الكرات والفقاقيع
2000 الرياضيات والشكل الأمثل
ستيفان هيلدبرانت و انتوني ترومبا
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الكرة عند علماء الرياضيات هي مجسم سطحه قشرة كروية، وهي جسم مدور تماماً يبدو بالشكل نفسه من جميع الجهات. وإذا كانت الكرة متجانسة، فإن مركزها الهندسي ينطبق على مركز ثقلها. لذا فإن الوضع التوازني لمثل هذه الكرة على مستو أفقي يبقى دائما كيفياً، إذ إنها تتوازن في جميع الأوضاع، لكن إذا قمنا بدفعها برفق في أي اتجاه، فإنها ستتدحرج. بيد أننا لن نعرف بالتأكيد الطريق الذي ستسلكه آنذاك، ذلك أن أقل قدر من عدم الاستواء في الأرض قد يجعلها تغير من اتجاه تدحرجها. وهكذا، فقد غدت الكرة إحدى الصفات التي تنسب إلى الإلهة ذات النزوات فورتونا fortuna .
وهناك رمز كروي آخر يستعمل للدلالة على الحظوظ، ألا وهو الفقاعة الصابونية. وهذه الفقاعة التي تتولد في الهواء هي، ما دامت موجودة، نتيجة لقانون برنولي Bernoulli في العمل الافتراضي virtual workالذي يتطلب، كما رأينا، أن تكون الطاقة الكامنة – في حال التوازن المستقر – أصغرية، وفي الفقاعة الصابونية، يكون قدر معين من الهواء محاطاً بسطح ذي مساحة أصغرية، وهو الغشاء الصابوني. وهذا هو الدليل الفيزيائي على المبرهنة الرياضياتية القائلة بأنه من بين جميع الأجسام التي لها حجم مفروض واحد، فإن مساحة سطح الجسم الكروي هي الأصغر. وهذه النتيجة هي النظير المجسم الجلي للخاصة الأصغرية للدائرة، وهي أنه من بين جميع الاشكال المستوية التي لها مساحة مفروضة واحدة، فإن للشكل الدائري أقصر محيط.
ولهذا السبب ذاته، فإن كريات الزيت المعلقة بسائل له الكثافة نفسها (أو الموضوعة في الفضاء الخارجي المتحرر تقريباً من قوى الثقالة (gravity تكون كرات كاملةً. إن هذا أمر تم التحقق منه تجريبياً، كما أن المبرهنة الرياضياتية الموافقة تم إثباتها بدقة.
وقد بين عالم الرياضيات السويدي.T> كارلمان> عام 1919 أن الكرة هي الشكل التوازني الوحيد لسائل ذاتي التثاقل self-graviating في حالة السكون. وعندما تكون الكتل كبيرة، فإن القوى الجبارة للتثاقل الذاتي التي تنبأ بها قانون نيوتن تطغى على جميع القوى الأخرى، كقوة التوتر السطحي، التي يمكن إهمالها عند ذلك. لنفترض أن الكواكب نشأت عن كتل سائلة جمدت بعد تبردها. عند ذلك تكون الكرة هي الشكل الوحيد الذي يمكن أن يتخذه كوكب في حال السكون. ويكون الوضع مختلفاً إذا كان الجرم السماوي يدور كما تفعل الأرض وكواكب أخرى وكذلك توابعها من الأقمار. وسندرس هذه الحالة فيما بعد.
نذكر بأن حجم كرة نصف قطرها r هو V=4/3πr3 ، ومساحة سطحها هو A= 4πr2 ، ومن ثم فإننا نجد العلاقة= A3 36πV2 ، ويمكننا بعد ذلك إجراء مناقشة شبيهة بتلك التي قمنا بها لدى إثبات متباينة المحيطات المتساوية، فنستنتج صحة المتباينة
V2 ≤ A3
التي تربط بين الحجم V لمجسم اختياري وبين مساحة سطحهA ، حيث تصبح هذه المتباينة مساواة صرفة في حال الكرات فقط. وهذه المتباينة هي صنو فضائي لمتباينة المحيطات المتساوية؛ لذا فإننا نجد الخاصة الأعظمية التالية للكرة: من بين جميع المجسمات التي لسطوحها الخارجية مساحة مفروضة، فإن الكرة تحظى بأكبر حجم ممكن.
ويمكننا تغيير مسألة إيجاد السطوح ذات المساحة الأصغرية التي تحيط بحجم معين سلفاً بأن نضيف شروطا حدية ملائمة. وعلى سبيل المثال، يمكننا دراسة مسألة إيجاد المجسم ذي الحجم الأعظمي الذي مساحة سطحه الخارجي مفروضة، شريطة أن يكون جزء من سطحه الخارجي منطقة مستوية لا تدخل مساحتها في المساحة المفروضة. إن الحل هنا هو نصف كرة، وهذا أمر يمكن إثباته بمناقشة تعتمد على التناظر.
وترتبط المسألة التالية بالمسألة السابقة على نحو وثيق. لنأخذ مجسما محشورا بين مستويين متوازيين، ولنعرف مساحة السطح المختزلة reduced surface area لهذا المجسم بأنها مساحة تلك الأجزاء من سطحه الغير واقعة على أي من هذين المستويين. فإذا كانت قيمة مساحة السطح المختزلة مفروضة، فما هو المجسم ذو الحجم الأعظمي المحشور بين مستويين؟ وبعبارة مكافئة أخرى، ما هو المجسم المحشور بين مستويين إذا كان كان حجمه مثبتاً وله أصغر مساحة سطح مختزلةٍ ممكنةٍ؟
يمكننا حل هذه المسألة تجريبياً بأن ننفخ فقاعة صابونية بين صفحتين زجاجيتين مرطبتين. لنبدأ بفقاعة على شكل نصف كرة تستند إلى إحدى الصفيحتين المرطِّبتين، فعندما ننفخ مزيداً من الهواء في نصف الكرة هذه، فإننا نقوم بتكبيرها إلى أن تلمس الصفيحة الثانية التي تتحول عليها الفقاعة من نصف كرة إلى أسطوانة دائرية تستند عمودياً إلى كل من الصفيحتين وتلاقيهما بدائرتين، كما هو مبين في الشكل في أعلى اليمين. وعندئذ نستنتج بإجراء المناقشة نفسها التي أجريناها في الحل التجريبي لمسألة شتاينر أن الدائرة هي أقصر منحن يحيط بمساحة مفروضة. وكما رأينا، فإن هذه الحقيقة مكافئة لخاصة المحيطات المتساوية للدائرة.
وباستطاعتنا استعمال تجربة الصفيحتين للتوصل إلى علاقة مهمة بين مسألة <شتاينر> ومسألة المحيطات المتساوية. لذا نفترض أن لدينا صفيحتين زجاجيتين متصلتين بوساطة ثلاثة دبابيس متوازية أطوالها متساوية وتلاقي كلا من الصفيحتين عمودياً. فإذا استعنا بقشة، فإنه يمكننا نفخ فقاعة صابونية أسطوانية بين المستويين المرطبين بحيث يحوي الغشاء الصابوني الأسطواني الدبابيس الثلاثة جميعا، كما هو مبين في الشكل السفلي الأيسر.
فإذا قمنا بعد ذلك بسحب الهواء ببطء من الفقاعة،
فإن شكلها الأسطواني يتغير على نحو مستمر ماراً بسلسلة من التشكلات، ويصبح في نهاية المطاف نظاماً من ثلاثة أغشية صابونية تلاقي كلاً من الصفيحتين الزجاجيتين عمودياً.وتبين الأشكال العلوية الحافات(1) السائلة لتشكلات الأغشية الصابونية في المراحل المختلفة لهذه العملية؛ وهذا، كما نرى، يربط بين مسألة المحيطات المتساوية وبين مسألة شتاينر .ويلاحظ هنا أن الحافات السائلة في كل تشكل تكون إما قطعاً مستقيمة أو أقواساً دائرية، لأنه تنشأ أغشية صابونية مستوية وأسطوانية فقط.
لنضع الآن أسطوانات دائرية من الحجم نفسه على صفيحة، ولنحاول ترتيبها بحيث تكون حزمة متراصة. عند ذلك نجد نموذجاً سداسياً، ذلك أن هذا يوفر أحكم حزمٍ
لأشكالٍ دائرية من القدّ نفسه في المستوي (انظر الشكل العلوي حيث تمس الدائرة المركزية ست دوائر بالضبط).وهذه الخاصة المهمة هي سبب آخر للحدوث المتواتر في الطبيعة للأشكال السداسية وللزوايا التي قياسها °120 وللشكل y.
وبالمثل، فإن الكرات ذات الحجوم المتساوية بين صفيحتين، والمحزومة بصورة متراصة، تنظِّم نفسها في نسقٍ سداسي. لنتصور أن كل كرة هي خلية حية تحاول التوسع ما أمكنها وبالقدر نفسه الذي تتوسع به غيرها.عندئذ يبدو من الواضح أنه سيتكون نموذج من الخلايا السداسية، وهذا ما نشاهده غالباً لدى نمو الخلايا. وقد يؤدي الضغط الخارجي إلى النتائج نفسها إذا ما طبِّق بانتظام.
بيد أنه يمكن الحصول أيضا على النموذج السداسي بطريقة مختلفة كلياً.
شكل اثنا عشري الوجوه تقريباً داخل مجموعة من الفقاقيع ولَّدها T>.نودِّي<.
فإذا نفخنا فقاقيع صابونية من الحجم نفسه بين صفيحتين متوازيتين، فإن هذه الفقاقيع سرعان ما تتحد. واستناداً إلى القاعدتين 1 و 2 المتعلقتين بنظم الأغشية الصابونية، واللتين تسريان على هذه الحالة أيضاً، فإننا نجد إذ ذاك نظاماً من الأغشية الصابونية ذا حافات سائلة تخضع لقانون الـ °90 والـ °120 ، فضلاً على ذلك، إذا كانت الفقاقيع من الحجم نفسه، فلا وجود لفرق في الضغط بين خليتين متجاورتين؛ لذا يجب أن يكون لجميع الأغشية الداخلية تقوس وسطي صفري. وفي واقع الأمر هي سطوح مستوية. ومن ثم فإننا نجد نسقاً من الخلايا السداسية حيث تكون أبعد الأغشية فقط أسطوانية،
ذلك أنه يوجد في حالتها فرق ضغط بين داخل الخلية وخارجها (انظر الصورة العليا).
ونرى أن النموذج السداسي يمكن أن يتشكل لعدة أسباب؛ أي إن تشكل مساحة أصغرية يمكن أن يتولد نتيجة قوى جد مختلفة، كالضغط المنتظم أو التوتر السطحي. لذا فمن المستحيل أن نستخلص من النموذج ما يحدد القوى المؤثرة فيه.
ومع هذا، وكما يشير عالم الطبيعة.D> طومسون> في كتابه حول النمو والشكل On Growth and Form ، فإن بعض العلماء حاولوا ذلك عندما أرادوا شرح البنية الهندسية لخلية النحل. وكما نعلم جميعاً، فإن أحد أجمل التشكلات السداسية هو قرص العسل الذي يصنعه النحل. وتروي لنا كتابات پاپس pappus أن قدماء اليونانيين حاولوا تفسير انتظام خلية النحل اعتمادًا على مبدأ أمثلي. كذلك، فإن الفيزيائي الفرنسي f.A.R>دو ريومور> (1683-1757) فكر أيضاً في أن البنية السداسية لقرص عسل النحل لابد من أن تكون ناتجة من مبدأ أصغري عندما قال: إن النحلة تصنع خلاياها بأكبر قدر ممكن من الاقتصاد كي تستعمل أقل كمية ممكنة من الشمع. "وقد عرض ريومور مخمنته على .S> كونيكـ>، وهو أحد الخصوم المتأخرين للعالم موبيرتوي، فوجد كونيكـ أن تشكل الزاويتين °120 و '26°109 جاء نتيجة للمبدأ الأصغري الذي اقترحه ريومور، وأنهما تنسجمان مع القياسات الفعلية لخلايا النحل. وإثر ذلك أعلن فونتينيل أمين سر الأكاديمية الفرنسية أن النحل لا يملك ذكاء، لكنه "يستخدم بطريقة عمياء أكثر الطرق الرياضياتية تقدماً تلبيةً لأمر وإرشاد مقدسين".وقد علق على ذلك .D> طومسون> قائلاً: إن الافتراض بأن "الانتظام الجميل في البنى التي ينشئها النحل يعزى إلى تأثير تلقائيٍّ للقوى الفيزيائية" أمر مقبول أكثر من الافتراض بأن "النحل يفتش عامداً عن أسلوب لاقتصاد الشمع".
بيد أن هذا كله يفترض أن النحل اكتشف مصادفةً الشكل الأمثل لقرص العسل. ترى، هل هذه الدعوى صحيحة؟
لقد تناول هذا السؤال عالم الرياضيات المجري.F> توث> عام 1964 الذي نشر بحثاً بعنوان" ما يعرفه النحل وما لا يعرفه" درس فيه أقراص العسل honeycombs التي عرفها بأنها مجموعة من كثيرات الوجوه المحدبة والمتطابقة، تسمى خلايا cells، وتملأ الفسحة الكائنة بين مستويين متوازيين دون تراكب ودون فرجٍ وبطريقة يتحقق فيها ما يلي: (1) يوجد لكل خلية وجه (يدعى قاعدة base أو فتحة (opening على واحد فقط من المستويين، (2) تكون كل خليتين متطابقتين، بمعنى أن قاعدتيهما تتطابقان.
وتكوِّن الخلايا التي يصنعها النحل أوعية موشورية فتحاتها (ومقاطعها العرضية) مسدسات منتظمة، في حين تتألف قعورها من ثلاثة معينات (انظر القسم D من الشكل العلوي). ويضع النحل أقراص عسله بحيث تكون الفتحات المسدسية للخلايا متصلة بأحد المستويين. ترى، هل السطح السفلي المتعرج الذي يبنيه النحل هو أكثر السطوح فائدة؟ (من المؤكد أنه أكثر فائدة من المستوي).
وبغية طرح المسألة بدقة، فإننا نورد مسألة المحيطات المتساوية في أقراص العسل بالصيغة التي أوردها .F> توث<:
(العرض W هو المسافة الفاصلة بين المستويين المتوازيين اللذين يحدان قرص العسل).
لا نعلم بعد ماذا سيكون حلَّ هذه المسألة، ولكن من المؤكد أنه لا يمكن أن يكون خلية عسل، ذلك أن.F> توث> وجد خلية أخرى تعطي نتيجة أفضل قليلاً. ويتألف قعر هذه الخلية من مسدسين ومعينين (انظر الشكل السفلي في اليسار). ويبلغ ما تقتصده خلية <توث> أقل من 0.35% من مساحة الفتحة (ونسبة مئوية أقل بكثير من مساحة سطح الخلية). وهكذا يمكننا القول بأن النحل يقوم بعمل جيد جداً، ولكنه ليس كاملاً، على الرغم من أن النتيجة العملية لما يقوم به قد تكون مثلى، وذلك إذا أدخلنا مجال الخطأ margin of error في الحسبان.
لننظر من جديد في التشكلات العديدة للأغشية الصابونية أو الفقاقيع الصابونية أو لمجموعات من الأغشية والفقاقيع الصابونية الممتدة على أطر من أنماط مختلفة. وهنا يمكننا استعمال أسلاكٍ أو صفائح زجاجية أو سطوح من السوائل تستند إليها أو تطفو عليها تشكلات الفقاقيع. كما يمكننا ضم سطوح حاملة ومنحنيات (أسلاك) وخطوط قابلة للحركة (خيوط) بعضها إلى بعض. ونبين في أعلى هذه الصفحة وفي الصفحتين التاليتين بعض التشكلات الممكنة.
لننظر في المسألة الرياضياتية التي تدرس وصف الفقاقيع الصابونية أو تشكلات من الأغشية والفقاقيع الصابونية.وكما نعلم، فإن المسألة هي إيجاد السطح ذي المساحة الأصغرية بين جميع التشكلات المؤلفة من السطوح الممتدة على إطار مفروض (صلب أو قابل للحركة) والتي تشغل حجماً مفروضاً. تتألف حلول مثل هذه المسألة الرياضياتية من سطح واحد أو أكثر تقوسه الوسطي H وفي حين أن السطوح الأصغرية هي تلك التي تقوسها الوسطي يساوي الصفر، فإن للكرات والأسطوانات تقوسات وسطية ثابتة مغايرة للصفر. وهكذا فإن حلول مسائل تحديد النموذج الرياضياتي هي تجمعات من سطوح ذات تقوسات وسطيةٍ مختلفةٍ.
أنها نماذج من تكتلات من الأغشية والفقاقيع الصابونية نشاهدها في التجارب. وفي حين تقابل السطوح الأصغرية أغشية صابونية خاضعة للضغط نفسه على وجهيها، فإن السطوح التي تقوسها الوسطي غير صفري تقابل أغشية صابونية يخضع أحد وجهيها لضغط أكبر من ذاك الذي يتعرض له الوجه الآخر.
ومع أن هذه السطوح تمثل تقريباً جيداً للحقيقة الفيزيائية، فإنه يجب ألا تعتبر مطابقة لها. فمن الضروري تمييز الظاهرة الفيزيائية عن نموذجها الرياضياتي، ويرد ذلك بخاصة إلى أن المفهوم الرياضياتي قد يشمل نطاقاً من الأشياء أكبر كثيراً من تلك التي يمكن أن نقابلها واقعياً في التجارب.
فعلى سبيل المثال، إذا كان سطح ذو تقوس وسطي ثابت غير مستقرٍ، فلا يمكن تجسيده فيزيائيا بغشاء صابونيٍّ؛ وقد سبق أن رأينا فعلاً أن هناك سطوحاً أصغرية غير مستقرة (مثل بعض السطوح السلسلية) لا يمكن تجسيدها فيزيائيا بوساطة أغشية صابونية. كذلك، فإن السطح الأسطواني يغدو غير مستقر إذا كان ارتفاعه مساوياً لمحيطه أو أكبر من هذا المحيط، وهذا أمر يمكن تحققه بسهولة بإجراء تجربة تتطلب بعض الدقة (انظر التعليق على الشكل العلوي في الصفحة التالية). ولهذه الغاية، نأخذ غشاءً صابونياً أسطوانيا بين حلقتين لهما محور واحد، فنرى أنه حالما يصبح الغشاء الصابوني غير مستقر، فإنه ينقسم إلى فقاعتين صابونيتين كرويتين منفصلتين لهما حجمان مختلفان. هذا وإن عدم استقرار الأسطوانات الطويلة لا يبرهن بالتجارب فقط، بل يمكن أيضاً إثباته بدقة رياضياتياً.
ويرتبط عدم استقرار فقاعة صابونية أسطوانية، الذي اكتشفه پلاتو، ارتباطاً وثيقاً بظاهرة فيزيائية مشابهة نعرفها جميعاً، وهي أن الاندفاع القوي للماء يجزئه الى سلسلة من القطرات. وهذه ظاهرة يمكننا مشاهدتها في نافورة ماء أو في مرشة ما، في حديقة. وهذا التشتت لاندفاع الماء لدى تحوله إلى قطرات حساس جداً للاضطرابات، كتلك التي تحدثها الحقول الكهربائية أو الاهتزازات الصوتية. وفي الكتاب الذي عنوانه الفقاقيع الصابونية، ألوانها، والقوى التي تشكلها Soap Bubbles, Their Colours, and the Forces Which Mold – Them، الذي ألفه الفيزيائي البريطاني .C.V> بويز>، يشرح المؤلف تجارب بسيطة عديدة يمكن إجراؤها بالاستعانة بانبثاق الماء والفقاقيع الصابونية. ويحوي هذا الكتاب حصيلة ثلاث محاضرات ألقاها في عامي 1889 و1890 هذا الفيزيائي التجريبي البارز الذي كان يستمتع، بين وقت وآخر، بإطلاق حلقات دخانية كبيرة على المشاة المروعين الذين كانوا يمرون أمام نوافذ مختبره محاولاً تطويقهم بحلقاته.لنشرح ثانية الفرق بين الواقع والنموذج الرياضياتي بالاستعانة بمثالٍ يبدو بسيطاً في الظاهر، ألا وهو الفقاعة الصابونية الكروية. إن الطبيعة لا تتحمل أية مشقة في تبيانها أن الكرات هي الفقاقيع الصابونية الملساة الوحيدة (دون حدود اصطناعية) التي يمكنك أن تنفخها في الهواء.
بيد أننا لم نكن نعلم أن الكرات هي السطوح المنتهية الكاملة الوحيدة ذات التقوس الوسطي ثابت إلا عام 1984. (الأسطوانة غير المحدودة، التي هي أيضاً سطح كامل وذو تقوس وسطي ثابت، ليس منتهية؛ إذ إنها تمتد بلا تناه في كلا الاتجاهين). وقد خمن معظم علماء الرياضيات أن الجواب هو "نعم"، إن الكرات هي السطوح الوحيدة، وجرى في هذا الصدد إثبات نتائج جزئية عديدة. فقد عرفنا، مثلاً، أن الكرات هي السطوح المحدبة الوحيدة ذات التقوس الوسطي الثابت بين جميع السطوح المنتهية الكاملة. إضافة إلى ذلك، فقد برهن.D.A>ألكسندروڤ< على أن السطح الذي له هيئة المقبض ولا يقطع نفسه والذي هو من جنس genus منته، لا يمكن أن يكون ذا تقوس وسطي ثابت، لكن علماء الرياضيات كانوا يسعون إلى الحصول على نتيجة عامة تماماً، ولهذا فلا بد من أن ندخل أيضاً في اعتبارنا السطوح ذات التقاطعات الذاتية، وهكذا، استطاع .H> هوبف< أن يثبت أن السطوح المنتهية من الجنس صفر والتي ليس لها حدود يجب أن تكون كرات، حتى وإن كانت تتسم بتقاطعات ذاتية، بيد أن هذه المخمنة قد دحضت منذ عهد قريب جداً، إذ إنه يوجد سطح منته كامل جنسه I وذو تقوس وسطي ثابت، لكنه يتسم بتقاطعات ذاتية.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]