الفيزياء

تعريف الإلكترونات وكيفية اكتشافها

1997 عجائب الضوء والمادة تجريباً وتأويلاً

KFAS

الإلكترونات الفيزياء

وبالعودة إلى موضوعنا، تذكروا أنني أريتكم في المحاضرة الأولى كيف يمكن للحادث أن يقع بعدة أساليب، وكيف يمكن ((جمع)) الأسهم المتعلقة بكل واحد من هذه الأساليب. ثم رأيتم، في المحاضرة الثانية، كيف نستطيع تقسيم كل أسلوب إلى مراحل متوالية، وكيف أمكن اعتبار السهم المتعلق.

بكل مرحلة نتيجة لتحويل نُجريه على السهم الواحدي ، وكيف نستطيع – بالتصغير والتدوير مرحلة فمرحلة –  أن ((نضرب)) الأسهم المتعلقة بكل مرحلة.

فأنتم إذن متعودون الآن على القواعد  المرعيّة في رسم الأسهم (التي تمثل حوادث بسيطة) والتعامل معها للحصول على سهم نهائي مربعه احتمال الحادث الفيزيائي المقصود.

ومن الطبيعي أن نتساءل إلى أي حد يمكن أن نستمر في عملية تحليل الحوادث إلى حوادث تحتية أكثر فأكثر بساطة. فما هي الحوادث الأكثر بساطة، الأكثر عنصرية؟

وهل هو محدود عدد هذه  الحوادث العنصرية، التي تتيح بتضافرها تشكيل كل الظواهر التي تتناول الضوء والإلكترونات؟ وبتعبير مجازي : هل يوجد في لغة الإلكتروديناميك الكمومي، عدد محدود من "حروف" تتيح بشتى تشكيلاتها صنع ((الكلمات)) و ((الجمل)) التي تصف كل الظواهر المرصودة في الطبيعة تقريباً؟.

الجواب هو نعم : هذا العدد هو ثلاث. لا يوجد سوى ثلاثة آليات أساسية لازمة لتشكيل كل الظواهر الضوئية والإلكرونية.

 

وقبل أن أعرض لكم هذه القطع الأساسية، عليَّ أن أُعرفكم بالممثلين على مسرح تلك العمليات. إنها الفوتونات والإلكترونات. لقد ناقشت بالتفصيل موضوع الفوتونات، جسيمات الضوء، في المحاضرتين الأوليين.

أما الإلكترونات فقد تم عام 1895 اكتشافها كجسيمات يمكن عدها، ويمكن وضع واحد منها على قطرة زيت وقياس شحنته الكهربائية. وشيئاً فشيئاً تبين أن حركة هذه الجسيمات هي التي تولد التيار الكهربائي في الأسلاك.

وبعد اكتشاف الإلكترونات بقليل، تخيل الناس أن الذرات تشبه منظومات شمسية صغيرة مؤلفة من جزء مركزي ثقيل (أسموه النواة) ومن إلكترونات خفيفة تدور حول النواة في ((أفلاك)) كما تدور الكواكب حول الشمس .

فإذا ظننتم أن الذرات مصنوعة هكذا،  فأنت في عام 1910  ثم تخيل لو دو بردي L.de.Broglie ، عام 1924 ، أن للإلكترونات مظهراً موجياً أيضاً، وبعد ذلك بقليل أثبت ديفيسون C.J Davisson وجرمر L.H. Germer ، من مختبرات بل Bell ، برجم بلورة نيكل بإلكترونات، أن الإلكترونات تنزو(كالأشعة السينية) وفق زوايا على هواها وأن بالإمكان حساب طول موجة الإلكترون بقانون أعطاه دوبروي.

 

عندما نفحص الفوتونات على مسار طويل – أطول من المسار المتعلق بدورة من دورات عقرب المزمان التخيلي – نستطيع أن نشرح الظواهر الملحوظة، وبشكل تقريبي جيد جداً، بقواعد مثل: ((الضوء يذهب في خط مستقيم))، لأن هناك من عدد الطرق ما يكفي ليجعل سعاتها تتعزز بالتضافر في جوار الطريق ذي الزمن الأصغري، وتتفانى في غير ذلك.

لكن عندما تكون الفسحة التي يمر عبرها الضوء ضيقة جدا (كالمرور من الثقبين في تجربة الشكل 50) فإن تلك القواعد  تصبح باطلة – نلحظ أن الضوء لا يذهب لزاماً في خط مستقيم، وأن الثقبين يولدان تداخلاً، إلخ. 

ويحدث الشيء ذاته مع الإلكترونات: فلدى فحصها في مدى كبير نرى أنها تتحرك كجسيمات، على مسارات محددة تماماً. أما في المدى الصغير، كما في الذرة مثلا، فالفسحة صغيرة لدرجة أن لا يوجد مسار رئيسي، أن لا يوجد ((فلك)).

فكل أنواع المسارات متاحة للإلكترون، ولكل مسار سعة. وهنا يصبح التداخل عظيم الأهمية جداً، ولا بد لنا من جمع الأسهم كي نتنبأ بحظوظ الأمكنة التي يمكن أن يوجد فيها الإلكترون.

 

وقد يكون من المفيد أن نلاحظ أن الإلكترونات كان لها،  في بدء اكتشافها، مظهر جسيمات، وأن المظهر الموجي لم يُكتشف إلا في وقت متأخر.

ومن جهة أخرى، إذا تجاهلنا ما كان يعتقده نيوتن، لكن لأسباب رديئة، من أن الضوء ((جسيمي))، فقد تجلى أول الأمر بسلوك موجي ولم تُكتشف خصائصه الجسيمية إلا فيما بعد.

إن الإلكترونات والضوء ينطوي سلوكها على سمات كل من الجسيمات والأمواج بعض الشئ  وللإستغناء عن اختراع اسم مركب، مثل ((جسيجة))، نستمر في تسمية هذه الأجسام ب ((جسيمات))، لكننا نعلم جميعاً أنها تخضع في سلوكها لقواعد شرحتُها لرسم الأسهم والتعامل معها.

وقد ثبت أن كل الجسيمات التي صنعتها الطبيعة  – الكواركات quarks، الغليونات gluons، النترينوات neutrinos، إلخ (التي سنتكلم عنها في المحاضرة التالية) – تتصرف بهذا الشكل الكمومي.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى