المعماريون مقابل المهندسين
2014 أبجدية مهندس
هنري بيتروسكي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
المعماريون مقابل المهندسين (Architects Vs. Engineers). كانت مشاريع البناء في الزمن الغابر وغيرها من المشاريع التقنية تُدار من قِبل رئيس البنّائين الذي كان يسمّى باليونانية أركيتكتن (Architekton) أو تقانيّ القنطرة (Arch Technician)، وفي اللاتينية Architectus. ومن هذه الكلمات التقليدية اشتُّقتْ الكلمة المعاصرة "أركيتكت" وبالعربية "مهندس معماري" Architect. ومع الوقت أصبح المهندس المعماري أكثر اهتماماً بالجمال والفضاء والشكل أكثر منه بالفاعلية والوظيفة، حتى مع تطوير المواد الجديدة والآلات الأكثر تعقيداً ما بعد الثورة الصناعية. ومع القرن التاسع عشر أصبح المهندس المعماري أقل اهتماماً أو معرفة بالمبادئ الميكانيكية والبنائية التي تتعلّق بالجسور وبالآلات الضخمة، وانبثق المهندس المعاصر باعتباره المصمم الرئيس لهذه المصنوعات.
عندما أُسّست الجمعية الأميركية للمهندسين المدنيين(American Society of Civil Engineers: ASCE) عام 1852 سُميّت بالجمعية الأميركية للمهندسين المدنيين والمهندسين المعماريين(American Society of Civil Engineers and Architects: ASCEA). ولكن هذه المنظمة لم تكن نشطة في سنواتها الأولى، وفي عام 1857 أُسِّس المعهد الأميركي المنفصل للمهندسين المعماريين(Separate American Institute of Architects)، دالّاً على أنه حتى العلاقات بين المهندسين والمهندسين المعماريين لم تكن وديّة كما يجب. وفي عام 1868 أُعيد تنظيم مجموعة الهندسة وأسقطت "المهندسين المعماريين" من اسمها، لتصبح فقط الجمعية الأميركية للمهندسين المدنيين. ظهرت الأزمات بين المهندسين والمهندسين المعماريين مع مرور الزمن، وفي كثير من الأحوال مدفوعة من أحد الطرفين الذي يحاول التعدّي على ما يُرى أنه مضمار الآخر. ففي عشرينيات القرن الماضي مثلاً عارض المهندسون اقتراحَ أن يكون المهندسون المعماريون في موضع المسؤولية لتحديد مكان جسرٍ على نهر ديلاواير (Delaware River) في ولاية فيلادلفيا، وفي ما بعد تصميمه، وكذلك بعد عقد من الزمن عندما حاول المهندسون المعماريون في ولاية نيويورك منعَ المهندسين من العمل كمهندسين رئيسيين في كل شيء ما عدا مشاريع البناء الصناعي. ومثل هذه الحوادث كانت وراء تفسير قوانين التسجيل للمهندسين المعماريين والمهندسين. انظر في هذا الخصوص: Engineers of Dreams: Great Bridge Builders and the Spanning of America (New York: Knopf, 1995), pp. 201-203 .
مع وجود احتمال للالتباس والتأزّم بين المهندس المعماري والمهندس ودور كل منهما، فإن التعاون بين المهن من الواجب بالضرورة في معظم مشاريع البناء الكبيرة. والشركة التي تقدّم خدمات الهندسة والعمارة، مثل تصميم الهيكل الداعم لناطحات السحاب وليس مجرّد الفضاء الوظيفي والواجهة، تُعرف بصفة شركة معمارية هندسية AE. وهذا المصطلح أصبح سارياً أثناء الحرب العالمية الثانية للدلالة على الشركات التي تقدّم خدمات مهنية في المشاريع العسكرية الكبيرة. وتشير هذه الشركات إلى نفسها على هذا الأساس في ترويسة رسائلها. بعضها اختار تأكيد الهندسة أولاً وسمّت نفسها شركات هندسية معمارية EA، ومن بين التسميات أيضاً مهندسين – معماريين – مصمّمين (AEP)، ومهندسين – معماريين – مصممين (EAP) وتشكيلات وتراكيب من هذه وتلك وما يقابلها من أحرف تسمية.
هناك شكوى مشتركة بين المهندسين بأن المهندسين المعماريين يخطّون أوليات تصاميم لأبنية تشكّل كوابيس للمهندسين لتحقيق الهيكل الموافق وبنائه. أحد الأمثلة التقليدية على ذلك دار سيدني للأوبرا(The Sydney Opera House)؛ التي انتُقي تصميمُها بناءً على مفهوم معماري بخطوط مرسومة في مسابقة دولية. ومع أنه اليوم يمثّل أيقونةً في المدينة الأسترالية التي تحتضنه، فإن المشروع استغرق وقتاً طويلاً لتنفيذه، وتجاوز الميزانية المقدّرة، وكان سبباً في العداوة الشديدة بين المهندس المعماري (الذي استقال قبل اكتمال العمل ولم يعُد أبداً إلى سيدني) والمهندسين، وكان بحاجة ماسة إلى الصيانة قبل انقضاء فترةِ حياته المفيدة. ومثل هذه القصص المركّبة تكون في تناقض حادّ مع قصص النجاح مثل برج سيرز (Sears Tower) ومركز جون هانكوك (John Hancock Center)، وهما ناطحتا سحاب في مدينة شيكاغو(Chicago skyscrapers) شهيرتان صُمِّمتا بالتعاون بين المهندس المعماري بروس غراهام (Bruce Graham)(1925-2010) والمهندس الإنشائي فازلر خان (Fazlur Khan) (1929-1982) وكلاهما كان عضواً في شركة سكيدمور (Skidmore) وأوينغس (Owings) وميريل (Merrill) للعمارة والهندسة في شيكاغو. وللمزيد من المعلومات انظر: Engineering Architecture: The Vision of Fazlur R. Khan, Written by his Daughter, Yasmin Sabina Khan, Herself an Engineer, and Published by W. W. Norton in 2004.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]