رُهاب التكنولوجيا
2014 أبجدية مهندس
هنري بيتروسكي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
رُهاب التكنولوجيا (Technophobia). زرت يوماً مؤسسة تربوية جديدة بالنسبة لي. وبالطبع فقد كان مساري في هذه المؤسسة يتضمن الكثير من الأسماء والمواقع غير المألوفة، لذا فقد رافقني دليل ضروري لمساعدتي في التحرك من موعد إلى آخر. وعند دخولنا المبنى الإداري الفخم حيث كانت أولى مقابلاتي المبرمجة، سألني مرافقي عما إذا كنت أفضل صعود الدرج المباشر بدرجاته العديدة أو استعمال المصعد لموعدي التالي. وبلا تردد أعربت عن رغبتي ومضينا في طريق أطول باتجاه المصعد.
في مشينا إلى الزاوية الخلفية للبناء، جرت بينا محادثة قصيرة اعترفنا فيها بأن صعود الدرج مفيد صحياً وأفضل بيئياً، ولكني أوضحت أنني وصلت متأخراً في الليلة السابقة وأن يومي سيكون حافلاً. فلقد توفر لدي الاستعداد ولكن التهاب المفاصل لم يكن ليساعد على ذلك. وفي المصعد أخبرني مرافقي بأنه سعيد لأننا لسنا في بناء الهندسة الميكانيكية حيث لا يشعر بالراحة عند استعماله المصعد هناك. وفسر ذلك بأنه لم يستطع أن يعرف أبداً على نحو مؤكد ما الذي يمكن أن يكون قد فعله طلاب الهندسة والأساتذة لهذا المصعد باسم التجربة.
وعلى أساس تقديم المزيد من التوضيح، أخبرني أنه لم يشرب أبداً الماء في بناء الهندسة الكيميائية، لأنه لا يعرف أبداً ما هي المواد الكيميائية التي قد تكون قد أضيفت إلى الماء. وأستطيع أن أرى ما يمكن أن يثير القلق عما يمكن أن يحدث في مجرى مختبر، ولكن كيف يمكن أن يصل هذا إلى حنفية مياه الشرب؟ ربما أن مرافقي يخاف من أن شخصاً ما قد قام بتجربة استخدم فيها وصلات الأنابيب.
بدلاً من المخاطرة بالظهور بمظهر زائر لا يقدر مساعدته بتفنيد مخاوفه، سألت مرافقي عما إذا كان يستخدم حاسوباً في قسم علم الحاسوب، الذي كان أيضاً جزءاً من كلية الهندسة في الجامعة. وكان جوابه أنه يخشى من فتح بريده الإلكتروني من مثل هذا الحاسوب. ومع ازدياد فضولي بخصوص تفسير كل هذا الرهاب، سألته عما يتجنبه في بناء الهندسة المدنية، فأجابني بلا تردد بأن يفضل البقاء خارج هذا المبنى كله. فمن يعرف ما قد يتسلى به هؤلاء المهندسون المدنيون بكامل هيكل البناء؟
قررت أن دليلي كان يهزأ فقط ويحاول أن يكون مسلياً؛ ولكن هذه التجربة جعلتني أتساءل عن أنواع الأشياء التي يمكن أن تكون مرتبطة بشكل غير منطقي بالمهندسين والهندسة والتكنولوجيا عموماً. يُعرّف قاموس مكتبي الرهاب التقاني بأنه "الخوف من أو لا محبة التكنولوجيا والأجهزة المعقدة" وهو يؤرخ لهذا المعنى للعام 1965. ولأن هذا كان موجوداً قبل وصول الحاسوب الشخصي، لذا فإن الكلمة قد صكت رداً على المنتجات الحاسوبية لا على استخدامها المباشر. وبكلمات أخرى، فإن أصول الرهاب في عدم الألفة بالشيء لا من الشيء نفسه.
ينحو الرهاب إلى أن يكون غير عقلاني، وكذلك الأمر بالنسبة للرهاب التكنولوجي. ومن المضحك أن الرهاب التكنولوجي يمثّل خوفاً غير عقلاني من منتجات بعض التفكير الإنساني الأكثر عقلانية. لو فكّرت بذلك لربما كان عليّ أن أسأل مرافقي عما تَجنَّبه في البناء الذي يحتضن قسمه، لأنني كنت أتوقع جوابه: "لا شيء". والذي حدث، هو أنه كان يعمل في الإدارة، وخلصتُ إلى أن مخزون قصصه من الرعب التكنولوجي كان نتيجة الإصغاء للأساتذة الهازئين. مأخوذ من مقال:"Avoiding Technology," ASEE Prism, October 2010, p. 25.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]