الطب

الأسباب المؤدية للإصابة بالسكري

2013 أنت والسكري

نهيد علي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الطب

هل تظن أن تناولك لكمية كبيرة من السكريات هو السبب الوحيد للسكري؟

الأمر ليس كذلك، فدراستك للأسباب الجذرية للسكري ستقودك للاستنتاج دائماً أن السكري يرتبط إلى حد بعيد بأنماط الحياة التي تعيشها، إلى جانب عوامل وراثية وعوامل بيئية.

وعليك أن تعرف في الوقت الحاضر أن هناك نمطين رئيسيين للسكري هما النمط 1 والنمط 2، وأن وراء النمط 2 عوامل محددة مثل العرق الذي تنتمي إليه، والعمر الذي وصلت إليه، والبدانة أو السمنة، والحياة التي تخلو من الحركة، والحمل (لدى السيدات)، والنظام الغذائي غير الصحي. أما في النمط 2 فإن العوامل الوراثية والبيئية تلعب دوراً هاماً.

ومع التطورات التكنولوجية وشغف الخبراء في الطب باكتساب المزيد من التعلم عن السكري، يتواصل الكشف عن المزيد من العوامل المسببة لهذا "القاتل الصامت".    

 

المحافظة على الخضرة في البيئة: الجوانب البيئية

عمل العلماء في جميع أرجاء العالم مع بعضهم البعض من أجل اكتشاف السبب الجذري للسكري من النمط 1، وذلك بتحري 220800 طفل يتمتع بالصحة لكشف أي جين لديهم قد يعرض أياً منهم لخطر الإصابة بالسكري من النمط 1، وتوقع هؤلاء العلماء أن يحصلوا على نتائج مباشرة حول 1300 طفل على أقل تقدير، وبعدها سيتواصل متابعة نصف أولئك الأطفال في المراحل العمرية التي تتلو مرحلة الطفولة، على أمل أن يقود هذا العمل الباحثين إلى اكتشاف العلاج الشافي لهذا المرض.

ويقول الدكتور جين زيونغ شي، أستاذ ومدير مركز طب الجينومات التكنولوجيا الحيوية في كلية الطب في جورجيا، في الولايات المتحدة الأمريكية، أن الهدف الحقيقي لهذه الدراسة هو التعرف على العوامل البيئية التي تقود إلى الإصابة بالسكري من النمط 1، وهو يعتقد أن فهم العوامل البيئية المسؤولة عن الإصابة بالسكري يجعل كشف العلاج الشافي له أمراً سهل جداً.

وسيراقب العلماء كل التفاصيل الجزئية في حياة الأطفال اليومية حتى يتبين لهم النظرية التي تقدم لهم الإجاباات حول إسهام العوامل البيئية في الإصابة بالسكري من النمط 1، وسيأخذون في حسبانهم كل معلومة جزئية تفصيلية تمر بها المعطيات في كل دقيقة من حياة أولئك الأطفال، مثل كمية السوائل التي يشربها الطفل، والحلويات التي يتناولها، وغيرها من الظروف.

 

أما العوامل التي كان الشك يحوم حولها فكانت تتضمن تناول الحليب الذي يحتوي على فيروسات من نوع كوكساكي Coxsakie، وفيروسات كوكساكي من الفيروسات المعوية، مما يعني أنها تصيب الأمعاء إصابة مباشرة، مما دفع العلماء للاعتقاد بأنه قد يكون له دور في السكري من النمط 1.

وهناك دراسة أخرى يتواصل القيام بها حول المحددات البيئية للسكري لدى الشباب، وهو مشروع يشارك فيه 4 ولايات هي واشنطن وجورجيا وفلوريدا وكولورادو، إلى جانب 3 بلدان أخرى هي فنلندا والسويد وألمانيا، للتعرف على تلك المحددات.

وفي هذه الدراسة تسجل الأسر العلامات الحيوية للطفل المصاب بالسكري ووزنه ونبضه وضغط الدم لديه، ويسجلون الوقت الذي بدأ الطفل يشعر به بالمرض، والأدوية التي يستخدمها، وزيارته إلى مراكز تقديم الرعاية الصحية، وغير ذلك من البيانات.

ويرى الدكتور شي She أن السكري من النمط 1 يبدأ لدى الطفل وهو في رحم أمه، إلا أن هذه النظرية لاتزال حتى الآن بدون إثبات، ويدرس القائمون على إدارة المشروع الأطفال المشمولين في الدراسة كل ثلاثة شهور خلال السنوات الأربع الأولى، ثم كل ستة أشهر بعد ذلك حتى يصل الأطفال عمر الخامسة عشر، ولا يعني قصر اهتمام الباحثين على السنوات الخمس عشرة الأولى من عمر الطفل أن السنوات التي تتلو هذا العمر أقل أهمية.

فالجهاز المناعي يتطور في السنوات القليلة من العمر، ولكن تطوره يتواصل طيلة الحياة، فلا تقتصر أهمية الأمر على معرفة الحالة الصحية للطفل، بل تتعداها إلى معرفتها خلال فترة النضج إلى بالغ كهل، لأن تلك المعرفة تساعدنا في التعرف على الظروف التي نتوقع حدوثها لدى المصابين بالسكري من النمط 1 في الأوقات المتأخرة من حياتهم.

 

وقد يكون لنقص معدن الزنك في الجملة الدورانية دور في التهيئة لبعض الأمراض مثل السكري والسرطان ومرض ألزهايمر. فنقص الزنك في الدم قد يؤدي إلى اختلال الأداء لبعض وظائف الأعضاء الحيوية مثل الرؤية والتذوق والذاكرة.

وقد يصاحب نقص الزنك في الدم المرض الكلوي المزمن، والسكري وغيره من الأمراض المزمنة، وفي المراكز الطبية المتقدمة يستخدم الأطباء مستقبلات للإحساس يما يصدر عن الجسم أثناء التصوير الطبي والحيوي للتعرف على مستويات الزنك في الجسم.

ويعتقد بعض الأطباء أيضاً أن نقص الفيتامين "د" والكالسيوم من العوامل التي يمكنها أن تسبب بدء ظهور بعض الأمراض مثل السكري والتصلب المتعدد والأورام الخبيثة (في القولون وفي الثدي وفي البروستاتة)، إلى جانب الاضطرابات المناعية الذاتية والالتهابية المزمنة.

 

نحن على ما نحن عليه: السمات الوراثية للسكري

كان الأطباء يعتقدون منذ فترة قريبة أن هناك بعض الجينات التي يمكنها أن تسبب السكري، ثم أثبت الطب صحة هذه النظرية، فقد اكتشف الباحثون أن الجين HLA II الذي يحتل موقعه على الصبغي 6p21  من العوامل التي تسبب السكري من النمط 1 والمرض البطني.

وقد نشر الباحثون أكبر دراسة وراثية لتوضيح أربع مناطق على الجينات التي ترافق السكري من النمط 1، وثلاث جينات جديدة معروفة بالاسم ترتبط بمرض كرون.

وأشار الباحثون إلى اكتشافهم الجين الذي يربط بين السكري من النمط 1 ومرض كرون (Crohn’s Disease).

ويعتقد الخبراء أن هناك عاملين لهما علاقة بكل من السكري من النمط 1 والسكري من النمط 2، وينبغي أن يأخذهما الأطباء على محمل الجد، أولهما احتمال أن يكون هناك استعداد طبيعي للإصابة بالسكري، وثانيهما أن يكون هناك شيء ما في البيئة لا بد من أن يساهم في إعطاء إشارة البدء لظهور السكري.

ورغم أن وجود الجينات لايكفي لإحداث السكري، فإنها تلعب بالفعل الدور الأكبر في إحداثه. فدعنا ننظر بتعمق في الأسباب الوراثية للسكري من النمط 1 والسكري من النمط 2.

 

السكري من النمط 1

عند القول بتطور السكري ضمن إطار وراثي كامل لابد أن يكون كلا الوالدين مصابين بالسكري. فالسكري من النمط 1 أكثر انتشاراً بين القوقازيين مما لدى الأعراق الأخرى، فوفقاً للجمعية الأمريكية للسكري فإن المصاب بالسكري من النمط 1 لدى أطفاله احتمال أن يصابوا بالسكري من النمط 1 يصل إلى 1 من 17.

أما إذا كانت المصابة بالسكري أنثى فإن هذا الاحتمال يصل إلى 1 من 25. وإذا وضعت مولودها بعد سن 25 فإن هذا الاحتمال يصل إلى 1 من 100. كما أن الإصابة بالسكري قبل سن 11 عاماً يزيد من احتمال أن يصاب الأطفل بالسكري.

ويقدر أن احتمال إصابة السكريين من النمط 1 بمرض مرافق يصل إلى 1 من 7 بالنسبة للحالات التالية: المتلازمة المناعية الذاتية لغدد متعددة من النمط 2، أمراض الغدة الدرقية، واختلال وظائف الغدة الكظرية (فوق الكلوية)، وغيرها من الاضطرابات المناعية. إذ يزيد وجود هذه الحالات من احتمال إصابة أطفال المصابين بها بالسكري لتصل إلى 1 من 2، وهو ما يعني احتمال خمسين بالمئة.

ويبحث العلماء باستمرار عن نظام يمكنه أن يقدم لهم المساعدة في التنبؤ باحتمال الإصابة بالسكري. فعلى سبيل المثال فإن لدى ذوي البشرة البيضاء جينات خاصة بمستضدات (مولدات الأضداد) خلايا الدم البيضاء البشرية HLA-DR3 والمستضدات هي مواد أجنبية تتواسط المرض الذي يحدث لدى الذين تجرى لهم زراعة الأعراض (مرض الطعم مقابل المضيف)، فإذا كان لديك أو لدى طفلك هذه الجينات أو كنت قوقازياً، فستكون معرضاً لمخاطر أكبر.

أما بالنسبة للمنحدرين من الأعراق الأخرى فإن الأمر لا يحظى برواج أكثر في الطب، وقد يكون من المفيد أن يقضي الخبراء وقتاً أطول في في إعداد أدوات البحث حول هذا الموضوع، فالأمريكيون المنحدرون من أصول أفريقية لديهم الجين   HLA-DR7 أما اليابانيون فلديهم الجين HLA-DR9 .

 

والمناخ البارد أحد العوامل الأخرى التي يدرسها الباحثون باعتبارها من أسباب السكري من النمط 1. إذ يعتقد الباحثون أن السكري من النمط 1 يسبب في الشتاء قدراً من التلف أكثر مما يسببه أثتاء الصيف، وأن معدل نكسه في البلاد التي يسود فيها مناخ بارد أكبر مما هو عليه في البلاد التي يسود فيها مناخ دافئ.

وقد كانت الفيروسات من الأهداف التي توجهت إليها جهود الباحثين الذين وضعوا نظرية مفادها أن بعض الفيروسات التي تؤثر تأثيراً طفيفاً على صحة بعض الناس قد تقود إلى الإصابة بالسكري من النمط 1 لدى غيرهم.

وقد تساهم طريقة تربية الطفل وتغذيته إلى حد ما في حدوث السكري، فقد اكتشف العلماء أن الأطفال الذين رضعوا من ثدي أمهاتهم رضاعة طبيعية يواجهون خطر الإصابة بالسكري في مرحلة لاحقة من أعمارهم أقل مما يواجهه غيرهم من الأطفال الذين لم يرضعوا رضاعة طبيعية من الثدي. وبالمقابل فإن الأطفال الذين يتغذون على مستحضرات الحليب أو على الأغذية الصلبة يصابون أكثر من غيرهم بالسكري.

ثم إن احتمال وجود المستضدات الذاتية (وهي مواد من جسم الإنسان يتعرف عليها الجسم خطأً على أنها مواد غريبة عنه فيصنع أضداداً لها) لدى السكريين أكبر مما لدى غيرهم، حتى في المراحل الباكرة من إصابتهم بالسكري، لذا فإن مجرد وجودها لدى أي فرد يزيد من احتمال إصابته بالسكري في مرحلة لاحقة من حياته.   

 

السكري من النمط 2

في السكري من النمط 2 هناك إسهامات وراثية أكبر ولكن هناك دراسات كبيرة حول العوامل البيئية.

وما أن يظهر السكري من النمط 2 على الإنسان حتى يمرره إلى من بعده من ذريته بسهولة، ويتعرض السكان في الغرب لمخاطر أكبر مما يتعرض لها غيرهم بسبب تناولهم الطعام الذي يحتوي على كميات كبيرة من الدهن وكميات قليلة من الألياف.

ولما كان سكان الغرب يعتمدون اعتماداً كبيراً على الابتكارات التكنولوجية التي تقلل من فرص التحرك فإن قلة ممارسة الرياضة تساهم مساهمة كبيرة في حدوث السكري في فترة لاحقة من العمر، وفي الولايات المتحد يتعرض المنحدرون من الأعراق التالية إلى خطر الإصابة بالسكري من النمط 2 أكثر مما يتعرض له غيرهم: الأمريكيون المنحدرون من الأصل المكسيكي، الهنود من بنما، والأمريكيون من أصل أفريقي.

ومن نافلة القول أن من يعتاد الممارسات المقابلة لعوامل الخطر المذكورة سابقاً (مثل تناول الطعام الغني بالدهن والقليل الألياف، وقلة ممارسة الرياضة) ونقصد بها تناول الطعام القليل الدهن والكثير الألياف وممارسة الرياضة، يقل لديه التعرض للسكري من النمط 2، حتى لو كان لديه قصة أو سوابق عائلية للإصابة بالسكري، والبدانة أو السمنة هي أيضاً من الاسباب الرئيسية للسكري، فإذا تذكرت التبدلات الفيزيولوجية المرضية للسكري، فستجد أن الدهون ستتفكك فتنتج في نهاية المطاف المركبات الكيتونية، مما يسبب حدوث الحُماض الكيتوني، فزيادة الوزن لاتأتي عادة بالخير، فقد تسبب الاختلال في وظيفة البنكرياس والأعضاء الأخرى بوتيرة أسرع مما تظن.

 

إن السكري من النمط 1 يشبه السكري من النمط 2 في احتمال أن يكون وراثي المنشأ، فإذا أصابك السكري قبل أن تبلغ سن الخمسين فإن احتمال أن يصاب أطفالك بالسكري 1 من 7، أما إذا كنت قد تجاوزت الخمسين عند ظهور السكري لديك فإن احتمال إصابة أطفالك بالسكري 1 من 20.

ويشير الخبراء إلى أن الأم المصابة بالسكري يكون احتمال إصابة طفلها بالسكري أكثر بكثير من غيره، كما أن السكري قد يؤثر على الجنين في جميع مراحل حياته داخل رحم أمه، ففي المراحل الأولى للحمل، قد يؤدي السكري لدى الأم إلى إصابة الجنين بالعيوب الخلقية في الأعضاء الرئيسية، مثل الدماغ والقلب

وقد يؤدي إلى إسقاط الجنين. أما إذا كان الوالدان (الأم والأب) مصابين بالسكري من النمط 2، فإن خطر إصابة أطفالهما السكري يصل إلى 1 من 2، ثم إن الأطفال المنحدرين من والدين مصابين بدرجات متفاوتة الشدة من السكري معرضون لعوامل خطر متفاوتة الشدة.

أما عندما يصاب الشبان بالسكري الذي يبدأ عادة لدى البالغين فإن الخطر يصل إلى خمسين بالمئة.  

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى