئية، ويقيناً، يبدو أن الوكالات الحكومية قد أربكت جراء العمل ذي العلاقة ببقعة زيت الخليج، ما أدّى إلى تأخير تقييم العديد من المشاريع التي لا يبدو أن لها علاقة ببعضها، كتأخّر البتّ في مسألة تحدّي نادي سييرا (Sierra Club) للجسر المقترح في مينيسوتا.

كان قد مضى ثلاثة أسابيع على بقعة الزيت عندما أتيح للعموم أول رؤية جيّدة للزيت المنبعث من الأنبوب المكسور على عمق ميل تحت الماء، والذي أصبح صورة فيديوية أيقونية لما أصبح يعرف بشكل متزايد بالحادثة الكارثية. كان من الصعب الحكم على المعدّل الذي يخرج فيه النفط والغاز من المصدر غير المسيطر عليه ويختلط بشكل مضطرب مع ماء البحر العميق، لكن مع استمرار بقعة الزيت ارتفعت التقديرات، وجادل العلميون حول حجم الزيت المنبعث، وأن يتم انتقاله بواسطة الرياح وتيارات المحيط والعواصف، ةحول الضرر المتوقّع على البيئة وساحل الخليج. وأعطت هذه المعرفة والتكهّنات المتداخلة شعوراً بإلحاح الحاجة لإيقاف التسرّب والوصول إلى تقدير معدّل التسرب الصحيح. وكان واضحاً أنه قد يستغرق أشهراً أو سنوات لإفراغ المكمن من ما يقدّر بخمسين مليون برميل من النفط، وبالتالي فإن معرفة سرعة خروج النفط من البئر المكسور مهمة للغاية للأغراض التخطيطية، إن لم يكن لأي شيء آخر. اعتمدت تقديرات معدّل التدفّق من البئر على تحليل أفلام الفيديو التي تبيّن الهايدروكاربونات الهاربة، وكذلك على نماذج الحاسوب للمكمن والبئر، وعلى كمية النفط المستردّ من قِبل السفن على السطح، ورقم الحكومة الأول وقدره 1000 برميل يومياً، تم تغييره إلى 5.000 بعد أسبوع تقريباً، ثم رفع إلى ما بين 12.000 إلى 19.000، مما يؤكّد الضبابية العلمية لقياس حجم التسرّب، وهذا التقدير الجديد [الأخير] جعلها البقعة الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة – فهي أكبر من ما تسرّب عام 1989 عندما اصطدمت الناقلة أكسون فالديس (Exxon Valdez) بصخرة في مضيق برنس وليام (Prince William Sound) في ألاسكا، وكذلك تمت مقارنة تأثيرات بقعة الزيت لديب-ووتر هورايزن مع أعصار كاترينا، الذي دمّر نيو أورلينز وأجزاءً من ساحل الخليج عام 2005. ومع ذلك، تمّ رفع تقدير التسرّب بعد فترة قصيرة مرة أخرى إلى 20.000 ثم إلى 40.000 برميل. وبعد ثمانية أسابيع من الانفجار أعيد التخمين صعوداً مرة أخرى من 35.000 إلى 60.000 برميل في اليوم، وقد تحدت شركة النفط لاحقاً تخمينات الحكومة الرسمية، مدعية أنها بمقدار 50% أكثر مما يجب. ذلك لأن BP جابهت غرامات تقدر بـ 4300 دولار لكل برميل متسرّب، فمليارات الدولارات كانت على كفة الميزان.

بغضّ النظر عن كمية النفط المتسرّب، وبينما كان يتدفّق النفط من سطح البئر حاولت السفن أن تلتقط ما تستطيع منه، وفي ذلك الوقت لم يظهر إن كان لديها لذلك سعة كافية، طلبت الحكومة من BP إضافة المزيد. ومع ذلك، وبالرغم من ازدياد معدّل التدفّق، تم تحدّي ادعاء الإدارة أن التسرّب هو "أسوأ كارثة بيئية واجهت أميركا على الإطلاق". فقد أشار مؤرّخون بأن عاصفة دست باول (Dust Bowl) في ثلاثينات القرن الماضي كانت مسؤولة عن هيجان اجتماعي أكبر، وبقعة أكسون فالديس أهلكت حيوانات برية أكثر، ومبيد الحشرات DDT قد أثّر في مساحات أوسع من البلد، ومن سخرية [القدر] لاحظ المؤرّخون كذلك بأن اليوم الذي غرقت فيه منصة ديب-ووتر هورايزن كان الذكرى الأربعين ليوم الأرض (Earth Day)، الذي اعتُمد، جزئياً على الأقل ، لتذكير الناس بالتعلّم من أخطائهم البيئية.

أصبح خليج المكسيك مشهداً لعدد كبير من الإساءات البيئية. ففي منتصف القرن العشرين، جمعت المناطق المصادق عليها لجمع النفايات قنابل وأسلحة كيميائية ومعدّات حربية أخرى استقرّت في القعر، ومنذ ستينات القرن الماضي شاهدت المنطقة ما يزيد على 300 بقعة زيت متأتية من الحفر البحري، تعادل ما مجموعه نصف مليون برميل من النفط و"مواد الحفر ذات العلاقة"، وكانت منصّة ديب-ووتر هورايزن مسؤولة عن أربعة من البقع الصغيرة، وحتى البقعة الكارثية، التي قُدِّر حجمها النهائي بما يقارب 5 ملايين برميل – فإن 800.000 برميل منها يتمّ التقاطه بجهود الاحتواء – ليست الكارثة البيئية رقم واحد تاريخياً، لكنها دمّرت اقتصاد ساحل الخليج الهشّ أساساً، وهدّدت بإفلاس شركة عالمية، وأحرجت الحكومة – مؤكّدة وسع التأثيرات التي يمكن للفشل التكنولوجي أن يُحدثه.

تعرّض طيف واسع من الأشخاص والمؤسّسات وقرارات التصميم إلى لوم مبكّر، وقامت لجنة الكونغرس ومجموعات حكومية أخرى – والتي بدأت اجتماعاتها بعد حوالي ثلاثة أسابيع من الانفجار- بسماع شهادات كبار مسؤولي BP وترانس أوشن وهاليبرتون والمقاول التي استؤجر لأداء الخدمات على المنصة، ومن ضمن ذلك إقفال البئر بالإسمنت. بالرغم من أن هاليبرتون قد قامت بمهمة الإسمنت قبل الحادث – وهي العملية التي كانت من المفروض أن تقفل البئر لغاية جهوزية BP للبدء في عمليات الإنتاج – أصرّ المقاول أنه قام بالعمل بموجب تصميم BP، لذا فالاتهام ليس فقط ضدّ التصميم ولكنه ضدّ مصمّم التصميم أيضاً. وبغض النظر عن من المسؤول، فقد تمّ مبكّراً تشخيص عملية صبّ الإسمنت غير الفعالة كأحد العوامل المحتملة التي أدّت إلى الحادث، وهناك مشاكل عديدة محتملة في عملية صبّ الإسمنت – تم القيام بها باستخدام غلاف للبئر مما اعتبر "الحس الاقتصادي الأفضل" لكنه وصف بكونه خياراً أكثر مخاطرة – تم التكهّن بها: لم يكن سدّ البئر بالإسمنت سدّاً محكماً ومناسباً، ما سمح للغاز بالهروب إلى أعلى ثقب الحفر؛ ولم يتصلّب الإسمنت بسرعة كافية، ما سمح كذلك للغاز بالتسرّب من خلاله ؛ يحتوي الإسمنت على النتروجين الذي جعل التعامل معه صعباً وبالتالي قد لا يكون قد حصل انسداد صلب تام بسببه. (الحقيقة أنه كانت هناك تقارير لتسرّب الغاز من خلال الإسمنت في الساعات التي سبقت الانفجار)، وآخر هذه الفرضيات هو ما ركّزت عليه لجنة الطاقة والتجارة للكونغرس ومجموعات أخرى. من الصعب، بطبيعة الحال، الحكم بشكل مؤكّد على أية فرضية منها من دون بعض الإثباتات التي بقيت تحت ماء البحر. كان بالإمكان استعادة مانع الانفجار الذي يبلغ وزنه 325 طن، لغرض القيام بالتحليلات القضائية بعد أن يتمّ سدّ البئر. أما رفع منصّة ديب-ووتر هورايزن فهي مهمّة أصعب، لكونها كبيرة جداً، والاختبار القاطع للفرضية الأكثر احتمالاً بالنسبة للإسمنت قد يُنتظر لحين استعادة أنبوب الحفر، الذي قد لا يحصل على الأرجح. في نفس الوقت، تم استكشاف الفرضية بشكل غير قاطع في جلسات الاستماع.

بالتوازي مع جلسات استماع الكونغرس، تمّ القيام بتقصٍّ عن الحادث من قِبل مجموعة تحقيق مشتركة مكونة من أعضاء من حرس السواحل وخدمة إدارة المعادن، التي هي جزء من وزارة الداخلية والمسؤولة عن حماية العموم والبيئة، وفي نفس الوقت مسؤولة عن تأجير وجمع العائد من استخدام حقول النفط المسيطر عليها من قِبل الحكومة، وهذا تضارب في المصالح، حيث يُكرّم موظّفو خدمة المعادن للإسراع في منح الرخص، وفي حالة الديب-ووتر هورايزن ، وافقت خدمة إدارة المعادن على طلب BP تشغيل المنصة في الخليج بالرغم من أنه لم يكن في الورقيات التي قُدّمت رخصة للحفر في مناطق فيها أنواع مهددة بالانقراض أو حيوانات بحرية ثديية، ورُوي عن موظفين بيولوجيين ومهندسين بأنهم كانوا يتعرّضون "بشكل منتظم لضغوط من قِبل موظفي الوكالة لتغيير نتائج دراساتهم الداخلية إذا ما تكهّنت [هذه الدراسات] بأن حادثة قد تقع أو إن كانت ستؤذي الحياة البرية". أثّرت مثل هذه الممارسة، من دون شك، في ثقافة العمل التي يعمل الموظّفون ضمن إطارها، وكان ناقصاً أيضاً في طلب ديب-ووتر هورايزن معلومات عن متانة مكبس القصّ في مانع الانفجار، والذي كان من المفروض أن يُثبت فاعليته عند حدوث طارئ، واعترف المهندس المسؤول عن مراجعة الطلب أنه لا يقوم بتدقيق مثل هذه المعلومات بشكل منتظم – فقد افترض أن مقدّم الطلب ملتزم بالتعليمات. [معنى ذلك] أن شركات النفط تقوم بواقع الحال بتصديق شهادات أجهزتها.

من الواضح أن مشاكل الحفر البحري وراء النفط تذهب أبعد كثيراً من التصميم، وبالتلازم مع التحقيق أعلنت الإدارة في واشنطن بأن خدمة إدارة المعادن ستنقسم إلى مكتبين، حيث يكون المكتب الأول مسؤولاً عن السلامة العامة وتطبيق قواعد البيئة، والآخر لأغراض مهام التأجير وجمع المستحقات. وقرار التقسيم هذا مشابه لتقسيم هيئة الطاقة الذرية (Atomic Energy Commission-AEC) إلى الهيئة الناظمة النووية (Nuclear Regulatory Commission) وإدارة بحوث وتطوير الطاقة(Energy Research and Development)، والتي تمّ دمجها بعد ذلك مباشرة بإدارة الطاقة (Department of Energy). على الرغم من أن ذلك التقسيم لم يكن مدفوعاً بالفشل المادي، لكن إلغاء خدمة إدارة المعادن كان واضحاً أنه كذلك، بالرغم من أن مثال هيئة الطاقة الذرية كان يجب أن يكون درساً للتعلّم في تقسيم الوكالة قبل ذلك.

في تقرير تمهيدي للنتائج الأولية، شخّصت اللجنة المشكلة من الأكاديمية الوطنية للهندسة والمجلس الوطني للبحث (National Research Council) المكلّفة بالنظر في الأحداث التي أدت إلى الانفجار والتسرّب النفطي اللاحق، كسبب أساسي "الفشل في التعلّم من حالات سابقة قريبة من الفشل". وتُذكّر العقلية الثقافية هذه بشكل مخيف بما أصاب برنامج المركبة الفضائية، ووجدت اللجنة في حالة حادث الخليج، "ضوابط وتوازنات غير كافية للقرارات الحرجة التي أثّرت في الجدول الزمني" لسدّ بئر الاستكشاف لغاية فتحه لمرحلة الإنتاج، ولم يكن هناك دليل "لنهج مناسب لإدارة المخاطرات المتجذرة، والشكوك، والأخطار ذات العلاقة بعمليات الحفر البحري العميق"؛ كما لم يكن هناك "نهج نظامي"، حيث تتكامل العوامل المختلفة التي تؤثر  في سلامة البئر وتشغيله، والمشكلة كانت، باختصار، أن القرارات المعزولة قد تتخذ وقد اتخذت من دون أن تؤخذ تبعاتها بالنسبة للسلامة التامة الشاملة بنظر الاعتبار، وكان متوقّعاً من اللجنة، في تقريرها النهائي، أن توصي بطرق "لاعتماد ممارسات ومعايير لرعاية ثقافة للسلامة وطرق للتأكّد من أن قرارات الجدول الزمني والكلفة لن تكون على حساب السلامة"، ولكن قبل أن حدوث ذلك بوقت طويل، كانت هيئات تحقيقية أخرى قد قامت بإلقاء توازناتها حول الحادث.

بعد شهر من انفجار ديب-ووتر هورايزن، تمّت تسمية لجنة مشتركة [من الحزب الديموقراطي والحزب الجمهوري] للنظر في أسباب الحادث والتلف البيئي الذي نتج منه. وكان أحد أغراض التفاهم المعلنة [للجنة] هو كيف ولماذا وقع الحادث و"التأكّد من عدم وقوعه مرة أخرى". وبالطبع، هذا هدف معتاد ونبيل، ولكنه غير واقعي أيضاً. فالطريقة الوحيدة للتأكّد من أن فشلاً آخر في الحفر البحري – أو أي نوع من الفشل – لن يحصل مرة أخرى هو التوقّف عن الاستكشاف والإبداع. في نفس الوقت، فرضت الإدارة توقّفاً لمدة ستة أشهر عن عمليات الحفر البحري في الخليج، ولكن محكمة اتحادية فرضت إنذاراً قضائياً على هذا التوقّف. وأشار الذين كانوا ضدّ التوقف إلى الحالة الاقتصادية الصعبة التي كانت تقاسي منها المنطقة لكن الاعتراض بعد الاعتراض أدّى في النهاية إلى إنهاء التوقّف قبل شهر من موعده، لكنه أُعيد كمنع غير محدّد على توسيع الحفر إلى مناطق جديدة. ثم تمّ تعديل القرار للسماح بالعودة إلى حفر محدود في مناطق معينة، وفي خلال كل هذا الذهاب والإياب [التخبّط] حول السياسة، كان غائباً عموماً من الجدل العام، على الأقل، احتساب المخاطر ذات العلاقة.

تحمل كل تكنولوجيا والمساعي التكنولوجية مخاطرة، والخبرة في منصة ديب-ووتر هورايزن والأجهزة البحرية والعمليات ذات العلاقة، ومنها الإدارة، لا تبرز هذه الحقيقة فحسب، بل تبيّن أيضاً كيف تُدفع المخاطرة إلى حدود يجب أن تكون غير مقبولة، وعندما يتم تجاوز هذه الحدود، يحدث الفشل في النهاية، وليس بالأمر الهين اكتشاف أي مخاطرة من بين مجموعة [المخاطر]، قد ساهمت في ماذا، بالضبط. والتفسير الكامل والحقيقي لحادث مثل الذي سيشار إليه ببساطة بديب-ووتر هورايزن أو بقعة زيت الخليج لن يعرف بيقين مطلق، ولكن حتى إن كانت حالات فشل سابقة قد تم فهمها بشكل كامل، فليس من المحتمل أن يتمّ تحاشي حالات فشل مماثل في المستقبل. ليس فقط لأن المستقبل مختلف عن الماضي وبالتالي يحتوي على احتمالات أشياء جديدة قد تتعطل، ولكن أيضاً بأن تكون احتمالات البشر وإبداعاتهم غير كاملة كما هي الحال دائماً، وبحسب اللجنة الرئاسية فالحادث كان "فشلاً في الإدارة". فلو انخرطت الشركات الثلاث المسؤولة عن عمليات الحفر وسدّ البئر في "اتخاذ القرارات وتقدير المخاطر بشكل أفضل" كان يمكن للحادث ألّا يحدث. وقد عُزي الحادث في النهاية إلى "حالات فشل نُظمية"، وفي غياب الإصلاح الجوهري في الصناعة ومراقبتها الاتحادية، فإن حادثاً مماثلاً من المحتم أن يحصل في المستقبل.

                   المشكلة الحقيقية بالنسبة لمانع الانفجار في ديب-ووتر هورايزن قد نُسبت إلى خطأ في التصميم. وعندما انفجر البئر، كانت القوة المولّدة من مجرى الزيت قد لوت ثم أزاحت أنبوب الحفر عن المركز، من دون شك، وسبب ذلك حشر جهاز القصّ، وتبيّن بعد ذلك عندما تمت إعادة تحريك مكابس القص العمياء، أن شفراتها كانت قد شلّت وكادت تلتصق مع بعضها بحيث أصبحت المسافة بين الشفرات أقل من إنش ونصف الإنش، لكن هذه المسافة كانت كافية لتدفّق الزيت من خلالها. لقد صممت الآلة كي تعمل بشكل فاعل على أنبوب في ممركز حول البئر، على الرغم من أنه كان من المؤكد توقّع أن تقضي قوة الانفجار على ذلك التناسق. في إثر الحادث قام المكتب المحيط لإدارة الطاقة، والتنظيمات وتطبيقها(Burean of Ocean Energy Management and Enforcement) بإعداد إجراءات سلامة أكثر صرامة، ولكن تلك التي كانت ذات علاقة بفحص مانع الانفجار لم تتطلّب القيام بمثل هذه الإجراءات في ظروف لا تناسقية، ومدى حالات الفشل المحتملة التي على الناظم أو المصمم أن يتوقعها ستكون دائماً موضوعاً للجدل، تدور حول أسئلة عن المخاطرة والفرصة والتداعيات، وبحسب أحد طلاب انفجار بئر ماكوندو: "لقد حدث [الانفجار] بسبب أخطاء متعددة"، واعتُقد أن مانع الانفجار العاطل قد يضاف إلى "الأسباب 9 و10 و11 الأخرى حول لماذا حصل [الانفجار] ".

تعزّزت المشاعر بـ [نتائج] التقرير النهائي المقدم من قِبل فرقة العمل المشتركة من حرس السواحل ومكتب المحيط لإدارة الطاقة والتنظيمات وتطبيقها. لقد استنتج التقرير أن الانفجار القاتل، أطال تسرب الزيت، وما تبع من تلوّث بيئي "كان نتيجة إدارة مخاطر سيئة، وتغييرات آخر دقيقة للخطط، والفشل في الملاحظة والاستجابة للمؤشّرات الحرجة استجابة غير مناسبة للسيطرة على البئر، وتدريب غير كافٍ في الاستجابة لطوارئ الجسر من قِبل شركات وأفراد مسؤولين عن الحفر في بئر ماكوندو وفي تشغيل ديب-ووتر هورايزن ". والمسؤولية النهائية تقع على عاتق BP، حسب التقرير، ولكن [التقرير] لم يعف المقاولين المشاركين. وصدر بيان من BP عن موافقتها على "جوهر استنتاجات" التقرير والذي ينص على أن "حادث ديب-ووتر هورايزن كان نتيجة أسباب متعدّدة، تتضمّن عدداً في الشركاء، من ضمنهم ترانس أوشن وهاليبرتون". وأشارت لغة [التقرير] إلى استمرار الدعوى كنتيجة أخرى للانفجار.

عندما تتراجع حوادث مثل ديب-ووتر هورايزن إلى الماضي، فالدروس المستقاة منها تميل إلى أن تُنسى. حتى إن بقيت أسماء الأحداث في الذاكرة العامة، فطبيعتها وأسبابها تغدو مهملة، كما حال العديد من الأسلحة التي أُسقطت فيه قبل نصف قرن والقابعة بعيداً عن النظر في قعر خليج المكسيك، وكما هو حال دروس انفجار المركبة الفضائية تشالنجر التي لم يتم تعلّمها بما فيه الكفاية لتمنع خسارة كولومبيا، لذا يكون من السذاجة التفكير بأن ما بعد الانفجار الذي حصل على منصة ديب-ووتر هورايزن سيكون أكثر تأثيراً في منع حدوث حالات مشابهة في المستقبل. وقد أوضح أحد التنفيذيين النفطيين الذي تحوّل إلى ناظم السجل المتدهور للسلامة في الصناعة البحرية بملاحظة أن "الناس ينسون كيف يخافون". بعبارة أخرى يستطيعون التوقّف عن المعاناة من الخوف من الفشل (kakorraphiaphobia) ولكن سواء كان هناك خشية من الفشل أو لم يكن، يمكننا إعاقة تأثيراته من خلال تطوير أجهزة وأنظمة وأساليب جديدة مبنية على خبرات حالات فشل من الماضي، التي يمكن أخذها بجدية من خلال الثقافة التكنولوجية المتنوّرة، وللأسف، عندما تتفاعل تكنولوجيا معقّدة مع مهن معقّدة وأفراداً معابين علينا أن نتوقّع أن يتبع ذلك الفشل، ربما ليس اليوم، أو الأسبوع القادم، أو السنة القادمة – ولكنه سيحصل حتماً، ويقيناً، كلما طال عدم ظهور الفشل، كلما كان هناك احتمال أكبر أن العنصر البشري في نظام الآلات/ الإنسان سيعتقد أنه لن يحدث مرة أخرى، وهذا الموقف يوّلد التقاعس، الذي يقود إلى التراخي في الحذر في جميع الأنواع – تكنولوجياً، وسياسياً، وهيكلياً، وسيكولوجياً – تجاه الفشل.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى