إسلاميات

نبذة تعريفية عن “الجَنَازَة” وآدابها

1996 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السابع

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الجنازة آداب الجنازة إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة

تنطق كلمة جنازة فتح الجيم وكسرها، وتطلق على الميت، وعلى السرير أو النَّعش الذي يُحَمل عليه الميت، كما تطلق عليهما معا.

وفي الكويت نسمي المكان المخصص للصلاة على الموتى «مُصلَّى الجنائز» فكلمة الجنازة هنا تعني الميت الموضوع على سريره الذي يُحمل عليه إلى القبر.

وقد أصبحنا الآن نُدخل في مفهوم الجنازة، المشيِّعين الذي يحملون الميت إلى القبر. أو الذين يمشون خلف النعش، ولذلك صرنا نتحدث عن تنظيم «جنازة عسكرية» لدفن الشهداء مثلا.

 

ويستطيع التلميذ الذكيُّ أن يتذكر معنا أقدم جنازة عرفها التاريخ!

إنها جنازة «هابيلَ» أولِ ميت من أبناء أبينا آدم عليه السلام، الذي قتله أخوه «قابيل» بسبب الحسد.

ولما وجد قابيل أخاه هابيل جثة هامدةً بلا روح، لم يَدرِ كيف يتصرف فيها، فبعث الله غرابين يقتتلان، فلما مات أحدهما حفر له الآخر حفرة وضَعه فيها، ثم غطاه بالتراب. وهكذا فعل قابيل بجَثَّة هابيل. (اقرأ هذه القصة في سورة المائدة، الآيات 27-32).

 

وتدلنا دراسة التاريخ والآثار والديانات وعادات الشعوب على ما يأتي:

1- أن مراسم الموت، وكل ما يتعلق بالجنائز، ارتبط دائما بعقائد الشعوب ودياناتها.

2– وأن عادات الشعوب مختلفة في هذا الأمر اختلافا كبيرا، يُعبر عن اختلاف عقائدها ودياناتها.

3- وأن الإيمان بعودة الروح إلى الأموات، حياة أخرى غيرَ هذه الحياة الدنيا، هما أهم العناصر التي لونت مراسم الجنازة وتوابعها من أمة إلى أمة.

 

فقد كان قدماء المصريين يعتقدون أن الميت يأكل ويشرب وهو في قبره، ولذلك حَنَّطوا الجثث، وأوْدعوا معها كثيرا من الأثاث وأنواع الطعام.

وشيء شبيه بهذا كان يؤمن به بعض العرب قبل الإسلام، حيث كانوا بعد دفن مَّيتهم يعقلون ناقته ويَدَعُونها عند قبره.

وفي الهضبة الإيرانية كانوا يغطُّون الجثث بالتراب الأحمر، وربما أرادوا الإشارة إلى لون الدم الذي سيسري في الجسد مرة أخرى لتعود الحياة إلى ذلك الميت.

ومن أعاجيب الطرق التي تُعالَج بها الجثث حَرقُها وذَرُّها في أنهار مقدسة، كما تفعل بعض طوائف الهند. وفي الأناضول كانوا يتركون جثث موتاهم للنسور تأكلها، وما زال هذا يحدث في بعض مناطق الهند.

 

ولكم أعجب العَجًب، ذلك التقليد الغريب، الذي كان يقوم به سكان فلسطين وما جاورها، إذ كانوا يَفْصلون رأس المتوفّي عن جسده، ويضعون نموذجا من الجِص فوق الجمجمة يشبه صورة المتوفي.

وقد لوحظ وجود خطوط سوداء فوق الرأس، وربما تشير إلى القعال أو غطاء الرأس.

ومما يزيد العجب أن هذا التقليد ما زال موجودا عند بعض القبائل البدائية التي تعيش في جزر المحيط الهادي (ميلانيريا، بالقرب من جزر فيجي).

 

ومما يتعلق بالجنائز مراسم الحداد التي يُعبِّر فيها أهل الميت عن مشاعرهم وأحزانهم، كلباس ألوان معينة مثلا، وإقامة المآتم التي يَنْصُبها النساء من أهل الميت ومن له به صلة قريبة. 

وربما رُتَّلت فيها بعض الأناشيد بنواح حزين، يثير المشاعر، ويُهيِّج حُمى التعبير عن الحزن، كلَطْمِ الخدود، والضرب على الصدور، وشق الثيَاب وغير ذلك مما نهى الإسلام عنه.

وكان شائعا عند العرب، إضافة إلى ذلك أن تحلق البنت أو الزوجة شعرها، وقد أوصى لبيد بن ربيعة (وهو شاعر جاهلي أدرك الإسلام وأسلم) بنتيه إذا مات بقوله:

«فلا تَخْمِشا وجها                          ولا تحلقا شعر».

 

ولما جاء الإسلام، أبطل عادات الجاهلية والشرك، وقضى على البدع في كل ما يتعلق بالميت. وهذه بعض الآداب المذكورة في كتب السنة والفقه:

1_ في مرحلة الاحتضار، يلازم الميت أهله الأقربون، ولا يتكلمون كلاما فيه ذكر الموت حتى لا يَفزَع المحتضِر، بل يقولون كلمة التوحيد «لا إله إلا الله»، ويقرأون ما تيسر من القرآن الكريم.

2-  فإذا خرجت الروح، أغمض الحاضرون عيني الميت، وأغلقو فمه إن كان مفتوحا، (برباط يلف على الفك الأسفل ويُربط فوق الرأس).

3- ثم يُعْلٍمون الأقرباء والأصدقاء بموته، في غير تفخيم، ولا مفاخرة، ولا نياحة، فقد برئ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصَّالقَة (التي ترفع صوتها بالبكاء)، والحالقة والشاقَّة (التي تشق ثوبها دليلا على حزنها الشديد) (رواه البخاري ومسلم).

 

4-  ثم يُغسَّل الميت، ويوضع عليه الطيب.

5- ثم يكَفَّن بما يستره.

6- ثم تُشيّع الجنازة في وقار وصمت، ويمشي المشيعون خلف النعش وأمامه.

 

7- ثم يصلي الحاضرون على الميت صلاة الجنازة جماعة، وهي تكبيرات يؤديها المصلون قياما، تحتوي على قراءة القرآن والدعاء للميت بالرحمة والمغفرة.

8- من أفضل الأعمال التي تنفع الميت المبادرة إلى سداد ديونه إن كان مدينا ، قبل الصلاة عليه.

9- يُستَحبَّ لجيران الميت، والأباعد من قرابته، تهيئة طعام لأهل الميت يشبعهم ثلاثة ايام.

 

10- أمر الله بالدعاء للأموات كلما ذكروا، وخاصة في الصلوات وبعدها، وفي الحديث الصحيح أن الميت ينتفع بعد الموت بأمور ثلاثة:

– أن يترك صدقة جارية، كبناء مدرسة أو مستشفى أو سبيل ماء.

– أن يكون له آثار علمية ينتفع بها الناس.

– أن يكون له ذرية صالحة تدعو له.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى