هندسة البلورات
2000 الرياضيات والشكل الأمثل
ستيفان هيلدبرانت و انتوني ترومبا
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
من بين أروع الأشكال في الطبيعة البنى البلورية. والبلورات، التي غالباً ما ينبعث عنها ألوان داكنة أو صارخة. هي أشياء يبحث عنها جامعو النفائس ويقوم العلماء بدراستها.
ويرد سؤال طبيعيٌّ عما إذا كانت أشكال البلورات تفسَّر استناداً إلى أحد المبادئ التغيرية. ومن المعلوم أن شكل بلورة نامية يتعين بعدة عوامل حركية kinetic، مثل آلية نقل المواد، وتكثفها، وانتشارها diffusion، وسرعات تفاعلاتها الكيماوية. لذا فإن التوصل إلى فهم كامل لبنى سطوحها أمر صعب.
بيد أنه يظهر في حال البلورات الصغيرة، أو البلورات التي تحوي سطوحها شذوذات صغيرة، أن ميل البلورة إلى تخفيض طاقتها السطحية الحرة هو العامل الحاسم الرئيسي في تكوين شكلها. وهذا يقودنا إلى السؤال عن الشكل الذي تتخذه بلورة صغيرة ذات حجم مثبت إذا كانت طاقتها السطحية الحرة أصغرية. وهذا يعيد إلى ذاكرتنا مسألة المحيطات المتساوية في ثلاثة أبعاد التي حلها هو كرة. وفي هذه الحالة، تكون الطاقة الكامنة متناسبة مع مساحة السطح، في حين يكون الحجم مثبتاً.
ومن الواضح أن الكرة الكاملة الملاسة والتناظر مختلفة تماماً عن البنى البلورية. ومع ذلك، فعندما تكون البلورات صغيرة، فإنه يمكن تفسير أشكالها إلى حد ما بمبدأ تغيري شبيه بذاك المستخدم في مسألة تساوي المحيط، وإذ ذاك ينتج الاختلاف الكبير في البنى عن الاختلاف في الطاقات الكامنة المقابلة.
ويمكن صياغة المسألة الرياضياتية على النحو التالي: ليكن لدينا منطقة من الفضاء محدودة بمجموعة منتهية من أجزاء سطوح ملساء (تسمى مثل هذه الأجسام ملساء قطعياً piecewise smooth. ) ويوجد لكل نقطة تقريباً من هذه السطوح الملساء قطعياً مستو مماس. إن الطاقة السطحية للبنى البلورية تعتمد على الطبيعة الكيماوية للبلورة قيد الدراسة، وسنفترض أن هذه الطاقة تابعة فقط لتوجيه المستويات في الفضاء.
بعد ذلك نسأل عن البنية أو الشكل الذي يحوز، عند تثبيت الحجم، طاقة سطحية كلية أصغريةً. وفي هذا الصدد توصل عالم البلورات .G>وولف< عام 1901 إلى كشف مثير ينص على أنه لدى تحقق بعض الافتراضات المعقولة الإضافية حول الصفات الرياضياتية للطاقة السطحية، فإننا نجد ما يلي:
يوجد لكل حجم مفروض جسم محدب وحيد تتألف حدوده من وجوه مستوية، بحيث يكون لهذا السطح الحدودي طاقة أقل من طاقة السطح الحدودي لأي جسم آخر أملس قطعياً وله الحجم نفسه.
جسم أملس قطعياً (piecewise).
ترد روعة هذه المبرهنة إلى سببين: أولهما، أن ثمة عدداً غير منته من الطاقات السطحية الممكنة، ومع ذلك، فإن الشكل الأصغري الوحيد لكل منهما هو منطقة محدبة محدودة بمستويات. وثانيهما، أنه، خلافاً لمعظم مسائل الرياضيات التي يستحيل فيها العثور على حلول صريحة explicit، فإن حل مسألتنا الأصغرية، وهو المنطقة البلورية الأمثلية، يمكن أن يحدد بإجراء بسيط يسمى إنشاء وولف Wulff construction .
ويستند إنشاء وولف إلى فرضيتين اثنتين: أولاهما هي أن الطاقة السطحية لكل وحدة سطحية في كل نقطة على السطح تكون تابعة فقط لاتجاه المستوى المماس للسطح في تلك النقطة. هذا ويمكننا أن نلحق بكل مستوٍ في الفضاء "متجهاً" vector (أو سهماً) طوله 1 ويعامد المستوي، وهذا السهم يحدد توجيه المستوي في الفضاء، كما هو مبين في الجزء A في أسفل الصفحة. سنثبت الآن نقطة O من الفضاء. وبعد ذلك يمكن أن ننقل هذه الأسهم دون أن نغير اتجاه أي منها بحيث تقع بداياتها في O؛ وبهذه الطريقة يتحدد كل سهم تماماً برأسه، وعندئذ تقع مجموعة رؤوس الأسهم على كرة في الفضاء كما هو مبين في الشكل السفلي B.
يمكننا بهذه المقابلة أن نفكر بالطاقة السطحية على أنها قاعدة تزود كل نقطة x من الكرة بعدد موجب (وهو الطاقة لكل وحدة سطحية من جسم أملس قطعياً).
أما الفرضية الثانية التي يستند إليها إنشاء وولف فتنص على ما يلي:
يوجد لبلورة من النقاط المختلفة p1، p2، …،pn على الكرة ذات اتجاهات متعامدة، ومثالثة triangulation لهذه الكرة بحيث تكون هذه النقاط رؤوس المثلث الكروي. وأن القيمة E(x) لطاقة أي نقطة x داخل مثلث كروي تحقق متباينة تتعلق برؤوس المثلث الذي تقع x فيه. وبغية التبسيط، فإذا رمزنا بـ p1، p2،p3 لرؤوس هذا المثلث، فإن
X= a1pa+a2p2+a3p3
وإذا كانت x واقعة على حافة هذا المثلث، فإننا نفترض تحقق متباينة مشابهة. ولما كانت الطاقة E تسند قيماً موجبة إلى كل نقطة على الكرة، فمن الممكن التفكير في التعبير عن E كبيان graph مرسوم فوق الكرة.
ومن الممكن الحصول على هذا البيان على النحو التالي: نتحرك من كل نقطة على الكرة نحو الخارج على طول الشعاع المار بالنقطة z مسافة قدرها E(z) بدءاً من z. ومن الواضح أن رؤية مثل هذا البيان أمر صعب، لذا يمكن الحصول على مقطع عرضي يصور الشكل الذي يبدو فيه هذا البيان في بعدين، وذلك بجعله يقطع فوق الكرة مستوياً، كما هو مبين في الشكل العلوي إلى اليسار.
ويمكننا الآن مواصلة إنشاء الشكل البلوري ذي الطاقة السطحية الكلية الأصغرية. لذلك ننطلق في حال كل رأسpi على الكرة نحو الخارج انطلاقاً من مركز الكرة على طول الشعاع المار بالرأس Pi إلى أن نبلغ نقطة تبعد مسافة E(pi) عن Pi، ثم نرسم المستوي العمودي على هذا الشعاع في هذه النقطة الجديدة. عندئذ يكون الشكل الأمثل هي المجموعة المحدبة المحدودة المعينة بجميع هذه المستويات.
إن المقطع العرضي المستوي لهذا الشكل مرسوم في يسار الصفحة السابقة. بيد أن هذا الشكل قد لا يكون له الحجم المطلوب. ويمكن الحصول على الجسم البلوري الذي يحل المسألة بإعادة تنظيم هذا الشكل بحيث يحوي الحجم المطلوب. هذا ولم يكن لدى وولف برهان كامل على هذه النتيجة. وقد أثبت. H> ليبمان< عام 1914 أنه إذا كان هناك شكل توازني للبلورة، فلا بد أن يكون كثير الوجوه الذي نحصل عليه بإنشاء وولف؛ لذا فإن مسألة الوجود تركت مفتوحة مرة أخرى .
وأخيراً، أثبت. A> دينكاس< عام 1944 أن لأي شكل يختلف عن ذاك الذي نحصل عليه بإنشاء وولف، طاقةً سطحيةً كلية أكبر. وهكذا فإن الشكل الجميل المثلّم الذي نراه في الكوارتز والألماس يمكن أن يفسر، بمعنى من المعاني، بمبادئ أصغرية، مثلما نفعل في تفسير الأشكال الكروية والكروانية للكواكب والفقاقيع الصابونية وكريات الزيت.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]