• عوالم المشتري

    السلام عليكم .. في الحلقة الماضية شرعنا في الحديث عن المشتري .. اضخم كواكب المجموعة الشمسية على الاطلاق .. و تعرفنا على اهم الصفات و الخصائص التي يتميز بها من طبيعة تشكله الغازية و من مجال مغناطيسي رهيب مشكلا الشفق القطبي و الميزر و الكثير من التفصيل في ما يخص ذلك الكوكب .. و لكن غفلنا و بشكل متعمد الحديث عن خصوصية تعد الاميز بين كل الخصائص.. وقبل ان الدخول في صلب الموضوع .. طلب بسيط قفط .. احب ان اذكركم بالاشتراك في القناة في البودكاست ابلكيشن بالاتونز والتعليق هناك على المحتوى و تقييمه او في الساوند كلاود او أي منصة تفضلون الاستماع للبودكاست فيها .. فهذا مهم جدا لدعم البودكاست و للتحسين من جودة المحتوى..  .. اما عن الميزة التي تخص المشتري و موضوع حلقة اليوم  فهي الأقمار التي تدور في فلكه .. ولشدة تميزها قررت ان اخصص حلقة خاصة منفردة تشرح كل ما يخص هذه الأقمار .. و بالتأكيد لن يكون الحديث عن ال 79  قمر للمشتري بل عن العوالم الاضخم .. ولكن سنتعرف كيف عرفنا أساسا عن وجود هذه العوالم قبل 400 سنة من اليوم و من صاحب الفضل لهذه الاستكشافات.. و جل الحديث سيكون حول غرائب هذه العوالم التي تسبح حول المشتري والتي كشف العلم فيها عن مفاجآت لم نكن نحلم بها من قبل.

    أقمار المشتري كشف عنها الغطاء و علمنا بوجودها قبل ٤٠٠ سنة من اليوم بالتحديد في العام ١٦١٠ .. و كان ذلك متزامنا مع ظهور التلسكوب بتلك الفترة .. و كان جاللاليو من العلماء الذين اشتهروا باستخدام التلسكوب .. ولكن في البدايات لم يكن الغرض منه رصد و معاينة الاجرام السماوية فقط .. بل استخدم التلسكوب لحماية بيزا  الإيطالية عن طريق الرقابة في البحر لرصد الأعداء القادمين اليهم من مسافات بعيدة ليتم اخد الاحتياطات اللازمة .. وفي احد الأيام قرر جاللاليو  .. ان يشيح بنظره الى السماء مستخدما التلسكوب للتعرف على تفاصيل القمر و كتابة ملاحظته و تفيند الافتراضات اليونانية القديمة من وجود بحار على سطحه و بعد ذلك اكمل بحثة في السماء عندما نظر الى المتشري .. ليرى بجانبه ٣ من النقاط المضيئة مصفوفة بجانب بعض و على انتظام مع منتصف المشتري .. ذهل من هذا الحدث فهي اول مره في التاريخ يتم فيها رصد اجرام تدور حول جرم غير الشمس .. كرر رصده بعد أسبوع ليرصد نقطة جديدة .. و يكون المجموع ٤ أقمار مضيئة تدور حول كوكب المشتري اللامع في حركة و جمال رهيبين .. ولذلك سميت هذه الأقمار باقمار جاليليو .. و لكن هل فعلا كان هو اول من نظر الى الأقمار .. عند دراسة التاريخ يمككنا القول انه لا يمكن الجزم بذلك تماما .. فالتلسكوب كان في بداية انتشاره و في متناول بعض الفلكيين .. فربما سبقه اليهم احد قبله .. فهناك ادعاء من فكلي الماني يدعى سايمون ماريوس في تلك الفترة .. بانه سبق جالاليو باكتشاف الأقمار الأربعة .. ربما يكون كلامه هو او غيره صحيح .. ولكن الأكيد و المهم بان جالاليو هو الوحيد الذي دون وثق هذه الملاحظات و نشرها في اماكنها الصحيحة لتدون و تخلد باسمه اليوم .. أقمار جالاليو .. على أي حال .. بعد هذا الاكتشاف  .. انتظرنا  ٢٨٧ عام أي الى العام 1892 لاكتشاف القمر الخامس الذي سمي ب الماثيو .. و ربما يرجع السبب في المدة الطويلة لاكتشاف قمر خامس يدور حول المشتري الى صغر حجم  هذا القمر و القصور في المعدات الرصدية لمثل هذه الاحجام .. و تلا ذلك..  الاستكشافات في بداية القرن الماضي حيث تم الكشف عن وجود اربع أقمار بين الاعوام 1904 الى العام 1940 .. ومن ذلك الوقت الى السبعينات تم اكتشاف العديد من الأقمار و في السبعينات اكتشف مجموعة أقمار اكثر كذلك .. وحينها وصل عدد الأقمار المكتشفة والتي تدور حول المشتري الى 60 قمر تقريبا .. حين ظن العلماء بان ذلك العدد هو الحد الأقصى للاقمار هناك ..  اما اليوم ونحن في العام ٢٠١٩ .. فقد وصلنا الى اكتشاف ٧٩ قمر يدورون حول المشتري .

    كوكب المشتري كسب كل هذه الأقمار التي تدور حوله اليوم بفضل الجاذبية العظيمة التي يتمتع بها .. و لكن هذه الأقمار ليست دائمة .. فكثير منها سوف يكون مصيره الابتلاع و الضياع داخل المشتري .. فاي قمر يدور في مدار قريب جدا من المشتري  .. مثل القمر الماثيا .. سوف يبتلع للداخل .. فاي قمر يدور بسرعة حول المشتري اكبر من سرعة دوران المشتري حول نفسه.. ستكون محصلة هذه السرعات اقتراب القمر اكثر من المشتري و الدخول الى داخله. و لكن هذه العملية تتطلب وقتا يقدر بملايين السنين..

    معرفتنا العلمية بخصائص هذه الأقمار يآتي غالبا من المركبات الفضائية التي تمر بجانبها مثل المركبتين بيونير١&٢  و مركبتين الفويجر و كذلك نيوهوريزن عندما مرت بجانب المشتري .. و ذلك لا يعني بعدم القدرة على الحصول على معلومات من المراصد الأرضية .. ولكن اكثر التفصيل العلمي الذي لدينا لهذه الأقمار هو عن طريق المركبات و اهمها المركبة جالاليو التي ظلت في التسعينات هناك الى عام ٢٠٠٣ تدرس المشتري و اقماره .. و في أيامنا هذه لابد و انه المركبة جونو لها نصيب من هذه الاكتشافات ..فجميع هذه المركبات ترسل صور قريبة و دقيقة جدا لهذه الأقمار تسهل من عملية تحليلها و دراستها و الخروج باستنتاجات حول طبيعة العوالم هناك .. و لذلك يآمل و يعمل الكثير من العلماء للدفع نحو ارسال مركبات خصيصا لاقمار المشتري لتحط وتنزل على اسطحها و تدرسها بعمق اكثر لما لها من مميزات خاصه تجعلها في طبقة مشوقة للاستكشاف اكثر من باقي اجرام المجموعة الشمسية كما سنرى بعد قليل.

    لنبدآ الان الكلام عن الأقمار الأربعة .. و لنبدا مع حركتهم .. فكل من هذه الأقمار يدور في فلك منفصل عن الاخر حول المشتري .. أي انهم ليسوا في مدار واحد و يدورون تباعا خلف بعض .. و و مثال على ذلك دوران الكواكب حول الشمس.. فكل كوكب له مدار و هنى كل قمر له مدار  .. او تخيل مضمار الجري في الألعاب الأولمبية كيف هو مقسم الى عدة مضامير  .. فاذا كان كوكب المشتري هو منتصف الملعب .. فان اول مضمار يكون للقمر ايو و المضمار الثاني يكون للقمر يوروبا و يليه  قانيميد و كلهم بالقرب من بعض..  وبعيدا قليلا في المضمار الأخير يقع القمر كاليستو ….. و فيما بين الأقمار الثلاثة الأولى قربا من المشتري..  هناك نوع من التزامن بالحركة فيما بينهم .. فاذا كان جانيميد  اكمل دورة واحدة حول المشتري .. يكون القمر يوروبا اتمم دورتين حول المشتري و القمر ايو اكمل ٤ دورات  .. و في اثناء حركتهم فانهم يمرون من بجانب بعض بقرب شديد .. لدرجة ان القمر أيو و يوروبا تفصل بينهم ثلثين المسافة بين الأرض و القمر فقط .. فيمارسون على بعض قوى جاذبية لها اثرها مثل ما سنرى بعد قليل.

    فبسبب موقع ايو القريب جدا من المشتري ووجود الأقمار الأخرى في افلاك مجاورة .. يوجد هناك نوع من الضغط يمارس عليه .. و هذا الضغط يآتي و يذهب على حسب موقع القمر .. فيكون هناك نوع من القوى مشابه  للقوى التي تحدث ظاهرة المد و الجزر على هذا القمر ايو .. في الأرض تحدث لنا مثل هذه الظاهرة بسبب حركة القمر و لكن القمر ايو اصغر بالحجم و القوى التي تمارس عليه اقوى  فتكون النتيجة هي  انكماش و تمدد القمر ايو باكمله ..  و يحصل هذا على مستوى ١٠٠ متر تقريبا…. كانه القمر ينثني او يتفلطح بالأحرى .. تخيل ينكمش و يتمدد لمسافة ١٠٠ متر في كل مرة يدور حول المشتري .. هذه الظاهرة العنيفة .. تسبب احتكاك الطبقات في القمر و صهر اللب .. و تكون نتيجة ذلك حدوث براكين ضخمة جدا .. وفي اقرب فرصة تُسمح لهذه المواد المصهورة بالخروج من جوف القمر.. سوف تخرج بعنف .. مكونه براكين اعتى و اقوى من براكين الأرض بكثير جدا جدا ..   لدرجة انه تطاير المواد يقذف في أجواء القمر و يخرج من الغلاف هناك ليحتك مع الغلاف المغناطيسي للمشتري و تكون في بعض الأحيان كمية المقذوفات تقدر ب بالاف الكيلوجرامات .. و بالمناسبة تم التنبآ بهذه البراكين نظريا قبل تصويرها عن طريق فهم تآثير محصلة قوى الجذب التي يمارسها كل جسم على الاخر..  و أتت التقنية لاحقا لتلقط هذا الحدث الفريد من نوعه .. فتخيل بركان يصل رماده الى الفضاء .. كيف فكيف يمكن ان تكون الحياة هناك..

    فاذا حدث ووقفت على سطح القمر ايو .. فسكيون الوضع اشبه بالجحيم او بمعنى بيئة لا رحمة ولا نجاة منها ابدا .. فالكبريت منتشر في كل مكان و سيحرق أي شي يمسه .. و كتل اللافا منتشرة في كل مكان  و تقذف باستمرار عن طريق البراكين الضخمة .. فليس ذلك و حسب بل اذا فكرت بالمرور من فوق القمر عليك بالحذر الشديد.. فاذا كنت على علو ٤٠٠ او ٥٠٠ كيلومتر فوق سطح ايو .. ستصيبك ألهبة و مقذوفات البراكين من باطنه .. و زيادة على هذه البيئة الموحشة .. فان القمر ايو يدخل و يخرج من المجال المغناطيسي للمشتري في اثناء دورانه حوله .. و في كل مره يدخل تتضرر أجواء القمر من ذلك كثيرا بتسارع الذرات مما يسبب اشعاع يجعل الأجواء مميته تماما لاي حياة تقترب من ذلك المكان الموحش ..

    اذا ابتعدنا عن القمر ايو.. تصبح الأجواء اقل حده بكثير و سنصل الى القمر الثاني من حيث القرب للمشتري .. و هو القمر يوروبا .. و هو بالمناسبة واحد من اجمل الأقمار والذي يعقد عليه كثير من هواة الفلك و العلماء الامل للعثور على نوع من أنواع الحياة في داخل مجموعتنا الشمسية .. و مع الشرح الان يتبين السبب و راء ذلك .. يوروبا من اكثر اجرام المجموعة الشمسية كروية .. فهو كروي وناعم  بشكل كبيير جدا و تقريبا لا توجد ملامح مميزة على سطحه من مرتفعات و منخفضات  ولا توجد فيه الحفر .. فالطبقة الخارجية عبارة عن غطاء من طبقة ثلجية بعمق ٥ الى ١٠ كيلومترات تقريبا و هذه المعلومه تم تآكيدها من المركبة جاليليو التي حللت الطيف المرئي لمواد السطح ووُجدت متطابقة تماما مع تركيب الثلج  .. و الميزة الأخرى و الواضحة للقمر يوروبا هي الخطوط و التشققات التي يصل عرض بعضها ٢٠ الى ٤٠ كيلو متر .. قم ببحث صغير الان وانت تستمع للبودكاست عن صورة القمر يوروبا لتفهم المقصد من التشققات..  الا اذا كنت تقود السيارة فلا انصحك بذلك الان يمكنك عمل ذلك لاحقا  .. فالقمر يوروبا مليييئ جدا بالتشققات الناتجة من تجمد المياه و عملية التمدد في طبقات الثلج  .. اما اللون الادعم لهذه التشققات فهو ناتج من المواد المتجمدة  و القادمة من باطن يوروبا و صعدت اثناء عملية التسخين التي سابينها بعد قليل ..  او من خلال المواد الصخرية القادمة من الفضاء و اصطدمت قديما في القمر .. و هذه التشققات من الأمور الرئيسية التي يحللها العلماء و يستدلون بها لدراسة القمر.. ففي حالة المريخ مثلا يستدل العلماء في دراسة الخصائص من خلال دراسة المرتفعات و الاودية و الحفر من ضربات الشهب و الافا التي سالت و تجمدت نتيجة من هذه الضربات .. ولكن في حالة القمر يوروبا  لخلوه من كل هذه الصفات و التضاريس .. فيكون استدلال العلماء ناشئ من دراسة التشققات على سطحه..   ..  و يظن العلماء حتى اليوم ( واقول بين قوسين هنى الكلام الجميل و هنى ترتفع الامال و التطلعات)  فيظن العلماء .. بان تحت هذه الطبقة الثلجية يقبع ١٠٠ كيلومتر من مياه المحيطات و هي ناتجة من ذوبان الثلج في القمر بسبب النشاط الجيولجي في باطن القمر .. فيعمل على تسخين الثلج و يذيبه الى مياه بينما تبقى الطبقة الخارجية مجمدة و مغلفة كل المحيطات في اسفلها .. ولكن ما هو المحرك لهذا النشاط الجيولوجي .. .. نرجع مرة أخرى لقوى الجذب التبادلية بين كوكب المشتري و القمر .. فكما يحدث مع أيو و تكون نتيجته براكين عنيفة .. فتآثير ذلك على القمر يوروبا بان جعل جوف القمر يتزحزح  بدرجة كافية لاطلاق حرارة من باطن القمر لتسخين الثلج و ذوبانه .. و ذلك لانه القمر يوروبا ابعد عن المشتري من القمر ايو  .. اما الطبقات العليا فقد تجمدت لانها مكشوفة للغلاف الخارجي والفضاء فيبقى القمر محكم و مغلق مداخله للبحار و المحيطات في باطنه بطبقة جليدية من كل مكان..

    السؤال المهم حول محيطات يوروبا .. كيف للعلماء ان يتاكدوا من صحة فرضية ذوبان الثلج تحت الطبقة الخارجية .. الجواب و كالعادة بالنسبة لتفاصيل المشتري و اقماره تحمله لنا المركبة جاليلو.. فالمركبة جاللاليو .. قاست المجال المغناطيسي ليوروبا و أعطت دليل على وجود كميات كبيرة من المياه المالحة تحت الثلج .. ولكن كيف ذلك .. الاستدلال هنا ممتع و ذكي .. يوروبا يدور حول المشتري و يدخل و يخرج في مجاله المغناطيسي مثل حالة القمر ايو .. و في اثناء دخوله المجال المغناطيسي يسري تيار كهربائي في الطبقات الداخلية الصلبة للقمر و هذه التيارات تولد مجال مغناطيسي للقمر نفسه .. كميات صغيرة و لكن يمكن قياسها .. و لكن قوة هذا المجال غير ثابته لا في الشدة ولا في الاتجاه و يتغير خلال ساعات بسيطة.. مما ينذر بوجود حركة سوائل تآثر على المجال .. و هذا السائل لابد ان يكون هو الاخر موصل للتيار الكهربائي لكي ينقل الموجات الكهرومغناطيسية التي التقطتها المركبة .. فيكون افضل مرشح لهذه المواصفات .. الماء المالح ..

    اذا قلنا هناك ماء في كوكب ما او في أي جرم .. فعادة ما يرتبط ذلك بالبحث عن الحياة .. الان و ان كانت حياة ميكروبية او متطورة بشكل اكثر من الميكروبية .. فان ثبت ذلك سيكون له وقعه بكثر من الفسلفات و الاطروحات و لنظرتنا نحن كبشر لموقعنا في هذا الكون .. ولكن حتى يتم اثبات ذلك  فكل الكلام عن حياة في يوروبا يبقى تحت عنوان الخيال او الخيال العلمي ..

    نصل الان في رحلتنه الاستكشافية .. الى اكبر أقمار المجموعة الشمسية .. جينيمد بل لا يكفي ان نقول اكبر الأقمار في المجموعة فذلك لا يبين حجمه الحقيقي.. جينيميد  اكبر من كوكب عطارد فقطره يعادل ٥٢٦٠ كيلومتر  … بل ان بعض الدراسات تشير لو انه لم يكن احد أقمار المشتري وكان منفصل.. لكان كوكب لحاله .. و بما ان ذكرنا الحجم .. دعني أوضح معلومة كانت منتشرة سابقا حول اكبر الأقمار .. فقد كان يظن العلماء بان القمر تايتان و هو احد أقمار كوكب زحل بانه اكبر أقمار المجموعة الشمسية على الاطلاق .. ولكن بعد رحلة المركبة فويجر و مرورها بالقمر اتضح بانه غلافة الجوي يضيف طبقة ضبابية ثخينة و بعد ازالتها يصغر حجم القمر كثيرا .. و بالتالي يكون قانيميد هو اكبر أقمار المجموعة الشمسية .. و على عكس يوروبا ناعم السطح بدون حفر .. فان قانيميد شبيه بقمر الأرض ملييئ بالحفر .. ولديه تركيبه جيولجيه مميزه .. فيه من التركيب الثلجي الشيء و الصخور و من الممكن وجود المياه في طبقاته السفلية .. ولديه تفاوت في نسب الإضاءة على سطحه .. وكان فيه نشاط بركاني قديما يمكن ان نلاحظه من حمم اللافا المتجمدة ..  و هو مكون بشكل كبير من الصخور .. و اذا رأيت صورته ستكتشف وكانه مكون من جزئين مختلفين من الآسطح .. الجزء الداكن محفور بشدة من شدة الاصطدامات و هذا مؤشر على قدم هذا السطح اما الجزء الفاتح من السطح فنرى فيه حفر اقل .. وذلك لحداثته و قلت الارتطامات فيه .. و بهذه الصفة يكون قانيميد مشابه جدا للقمر عندنا في الأرض..  ولأنه في طبقه من الثلج تغطي الصخور فالاضاءة في هذا الجانب شديدة جدا و تكون عاكسة اكثر من تربة القمر عندنا في الارضة .. قانيميد لديه صفة مميزة كشفت عنها المركبة فويجر عند مرورها بجانبه .. فقد صوررت  المركبة سطح القمر و كشفت عن الاخاديد التي تمتد الى مئات الكيلومترات من العمق في الجزء الفاتح من السطح .. وكشفت كذلك  وعن وجود طبقات ثلجية في بعض من هذه الاخاديد  ..و هذا قد أعطـي مؤشر للعلماء عن إمكانية وجود مياه أيضا محصورة بين الطبقات ومن الممكن ان تكون من المياه المالحة كما الحال في يوروبا و يوجد مجال مغناطيسي ممكن ان يكون منقول عن طريق هذه المياه .. وكل ذلك يشير الى انه الكوكب كان دافئ في ما مضى من الزمن و كان اكثر نشاطا ..  .. و لزيادة المعلومات عن القمر قانيميد .. فعلينا ان ننتظر ما ستكشفه الرحلة جونو في قادم الأيام و السنين او يمكن ان يضطر البشر الى ارسال مسابير او مركبات تنزل على سطح القمر للبحث اكثر في خصائص الفريدة..

    و من هنى انتقل الى اخر عالم صخري كبير يدور حول المشتري الا و هو القمر كاليستو.. و هو  عالم صخري و ثلجي كبير جدا و هو في نفس حجم عطارد ولكن لا يشبهه من حيث الصفات .. فعندما تعاين سطحه تحس كان القمر فيه الجدري ..  من شدة الحفر الكثيرة التي تملئ السطح ..  فهو ملطخ بالبقع لدرجة كبيرة جدا …. و هي من سماته المميزة .. هذه الحفر عادة ما تكون موجودة في الكواكب و الأقمار بسبب الاصطدامات مع الاجسام الخارجية .. ولكن ما زاد الموضوع تميز و غرابة هو ارتداد الصخور على شكل موجي حول الحفرة..  و احد اشهر الحفر التي تمثل هذه الظاهرة تسمى فاهالا .. ففي هذه الحفرة ..  الموجات التي تحيط فيها .. كانها حدثت نتيجة لقذفك صخرة في الماء و تكون الدواءر الموجية حول مكان السقوط. و الجميل في هذه الحفر .. هي انه عند الحواف او الأطراف يوجد الثلج المتطاير من الأجزاء السفلية للسطح و الذي ظهر بعد الاصطدامات القادمة من الخارج ..  و لذلك انصح و بشدة النظر الى صورة هذا القمر لما له من تفصيل جميل للسطح و كل أقمار جالاليو الأربع كذلك .. اما عن باطن كاليستو ..  ظن العلماء في البداية بانه من السهل تحليل  القمر.. فهو شبه ميت و لا يحتوي على أي نشاط .. و يستدلون بذلك من خلال دراسته سطحه .. فيبدو من صور الأقمار الصناعية بان السطح مكون من طبقة أساسية واحدة و لم تستبدل او تغطى بطبقات تنشآ من البراكين .. بل يكتفى بالحفر الناشئة من الاصطدامات.. و لكن بامعان النظر في احجام الحفر .. فجل ما نرصده حفر كثيره و باقطار كبيره جدا ولكن لا وجود للحفر الصغيره .. مما يعني انها ممكن ان تكون تآكلت او نحتت .. ولكن كيفيفية حدوث ذلك غير معلومه الى اليوم .. و خاصية محيرة أخرى في سطح كاليستو .. وجود غبارية مادة داكنة تغطي كامل السطح و تجعله اقل لمعان من الأقمار الأخرى .. و هي الخاصية التي لم يجد لها العلماء تفسير حتى الان ..

    و مع نهاية اوصاف القمر كاليستو .. أكون انتهيت من شرح اهم العوالم و الافلاك التي تدور حول المشتري .. و في نفس الوقت تنتهي محطة وقوفنا عند  كوكب المشتري و اقماره .. لا تنسون الاشتراك في القناة و تقييم الحلقة و التعليق ان امكن في ابلكيشن البودكاست او غيره من البرامج التي تستمعون فيها للبودكاست .. و في الحلقة القادمة  نكمل رحلة الاستكشاف منطلقين نحو كوكب زحل لنفصل و نسكتشف مزاياه وجماله  فهو الاخر من اجمل كواكب المجموعة الشمسية..  .. فحتى ذلك الحين .. كونوا بخير .. الى اللقاء

  • افتتاح معرض سيرن في الكويت

    يسر مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وجامعة الكويت دعوتكم لحضور افتتاح معرض سيرن في الكويت.

    يقدم المعرض للجمهور العالم الرائع للجسيمات الأولية والقوى الأساسية وأسرار الكون، من خلال شاشات تفاعلية وتقنيات عالية الجودة. المعرض هو نتاج تعاون بين المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن)، مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وجامعة الكويت. يشكل المعرض جزءاً من سلسلة من الأنشطة العلمية لفيزياء الجسيمات الأولية التي تقام في دولة الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي.

    يفتتح المعرض يوم الإثنين، 11 نوفمبر 2019، العاشرة صباحا مبنى أ. د. فايزة الخرافي، كلية العلوم، جامعة الكويت، الخالدية
    يستمر المعرض حتى 29 فبراير 2020.

    مبنى أ. د. فايزة الخرافي، كلية العلوم، جامعة الكويت، الخالدية
    من الأحد إلى الخميس الساعة 9 صباحاً حتى 3 ظهراً

  • عملاق المجموعة و حامي الأرض

    السلام عليكم .. في الموسم الماضي ابتدأنا في سلسلة حلقات عن المجموعة الشمسية .. بداية شرحنه طريقة تشكل المجموعة بشكل عام وكيف تكونت الشمس و بعدها انتثرت الكواكب من حولها .. و بعد ذلك انطلقنه برحلة في عرض المجموعة الشمسية ..  و كانت محطات توقفنا عند كل كوكب بداية من عطارد و مررنا بالزهرة و الأرض و انتهينا بخمس حلقات فصلنا فيها كل شيئ يخص الكوكب الأحمر ..  المريخ ..  و جاء الوقت  الان لكي نستكمل هذه الرحلة و نبدي بالغوص داخل الكواكب العملاقة و الغازية و نتعرف على عوالم اقمارها العجيبة واحدا تلو الاخر .. و اليوم محطتنا هي كوكب يعتبر من اميز الكواكب في المجموعة الشمسية  .. فهو الاضخم و الأكبر و الاثقل بكثييير من باقي اجرام المجموعة الشمسية و لديه الكثير من المعلومات المدهشة التي سوف تثير اعجابك .. و بالطبع لن يكون الكلام فقط في ما نعلم و لكن كيف علمنا ما نعلم من خلال المركبات التي ارسلناها و دراسة هذا الكوكب عبر مئات السنين .. والذي سوف يزيد الموضوع جمالا .. كيف انك انت أيها المستمع العزيز تستطيع رصد و معاينة كثير من هذا الكلام بنفسك دون الحاجة للجامعات او وكالات الفضاء للتعرف على الجمال الموجود هذا الكون.

    عندما نقول بان كوكب المشتري يعد هو العملاق في المجموعة الشمسية .. فهو يأخذ هذا اللقب عن جدارة و استحقاق ..  فاذا جمعنه كتل جميع الكواكب و الأقمار و الكويكبات و المذنبات  و جميع الاجرام  الموجودة في المدارات داخل  مجموعتنا الشمسية باستثناء الشمس طبعا  .. فان كتلته المشتري تعادل ضعفين و نصف مجموع تلك الكتل .. فالوضع بوصف اخر كأننا في مجموعة..  فيها الشمس و المشتري ومجموعة من الصخور هنا و هناك .. و لكي أوضح صورته اكثر في ذهنك ..  لنقارنه مباشرة بكوكبنا الأزرق .. فالمشتري لديه وزن يعادل ٣٠٠ ضعف وزن الكرة الأرضية اما قطره عند خط الاستواء فيعادل ١١ كرة أرضية مصفوفة بجانب بعض و هذا يعطيك مؤشر على ضخامة هذا الكوكب .. و بسبب حجمه استطاع البشر رصده بسهولة من قديم الزمان فهو من المع الاجرام في السماء .. فاذا اصبح في وضع التقابل مع الشمس يكون المع بثلاث مرات من نجم الشعرى و اهم المع النجوم في سمائنا ولا يكون المع منه سوى القمر و كوكب الزهرة ..

    فتخيل لو كان المشتري اكبر  فقط ب ١٣  مرة  فقط من كتلته الحالية .. لأزداد الضغط في الكوكب و  دخل في طور حرق الديتريوم كما يحدث في  النجوم .. و لكن عند هذه المعلومة دعني ابين مغالطة او معلومة خاطئة منتشرة عند الكلام عن حجم المشتري .. فالبعض يسمي المشتري بنجم فاشل .. أي بانه كان بإمكانه ان يكون نجم لو كان يمتلك كتلة اكبر بقليل وبذلك يكون عندنا شمسين بالمجموعة الشمسية .. و هذا الكلام غير صحيح او بالأحرى غير دقيق.. وربما ما ساعد انتشارها هو تركيب المواد في المشتري التي تمثل الهيدروجين بنسبة ٧٥ ٪ والهيليوم ٢٤ ٪ وواحد ١٪ يكون كل باقي المواد على سطح الكوكب مما يكون مقارب لتركيب النجوم .. ولكن الامر مختلف تماما .. فكتلته المشتري تمثل ١ من الف من كتلة الشمس .. فالشمس لا تقارن بكواكب المجموعة و عندما نقول بان المشتري كان ممكن ان يكون مثل النجوم .. فالقصد مثل النجوم الصغيرة و ذلك بعد ان يزيد ١٣ ضعف كتله و ذلك أيضا ليس بالقليل فكتلته بالأساس كبيرة جدا ..   و بسبب هذه المواصفات فان رصد الكوكب لا يحتاج الى معدات كبيرة او تعقيدات .. و دعني بين قوسين انقل لك هنا تجربتي الشخصية مع رصد المشتري .. فبمجرد ان تضع انظارك داخل العدسة بعد ان تكون صوبت التلسكوب باتجاه الكوكب .. سوف تشعر بنوع من الرهبة و العظمة بمجرد ان تسقط عينيك على الكوكب .. فألوانه الزاهية و خطوط العرض الملونة تجعلك تسرح و تفكر في تركيب هذا العالم .. و ستغمرك الفرحة عندما ترصد اقماره الأربع المسميين بأقمار جالاليو عندما تراهم يدورون بانتظام حول الكوكب..  و في الواقع يمكنك بسهولة رصدهم و هم يدورون حوله .. كل ذلك اعطاني إحساس جميل جدا و مساحة كبيرة للتفكير في صغر حجمنا داخل هذا الكون مترامي الأطراف  .. و من جانب اخر سيغمرك  شعور جميل كيف انك بصغر حجمك و بقطعة من الزجاج يمكنك ان ترصد اجرام على بعد مئات الملايين من الكيلومترات..  خصوصا بان لا ذلك لا يستلزم اكثر من منظار بمواصفات جيدة او تلسكوب بقطر ٥ انشات ..  فانصحك جدا بتجربة الرصد و مشاركتها الأصدقاء و الأطفال كذلك لكونه حدث مميز بطبعه .. ولكن و كالعادة لا تشبع هذه النظرة العلماء بل تعطيهم الدافع لاسكتشاف الكوكب عن قرب عن طريق ارسال الرحلات واحدة تلو الأخرى و هو ما سنفعله بعد قليل باانطلاق نحو المشتري لمعاينته عن قرب.

    انطلقت أولى الرحلات الى المتشري في العام ١٩٧٣ وكان ذلك عن طريق المركبة بيونير ١٠ حيث كان هذا اول مرور لمركبة الــي المشتري ..  و أكملت المسير الى كوكب زحل .. و تبعها بعد ذلك بسنة بيونيير ١١ .. وبعد ذلك ببضع سنوات في عام ١٩٧٩ تم ارسال المركبتين فويجر ١ و فويجر ٢ تباعا لمرور بجانب المشتري العملاق .. و قد ابلو بلاء حسنا بارسال صور جميلة جدا و تفصيلية للمشتري تبين العواصف و الطبقات بشكل لم يسبق ان رآه البشر .. اما عن الرحلة الفريدة فكانت للمركبة جالاليلو التي أرسلت عام 1989 و وصلت الى المشتري بحلول العام 1995 ، فهذه المركبة عملت دراسات و برنامج مكثف لاستكشاف تفاصيل المشتري من حركة و مواد و خصائص .. الى ان انتهي بها المطاف بحدث مميز عام ٢٠٠٣  بعد ان قرر العلماء انهاء خدماتها بشكل جديد سوف نستعرضه بعد قليل عند الحديث عما يوجد داخل المشتري .. اما عن اخر الرحلات فكانت للمركبة جونو التي انطلقت  في عام ٢٠١١ ووصلت قبل ثلاث سنوات لتستكمل رحلة دراسة الكوكب و لازالت حتى هذه اللحظة ترسل المعلومات و الصور و تصحح و تأكد المعلومات التي نستعرضها في حلقة اليوم .. بل زادت على ذلك بارسال صوت المشتري ..

    هذا الصوت عبارة عن تسجيل للموجات التي استقبلتها المركبة جونو خلال عبورها الى المشتري .. و الصوت في المنتصف كان عبارة عن تصادم اشعة الشمس مع الغلاف المغناطيسي العظيم لكوكب المشتري

    ومن أوائل  الملاحظات التي سجلتها رحلات الفضاء الى المشتري هي الحلقات ..  عندما نتحدث عن الحلقات حول الكواكب .. فيتبادر الى اذهاننا لحظيا كوكب زحل و الحلقات التدور حوله .. و لكن المفاجآة.. في انه حتى كوكب المشتري لديه حلقات تحيط فيه .. و لكن الفرق يكمن فيك انك لن تستطع تمييزها بسهولة  و التعرف عليها في التلسكوبات الأرضية مثل حالة كوكب زحل .. في الواقع حتى عند رصد الكوكب بتلسكوب هابل الفضائي لا تظهر هذه الحلقات بوضوح ..و ذلك لانه  مكونات الحلقات عبارة عن غبار خفيف جدا لا يمكن ان يعكس اشعة الشمس لكي نرصده بسهولة .. و يكون منشأ هذا الغبار هو نتيجة  لاصدام الاجرام من مذنبات و شهب في الأقمار المصاحبة لكوكب المشتري .. فيتطاير الغبار و بفعل محصلة الجاذبية المتبادلة بين الأقمار و كوكب المشتري .. يدور الغبار في افلاك حول الكوكب .. و كمية كبيرة من هذا الغبار يدور بشكل حلزوني باتجاه الكوكب .. أي انه غير مستقر فيه مداره بل يتحرك باتجاه الكوكب و يكون مصير  ابتلاع داخل الكوكب .. و في المقابل يوجد هناك من ذرات الغبار ما يكون قد تطاير بالزاوية الصحيحة و القوة الصحيحة من سطح احد أقمار المشتري لينتهي به في الحال يدور في مدار مستقر حول الكوكب .. فلذلك عندما  نرصد هذه الحلقات دائما سنلاحظ وجوها و لن تختفي من حول الكوكب ابدا .. و ذلك بسبب وجود الاصطدامات المتكررة بين المذنبات و الكوكيبات باقمار المشتري ال ٧٩ .. اما  بالنسبة للتفصيل العلمي لتكون هذه الحلقات ساتركة للحلقة القادمة عندما نستكشف كوكب زحل .. فبالنهاية الحلقات هي من سماته و مميزاته المعروف بها

    اذا اقتربنا من كوكب المشتري و رآيناه ..  فنحن لا نرى سطح الكوكب  .. فالألوان المميزة  التي تزين الكوكب عبارة عن الغيوم التي تحيط فيه .. و نراها مقسمه على عدة طبقات من القطبي الشمالي نزولا الى القطب الجنوبي .. و في الأوساط الفلكية و في الدراسات تقسم هذه المناطق حسب لونها .. فاذا كانت الطبقة تميل الى الألوان الفاتحة تسمـي بالمناطق او زونز بالانجليزية  و اذا كانت تميل الى اللون الأصفر او البرتغالي او الألوان الادكن فتسمى بالاحزمة .. و يمكنك تمييزهم في أي صورة للمشتري او حتى اذا رصدتهم انت بنفسك .. وقد وضعت لك على حساب التويتر الموجود في الرابط او اكتب sherazusو و ستجد اهم الصور المرتبطة في هذه الحلقة و من ضمنها تقسيم الطبقات .. و اذا امعنا النظر داخل هذه الطبقات .. فسنتعرف على واحدة من من اهم مميزات كوكب المشتري..  و التي يشتهر بها و فعلا يذهل الانسان عندما يتعرف عليها .. و هي العواصف الضارية و القاسية التي تلعب على سطحه .. و أهمها بلا شك..  البقعة الحمراء العظيمة فهي اميز العواصف في جميع كواكب المجموعة الشمسية .. وسنتعرف على تفصليها ولكن قبل ذلك لنبين لماذا تكون العواصف من السمات المميزة للمشتري..  فالمشتري كوكب يدور بسرعة كبيرة جدا حول نفسه و هي اكبر من سرعة دوران الأرض حول نفسها  .. لنتفكر في هذه المعلومة قليلا .. كتلة المشتري تعادل ٣٠٠ مرة ضعف الأرض ولكن بالمقابل..   اليوم هناك يعادل تقريبا 9 ساعات في حين 24 ساعه هنا في الأرض .. فهذا يعطيك دلالة على السرعة الرهيبة التي يدور فيها حول نفسه على الرغم من امتلاكة كل هذه الكتلة  .. و هذه السرعة التي تصل الى 45 الف كيلو متر في الساعه عند خط استواء الكوكب ..تعمل على خلق أجواء رهيبة بالنسبة  لمناخ المشتري .. ولكن هذه السرعات مختلفة من منطقة الى منطقة أخرى .. فتكون في اقصى سرعتها عند خط الاستواء و تقل هذه السرعة كلما اتجهنا ناحية الأقطاب .. مثل حالنه في الأرض .. فسرعة دوران الأرض حول نفسها مختلفة وتعمل بنفس الميكانيكية تكون قصوى عند خط الاستواء و اقل قيمة لها عند الأقطاب الشمالية و الجنوبية .. و لكن ولان المشتري كوكب غازي يدور بهذه السرعة  .. نلاحظ تكون طبقات مختلفة على السطح و كل طبقة  تمثل سرعة دوران مختلفة يدور فيها الغلاف الجوي هناك .. و لسلل هذه السرعات الكبيرة و المختلفة تنشآ العواصف و من أهمها التي ذكرناها قبل قليل ..  البقعة الحمراء العظيمة (تفصيل اكثر شوي) ..  و هذه البقعة عبارة عن عاصفة كانت موجودة تقريبا من وقت تمكن البشر من رصد المشتري بتفصيل جيد قبل ٣٠٠ سنة  وهي  تسير بسرعة تقارب ٥٠٠ كيلومتر في الساعه  .. اما عن حجمها فهو كبير جدا بحيث يتسع لثلاث كرات أرضية في داخلها ..  و هذا يعطيك مؤشر على عظمة هذه العاصفة العظيمة ..  من العواصف المهمه او البقع ان صح التعبير هي بقع بيضاء كبيرة بيضاوية الشكل .. التي رصدت في الجزء الجنوبي لكوكب المشتري في ثلاثينيات القرن الماضي .. و تم تسميتها ب بالأحرف الابجدية الإنجليزية a , b , c , d  و هكذا .. و في الثمانينات ٢ من هذي العواصف اندمجا مع بعضهم البعض مكونين عاصفة اكبر سميت بدمج الحرفين ( العاصفة BE  ) و تمكنا أيضا من متابعتهم عن كثب .. حيث في العام ٩٩  لاحظنا اقتراب اعصارين اثنين من بعضهم البعض الى ان اندمجا في العام ٢٠٠٠ و مع الوقت ازداد الاهتمام بهذه الظاهرة حتى ان الهواة استطاعوا تصوير المتشري بمراصدهم من البيوت..  فتمكن مصور فلكي من الفلبين يدعى  ( كريستوفر قو عام ٢٠٠٦  ) من ملاحظة تغير مهم جدا طرآ على هذه العاصفة .. و هو تحول لونها من الأبيض الى الأحمر المشابه للبقعة الحمراء العظيمة .. و منذ حينها اخذت هذه العاصفة  تكبر و تكبر بالحجم امام اعيننا ..  وتم تسميتها بالبقعة الحمراء الصغيرة .. و فقط الزمن كفيل بان يرينا الى متى سوف تستمر هذه العاصفة في الهيجان .. موقع هذه البقعة قريب من البقعة الحمراء العظيمة و في كل مرة يمرون بجانب بعضهم تكون هناك فرص لاتحامهم مع بعض مكونين إعصار لا مثيل له في المشتري و المجموعة الشمسية مما يثير العلماء و هواة التصوير الفلكي في كل مرة .. ولكن حتى الان لم يحدث مثل هذا الشيئ فقط تكتفي العاصفتين من المرور بجانب بعضهما البعض ..

    ننتقل الان الى موضوع مهم في كوكب المشتري و هو الحرارة.. فعندما نصور المشتري بالأشعة تحت الحمراء سنكتشف امرا مهما مرتبط في العواصف أيضا ..  فالحرارة في المشتري داخلية اكثر منها خارجية .. فنحن في كوكب الأرض مصدر الحرارة الرئيسي لدينا هو الشمس تمدنا في كل يوم .. و لكن في المشتري الوضع مختلف ..فعلى الرغم من الحرارة التي يستقبلها من الشمس فان فهناك حرراة داخلية تتولد من داخل الكوكب و درجتها و قيمتها اعلى من الحرارة التي يستقبلها من الشمس ..  و هي ناتجة عن عملية حدثت للمشتري منذ بداية تكونه .. فكما علمنا بان المشتري عبارة عن كوكب غازي .. وبعد ان تشكل في البدايات قبل ٤ و نصف مليار سنة .. بدء الكوكب بفقدان الحرارة شيئا فشيئا و لا زال ..  عن طريق الاشعاع .. فنتيجة لفقدان الحرارة .. فيبرد نسبيا و هذه البرودة تكون مسؤولة عن عملية  تقلص الغازات في المشتري و بالتالي يزيد الضغط .. و هذا الضغط يزيد من الحرارة  الناتجة من الكوكب..  و هذه الحرارة هي من الأسباب الرئيسية لتحريك كل هذه العواصف الضارية في المشتري  التي شرحناها قبل قليل .. و تجعل الغلاف ديناميكي حركي بشكل كبير في المشتري  ..و هذه العملية مستمره منذ نشأة المشتري و تكونه .. الى يومنا هذا

     بدراسة هذا الغلاف الجوي للمشتري و العواصف الضارية تمكن العلماء من تحديد بعض السمات المميزة هناك  .. فالغيوم في الغلاف الجوي تنقسم و تمتد على مدى طبقتين مختلفتين في الارتفاع و يمكن تقسيمهم عليا و سفلى و تكون المسافة بين هتين الطبقتين ٥٠ كيلو متر تقريبا .. في الطبقة السفلى .. تكون الغيوم كثيفة و غليظة و غالبا مكونة من الامونيا  و تعلوها في الطبقات العليا غيوم من بخار الماء .. ولكن السؤال المطروح هنا كيف تمكن العلماء الكشف عن وجود الامونيا في الطبقات السفلى و عن بخار الماء في العليا ؟ ..فالكوكب بعيد جدا و كما علمنا غلافه مليء بالعواصف و الوضع معقد و صعب جدا ..  في الواقع هذه المعلومة كانت غير مدركة لدى العلماء حتى ارسلوا المركبة جاليليو التي تحدثنا عنها في البداية فاستمرت هذه المركبة في دراسة الكوكب و اقماره أيضا مدة طويلة من الزمن..  و انتظر العلماء حتى عام ٢٠٠٣ عندما قرروا انهاء المهمة بطريقة لم يكن مخطط لها سابقا .. بحيث انه يدخلون هذه المركبة داخل المشتري حتى يتمكنوا من دراسة و معرفة مكونات الغلاف بعمق اكبر من التصوير الخارجي .. و بالفعل هو ما حدث عندما تغلغلت المركبة شيئا فشيئا داخل الكوكب كاشفة عن كميات كبيرة جدا من غاز الامونيا في الغيوم السفلية .. الى ان اختفت بين عواصف الكوكب الشرسة .. اما بالنسبة لوجود بخار الماء .. فما يدعم وجوده هو استطاعت العلماء رصد البرق في الغلاف الجوي للمشتري .. وعادة هذا مؤشر لوجود بخار الماء .. لأنه الماء يستطيع حمل شحنات كهربائية و مع وجود بخار الماء تزداد نسبة حدوث ظاهرة البرق .. والسؤال التالي الذي يجب ان نتساءله .. كيف سيبدو الكوكب من الداخل ان سنحت لنا الفرص و استطعنا الدخول اليه .. في الحقيقة ليس من السهل ابدا الكشف عن إجابة مثل هذا السؤال .. فدراسة الطبقات تحت الغلاف صعبة جدا لصعوبة الظروف .. والاصعب من ذلك معرفة ما يحتويه لب الكوكب .. فحتى الان لا يمكننا الجزم ١٠٠٪ في ما اذا كان اللب مكون من مواد صلبة ام لا .. و لكن الأكيد هو وجود مادة مسؤولة عن المجال المغناطيسي الرهيب حول الكوكب .. فكما ان في الأرض الحديد في قلب كوكبنا هو المسؤول عن مجالنا المغناطيسي  .. في المشتري هناك بالقرب من لب الكوكب .. يوجد الهيدروجين المعدني .. بالعادة الهيدروجين كما نعرفه من الغازات و من اكثر الغازات التي تم دراستها بسبب انتشاره الكبير في كوننا .. و لكن عند ظروف ضغط كبيرة كالتي موجودة في المشتري .. يمكن ان يتحول الى مركب شبيه بالمعادن .. و فيما يدور هذا الهيدروجين المعدني حول لب المشتري فانه يكون المسبب الرئيسي لتوليد المجال المغناطيسي بل اكبر مجال مغناطيسي في المجموعة الشمسية .. و بسبب هذا المجال تتكون عند اقطاب المشتري ظاهرة الشفق القطبي .. التي تحدث عندنا في كوكب الأرض و لكن في الأرض هذه الظاهرة كما نعلم تحدث بسبب اصطدام الجزيئات القادمة من الانفجارات الشمسية و تفاعلها مع الغلاف المغناطيسي في الأرض .. و لكن في المشتري لا تحدث هذه الظاهرة بسبب الانفجارات الشمسية فقط .. بل يزيد على ذلك المواد التي تصدر من اقماره و تتفاعل مع غلافه المغناطيسي .. فتكون النتيجة شفق قطبي بلون بنفسجي مميز يبهر الناظر اليه .. وبما اننا لازلنا عند اقطاب المشتري ….  فهناك ينشآ أيضا  الميزر ..  و هو شعاع ليزر طبيعي ينشآ بسبب تسارع جزيئات الذرات لتعطي موجات الميزر اذا رصدت في نطاق الاشعة المايكروية ..  وكل ذلك يحدث بسبب الغلاف المغناطيسي الرهيب لكوكب المتشري

    نآتي الان الى  اخر موضوع يخص المشتري وهو حماية الأرض .. في الواقع هو من المواضيع الخلافية بين العلماء .. فهم يختلفون في ما اذا كان فعلا يحمي الأرض من الاخطار ام لا .. ولكي نستوعب وجهات النظر لنبدا بطرح وجهة النظر التي تؤيد فكرة حماية الأرض ..  الكواكب تدور في مدارات و فيما بين المدارات هناك اجسام صخرية لها مداراتها الخاصة و هناك أيضا حزام كامل لهذه الكوكيبات يقع ما بين المريخ و المشتري تدور فيه عشرات الاف من الاجسام الصخرية .. و لكن بين الحين الاخر نسمع عن كويكبات او مذنبات تقترب من الأرض .. أحيانا اقتراب كبير جدا و في أحيان كثيره تدخل في كوكب الأرض ويتم تخفيف سرعتها عن طريق الاحتكاك بالغلاف الجوي .. و ان كانت اجسام كبيرة تصطدم  بالأرض و تسبب الدمار على حسب موقع احجامها و موقع السقوط .. و لكن في أحيان كثيرة جدا وبسبب وجود المشتري في هذه الابعاد و بسبب حجمه و كتلته الكبيره كما ذكرنا .. فانه يعمل على تنظيف مدار الأرض من كثير من هذه الاجسام و كأنه يحمي الأرض من هجوم هذه الاجرام عن طريق جذب هذه الكويكبات او الاجسام الى ناحيته او عن طريق ابعادها كليا عن الأرض بجعل مداراتها بعيدة جديدة بحيث و تكون اكبر و ابعد من ان تصطدم في الأرض .. وفي المقابل هناك من العلماء من يفترض انه أساسا لو لم يمكن المشتري موجود ..  لما أتت بالأساس هذه الاجرام لتحوم حول الأرض .. و تدعم وجهة النظر هذه بمحاكاة كمبيوتر أجريت في احد الدراسات لتبين انه فعلا لا شيئ سيحدث لو لم يكن موجود في الأساس .. و في نفس المحاكاة اذا لو استبدلنا المشتري بكوكب بحجم زحل ووضعناه في مدار المشتري لفعلا تضررت الأرض كثيرا من ذلك و ستكون واقعة في مدار يجلب لها الدمار من الاصدامات بشكل كبير جدا .. و لكن ولله الحمد في واقعنه اليوم و مع وجود المشتري فهو يعمل فعلا على تنظيف مسار الأرض من الاجرام والاخطار الفلكية لننعم بالراحة و الاطمئنان هنا في كوكب الأرض.

    و عند هذا الحد نصل الى نهاية الحلقة اليوم و أكون قد بينت اهم معالم و تفاصيل هذا العملاق .. باستثناء طبعا الأقمار و العوالم ال 79 التي تدور حوله لنستكشفها في حلقة منفصله لاحقا باذن الله .. فحتى ذلك الحين اودعكم على الخير و المحبة الى اللقاء.

  • 328 انهاء الخدمات الجزء الثاني -الأسباب

    حلقات صوتية قيمة متخصصة في المهارات الإدارية وتطوير الموظفين والمدراء، كل أحد بإذن الله سلطان وجاسم يقدمان بودكاست جديد وأدوات تساعد الموظفين وخصوصا المدراء على النجاح في العمل

    Management in a Nutshell بودكاست ما قل ودل في إدارة الأعمال , برعاية التقدم العلمي للنشر ASPDKW@ – إحدى شركات مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

    إشترك بالمجلة الأكثر شيوعا في عالم الأعمال MIT-Sloan Management Review مترجمة للغة العربية

    رابط الاشتراك

  • سيد الخواتم

    السلام عليكم .. مركبتنا التي ابتدأت رحلة استكشاف المجموعة الشمسية .. بدأت في الرحيل عن المشتري و اقماره من قبل أسبوعين .. و قريبا و بعد لحظات سوف تحط الرحال و تصل الى ثاني اكبر كواكب المجموعة الشمسية .. ولكن وقبل ذلك احب ان اعلن عن خبر جميل جدا و تطور يخص برنامجنا الكون بودكاست .. فقد حصل البرنامج على رعاية مؤسسة الكويت للتقدم العلمي .. و اعتبارا من هذه الحلقة سيكون البرنامج برعايتهم .. و بهذه المناسبة احب أن اشكر جميع المستمعين على الدعم الذي أتلقاه منكم..  فهو أساس نجاح البرنامج حتى اليوم بلا شك .. و اخص بالشكر الدكتور محمد قاسم لجهوده الشخصية و حرصة و متابعته و كذلك الدكتورة ليلى الموسوي من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي لدورهم في رعاية البرنامج ..  فأحببت ان أشارككم هذا الخبر قبل انا نبدأ .. اما بخصوص موضوع حلقة اليوم .. فاذا كان المشتري يسع ١٢٠٠ كرة أرضية بداخله .. فان ثاني الكواكب ضخامة  في مجموعتنه الشمسية يستطيع ان يضم ٧٠٠ كرة أرضية بداخله .. الوانه اقل صخبا من المشتري و لكن لديه خاصية فريدة تجعله مميز من بين جميع الكواكب التي نعرفها  .. فله مجموعة من الحلقات تدور من حوله حيرت العلماء و الراصدين منذ قديم الزمان .. و جعلته يستحق التسمية بسيد الخواتم .. انه كوكب زحل .. و بعد قليل سنتعرف على تفاصيل اكتشافه من قبل العلماء قديما .. ونقترب منه لنتعرف علي المميزات الفريدة لهذا العملاق الغازي.

    كوكب زحل معروف منذ الازل تقريبا .. فهو من الاجرام التي نراها دون الحاجة لمعدات خاصة و يمكن رصده بالعين المجردة كجرم لامع في السماء .. وقبل أسبوعين كان في وضعية التقابل مع الأرض و في افضل وقت لرصده سواء بالعين المجردة او التلسكوب .. و اذا اردنا معرفة تاريخ رصده و معاينة الحلقات حوله .. فنحتاج الرجوع مرة أخرى في الزمن الى الخلف..   الى زمن جاليليو في عام ١٦١٠ .. فحينها قد رصد جاليليو كوكب زحل في التلسكوب حديث الولادة و المنشأ في ذلك العهد .. و لاحظ شيئ غريب فيه .. فهناك جسم كروي و هو الكوكب .. ولكن لاحظ التصاق جسمين اخرين فيه من الأطراف .. احتار في تفسير هذا المنظر وكان يصعب عليه تحليله ..  .. و لكن بعد ذلك ب ٤٥ عام و في سنة ١٦٥٥ .. تمكن الفيزيائي الرياضي و الفلكي  كريستيان هويغنز من فك لغز الجسمين الملتصقين في الكوكب الذي رصدهم جالاليو..  و استوعب انها حلقة تحيط في الكوكب و ليست جسمين كما اعتقد جاليليو ..  و ذلك لسببين .. فالسبب الأول يدجع الى ان ان تلسكوب هويغنز كان افضل .. اما العامل الاخر الذي ساعدة في الوصول  لهذا الاستنتاج  هو  شكل زاوية الميلان التي ظهر بها الحلقات وقت الرصد .. فزاوية ميلان الحلقات هي ٢٧ درجة .. و لكن يعتمد شكل الرؤية على حسب موقع الأرض بالنسبة لزحل في تلك الفترة .. فكانت الظروف مواتية اكثر .. و لكن  على أي حال كان الاعتقاد السائد و الذي توصل اليه هويغنز  انها حلقة واحدة جامدة  تحيط في كوكب زحل .. الى ان جاء العالم الإيطالي جيوفاني كاسيني في العام ١٦٧٥ و اكتشف انها ليست حلقة واحدة تحيط بكوكب زحل و انما هي مجموعة  من الحلقات تدور حوله.. و أضاف كاسيني الكثير من المساهمات الكبيرة في دراسة كوكب زحل .. و على اثره تم تسمية المركبة كاسيني الشهيرة و التي سوف يكون لها الأثر الكبير و ربما الأكبر في فهم و تحليل هذا الكوكب الغازي كما سنرى في قادم الدقائق ..  و كما نصحت من قبل في حلقة المشتري برصده و الاستمتاع بتجربة رؤية العملاق مع الاقمار من حوله .. كذلك الحال بالنسبة لكوكب زحل .. فعملية رصده ممتعة بشكل كبير جدا .. و رؤية الحلقات لها وقع خاص كذلك في النفس .. و ستكون رؤيتك في الغالب كما رؤاه من قبلك جاليليو و هويقنز و كاسيني .. و كلما شاركت متعة الرصد مع الأصدقاء و الأطفال كلما كانت التجربة مثرية  و اكثر جمالا و تنير العقول كما تثير الفضول بآسئلة حول بنية و وسع هذا الكون ..  اما عن رصد كوكب زحل في المراصد الاحترافية .. فقد تطورت التكنلوجيا مع مرور الوقت .. و صار بالامكان الان ملاحظة و تحليل الأقطاب الشمالية و الجنوبية للكوكب و كذلك رصد العواصف التي تنشآ على سطحه .. و في كل مره يكون في وضع التقابل او في اقرب وضعية من الأرض تكون هناك فرص لللتعرف عليه اكثر و اكثر .. و كذلك تمكن العلماء من رصد الأقمار التي تدور حوله .. فزحل لديه مجموعة رهيبه و مميزه من الأقمار تابعة له .. و ساخصص حلقة كاملة لنتناول تفاصيلها كما فعلنا مع المشتري ..  و بعد قليل و كالعادة مع الكواكب بعد المقدمة التاريخية .. سنقترب اكثر من الكوكب لنتعرف على تفاصيل هذا العالم الفريد.

    التحليل العميق و دراسة كوكب زحل التفصيلية جاءت عن طريق المركبات .. و هناك العديد من الرحلات و المركبات الفضائية التي درست كوكب زحل .. و اعطتنا هذا التفصيل و الثقة في المعلومات التي لدينا اليوم حول الكوكب .. فمنها المركبة بيونير ١ و ٢ و فويجر ١ و ٢ في العام ١٩٨٠ و ١٩٨١ و كل هذه المهمات كانت تمر من جانب  الكوكب و تصوره بقدر استطاعتها و ترسل الصور الى الأرض للتحليل .. ولكن الرحلة الأهم و المركبة الأهم في دراسة كوكب زحل و اقماره كانت بلا شك للمركبة كاسيني .. فبينما اكتفت باقي الرحلات بالمرور بجانب الكوكب و تصوير ما هو متاح .. كانت المركبة كاسيني تدور حول الكوكب و تصوره و ترصد كل تفاصيله من الشمال ومن الجنوب و من بين الحلقات و الأقمار المميزة للكوكب و ما غير ذلك  ..  فكانت رحلة و مركبة كاملة و ناجحة بكل ما تحمله الكلمة من معنى .. و لم تكتفي بالدوران حول الكوكب .. بل أرسلت مسبار يدخل و يحط على سطح القمر تايتان و يكشف محتوياته الداخلية الغريبة و يصور البحيرات والسحب و غيرها الكثير من التفاصيل الغريبة التي سنتكلم فيها بالحلقة القادمة مع باقي أقمار كوكب زحل .. و بالرجوع الى كاسيني .. فان ميكانيكا الحركة في الافلاك حول كوكب زحل كانت دقيقة و بدرجة عالية من التعقيد .. بحيث انه العلماء كانوا يستفيدون من دوران المركبة حول القمر تايتان في كل مرة ليكسب زخم يدفعه و يسرع من حركته في الفلك الذي يدور فيه .. كاسيني اطلقت في العام ١٩٩٧ و ابحرت في الفضاء لمدة ٧ سنين و استخدمت زخم كوكب الزهرة لدفعها نحو كوكب زحل و مرت بجانب المشتري  و أرسلت صور له و في عام ٢٠٠٤ وصلت الى وجهتها المقصودة و ابتدأت رحلة دراسة زحل و اقماره من تلك اللحظة ….. و بعد سنوات من الخدمة العظيمة التي قدمتها هذه المركبة الى البشرية في استكشاف الكون .. قرر  العلماء  في 15 سبتمبر من عام 2017  التضحية بها في طريقة دراماتيكية و إدخالها الى داخل الكوكب لتسجيل ما تستطيع تسجيله و ارساله الى الأرض لتحليله و دراسته اكثر و اكثر في فرصة نادرة و لن تكرر قريبا.  و من خلال كل هذه الرحلات و الاستكشافات استطهنا معرفة الكثير من الخصائص التي يتميز  الكوكب ومنها التركيبة ..

    كوكب زحل من الكوكب الغازية ..  فكان يعتقد سابقا بانه مثله مثل الشمس و المشتري ..  أي انه يحتوي على نسبة كبيرة جدا من الهيدروجين و الهيليوم و مواد أخرى بتراكيب اقل .. ولكن بعد الاستكشافات و الدراسات تبين وجود لغز الهيليوم في ذلك الكوكب .. فنسبة الهيدروجين مرتفعة كما هو متوقع تعادل ٩٦.٣ ٪ من اصل مكونات الكوكب .. اما الهيليوم فيعادل ٣.٣٪ و اقل من ٠.٥٪ لباقي المكونات  مقثل الامونيا و الميثين .. هذا النقص الحاد في الهيليوم حير العلماء لفترة طويلة من الزمن .. و يمكن ان يكون تفسير ذلك بان كوكب زحل اقل حجما من كوكب المشتري .. و نتيجة لذلك ربما يكون قد برد بطريقة اسرع من المشتري وقت بداية تكونهم .. ونتيجة هذه البرودة تكون قد تشكلت امطار من الهيلوم ..ففي هذا السيناريو يكون الهيليوم قذ تساقط على شكل امطار الى  في باطن الكوكب فيتبقى الهيدروجين غنيا في الطبقات العالية او الخارجية التي نستطيع تحليلها .. ولكن بشكل عام يعتبر زحل كرة غازية كبيرة و من المستحيل الهبوط على سطحها لانه لا يوجد ما تهبط عليه أساسا فكل شيئ غازي .. و حتى اذا سلمنا بانك تستطيع الوصول الى الهيدروجين المعدني في اللب .. فان أي مركبة لن تستطيع تحمل الضغط الخيالي الذي سيولده الهيدروجين من جراء النزول الى ذلك الحد فسوف تتحطم قبل ذلك بكثير ..

    خاصية أخرى عادة ما نتطرق لها في شروحات الكواكب ..  و هي الغلاف المغناطيسي .. فالغلاف المغناطيسي لكوكب زحل كبير و خارق جدا .. فاذا ما قارنته بالغلاف المغناطيسي للأرض فانه يتفوق ب ٦٠٠ ضعف .. رقم مهول جدا .. و لكن اذا وضعته بحانب الغلاف المغناطيسي للمشتري فانه لا يمثل سوى ٣ ٪ من قوته .. و هذه إشارة للفرق بين احجام الكوكبين الغازيين .. و اذا اردنا معرفة السبب وراء ذلك .. فانه على الارحج يرجع الى الفرق في كمية الهيدروجين المعدني في الكوكبين .. فالمشتري كبير جدا و ضخم و لبه يحتوي على كمية كبيرة منه فترى المجال المغناطيسي بتلك القوة .. و تكون اقل بالنسبة للمشتري .. هذا الغلاف مسؤول عن الشفق القطبي الأزرق الجميل و الجميل جدا الذي صوره تلسكوب هابل .. و بالطبع تعلمون السبب وراء تكون هذا الشفق فقد كررته في اكثر من مناسبة في حلقة المشتري و حلقة الأرض سابقا ان كنتم استمعتم لها .. و هو نفسه في زحل .. اصطدام الرياح الشمسية في الغلاف هو ما يشنآ هذه الظاهرة لجميلة

    من الأمور المميزة في زحل كذلك .. الأقطاب الشمالية و الجنوبية للكوكب فهما مختلفين في التشكيل و الخصائص بشكل يثير الدهشة .. فالقطب الجنوبي لكوكب زحل يدور فيه إعصار كبير جدا و له صفات و شكل مثل اعاصير الأرض .. و المميز في هذه العاصفة و يجعله في مصاف مختلف عن اعاصير المشتري .. بانه له عين كبيرة جدا في المنتصف .. و من قوة الاعصار هذه العين كبيرة و مستقرة في دورانها .. فعندما نرى ما في داخلها فاننا نرى طبقات كوكب زحل الداخلية .. فهي تعمل على تفريغ المنتصف بدورانها و بذلك نرى ماذا يوجد في الداخل من تراكيب  .. وفي كل مرة تتقدم التكنولجيا التصوير مثلا بالاشعاع او بالتحليل الطيفي فاننا نعاين هذه العاصفة و نحللها بالادوات التي لدينا و نخرج بفهم اكبر لمحتويات كوكب زحل .. و يمكننا من نفس المكان تتبع سرعة الرياح في العاصفة و التي قدرت ب ٥٦٠ كيلو متر في الساعة  و هي سرعة رياح عاتية جدا .. فعندما نقارنها باعاصير الأرض .. تصل سرعتها تقريبا الى ضعف اكبر سرعة رياح مسجله مما يعطيك مؤشر على كبر تلك العاصفة في جنوب الكوكب.. اما القطب الشمالي..  فعلى النقيض من الجنوبي تماما من حيث الشكل .. فعندما ترصده الكامرات بشتى أنواعها .. نشاهد شكل غريب جدا و كانه معدل عن طريق الفتوتوشوب او ما شاكل .. فالقطب الشمالي لديه شكل سداسي مميز جدا جدا ..فتلاحظ و كانه سته اضلاع مصفوفة بشكل سداسي هندسي متساوي الزوايا و دقيق يحيط بالقطب الشمالي لزحل ..

    و قبل ان انتقل لشرح لحلقات زحل و شرح  كل ما يخصها .. فقط اجيب على اخر سؤال يكشف لنا خاصية مهمه في زحل و الكواكب الغازية .. و هو ..  ما طول اليوم في كوكب زحل؟

    و إجابة هذا السؤال شرطية و غير موحدة .. فعندما تريد ان تجاوب على سؤال مثل هذا عليك ان تسآل في أي جزء من كوكب زحل تريد ان تعرف طول اليوم .. فسرعة دوران الكوكب حول نفسه مختلفة على حسب المكان الذي نقيس فيه السرعة  .. و لكن كاجابة عامة لكوكب زحل فالجواب ١٠ ساعات و نصف ..  و لكن الإجابة التفصيلية تكون مختلفة .. فمثلا السرعة عند خط الاستواء مختلفة عن الأقطاب الشمالي و الجنوبي ..  فتكون اسرع عند خط الاستواء و ابطآ عند الأقطاب ..كحال المشتري .. ذكرت هذه المعلومة في حلقة المشتري و لكن لم اذكر السبب وراء ذلك .. فسأبينه الان .. و السبب مرتبط بطبيعة الكواكب الغازية..  و هذا المثال سيقرب المعنى  .. تخيل لديك كرة من البولينغ و جعلتها تدور حول نفسها .. فان جميع النقاط على الكرة سوف تآخذ نفس الوقت لقطع نفس المسافة ..  سواء في المنتصف او في اعلى الكرة  لانه جسم واحد صلب .. اما اذا اخذت وعاء كبير من الماء و بدأت بتكوين دوامة عن طريق لف الماء بملعقة مثلا .. فان سرعة دوران النقاط في القاع ستكون مختلفة عن سرعة دوران النقاط في القمة .. و هي من خصاىص الاحسام غير الصلبة مثل السوائل و الغازات.. و هذا هو السبب ببساطة وراء اختلاف في سرعة الدوران على حسب الموقع  في كوكب زحل لانه من مكون من الغاز ..و بالعادة هناك فرق في التوقيت يقدر بنصف ساعه تقريبا بين اليوم في خط الاستواء و اليوم الأقطاب .. و عند هذه الخاصية أكون تقريبا انتهيت من اهم مميزات الكوكب  ..  وبعد قليل نآتي الى تحليل اهم معلم من معالم كوكب زحل والذي يعد من المظاهر الجميلة جدا و الفريدة و المميزة للكوكب الا و هي الحلقات

    مكونات الحلقات ظلت لغز يأرق العلماء ولكن مع مرور الوقت و تقدم العلم و التكنلوجيا بدأ هذا اللغز ينكشف شيئا فشيئا .. ففي عام ١٨٥٧ استطاع الفيزيائي الشهير جيمس كلارك ماكسويل الاثبات النظري بان ما يدور حول زحل بالتأكيد ليس قطعة واحدة مجمدة ..   فلو كانت مكونات الحلقات من مواد صلبة .. فانه يستحيل ان تبقى قطعة واحدة..  و ذلك بسبب الفرق الهائل في الجاذبية بين هذه القطعة و بين الكوكب .. فبالتالي اثبت بان هذه القطعة لابد ان تتفتت و تصبح ركام مكون من عدد لا نهائي من الاجسام يدور حول زحل.. و هنا لنتوقف قليلا و نشرح نقطة علمية مهمه جدا لنفهم هذا الاثبات و  ستفيدنا هذه النقطة في فهم و استيعاب  كيفية تكون هذه الحلقات .. الان اذا كان هناك قمر يتردد و يدور بقرب شديد جدا من احد الكواكب .. فكل منهم يمارس قوة جذب على الاخر .. و لانه القوة من الكوكب اكبر من القمر بسبب كتلتة و حجمة .. فان هذه القوة قادرة على تكسير و تفتيت القمر الى أجزاء صغيرة .. و هذه الأجزاء تبقى تدور حول الكوكب مكونة حلقة .. و الحد الفاصل الذي لا يستطيع القمر الاقتراب منه اكثر لكي لا يتفتت بسبب هذه القوة .. يمسمى بحد روش .. او roche limit .. و هو ما يتوقع ان حدث فسي كوكب زحل .. و في الواقع لو جمعت كل الركام في الحلقات لن يتعدى تشكيل قمر صغير لا يتجاوز قطره ١٠٠ كيلو متر  .. و من هنى يمكن تكوين نظرية حول تكون هذه الحلقات بان .. في ما مضى كان هناك قمر ثلجي او اغلب مكوناته من الثلج .. و كان هذا القمر يدور في مدار غير مستقر مع كوكب زحل او انه اقترب مسافة كبيره من سطح الكوكب الى ان تخطي حد روش الذي ذكرناه قبل قليل و أدى الى تفتته .. و بعد ذلك جزء من الركام ابتلع و دخل في كوكب زحل بين الغيوم و جزء اخر تطاير بعيدا عن الكوكب .. و هذه النظرية تبين انه الكوكب لم يكن لديه هذه الحلقات أساسا و لكن تشكلت لاحقا .. ووفق الحسابات فقد تشكلت قبل ملايين السنين و قد لا تكون موجودة بعد ملايين السنين .. أي اننا في زمن خاص بالنسبة لهذه الحلقات و محظوظين لرؤيتها .. لانها بالنهاية سيتم ابتلاعها في داخل الكوكب .. و حتى ذلك الوقت .. ستبقى في مكانها .. و بالرجوع الى التسلسل الزمني الذي كنا نسير فيه .. فبعدما اثبت ماكسويل بان الحلقات عبارة عن اجسام صغيرة مفتته ..جاء الدور ليثبت الغلماء بانه هذه الحلقات على ابعاد متفاوته من زحل و ليست في مدار واحد

    ففي العام ١٨٩٥ استطاع العالم جيمس كييلر تآكيد ما توصل اليه ماكسويل بالرصذ العملي .. و ذلك عن طريق رصد الاشعاعات المنطلقة من الحلقات .. فكانت بعض الاشعة تآخذ اللون الأزرق و بعضها الاخر يآخذ اللون الأحمر و من خلال ظاهرة و تآثير دوبلر المعروف للموجات .. عرف بان هناك أنواع مختلفة من السرعات تدور حول الكوكب و ليست سرعة واحدة و بذلك استنتج انه الذي يدور حول الكوكب فعلا  عبارة عن مجموعة الحلقات و ليس حلقة واحدة .. و بان الحلقات الأقرب تدور بسرعة اكبر من الحلقات الابعد و هو متطابق تماما مع قانون كبلر الثالث لحركة الافلاك و قد تطرقنا لقوانين كبلر في الحلقات الأولى من البودكاست .. اظن ربما في الحلقة الثالثة ….  و لانه الحلقات تعكس ٨٠٪ من اضاءة الشمس .. تنبآ العلماء بان غالب المواد عبارة عن ثلج او صخور مغطاة بالثلج و هو فعلا ما تم اثباته في السبيعينيات عن طريق العالم حيرارد كايبر و ما تم تصويره و تحليلة من خلال المركبات لاحقا .. فالمركبات اعطتنا تفاصيل اكثر لهذه الحلقات ..فعندما تم تصوير الحلقات بالأشعة تحت الحمراء .. فتبين بان درجة حرارة الحلقات في الظل تساروي  -٢٠٠ سيليزية و عندما تتعرض لاشعة الشمس تصل حرارتها الى -١٨٠ سيليزية .. و بعد ذلك يآتي دور تحديد حجم الاجسام التي تشكل هذه الحلقات .. فاستطاع العلماء معرفة ذلك من خلال الموجات الراديوية .. و ذلك بارسال موجات راديوية من خلال المركبات الفضائية و دراسة سلوك هذه الموجات و ارتدادها عندما تعبر الحلقات .. فكانت النتيجة بان اغلب الجسيمات تتراوح احجمها ما بين سينتيمتر واحد الى ١٠ امتار.. و الاعم الاغلب من هذه الاجسام تتراوح اقطارها حول ١٠ سنتيميتر..  مثل كرة ثلجية و مكوناته الكيميائية   ٩٣٪ من الماء و هناك الكربون و مواد أخرى بتراكيز اقل  .. لكن هل خطر في بالك او تفكرت من قبل بسماكة هذه الحلقات .. في الحقيقة سماكتها ليست بالكبيرة ابدا في المقاييس الفضائية.. فسماكة الحلقات تقدر بكيلو متر واحد فقط .

    اما عن ترتيب الحلقات .. فاذا كان زحل امامك في المنتصف .. فان هناك فراغ يقدر بقطر الأرض و من ثم تبتدئ أولى الحلقات .. وهي الحلقة d  وهي من الحلقات الخافتة جدا بالمقارنة مع الحلقات الأخرى ..  ومن ثم هناك الحلقة c  و بعدها الحلقة b .. و بعد ذلك هناك بقعة داكنه تسمى قسم كاسيني .. نسبة الى العالم كاسيني الذي استطاع رصدها .. في البداية ظن العلماء بانها بقعة فراغ ولكن لاحقا و بعد ارسال المركبات الفاضئية تبين وجود الغبار الخفييف فيها .. مثل الغبار في الغرفة اذا كان موجود .. لا يرى الا اذا كشف عن طريق اشعة الشمس او تمرير الإضاءة المباشرة عليها.. و هو ما تم عن طريق تسليط الاشعة عليه من قبل مركبات الفضاء .. و بعد ذلك تآتي الحلقة a  .. و هي من أوضح الحلقات مع b   وc  ولكن يوجد في هذه الحلقة فراغ بسيط بعرض ٢٧٠ كيلو متر يسمى بفراغ انك يسمى نسبة الى مكتشف هذا الفراغ و العالم الألماني جوهان انك عام ١٨٣٨ .. و بعد ذلك تسلسل الحلقات f ثم g  ثم e  و المواد في هذه الحلقات متناهية الصغر لا يمكن رصدها بالعين .. فمثلا الجسميات التي تدور في الحلقة f قطرها حوالي ١ مايكرو متر ..  و ببن هذه الحلقات جميعا هناك اختلاف بسيط .. و هو في الألوان .. فعلى الرغم من ان جل تركيب المواد في نظام الحلقات مكون من الثلج .. الا انه الاختلاف في الجزء البسيط في التركيب الكيميائي يعطيها هذا الفرق بالألوان .. سأضع صورة واضحة لهذه الحلقات في حساب التويتر يمكنكم الرجوع اليها للتعرف اكثر على هذا التفصيل الي ذكرته.

    و عند هذا الحد انتهي من اهم مميزات كوكب زحل و تفاصيله .. على ان القاكم في الحلقة القادمة مع الأقمار المميزة لكوكب زحل و نستكشف الغرائب في هذا الكون العجيب. فحتى ذلك الحين .. كونوا بخير وا لى اللقاء.

  • عوالم زحل

    السلام عليكم .. عندما يسألك احد عن كوكب زحل فان اول ما يتبادر الى الذهن مباشرة .. تلك الحلقات الجميلة التي تحيط فيه .. فهي تميزه من بين جميع كواكب المجموعة الشسمية بهيئتها المائلة و دورانها المستمر حول الكوكب .. و قد سبق و شرحنا في الحلقة الماضية اغلب تفاصيل هذه الحلقات و صفات الكوكب .. و لكن الابهار في كوكب زحل لا يقتصر عند هذا الحد .. فعندما نتفحص الكوكب بعناية و دقة بالتلسكوبات و الدراسات .. نكتشف بان زحل لديه مجموعة رهيبة من الأقمار تدور من حوله و ما بين حلقاته .. يصل عددها الى 62  قمر .. كل منهم عالم بمفرده .. و اليوم وفي هذه الحلقة نستكمل رحلة استشكاف المجموعة الشمسية بالتعرف على اهم هذه العوالم .. لدينا الكثير لنتعرف عليه .. فلدينا تايتان العجيب صاحب الغلاف الجوي و هي من النوادر بالنسبة للأقمار و هناك انسيلاديس الغريب بنثره للثلج في الفضاء و الكثير من الغرائب .. وقبل ذلك انوه بان هذه الحلقة من البودكاست تتآيكم برعاية من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي .. مؤسسة الكويت لديها العديد من البرامج و الكتب العلمية الشيقة و المناسبة لجميع الاعمار و جميع التخصصات .. تابعوهم و اختارو ما يناسبكم .. اما الان فلدينا مجموعة جميلة من الأقمار تنتظر زيارتنا ..  فهيا بنا الى عوالم زحل..

    مجموعة الاقمار في كوكب زحل مغايرة تماما عن تلك التي تتبع المشتري .. فاذا كان للمشتري ٤ أقمار ضخمة تدور من حوله .. فان لكوكب زحل .. تابع واحد كبير يدور حول الكوكب و هو القمر تايتان .. و هذا القمر اكتشفه العالم الفلكي و الرياضي كريستيان هويغنز عام ١٦٦٥ و هو سيآخذ اغلب حيدثنا اليوم لما له من معالم مميزة جدا تجعله بمصاق الكواكب بدلا من الأقمار .. و على الرغم من صغر الأقمار الأخرى الا ان من بينها صفات عجيبة تجعل اكشتافها و دراستها امر ضروري و لابد منه …. و لكن قبل ذلك لنتكلم عن تقسيمات الأقمار التي يقسمها العلماء عادة في كوكب زحل .. فكما ذكرت زحل لديه مجموعة من ٦٢ قمر يدور حوله .. ٥٣ متآكدين من وجودهم .. و ٩ لازالوا تحت الدراسة ليتم تآكيد وجودهم..  و قد تأخر ذلك لصغر حجمهم و دورانهم بالقرب من الحلقات و بالتالي تصعب مهمة اكتشافهم.. اما عن التقسيمات .. فيمكن تقسيم الأقمار الي 3 مجموعات اعتمادا على حجمهم .. المجموعة الأولى هي مجموعة الأقمار الكبيرة .. و لا تضم سوى القمر تايتان بقطر يساوي 5150 كم يجعله بمصاف الكواكب بحجم ما بين كوكب عطارد و كوكب المريخ .. اما المجموعة الثانية فهي فتضم الأقمار متوسطة الحجم .. و هي مجموعة من 6 أقمار كلها اكتشفت قبل العام 1800 .. و هم الاقمار  ميماس و انسيلاديس بقطر ٥٠٠ كيلو متر و من ثم القمرين تيثيس و ديوني بقطر ١٠٠٠ كيلو متر و أخيرا القمرين ريها و ابيميثيوس بحوالي قطر ١٥٠٠ كيلو متر.. و المجموعة الثالقة تضم الأقمار ذات الأقطار الأصغر من ذلك ..  و سنتكلم عن اهم خصائصهم جميعا بعد قليل .. و لكن سنبدأ الان مع الأكبر و الأميز صاحب البحيرات و الغيوم .. القمر تايتان ..

    في بداية التسعينيات بدأ علماء الفلك بالشك بان القمر تايتان يحوي في طبقاته على غلاف جوي.. و ذلك لان القمر بارد و حجمه كبير بحيث جاذبيته تسمح بان يمسك الغازات الثقيلة  .. هذه الشكوك قد تم تأكيدها عام 1944 عندما قام العالم جيرارد كايبر باكشتاف خط طيفي لغاز الميثان منعكس من اشعة الشمس الساقطة على سطح القمر .. و بسبب هذ الاكتشاف الرئع .. كان القمر تايتان من ضمن خطة دراسة المركبة فويجر 1 .. فعندما مرت المركبة بجانب القمر اخذت ترسل الصور الى الأرض و ظل العلماء و المهندسين يحللون هذه الصور لحظج بلحظة لانها من اللحظات الثمينة التي قد لا تتكرر في كل لحظة و رحلة .. فبينت الصور بان للقمر تايتان غلاف جوي غليظ و سميك جدا و يقدر بحوالي 200 كيلو متر أي اكبر ب 10 مرات من غلاف الأرض .. و هذا الغلاف جعل العلماء يعتقدون بان القمر تايتان هو اكبر الأقمار في المجموعة الشمسية .. أي اكبر من قانيميد قمر المشتري .. و لكن بعد الدراسة .. اذا ازحنه الغلاف الجوي .. يتبين بان قانيميد هو الأكبر في المجموعة الشمسية .. عموما .. هذا الغلاف الجوي السميك .. كثيف بدرجة لا تجعل اشعة الشمس تتغلل بسهولة من خلاله لدرجة انه وقت الظهيرة في القمر تايتان تكون الإضاءة اخفت من كوكب الأرض بالف مره .. و لكن من الناحية الأخرى .. تجعل الليل في القمر مضيئ ب 350 مره اكثر من اضاءة الأرض في ليلة البدر .. القمر المكتمل عندنا في الأرض .. لم تكتفي المركبة فويجر بالتصوير .. فقد قامت دطلاق موجات راديوية باتجاه القمر و درست تفاعل الغلاف الجوي و طبقات القمر مع هذه الموجات .. فكانت النتيجة بان الضغط الجوي على مستوى تايتان..  اعلى من الأرض بمرة و نصف عند مستوى سطح البحر .. و بما ان الجاذبية ضعيفة هناك .. فكان الاستنتاج بان لابد للحصول على هذا الضغط الكبير بان يكون الغلاف مليئ بالغازات اكثر من الأرض .. هذا المزيج من جاذبية ضعيفة و غلاف سميك .. يعطي القابلية للإنسان في الطيران هناك حرفيا بمجرد تركيب اجنحة تربط باليد مثلا .. هذا على سبيل الخيال العلمي لانه يوجد الكثير من المعطيات الأخرى التي يجب استبعادها حتـى يتحقق مثل هذا الشيء.

    كل هذه الاستكشافات كانت مبينة على دراسات من الأرض او رصد من قبل المركبة فويجر كمرور بجانب القمر او بجانب زحل بشكل عام ..

    اما رحلة استكشاف القمر تايتان من الداخل فهي قصة فريدة من نوعها .. فبعدما وصلت المركبة كاسيني الى وجهتها كوكب زحل  عام ٢٠٠٤  .. اخذت تدور حول الكوكب حتى اللحظة الفريدة و المميزة التي اقتربت فيها من القمر تايتان .. فاطلقت المركبة كاسيني  من على ظهرها مركبة كان قد ثبتها العلماء على ظهرها قبل ٧ سنوات من اطلاقها في كوكب الأرض .. و انتظروا اللحظة المناسبة لتنطلق  ناحية القمر تايتان و تهبط عليه .. و كانت المركبة هي المركبة هويغنز و هي من النوع الثابت او landers  التي تثبت في مكانها ما ان تصل على سطح القمر .. فتبدأ باستكشافه ثم ترسل المعلومات الي كاسني في الأعلى و بدورها تقوم بارسال البيانات الى الأرض …. فلك ان تتخيل كمية الهندسة و التكنولوجيا و التعقيد المطلوبة لاتمام هذه العلمية.. مركبة تطلق مركبة  في مدار حول كوكب لتحط علي سطح قمر .. أي تعقيد و أي خيال هذا .. على أي حال .. كانت هذه الخطة .. ووقت التنفيذ  كان اليوم الرابع عشر من شهر يناير عام ٢٠٠٥ .. عندما اطلقت كاسيني الهيوقنز و ما ان سبحت في الفضاء حتى دخلت المركبة و تصادمت مع الغلاف الجوي للقمر و بعد فتحت لباراشوتات و اخذت بالنزول التدريجي لمدة ساعتين و نصف .. ومن الأعلى نجحت بتصوير التضاريس للقمر .. فصورت بقع ثلجية تغطي مساحات من الصخور .. و بعد ذلك لامست السطح و هبطت عليه بنجاح.. استمرت في عملياتها لمدة ٧٠ دقيقة قبل ان تتعطل البطاريات بسبب البردودة الشديدة جدا على السطح و التي تصل الى -١٧٨ درجة سيليزية .. و من الصور المهمة التي التقطتها الهويغز اثار سوائل كانت موجودة على السطح مثل التي تخلفها المياه عندما تحفر في مسيرها و تجف في كوكب الأرض .. و لكن لم تستطع تصوير بحيرات موجودة في تلك اللحظة و المنطقة .. و هو الشيئ الذي استطاعت كاسيني تصيره خلال السنين المتعاقبة من دراسة زحل وا قماره .. فعندما مرت من خط الاستواء صورت البحيرات الموجودة هناك .. تخيل بحيرات موجودة في سطح اخر غير الأرض .. عن نفسي اعتبر الموضوع ساحر جدا و مليئ بمواضع التأمل .. فالبحيرات لم تكن صغيرة بل بحيرات بمساحات شاسعه جدا .. فاحدي البحيرات التي تم تصويرها تم تسميتها ب لايقيا و و عرض هذه البحيرة تقريبا ٣٥٠ ميل .. .. و زيادة على ذلك تم تصوير السحب في الغلاف الجوي ليتايتان .. ولكن هل تسائلت عن نوع السائل في البحيرات او البخار الذي يكون هذه الغيوم .. ام افترضت انه ماء بشكل مباشر .. لدهشتك عزيزي المستمع .. كانت هذه البحيرات لغاز الميثان و الغيوم غيوم الميثان .. فمكونات الغلاف الجوي في تايتان ٩٥ ٪ من النيتروجين .. و ٥ ٪ مكونه من غاز الميثان و هو ما يعطي الصبغة البرتقالية نوعا ما للقمر عندما يتم تصويره .. غاز الميثان مركب مكون من ذرة كربون و ٤ اربع ذرات هيدروحين .. و هو ما اثار فضول العلماء عندما علموا بوجود الميثان او الكربون على سطح القمر .. فتبادر الى اذهانهم إمكانية تكون الكربون من مواد عضوية او بعبارة أخرى من المخلفات التي تنتجها العناصر الحية .. و لكن سرعان ما تم نفي ذلك من العلماء و  اثبات مصادر أخرى لهذا الكربون و انها قد تكون ناشئة من علميات جيولجية مثل البراكين في وثت سابق من تكون القمر .. شرح النفي لتكون غاز الميثان من مكونات طبيعية او من مكونات عناصر حية قد يطول نوعا ما  .. و لكن اختصارا .. هناك اكثر من نوع لمركب غاز الميثان بما يسمى ايزوتوبز اعتمادا على زيادة نيوترون او نقصان ذلك في الذرة  .. و الذي قد وجد في القمر تايتان صحيح انه ميثان و لكن من النوع غير المطابق للازوتوبز الذي قد ينشأ من مخلفات عضوية مثل التي لدينا في كوكب الأرض .. هذا باختصار و ربما نتعرض لتفصيل ذلك في مواضع أخرى من البودكاست  باذن الله .. و نكمل الان في سرد صفات تايتان .. فلازال لديه الكثير من الغرائب لنتشاركها .. و من بينها الامطار .. الامطار في كوكبنا العزيز تعتمد على كمية بخار الماء قبل ان يتكشف و يتساقط الينا .. الحال مشابه في تايتان و لكن المحتلف في العملية هي سرعة التبخير البطيئة جدا لغاز الميثان .. و لنشأة الغيوم التي صورتها كاسيني قد يتطلب و يتوقع العلماء وقت من ١٠٠ الى الف سنة قبل ان تتساقط على سطح القمر .. بناء على صفات الغاز و الجاذبية الضعيفة و غيرها من ظروف .. يتوقع العلماء بان تكون القطرات كبيرة بحجم التفاحة .. و ان تتساقط ببطئ شديد قبل ان تصطدم بالسطح .. فلك ان تتخيل جمال و غرابة المنظر .. و بتخيلك للمنظر الفريد أكون انتهيت من اهم الصفات و الغرائب للقمر تايتان باستثناء خاصية أخرى مميزة سانقاشها بعد قليل عندما نحط الرحال لدى اعجوبة زحل الأخرى .. القمر انسيلاديس.

    ننتقل الان الى المجموعة الثانية من أقمار زحل وهي الأقمار متوسطة الحجم .. ست أقمار سنطوف عليهم باهم الصفات .. جميع هذه الأقمار تدور حول كوكب زحل على نفس مستوى خط استواء الكوكب .. و جميعا يدور بنفس اتجاه دوران الكوكب .. و من الأشياء المشتركة بينها بالغالب تتكون بشكل رئيسي من ثلج الماء و الامونيا و نسبة من الصخور و الغريب و الذي سنفصل فيه هي صفاتهم المختلفة عند الاسطح فكل منهم فريد بطريقة ما ..

    و نبتدأ مع انسيلاديس.. هذا القمر رائع جدا و يحتل مرتبة عظيمة عند العلماء .. لدرجة انه  بعض العلماء يرشحون و يتوقعون فيما اذا كان هناك حياة ميكروبية موجودة في مجموعتنه الشمسية لابد و ان تكون موجودة في هذا القمر ..  او على الأقل هذا  المكان الذي يجب ان نبدأ البحث فيه .. فهذا الجرم لديه ميزة رهيبة جدا جدا .. فقد استطاعت المركبة كاسيني رصد القمر و هو يقذف بخار الماء و ذرات الثلج من القمر الى الفضاء .. في ظاهرة تسمى cryovolcanoes  صراحة عجزت ان اجد مرادف علمي لها في اللغة العربية.. فاذا كان من بين المستمعين و الجيولوجيين بالاخص علم بالترجمة اتمنـي تزويدي بها ..  .. و لكن شرح هذه الظاهرة يكون بان هناك فوهة شبيه بفوهات البراكيين و لكن بدلا عن قذف اللافا في الجو .. فانها تقذف الثلج .. و هذا الشيء الرائع قد تم رصده عن طريق كاسيني كما ذكرت .. ثم هذا الثلج .. يدور و يشكل العنصر الرئيسي للحلقة e التي تدور حول كوكب زحل .. نفس هذه الخاصية موجودة عند القمر تايتان و هي التي اجلت شرحها الى هنا و لكن الفرق يكمن في ان في تايتان تقذف و ترتد الى السطح  اما هنى فتقذف الثلوج الي الفضاء .. و الاجمل هو تصوير المركبة كاسيني لهذا الحدث وسط ذهول و استغراب تام للعلماء من هذه الصور.

    سبب حدوث هذه الظاهرة  او بتعبير اخر المحرك الرئيسي لهذه الظاهرة محل جدل بين العلماء .. ولكن من التفاسير المطروحة..  هي غليان باطن القمر بسبب عملية التسخين التي تنتج من جراء قوى الجذب التبادلية بين القمر و بين كوكب زحل او بين احد أقمار زحل .. مثلا في حالة انسيلاديس تكون القوى التي تعمل على تسخين القمر مشتركة بين انسيلاديس و قمر اخر يدعى ديوني .. مثلما يحدث مع القمر أيو و يوروبا و هما يدوران حول المشتري و سبق شرحت الطريقة في الحلقة قبل الماضية اذا تتذكرون .. هذا التسخين يؤدي الى ذوبان الثلج الى الماء الذي بدوره يفور من التسخين ..  و عندما يفور ..  يتجمد بطبقات الجو العليا ويخرج من جاذبية القمر انسيلاديس الضعيفة أساسا و يصبح ثلج يشكل الحلقة  e  .. التي تدور حول كوكب زحل و هي ابعد الحلقات عن الكوكب .. و تكون من اغرب صفات انسيلادوس

    القمر التالي هو ميماس .. اذا كنتم من عشاق ستار وورز او حصل و شاهدتم فلم ستار وورز فان هذا القمر  هو اقرب جرم يشابه .death star .. .. ذلك السلاح المدمر الذي يستطيع تدمير كوكب باكلمه..  و الشبه كبير جدا .. ارجعوا الى النت و لاحظوا كم التشابه بينهم ..  فقديما  في تاريخ هذا القمر قد حصل على اصطدام كبير جدا و نتح عنه حفره قطرها ١٢٠ كيلو متر و هو شيئ كبير جدا جدا بالنسبة لميماس فبالنهاية فان قطر القمر يساوي 190 كيلو متر.. بمعنى اخد كاد هذا الاصطدام يحطم و يفتت القمر ولكن لحسن حظه جاءت النتائج كما نلاحظها اليوم .. و و بدراسة كثافة القمر.. ونسبة انعكاس اشعة الشمس الكبيرة من على سطحه .. يستنتج العلماء بان هذا القمر كحال الكثير من الأقمار في تلك البقعة من مجموعتنه الشمسية مكون بمجمله من الثلج .. و يحتوي على نسبة بسيطة من الصخور .. فكانه الكلام هنى عن قطعة ثلج كبيرة تحوم داخل الحلقات و حول زحل .. و هذا القمر في حالة تناغم مع حركة المواد في المواد الموجودة في فراغ انك الذي شرحناه في الحلقة الماضية .. فكلما دار ركام المواد في ذلك الفراغ دورتين .. يكون القمر اتمم دورة كاملة حول زحل .. و أي مادة تدخل هذا الفراغ اما تنزاح مع الركام او تنجذب ناحية ميماس .. فبالتالي يقع تحت مسمى الأقمار المشكله للحلقات. .. فكلما دارت كان الذرات تخاف منها فتبتعد و تنظف المدار لها .. هذا ما يخص ميماس

    بعد ذلك ننتقل الى تيثاس.. قمر ثلجي بالكامل .. كل معالمه عادية فيما عدا خاصية غريبة جدا .. ففيه صدع  عظيم الحجم او (خندق) عرضه ٦٥ كيلو متر اما طوله فيغطي ثلاث ارباع القمر و يسمى .. ب ايثيكا كازما ..  يعتقد العلماء بان هذا الصدع قد تشكل على سطح الكوكب بعدما اصبح القمر قمر ثلجي بالكامل .. فعند هذا الاكتمال توسعت الطبقات السفلية بسبب البرودة و هذا التوسع أدى الى الاصطدام بالطبقات العليا و عمل مثل هذا الصدع على طول الكوكب .. و يحتمل أيضا بان هذا القمر أيضا مشارك بعمليات تشكيل محتوى الحلقات عن طريق cryovolcanisim .. لم يتم تصوير المقذوفات الثلجية مثل القمر انسيلاديس و لكن هناك بعض الأدلة تشير الى انه ربما بعض الاصدامات التي تحدث فيه من الاجرام الخارجية تنثر هذا الركام من الثلج الذي يتطاير من سطح القمر و يصطف في الفضاء ليكون بعض محتوى الحلقات من مادة ثلجية..

    بعد ذلك هناك القمرين ريها و ديوني و هما أقمار ثلجية بالكامل و لكن عند معاينة اسطحهم نرى صفة غريبة .. فالجهة التي تستقبل اتجاه دورانه في مداره مليئة بالحفر الصغيرة و الكبيره و واضح جدا انها نتيجة اصطدامات بالاجرام التي يستقبلها و هو يدور .. اما الجهة الخلفية للقمر .. فهي مليئة بالتشققات و الخطوط .. و كان كان هناك نشاط جيولوجي في طبقات تكتونية أدت الـي مثل هذه التشققات .. هذا الحال ينطبق علي القمرين ريها و ديوني

    و أخيرا نصل الى القمر ايابيتوس و هو أيضا له صفات محيرة منذ قديم الزمان .. فهذا القمر قد رصد في العام ١٦٧١ وكانت اغرب صفة لديه .. السطوع غير العادي و الكبير جدا مقارنة بالاقمار الخمسة السابقة من نفس مجموعته .. و عندما اقتربت منه المركبة كاسيني .. لاحظت بان نصف القمر مظلم غامق كانه مغطى بطبقة من الاسفلت .. اما النصف الاخر فهو شديد الإضاءة و عاكس للاشعة حاله كحال اخوانه التابعين لكوكب زحل ..

    و عند ايابيتوس أكون قد ختمت اهم العوالم التي تدور هناك بعيده عنا مئات الملايين من الكيلومترات .. و هناك غير الذي ذكرت و لكن بأحجام اصغر مثل الاقماربان دافنيس بروميثويس باندورا اتليس و بعضهم يتشاركون في المدارات حول زحل ، و بذلك ننتهي  من اهم عوالم زحل و تكون هي محطة الافتراق عن سيد الخواتم في رحلة استكشاف المجموعة الشمسية.. على ان ننطلق و نبحر في فضاء كوننا متجهين في الحلقة القادمة الى التوآم الأزرق.. فحتى ذلك الحين كونو بخير و الى اللقاء.

  • 327 أنهاء الخدمات- الجزء الأول

    حلقات صوتية قيمة متخصصة في المهارات الإدارية وتطوير الموظفين والمدراء، كل أحد بإذن الله سلطان وجاسم يقدمان بودكاست جديد وأدوات تساعد الموظفين وخصوصا المدراء على النجاح في العمل

    Management in a Nutshell بودكاست ما قل ودل في إدارة الأعمال , برعاية التقدم العلمي للنشر ASPDKW@ – إحدى شركات مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

    إشترك بالمجلة الأكثر شيوعا في عالم الأعمال MIT-Sloan Management Review مترجمة للغة العربية

    رابط الاشتراك

  • علوم و فنون انترستلر – الجزء الثاني

    السلام عليكم .. في الحلقة الماضية دخلنا في عالم انترستلر .. حيث شرحت كيفية ولادة فكرة الفلم  ثم الاساسيات التي بنيت عليها قصة الفلم كما اشترط العالم كب ثورن و قبل بها المخرج كريستوفر نولان .. بعد ذلك شرعنا في الحديث عن نوع المرض الذي اصاب الارض و جعل الناس يبحثون عن كوكب بديل ثم عرجنا على الثقوب الدودية و موجات الجاذبية قبل ان ننتهي مع لحظة دخول الرواد داخل الثقب الدودي .. فاذا لم تكن قد استمعت للجزء الاول انصحك بالرجوع اليه ثم العودة لتكملة المشوار في هذه الحلقة.. و اذا لم تكن قد شاهدت الفلم من الأساس  .. فكذلك انصحك بعدم الاستماع لاي من الحلقتين و العودة لهم مجددا بعد مشاهدة الفلم كي لا افسد عليك متعة المشاهدة ..  و قبل ان نبدأ اذكر بانه هذه الحلقة من البودكاست تتأتيكم برعاية من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي .. مؤسسة الكويت لديها العديد من الكتب و البرامج العلمية الشيقة المناسبة لجميع الاعمار و التخصصات.. تابعوهم و اختاروا ما يناسبكم .. و بعد هذه المقدمة القصيرة ندخل سريعا مع الرواد في الثقب الدودي لننتقل معهم في طرف اخر من اطراف الكون انحلل ما يحدث في كوكب ميلر و نسبية اينشتاين و بعد ذلك نغوص في داخل الثقب الأسود العظيم قارقانجوا لنعاين ما يخصل بداخله من احداث..

    قبل ان ننهي الحلقة الماضية تسائلنا عن الأساس العلمي الذي بني عليه الفلم للحضارة التي فتحت البوابة الزمنية او الثقب الدودي و ظلت تغذيها بال exotic material  حتى تستفيد منها البشرية و تساعدهم للانتقال و العيش خارج الكرة الأرضية التي أصبحت في حالة في حالة مرضية مستعصية.. فاين هي هذه الحضارة و اين هي المخلوقات التي تسكنها ؟ ولكي نجيب على هذه الأسئلة لابد وان نعطي بعض المقدمات عن الموضوع حتى تتوضح الرؤية شيئا فشيئا .. في العالم الذي نعيشه.. نحن نعيش محكومين بعدد معين من الابعاد .. ٣ ابعاد مكانية و بعد واحد زماني ليكون مجموعهم ٤ ابعاد .. و هذه الابعاد مرتبطة فيما بينها كما توضح المعادلات الرياضية و كما نشهدها في حياتنا و واقعنا الذي نعيشه يوميا .. و هذا الواقع الملموس الذي نعايشه .. نحسبه و نتوقعه بل نصدق بانه هو الحقيقة .. ولكن في الفيزياء هناك نظرية تسمى بنظرية الاوتار .. لن نخوض في تفاصيلها بل سنأخذ ما هو مرتبط في فلم انترسلتر و ربما لاحقا نشرح النظرية و ما تحتويه من غرائب  .. ففيما يخص فلم انترسلتر .. هناك مفهومين نشئووا من نظرية الاوتار .. مفهوم يسمى bulk  ومفهوم اخر يسمى brane .. ..  احتاج تركز معاي شوي و بعدها نعطي مثال يقرب المعنى .. فكرة هذين المفهومين ..  انه العالم بالاوصاف و الابعاد التي ذكرتها يعتبر مثل الخلية .. فيها قوانينها الخاصة من تراكيب المواد و طريقة ارتباط الذرات وطريقة تفاعلهم  وكلها داخل خلية .. و هذه الخلية تسمى brane  .. و الكلمة مشتقة من membrane  و هو الغشاء البيولوجي .. المهم انه هذا brane  يقع و يتمركز في محيط  و كيان اكبر منه يسمى bulk  .. و هذا البالك يحتوي على عدة خلايا و يربط فيما بينهم جميعا .. و لكن مالذي يميز هذا البالك عن هذه الخلايا او البرين .. لماذا لا يعد هو نفسهم خلية كبيرة .. الفرق يكمن ان هذا البالك يحتوي على عدد اكبر من الابعاد .. أي اكبر من  الثلاث ابعاد المكانية التي نعيش فيها .. و هذا العدد مكن قد يصل الى ١٠ ابعاد مكانية  .. و يسمى كذلك  hyperspace  ..  و في هذا الهايبر سبيس او البلك .. عدد كبير من البرين او الخلايا تعيش بداخله و كل منهم له قوانينه الخاصة و ابعاده الخاصة .. والان في المثال ستقرب المعنى اكثر الى ذهنك مع التبسيط.. تخيل امامك قطعة اسفنجية مربعة طويلة .. اذا رمينه كرة بلياردو على احد أطرافها.. ستنثني الاسفنجه بقدر معين بعد تستقر الكرة .. و اذا رمينا في الطرف الاخر كرة بولنق .. ستسوي الكرة على الاسفنجة التي ستنثني للداخل اكثر كون الكتلة اكبر من كتلة كرة البيارد، .. و في طرف ثالث مثلا رمينا كتاب .. كذلك سيأخذ وضعه من حيث الانحناء على قطعة الاسفنج .. الان اذا اردنا ان نطبق المثال على مفهوم bulk  و brane  .. تكون الاسفنجة هيال bulk  .. وهو الكيان الأعظم الذي يحوي في طياته خلايا صغيرة مثل كرة البولنق و البيلياردو و الكتاب و التي تمثل brane  في النظرية .. كل منهم كيان لحالة و ليس له دخل بالكيان المجاور و لا يوجد ترابط فيما بينهم الا انهم يعيشون في كيان اعظم يجمعهم و يسمى bulk والذي شبهناه بالاسفنجه .. الان بعد ان بينا الفرق بين الاثنين ما دخل ذلك في المخلوقات التي فتحت الثقب الدودي .. الارتباط هو ان هذه المخلوقات  تعيش في خلية بها ابعاد اكبر من ابعادنا الثلاثية التي نعيش فيها و لذلك لا يمكننا ابدا ان نراهم او نتعرف عليهم فنحن نعيش في كون او خلية منفصلة عن كونهم  .. والذي يجمعنا هو bulk  .. اما طريقة تواصلهم معنا فذلك سنجاوب عليه  لاحقا عندما ندخل الثقب الأسود .. اما الان فلنقف قليلا لنتحدث عن مدى صحة الافتراضات التي قلتها قبل قليل ..  bulk and brene  هل هي حقيقية ام خيال بل خيال علمي جامح ؟ .. في الواقع كان كل ما سبق يعد من الخيال العلمي الذي يداعب خيالات العلماء عند التفكر في الكونيات  .. ولكن ذلك حتى العام ١٩٨٤ عندما توصلت الفيزياء الى شيئ جديد قد يغير مفهومنه عن الواقع الـى الابد .. فالعالم مايكل قرين و جون شوارتز توصلا الى اكتشافات مهمة للغاية في عالم ميكانيكا الكم و بالاخص الجاذبية الكمية او الكمومية  و هو من اصعب حقول الفيزياء .. و لكن للمفارقة .. كل المعادلات التي استخدموها لا تعمل الا اذا كان هناك ابعاد ستة مكانية تضاف للابعاد الأربعة في الخلية او brane  التي نعيش فيها ليكون المجموع ١٠ ابعاد .. و تم تسميتها superstring theory  .. و لكن في فلم انرستلر و للتسهيل و ابعاد التعقيدات على المشاهد .. قام العالم كب ثورن .. باختصار هذه الابعاد الستة الإضافية في نظرية  superstring theory  الى بعد إضافي واحد ليكون المجموع ٥ ابعاد و التي تكلموا عنها في الفلم fifth dimension  ..ولكن في الواقع  اثباتها التجريبي يحتاج الى تكنلوجيا متقدمة جدا و لذلك تبقى في مجال التنظير و لم يتم اكتشاف أي ابعاد حقيقية ..  و كمثال أخير قبل ان انتقل في مفاصل القصة .. و هذا المثال يقرب المعنى و يجاوب على تساؤل لماذا هذه المخلوقات التي تعيش في حضارة متقدمة يروننا و نحن لا نراهم   .. تخيل امامك ورقة بيضاء على طاولة … و اتيت بنملة ووضعتها على سطح الورقة بحيث لا تخرج منها .. فتكون النملة حبيسة هذا العالم ثنائي الابعاد طول و عرض الورقة .. فتعتقد النملة مع مرور الوقت بان هذا هو الواقع .. و ذلك من خلال ما تعيشه و هو حدود امكانياتها .. و لكن ما لا تعلمه هذه النملة المسكينه .. ان هذه الورقة موجودة على طاولة و هذه الطاولة في غرفة ..و هذه الغرفة في منزل مكون من عدد من الغرف و هذه الغرف في كيان اكبر يسمى البيت .. و هكذا .. و النملة على تلك الورقة لا تعلم بما يحيط بها من طبقات و كانه كل واحد من هذه الحواجز يمثل بعد إضافي .. و لكن في المقابل ..  انت تعلم ذلك و اذا اردت انت تصل الى النملة تستطيع النزول الى مستواها و تتواصل معها عن طريق تزويدها بالطعام او الماء او حتى بان تشق لها طريقها خارج هذه الورقة الصغيرة لتخرج من ورقتها او عالمها الصغير و و تشاهد و تعيش ابعاد اكبر لم تكن تظن انها موجودة بالأساس … اعتقد هذا الشرح يكفي ان يوصل و يبسط طريقة توظيف superstring theory   في الفلم و بيان الفروقات بين عالم الرواد و الحضارة المتقدمة التي تساعدهم ..  و ساعود لهم مرة أخرى في نهاية هذه الحلقة عندما ندخل في الثقب الأسود قارقانجوا .. اما الان فنكمل مسير القصة فهيا بنا الى كوكب ميلر ..

    بعد ان يصل الرواد في المركبة انديورينس الى الطرف الاخر من الممر الكوني او الثقب الدودي .. يكون امامهم ثلاث خيارات للهبوط على الكواكب .. كل الكواكب تدور حول الثقب الأسود العظيم قارقانجوا .. اولهم كوكب ادموند و الثاني موكب مان و الثالث كوكب ميلر .. تسمية الكواكب معتمدة على العلماء الذين هبطوا في الرحلة التي سبقتهم .. و بعد دراسة تفاصيل كل كوكب و دراسة البيانات المرسلة من قبل العلماء قبلهم من على سطح تلك الكواكب .. يتم الاسقرار على الهبوط على كوكب ميلر .. كون انه اكثر الكواكب فيه فرص مواتية لقابلية الحياة فيه .. ولكلن المشكلة تكمن في ان كوكب ميلر هو الأقرب للثقب الأسود قارقانجوا .. مما يعني مشاكل و مصاعب في الطريق .. فالجاذبية شديدة جدا جدا على ذلك الكوكب بسبب القرب من الثقب الأسود مما يعني انه الزمن يسير ابطأ على ذلك الكوكب  بالنسبة للراصد ..حسب النظرية النسبية العامة لاينشتاين .. فعمل الرواد حساباتهم .. و كانت الساعة على ذلك الكوكب تعادل ٧ سنوات أرضية .. فاتفق الرواد بان ينزلوا على ذلك الكواكب سريعا و يأخذوا البيانات المخزنة في الروبوت الذي نزل على سطح الكوكب مع العالم ميلر من الرحلة السابقة و يعودون ادراجهم سريعا .. كي لا يحدث فارق زمني كبير بالعمر بينهم و بين الاحبة في كوكب الارص و كذلك بين العالم روميلي الذي سيبقى في المركبة انديورينس و يحلل بيانات الثقب الأسود عله يحصل على معلومات يرسلها الى البروفيسور براند في الأرض بحيث تساعده في حل معادلة الجاذبية التي كان يعمل على حلها وقت انطلاقهم من الأرض .. على أي حال .. يقلع الرواد من المركبة الام انديورنس و يتجهون نحو كوكب ميلر .. و ما ان يقتربوا و و يخترقوا الغلاف الجوي للكوكب حتى يتفاجؤوا بالمساحات المائية الشاسعة للكوكب .. لدرجة انه لا توجد مساحة أرضية  الا جبال كبيرة بعيدة عن موفع الهبوط.. ولكن ارتفاع الماء لا يتعدى نص متر تقريبا و لذلك نزلت المركبة سريعا و هبطت على المسطح المائي بسلام فيبدأ الرواد تجهيزاتهم السريعة لجمع شتات الروبوت المقصود لتحليل البيانات لاحقا .. و مع اول خطوة على الكوكب يلاحظ براند و العالم دويل الذين نزلوا على السطح مع بقاء كوبر في المركبة .. ثقل الحركة بسبب جاذبية الكوكب الكبيرة التي تعادل ١٣٠٪ من جاذبية الأرض .. فيسرعوا متجهين نحو الإشارة القادمة من الروبوت .. ولكن بعد دقائق يفاجؤوا بان التي كانو يظنون بانها جبال ما هي الا موجة مائية كبيرة جدا..  تكبر و تكبر بالارتفاع عن سطح الكوكب الى ان وصل ارتفاعها الى ١.٢ كيلومتر و قادمة باتجاه الرواد .. يصرخ كوبرعليهم للرجوع الى المركبة .. و بعد احداث مثيرة تصعد براند الى المركبة و قبل ان يقلعوا من الكوكب .. تضرب الموجة المركبة بشدة لتقتل دويل الذي فشل بالدخول الى المركبة و تعطل المحركات .. فنلحل ما حدث قبل ان ننتقل بالاحداث .. الهبوط على كوكب يقع بهذا القرب الشديد من قارقانجوا .. يسبب ٣ أمور .. أولها مرور الوقت ببطئ بالنسبة للراصد من خارج اهذا المجال الجاذبي الكبير .. فيكبر بالعمر من هو خارج هذا الاطار .. فحسب فيزياء انترستلر .. جريان الوقت في كوكب ميلر ابطأ جريانه في الأرض ب ستين الف مرة .. اما الامر الثاني فهي قوى الجذب التبادلية .. و هذا الامر شرحته اكثر من مرة في البودكاست اعتقد في حلقة القمر و في حلقات عوالم زحل و عوالم المشتري .. و على السريع اذكر بها .. أي جرمين يدورون بالقرب من بعض هناك قوى جذب كل منهم يمارسها على الاخر و لكن لاختلاف القوى و مقدارها تكون النتائج مختلفة.. فمثلا في بسبب هذه القوة تحدث حركة المد و الحزر بسبب دوران الأرض و القمر و تأثيرهما على بعض .. و في قمر المشتري ايو .. من شدة فرق الكتل بين ايو و المشتري .. فان باطن القمر ايو يسخن و ترتفع حرارته كثيرا و تنفجر البراكين من سطحه.. و هذا التأثير يقودنا الى الامر الثالث في كوكب ميلر .. و هو الموجات العالية .. فمن شدة الفرق في مجال الجاذبية بين الكوكب و الثقب الأسود .. فانه الكوكب بأكمله يترنح بحركة تكاد تمزقه .. و هذه الحركة العنيفة مسؤوله عن توليد هذه الموجات العالية على سطح الكوكب .. ففي كل مره يكمل الكوكب دوران معين محسوب بمعادلات من قبل كب ثورن .. تتولد موجات مائية بارتفاعات تصل الى ١.٢ كيلو متر .. هذا السبب الأول الذي ممكن يولد الموجات .. ناتج مباشر لحركة المد و الجزر متأثرة بالتبادل الجاذبي بين الكوكب والثقب الأسود .. اما السبب الثاني المحتمل لهذه الموجات .. فهو حدوث تصدعات في قشرة الكوكب مما يسبب هزات ميلرية على وزن هزات أرضية .. و هذا ما يحدث التسونامي المتكرر لهذه الموجات .. و هو شيئ مشابه لما يحدث عندنا في الأرض و لكن لارتفاعات بسيطة طلعا .. فيمكنكم البحث في اليوتيوب تحت عنوان tidal bore .. ( اكرر التهجئة ) لتسونامي حدث في miyako city  في اليابان .. حيث سترون مشهد مشابه لما حدث في الفلم  موجه تصعد فوق موجه و لكن في الأرض و لارتفاعات منخفضة .. وهذا ما عطل الرواد و جعلهم يسقطون في فخ الكوكب لمدة  تطوف عن الثلاث ساعات .. ولكنها سنوات و سنوات أرضية طافت عل ابنة كوبر و والد براند ، كذلك العالم روميلي الذي ينتظرهم في المركبة انديورينس .. تصوير لقطات كوكب ميلر كانت في ايسلندا في فصل الصيف .. وكان المخرج نولان قد اصر على صناعة مركبة كاملة ينزلها في احد البحيرات الايسلندية لتصوير المشاهد بعد ان تعنى لينقلها عبر القارات بالنقل الجوي .. وكانت من الأمور الصعبة جدا في الفلم .. اما الرواد فقد اضطروا ان ينزلوا بالفعل الى المياه الباردة لتصوير مشاهد اللقطات كاملة  .. مما أصاب انا هيثوي التي تلعب دور الدكتوة ايميليا براند بانخفاض شديد بدرجة الحرارة بسبب نسيانها احكام اغلاق لبس الرواد و دخول المياه الباردة اليها .. و فيما يخص دقات الساعة التي تستمعون اليها في الخلفية الموسيقية فهي كذلك ليست عشوائية .. فيقال انه كل دقة تفصل بينها ١.٢٥ الثانية و تعادل يوم على كوكب الأرض ..

    بعد ان يرجع الرواد الى المركبة انديورينس في مشهد مؤثر .. يروا انه الشيب قد كسا شعر العالم روميلي .. بسبب المدة الطويلة التي كلفتهم إياها جاذبية قارقانجوا و جريان الوقت البطيئ الذي تسبب بمرور ٢٣ سنة و عدة اشه بالنسبة للعالم روميلي.وكل سكان الأرض .. فيما لم يمضي سوى ثلاث ساعات و دقائق معدودة بالنسبة للرواد القادمين من كوكب ميلر .. و هو مطابق لما جاء في نسبية اينشتاين العامة التي ربما نشرحها باسهاب في حلقة لاحقة .. و على الفور يتذكر كووبر أبنائه في الأرض .. الذي يكتشف انهم كبروا هم كذلك .. وضل يشاهد رسائلهم الواحد تلو الاخرى .. الى ان يصل الى اعمق رساله وصلته و  التي كانت من ابنته وقالت له .. اليوم عمري هو نفس عمرك عندما فارقتني و توبخه على قراره في الرحيل ..

    يتبقى امام الرواد كوكبين لاستكشافهم في رحلة البحث عن كوكب بديل للكرة الأرضية .. و في الواقع هم كوكبي مان و ادموند .. و بعد بحث و دراسة يتم ترجيح كوكب  مان كون فرص النجاح فيه اقرب .. و عندما ينطلقون اليه يلاحظون الأجواء الثلجية تكسو الكوكب .. و ذلك بسبب انه الكوكب يدور بقطر بعيد نسبيا عن قارقنجوا .. فنجد انه الغيوم غريبه نوعا ما و تكون تلجية وبعد اصطدام طفيف بالمركبة اثناء رحلة الهبوط و ذلك بسبب مكون الثلج الجاف .. و بعد ان يهبطوا يتوجهوا مباشرة الى محطة الدكتور مان ويوقظوه من النوم العميق في كبسولته .. و بعد بيان فرحته يخرج الدكتور مان  البيانات الجيولوجية للكوكب التي كان يسجلها طوال فترة بقائه والتي كان يدعي بانها واعدة جدا و تحتوي على مواد عضوية .. ولاهتمام المخرج نولان و الكيب ثورن بالتفاصيل الدقيقة للفيلم .. فان البيانات التي تخرج في مشاهد الفلم .. قد تم اعذاها من قبل طالبة دكتوراه لدى كب في معهد كاليفورنيا للتقتنية .. ولكنها أيضا كانت معادلات مغلوطة عن عمد .. لان الدكتور مان كان يكذب طوال الوقت .. و كان فقط يريد قدوم البعثة الى كوكبه لانقاذه من الموت .. و هنى نرى الطمع و الانانية البشرية في اجلى صورها .. عندما فضل انقاذ نفسه على انقاذ البشر في الأرض .. و بعد ذلك يهرب الدكتور من الكوكب و بطير الى المركبة الام ليحاول الاستحواذ عليها .. تارك كل من الدكتورة براند و كووبر في ذلك الكوكب .. عندها يتم تصوير واحد من أروع مشاهد الفلم .. عندما يفشل بالالتحام فتنفجر مركبته .. و نرى ابداع نولان .. حيث كان الانفجار بدون أي أصوات فقط نار و حطام كون الصوت لا ينتقل في الفضاء و بعد ذلك يبدء مشهد التحام مركبة كوبر بالمركبة انديورنس في مشهد ملحمي لا يمكن ان ينسى ..

    بعد ان يتخطى كوبر و ايميليا كل هذه المصاعب ..في الرحلة و تبقي القليل من الموارد و الوقود للاكمال الى كوكب ادموند .. يقرر الاثنان قرارا صعبا و مصيريا .. الا و هو الاقتراب من الثقب الأسود قارقانجوا بمسافة تضمن عدم ابتلاعهم بداخله و تضمن الحصول على زخم زاوي يدفعهم ناحية كوكب ادموند .. هذه التقنية شرحتها في اكثر من حلقة في البودكاست و عي من التقنيات التي تستخدمها وكالات الفضاء للاستفادة من زخم الكواكب .. مثل المركبة نيوهورازن في طريقها الى بلوتو ..  و يسميها كب ثورن  slingshot  .. أي كانك في مقلاع و  يقذفك الثقب الأسود بسرعة اكبر من سرعتك .. فعندما تقترب الانديورينس من الثقب الأسود قارقانجوا .. نرى ذلك المشهد المهيب للثقب الأسود .. والذي قد تم العناية في إخراجه و انتاجه و تصويره بالاعتماد على معادلات كب ثورن .. فبالكاد يكون هناك شيئ عشوائي في مشهد الثقب الأسود .. و عندما تصل المركبة انديورينس الى نقطة الإفلات من جاذبية الثقب للاتجاه ناحية كوكب ادموند .. يقرر كووبر اسقاط نفسه ناحية الثقب الأسود هو الروبوت تارز .. مبررا فعله بانه لايوجد زخم كافي للافلات من جاذبية الثقب .. فاذا هو افلت نفسه للخلف و انطلق ناحية الثقب .. فالمركبة انديورنس حسب قوانين نيوتن ستنطلق للامام لتفلت براند و المركبة من ابتلاع الثقب .. ولكن عند عمل الحسابات فان الزخم الناتج لا يساوي الكثير من سقوطه للخلف لدفع المركبة للامام .. فالمركبة كانت ستخرج على أي حال من جاذبية الثقب .. فالهدف الرئيسي هو الدخول لداخل قارقانجوا للسقوط داخل نقطة التفرد و الولوج الى المعلومات الكمومية التي يمكن ان يستفيد منها للتواصل مع ابنته و ارسال ما يمكن ارسالة اليها لإنقاذ الأرض ..  ولأنه كل ما سيحدث داخل الثقب الاسود من تصورات لطبيعة الواقع تصنف تحت الخيال العلمي و التخمينات .. فقد سمح كب ثورن للمخرج كريستوفر نولان بان يبدع في تصوراته الا انه طلب منه طلب واحد على سبيل المزاح .. لان لا يصور وجود الشيطان داخل الثقب الأسود كما فعلت ديزني في احد انتاجاتها القديمة .. و على أي حال .. تنطلق مركبة الانديورنس و بداخلها الدكتورة ايميليا براند و الروبوت كيس .. و في الجهة المعاكسة تسقط المركبة الجوالة و بداخلها الروبوت تارز و كوبر الى داخل قارقانجوا ..

    هناك الكثيير و الكثير من الأسئلة فيما يتعلق بهذا السقوط و سأبدها بلماذا لم يمت كوبر على الفور من سقوطة بداخل الثقب الأسود .. و هذا السؤال اجبت عليه بتفصيل في حلقة الثقوب السوداء من الأفق الى التفرد .. حيث بينت بان الثقوب العملاقة مثل الثقب الأسود قارقانجوا تتيح لك فرصة البقاء بدخلها مدة أيام بسيطة قبل ان تفنى .. اما الثقوب السوداء الصغيرة فهي التي تمزقك بفعل فرق الجاذبية الذي تحس فيه بين رجلك و رأسك لتتمزق بظاهرة تسمى spagitification  .. هذا باختصار ..  اما لتفصيلها يمكنك الرجوع الى الحلقة التي اشرت اليها .. عموما .. عندما يسقط كوبر و ينزل اكثر و اكثر يقذف بجسمه خارج المركبة هو و تارس و يستمر بالسقوط ليجد نفسه قد وصل الى منطقة غريبة جدا .. يجد فيها قنوات و كل قناة تحتوي على مكعبات..  و جدران هذه المكعبات من الداخل .. يشاهد عليها لحظات سابقة مر فيها عندما كان في الأرض .. و يجد فيها ابنته تعيش في غرفة نومها في لحظات و أفعال مختلفة  .. لم يستطع تفسيرها مما أدى الى خوفه و دخوله في حالة من اليأس .. في الحقيقة كووبر سقط  في مكان تم تصميمه بواسطة المخلوقات ووضع هناك قبل سقوطه الى نقطة التفرد .. و هذا المكان وجد فيه كوبر نفسه قادر  على الحركة ومعاينة محطات في حياته سابقا على الأرض .. و يسمى هذا المكان بالتيسيراكت .. و لكن ما هو التيسيراكت .. هنا نحتاج تفصيل لماهيته قبل اكمال تفسير الاحداث .. التيسيراكت يسمى بالهايبر كيوب و هو مكعب ولكن بأربعة ابعاد .. لتبسيط الامر يجب ان نشرحها خطوة بخطوة .. النقطة اذا رسمتها .. ليس لها ابعاد او أوجه .. فقط نقطة .. و لكن اذا مددت خط مستقيم من هذه النقطة .. فانك بذلك خلقت بٌعد واحد.. وهو بعد الطول ..له وجهين و هم بداية الخط و نهاية الخط .. الان اذا رسمت خط عمودي عنذ نهاية الوجهين او النقطتين .. فانك تحصل على مربع .. الذي يحتوي على أربعة أوجه .. و كل وجه  من المربع يحتوي على بعد واحد .. الان اذا حركت هذه المربع عموديا على نفسه .. فانك تحصل على مكعب.. شكل ثلاثي الابعاد .. تخيل معي المكعب .. له ستة أوجه و كل وجه من هذه الأوجه السته له بعدين .. صحيح ؟ .. بعد الطول و بعد العرض .. الان .. يمكن تشكيل التيسراكت عن طريق تحريك المكعب عموديا على نفسه .. لتحصل على ما يشبه مكعب داخل مكعب .. شكل رباعي الابعاد .. هذا التيسكيرات له ثمانية أوجه .. و اذا كان اوجه المكعب يحتوي على بعدين .. فان وجه التيسيراكت  الواحد تحتوي على ثلاثة  ابعاد.. ..  لا تجهد نفسك كثيرا .. فتخيل مثل هذا الشيئ صعب جدا جدا جدا .. كما يقول كب ثورن نفسه عن التيسيراكت .. فنحن مجبولين على تخيل الأشياء ثلاثية الابعاد بحكم العالم الذي نعيش فيه.. انما الوصف الذي ذكرته لتقريب الصورة قدر المستطاع و توضيح المفهوم بشكل عام .. ولكن لماذا كل هذا التعقيد و انشاء التسيراكت من قبل المخلوقات ؟ .. أهمية هذا التيسراكت تكمن .. في ادخال ورفع كووبر الى عالم المخلوقات ذات الابعاد الخمسة .. ألاربعة المكانية و البعد الخامس الزماني .. ليستطيع السفر عبر الزمن و التواصل مع الماضي في غرفة ابنته ليؤثر على المستقبل بطريقة ساشرحها بعد قليل .. ولكن كوبر من البشر و هو مكون من ذرات مربوطة ببعضها البعض بالطاقة النووية الضعيفة و القوية التي تربط مكونات الذرة في عالمنا الثلاثي الابعاد و لا يمكن ان يتواجد في بعد إضافي لان بنيته سوف تتلاشى فهي غير مصممة الا للتواجد في عالم ثلاثي الابعاد .. و هنى تحل الإشكالية بتواجده فقط في وجه واحد من أوجه التيسيراكت .. والذي ذكرت قبل قليل انه مكون من ثلاث ابعاد .. و هذا البعد الثلاثي في التيسيراكت الذي تم احتواء كوبر فيه .. هو غرفة ميرف .. فالان كووبر من خلال وجوده في هذه الوجه الثلاثي من الكيان الأكبر رباعي الابعاد داخل التيسيراكت .. يستطيع الحركة و التحكم بالزمن للخلف و للامام ولكن فقط في غرفة نوم ابنته الصغيرة …  ومن هنى يمكن تفسير الاحداث التي كانت تحصل في غرفة نومها .. ولكنه يستطيع فقط التأثير في الماضي عن طريق سيريان الموجات الجاذبية من التسيراكت الى العالم الذي تعيش في ابنته ذات العشر أعوام في ذلك الوقت .. فالخطوط التي كنا نراها تجري في التيسراكت هي امتدادات لذرات الغرفه و اذا حرك هذه الخطوط فان الذرات في الغرفة تتحرك .. عن طريق موجات الجاذبية التي تنتقل عبر الزمكان و تؤثر على الذرات في غرفة ميرف .. فنرى انه كووبر من خلال التيسيراكت هو الذي ارشد نفسه في الماضي ووضع احداثيات وكالة ناسا السرية.. التي اصطفت على شكل بار كود في الغرفة بعد العاصفة الترابية ..  و هو كذلك الذي كان يرسل عن طريق تشفير مورس كود رسائل الى ابنته التي حللتها و اكتشفت كلمة stay  أي ابقى  ولا تركب الصاروخ و قد أرسلها عندما كان يمر بلحظة يأس داخل التيسيراكت .. فكان ابوها هو شبحها .. و عندما استوعب حقيقة الامر و انه يمكن ان ينقذ البشرية باستخراج حل لمعادلات الجاذبية التي .. لا نستطيع استخارجها فقط من معاينة الثقب الأسود من الخارج بل يتطلب بيانات من الداخل .. طلب من الروبوت تارس تحليل المعلومات ليرسلها الى ابنته في الأرض كذلك عن طريق تشفير مورس كود من خلال تحريك عقارب ساعة يدها .. و التي ظلت محفوظة  تعاد و تعاد طوال هذه السنين من عندما كان عمرها ١٠ سنوات الى ان رجعت و بعمر الأربعين سنة أي بعد ٣ عقود و حللت البيانات التي ساعدتها في حل معادلة الجاذبية في نهاية الامر ..ربما يكون استعياب موضوع التيسيراكت هو الأصعب في الفلم .. لانه به الكثير من الافتراضات و التخمينات و كذلك يتطلب الامر الاطلاع على رسومات العالم كب ثورن في كتابه لفهم اكبر حول ما يحدث هناك .. ولكن أيضا في الكتاب يعد من اصعب الفصول ..   بعد ذلك تكون مهمة كوبر انتهت بارسال البيانات .. فنرى مشهد انغلاق التيسيراكت و زواله..  و في خضم ذلك .. تظهر صورة الدكتورة اميليا براند و هي تمد يدها في نفس اللقطة التي ظهرت  فيها وقت الدخول في الثقب الدودي .. حيث كنا نظن انا المخلوقات هي من مدت يدها و حيتها .. ولكن تبين بان كوبر هو من مد يده في وقت انغلاق التيسيراكت .. ليفتح احتمالية كبيرة جدا و إشارة واضحة من الكاتب بان من فتح هذا التيسيراكت و و ساعد البشر في بداية الامر .. هم البشر انفسهم..  و لكن عندما تمكنوا من ريادة العلم اكثر و اكثر في المستقبل البعييد جدا جدا لدرجة استطاعوا فيها ان يقتحموا ابعاد جديدة في هذا الكون و يعيشوا من خلالها.. و من ثم تظهر لقطة كوبر مغمى عليه يسبح في الفضاء بجانب كوكب زحل و هناك سفن فضائية قادمة نحوه لانقاذه ..

    نصل الان الى خاتمة الفلم ..  حيث يظهر انه البشر استطاعوا العثور على كوكب جديد بل ربما كواكب في أماكن أخرى و اصبحوا مقتدرين على السفر بين النجوم لايجاد المأوى المناسب لهم .. مما يعني انه ميرف ابنة كوبر نجحت في الاستفادة من البيانات التي أرسلها لها والدها من قلب الثقب الأسود لتحل معادلات الجاذبية و يتمكن البشر من رفع المستعمرات البشرية من الأرض و الانتقال بهم عبر النجوم .. و يقول كب ثورن ان ذلك الحل يكمن في حل خفايا ثابت الجاذبية في معادلة نيوتن فيتمكن البشر و تكون لهم المقدرة من تقليل جاذبية الأرض ألاف المرات .. بحيث يكون الصاروخ الواحد قادر على نقل و الارتفاع بمستعمرة كاملة  .. وفي الفلم يظهر كووبر بنفس عمره الاربيعيني لم يتقدم فيه الزمن بسبب جاذبية الثقب الأسود قارقانجوا الذي كان يبطئ الزمن بالنسبة له حسب نظرية اينشتاين النسبية العامة .. ولكن المفاجأة كانت هي وجود ابنته و لقاءه معها على ذلك الكوكب و هي بعمر الأربع و تسعين ..  ليصنع نولان اكبر مشهد درامي بالفلم بجانب مشهد فراق كوبر عن ابنته و مقطع مشاهدة كوبر لرسائله ابنته بعد ان أصبحت بنفس عمره .. ففي هذا المقطع بالتحديد .. الذي تكون فيه ميرف اكبر من ابيها و في كل مرة اشاهد فيها الفلم اشعر بالقشعريرة  تملئ جسمي من الكلام المعبر و المعاني في هذا المشهد فهو يجسد مشاعر الحب و الفقد و الشوق .. والوداع كذلك .. عندما طلبت منه الرحيل مرة أخرى و عللت ذلك بان على الابأء الا يروا أبنائهم يموتون امامهم .. و يخرج كووبر و هو يرى احفاده من ابنته و هم يحاوطون ميرف  في مشهد الوداع مطمئنا عليها للمرة الاخيرة ..

    و أخيرا نشاهد ان الدكتوره براند نجحت في الوصول لكوكب ادموند في تلك المجرة البعيدة و على ما يبدو نجحت كذلك في بناء بذور مستعمرة بشرية هناك.. و هنا ينتهي الفلم من الشاشة .. و تبتدئ مع نهايته الكثيير من التحليلات حول الخاتمة و النظريات الفنية قرأت الكثير منها.. بعضها يبين انه النهاية واضحة جدا مثل ما شاهدنا و البعض الاخر يتكلم بنظريات غريبة   اغلبها تصنف كتخمينات.. و لكن احده هذه القراءات استوقفني فعلا و احب ان اشاركه معكم قبل الختام ..

    و لانه هذا احد أفلام العبقري كريستوفر نولان .. يجب عدم التسليم بما تراه على الشاشة العملاقة بانه المقصود من القصة هو ما تراه في عينك و ما يعرض لك الى الاخر.. فكما فعل في أفلام سابقة مثل the prestige  و inception .. هناك اكثر من نهاية يمكن ان تحمل الفلم عليها .. فأحد التحليلات الغريبة تقول بان كووبر قد مات منذ لحظة خروجه من الثقب الأسود و اقفال التسيريكات عندما قال ماذا سيحدث الان .. في إشارة الى انه سيموت و لايعلم ماذا بعد الموت .. فنشاهد بعدها كوبر يمشي في الكوكب الجديد الذي كان على شكل ممر و في نهايته ضوء .. أيضا إشارة الى احد المعتقدات  ما بعد الموت و التي يرويها من لهم تجربة الاقتراب من الموت و هي المشي في نفق في نهايته اضاءة .. ثم التلميح الكبير هو عندما دخل على ميرف و هي طريحة الفراش .. لم يعامله الاحفاد باي نوع من الحفاوة كانهم لا يرونه و كذلك عندما يغادر الغرفة يثبت عينه على ابنته ميرف و لايرى سواها في الغرفه و تستمر العائلة بعدم المبالاة فيه و هو يخرج .. بدون أي وداع .. مما يعزز موقف انه ميت و غير موجود .. واخر ما يعزز هذه النظرية .. هو الحديث الذي دار بين كووبر و بين الدكتور مان على الكوكب الثلجي .. عندما سأله الدكتور مان عما يراه الانسان عند الموت فاجابه بانك ترا ابناؤك و هو ما رآه بالنهاية .. هذه كلها اجتهادات و قراءات للفلم و نهايته و غيرها الكثير .. على الرغم من اني افضل النهاية الطبيعية للفلم

    و بذلك يكون هذا كل ما لدي للكلام  عن افضل و اجمل أفلام الفضاء في التاريخ حسب ما اعتقد شخصيا لما يحمله من رسائل إنسانية وخيال علمي و  بنية علمية قوية جدا في كل زاوية من زوايا الفلم .. ارجوا ان تكونوا قد استمتعتم معي في هذه الرحلة داخل عالم انترسلتر على مدار حلقتين .. على امل اللقاء بكم في مواضيع جديدة في برنامجكم الكون بودكاست .. فحتى ذلك الحين كونوا بخير والى اللقاء.

  • 326 متابعة العمل بالايميل

    حلقات صوتية قيمة متخصصة في المهارات الإدارية وتطوير الموظفين والمدراء، كل أحد بإذن الله سلطان وجاسم يقدمان بودكاست جديد وأدوات تساعد الموظفين وخصوصا المدراء على النجاح في العمل

    Management in a Nutshell بودكاست ما قل ودل في إدارة الأعمال , برعاية التقدم العلمي للنشر ASPDKW@ – إحدى شركات مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

    إشترك بالمجلة الأكثر شيوعا في عالم الأعمال MIT-Sloan Management Review مترجمة للغة العربية

    رابط الاشتراك

  • علوم و فنون انترسلتر – الجزء الأول

    السلام عليكم .. في الحلقة الماضية تكلمنا عن اهم الأفلام التي صنعت في مجال الفضاء و الكونيات .. واستعرضت قائمة من ١٠ أفلام تكلمت فيها باختصار عن كل فلم و اهم مميزاته العلمية والفنية .. و كان فلم انتيرستيلر قد حل في المركز الاول و قد وعدت بان اخصص حلقة كاملة لشرح اهم المفاهيم العلمية التي طرحت في الفلم ..ولكن بعد مراجعة تفاصيل الفلم تبين انه من الأفضل ان اقسم المفاهيم التي سأطرحها الى حلقتين  .. حلقة أولى سأتكلم بنبذة بسيطة عن بذور ولادة هذا الفلم منذ العام ٢٠٠٥ في خلد العالم الفيزيائي كيب ثورن الى ان تحول لواقع في هوليوود في العام ٢٠١٤على يد المخرج كريستوفر نولان .. ثم اشرح مفاصل القصة الرئيسية و اهم المبادئ العلمية التي بنيت عليها مثل الأسباب البيلوجية التي أدت لتقهقر الحياة على كوكب الأرض .. ثم الثقوب الدودية  ..  تلك الممرات الكونية التي تفتح لنا افاق لطي المسافات الشاسعه.. ونتعرض لموجات الجاذبية و غيرها من التفاصيل .. و في الحلقة القادمة.. نكمل المسير في القصة ونتوقف عند كل مفصل رئيسي في القصة و نشرح العلم المبني عليه ..  و قبل كل شيئ انوه بان هذه الحلقة من البودكاست تتآيكم برعاية من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي .. مؤسسة الكويت لديها العديد من البرامج و الكتب العلمية الشيقة و المناسبة لجميع الاعمار و جميع التخصصات .. تابعوهم و اختاروا ما يناسبكم ..

    اذا لم تكن شاهدت الفلم حتى الان يفضل ان توقف سماع هذه الحلقة و تعود لها لاحقا .. لاني حقا لا اود ان افسد عليك متعة مشاهدة الفلم .. و الان هيا بنا الى عالم انتيرستيلر

    فكرة فلم انتيرستيلر زرعت بذورها و رسمت ابعادها في عقل العالم كيب ثورن الحاصل على جائزة  النوبل في الفيزياء لعظيم ماقدم في مجال موجات الجاذبية منذ زمن بعيد قبل الفلم حتى بعشر سنوات .. فكانت رغبته دائما في صنع فلم علمي مشوق باساسيات علمية رصينة .. و لحسن الحظ .. أقول حظنا و حظ كيب .. ان تكون صديقته ليندا ذات معارف و علاقات بدهاليز هوليوود .. فقد عملت سابقا مع العالم كارل سيقان في اخراج سلسلة كوزموز و كذلك فيلم كونتاك .. و الذي بالمناسبة حل في المركز الثاني في قائمة الأفلام التي صنفتها في الحلقة الماضية .. ففي احد الأيام سأل كيب صديقته ليندا عن كيفية صنع فلم عن الثقوب السوداء و الثقوب الدودية و ابعاد رابعة و خامسة و يكون في نفس الوقت مشوق و جميل و يحبب الناس في العلوم و يشجعهم عليه .. فكان رد ليندا إيجابي جدا و رحبت بالفكرة و مند ذلك الوقت بدأت بالبحث عن مخرج كبير يدير هذا العمل و بدأ كيب بكتابة العلوم التي سنناقشها على مدار حلقتين .. و بالفعل بعد ذلك بمدة حصلت ليندا على موافقة ستيفين سبيلبيرغ مخرج فيلم تايتانك و افاتار لاخراج فيلم انتيرستيلر .. بعدما فتن بجمال القصة و امكانياتها في النجاح و لكن طلب التأجيل لارتباطه في اخراج أفلام أخرى .. و من جهة كتابة النص أوكلت المهمة للكاتب الفذ جوناثان نولان و هو اخ المخرج كريستوفار نولان .. الذي اجتهد في كتابة نص الفلم و لكن كان هو الاخر مرتبط في سلسلة افلام the dark knight  و بعدها فلم inception  فظلت كتابة الفلم تتأجل و تتأجل .. الى ان اعلن ستيفين سبيلبيرغ انسحابه من الإخراج بسبب الميزانية الضخمة التي سيكلفها اخراج الفلم .. حزن كيب كثيرا لهذا الخبر و لكن لم يلبث بعدها فترة طويلة من الزمن ..  الا وقد فتح بريده الالكتروني ليجد رسالة من كريستوفر نولان يطلب منه اجتماع ليكون هو مخرج الفيلم.. وكان ذلك بمثابة الهدية الغير متوقعة من السماء الى كيب ثورن.. ومن تلك النقطة كانت البداية العملية لأينترستلير.. و كان من اهم ما اتفق عليه العالم كيب مع كريستوفر نولان بان تكون احداث القصة مبنية و أساسها حول ثلاث بنود و ارضيات ..وهي اما ان يكون لها أساس علمي مثبت و رصين لا يقبل مجال للشك  مثل النظرية النسبية لاينشتاين .. او ان يكون هناك افتراض مدروس educated  guess  كما سماه كيب ثورن .. مبني على نظريات علمية ولكن نتائجها قابلة للتأويل و الاحتمال مثل نظرية الاوتار التي وظفت بشكل مثالي في الفيلم كما سنرى .. او الأساس الثالث و الأخير التي ممكن ان تبنى عليه قصة و احداث الفلم .. ان يكون مجرد تخمين .. ولكن تخمين علمي يستحسنه ويقبله العلماء كاحتمال وارد .. حتى لو كان احتمالية حدودثه ضعيفه جدا  ..و ذلك لفتح مجال اكبر من الخيال التي ممكن تستند عليه القصة فبالنهاية هو فلم .. اما و بعد ان عرفنه قصة نشوء الفلم بين هؤلاء الكبار في مجالاتهم و عرفنا الأرضية التي سيبنى عليه الفلم .. فلننتقل الى سرد القصة و بيان تفاصيلها العلمية والفنية..

    تبتدأ احداث قصة الفلم في بيان وضعية كوكب الأرض من حيث قابلية الحياة و صعوبة التعايش في الكرة الارضية التي بدأت و كانها تشيخ بعد ان مرضت بسبب كارثة جعلت النباتات فيها تموت تدريجيا و بالتالي ضربت أساس من اساسيات الحياة و سلسلة الغذاء فيها ..  فتتأثر الحيوانات التي تتغذى على النباتات و بدورها الحيوانات التي تتغذى على الحيوانات النباتية و بعد ذلك يتأثر مخزون الانسان من جراء ذلك .. و لا يكون لدى البشر قدرة على زراعة أي نوع غير الذرة التي تبدو هي الأخرى في طريقها الى الزوال .. و بسبب هذه الأحوال و موت النباتات .. تسوء الأحوال الجوية و تكثر العواصف الترابية مما يؤثر على مجموعة كبيرة من البشر التي لديها حساسية من التراب .. فيموت عدد كبير من الناس و يقل التعداد السكاني .. و كانه الأرض تحتضر و لا حول ولا قوة امام البشر .. هذا باختصار مقدمة  للقصة ..  وفي الفلم تم الإشارة الى انه سبب هذه الكارثة شيئ يدعى  blight  و هو المسؤل عما احل في النباتات .. ولكن blight هي كلمة عامة تطلق على أي مرض يصيب النباتات بسبب عوامل مختلفة مثل الفايروسات او البكتيريا او الدود او الميكروبات بشكل عام .. فما هو السبب العلمي التي ممكن ان تستند اليه هذه الكارثة التي حلت في كوكب الأرض .. و لاجل الجواب على مثل هذا السؤال قام العالم كيب ثورن بدعوة عدد من العلماء المختصين في النباتات و في الميكروبات و كان من بينهم العالم ديفيد بالتيمور الحائز على جائزة النوبل في الاحياء .. و قام كيب بوضع ميكروفون بمنتصف الطاولة و دار اجتماع لمدة ساعتين ونصف من النقاشات العلمية حول النظريات التي ممكن ان تؤدى الى صناعة ذلك المرض الذي يصيب الأرض في انتيرستيلر .. وكان هناك عدة اقتراحات..  منها..  تطور فايروسات استطاع الجسم البشري مقاومتها و لكن النباتات لم تتكيف معها فاضرت بالسلسلة النباتية و بدأت بتدميرها .. و كان هناك اقتراح تطور فايروس مثل الايدز ولكن بدل ان ينتقل بالطرق المعروفة طور نفسه مع الزمن لينتقل عن طريق السعال او الهواء مثلا .. او سيناريو ذوبان الأقطاب الجليدية بسبب الاحتباس الحراري مما يطلق بكتيريا كانت مخزنة في باطن الجليد حفظت منذ العصور الجليدية ولا يستطيع احد مقاومتها بعد ان تنطلق في الهواء .. و غيرها من الاقتراحات و كلها يدور في فلك ما يسمى ب blight  .. و من عندها ظهرت فكرت انه ميكروب يصيب النباتات فيؤثر على عملية البناء الضوئي و بالتالي تزيد نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو و تقل نسبة الاكسجين شيئا فشيئا ليختفي في نهاية الامر و تموت كل الحياة في الأرض .. و هو ما أشار له البروفيسور براند في الفلم عندما اخبر كووبر بان الاكسجين الذي نتنفسه هذه الأيام مكون 80٪ من النيتروجين و كمية اقل من الاوكسجين .. و هو ما لا نستهلكه و لكن يستهلكه ال  blight و يتغذى عليه ..  مثل هذا السيناريو ممكن ان يحدث على الأوراق العلمية و لكن بشروط و مقدمات تقريبا تعجيزية و باحتمالية جدا ضعيفة .. و لذلك وضعها العالم كيب ثورن في كتابه تحت خانة التخمين.. و   ننتقل للامام في القصة .. هناك أمور فنية من الجميل توضيحها فيما يخص منزل كوبر و حقل الذرة الذي تم تصوير الاحداث فيه بالفلم و الغبار كذلك .. و هي انه هذا الحقل و هذا البيت لم يكن موجود أساسا .. ولكن المخرج نولان اصر على إيجاد بقعة مناسبة لكي يبني كل ذلك .. فبعد عملية بحث مضنية .. وجد في ضاحية كندية مبتغاه .. حيث كانت أرضية زراعية مبسوطة و استطاع ان يستأجرها من صاحبها و ان يبني فيها البيت القديم المهترئ كما أراد و كما يناسب احداث الفلم .. اما مزرعة الذرة فقد استطاع ان يقنع نولان صاحب الأرض بان يزرع ١٢٠ هكتار من الذرة. في مقابل ان يأخذ صاحب الأرض محصول الذرة في نهاية الفلم و هو ما حصل ..اما بالنسبة للعواصف الترابية التي كانت تظهر في مشاهد الفيلم .. فكذلك نولان لم يترك مجال للكمبوتر فيها .. حيث استأجر مراوح عملاقة وكان ينثر التراب من امامها و خلف الكامرات ليكون تلك العواصف الترابية و يخصل على واقعية اكثر للمشاهد.. فكل تفصيل فيما يخص الفلم و المزرعة قد تم دراسته و هندسته بعناية كما هو الحال في باقي عناصر الفلم كما سنرى بعد قليل

    بعد ان تمضي احداث الفلم و تبين ما سردته قبل قليل من احتضار الأرض .. تلاحظ ميرف ابنة الرائد كووبر .. بعض المشاهدات الغريبة التي تحدث في غرفة نومها .. فبعد موجة من الغبار الذي يتسلسل الى البيت تلاحظ انه هناك خطوط طولية من التراب المتراكم يتشكل على أرضية الغرفة .. مما اثار حيرتها و كذلك كان هناك ساعة اليد التي تتحرك عقاربها بطريقة غريبة في تلك الغرفة ..  فكانت ميرف تقول لوالدها ان الاشباح هي المسؤولة عن ذلك .. ولكن يعارضها كووبر بانه لاوجود للاشباح و انما شذوذ مغناطيسي محتمل في هذا المكان .. و بعد ان يحلل الخطوط يكتشف انها لاحداثيات خطوط طول و عرض على الخريطة .. ليعزم الذهاب الى ذلك الموقع .. و بعد ان يمضي الى ذلك المكان تسسلل ميرف الى داخل السيارة دون علمه.. ليكتشف لاحقا ان الاحداثيات هي موقع سري جدا لوكالة ناسا.. و بعد محادثات مع المسؤولين هناك و على رأسهم البروفيسور براند .. الذي يشرح لكووبر عن مهمة سرية تعتزم ناسا ارسال رواد فضاء من الأرض فيها ليجدوا كوكب بديل عن الأرض .. فيتفاجأ كووبر بهذه المهمة المستحيلة.. فالجميع يعلم بان اقرب نجم شمسي ممكن ان يكون مأهول .. هذا بحذف جميع الافتراضات و الاحتمالات التي تنهي عدم أهلية الكوكب .. هي ١١ سنة ضوئية مما يتطلب ١١ سنه لمركبة تسير بسرعة الضوء .. و لكن البروفيسور براند يشرح لكووبر عن وجود ثقب دودي بالقرب من كوكب زحل قد كشف عن وجوده موجات جاذبية تصدر بالقرب منه .. و في الطرف الاخر من الثقب الدودي هناك ثلاث كواكب تدور حول ثقب اسود عملاق و يحتمل ان يكون احد هذه الكواكب قابل للحياة..  و قد سبق ان أرسلت ناسا رحلة سرية ولكن انقطعت اخبار الرواد .. و هذه الرحلة الجديدة هي بمثابة الامل الجديد للبشرية.. هذا يعتبر المفصل الثاني في القصة .. فلنحللالان  ما جاء فيه ..فقد ودر مصطلح الثقب الدودي و موجات الجاذبية .. ولكن ما هو الثقب الدودي و ما هي الموجات الجاذبية و سافصل قليلا في الثقوب الدودية لاني كنت انوي اعمل لها حلقة منفصلة بعد سلسلة الثقوب السوداء ولكن لم تحصل الفرصة و الان اراها مناسبة.. على أية حال  .. الثقوب الدودية هي عبارة عن ممرات و قنوات كونية تختصر لك المسافات في الفضاء فان دخلت انت في طرفها ..  تخرج في مكان اخر بعيد في المجرة  او حتى في مجرة أخرى .. ولكن كيف اكتشفت و هل هي موجودة فعلا .. الثقوب الدودية هي حل خاص لمعادلة المجال لاينشتاين و تسمى the shwarchilds wormhole  .. تم الوصول لها رياضيا عن طريق العالم فلام في العالم ١٩١٦ مباشرة بعدما نشر اينشتاين نظريته النسبية العامة ولكن لم يلتفت احد الى حل العالم فلام الى ان جاء اينشتاين بنفسه في العام ١٩٣٥ هو و العالم نيثان روزن الى نفس النتيجة التي توصل اليها فلام قبلهم ب ١٩ سنة تقريبا .. و تسمى حاليا جسر اينشتاين روزن .. و لم تكن تسمى حينها ثقوب دودية .. الى ان جاء العالم جون وييلر ليطلق على هذه الممرات هذا الاسم.. ولنقرب معنى الثقوب الدودية و طريقة عملها .. تخيل معي ان هناك امامك تفاحة و قد وضعت عليها دودة في الجهة الشمالية للتفاحة .. الان اذا ارادت للدودة ان تذهب الى الجهة الجنوبية للتفاحة عليها ان تمشي على سطح التفاحة بطريق منحني من الأعلى الى الأسفل .. و هذا ما يمثل الابعاد الأربعة التي نعيش فيها .. ٣ ابعاد مكانية و بعد واحد للزمن.. ولكن هناك طريق مختصر لهذه الدودة و هي ان تحفر من خلال التفاحة أي من داخلها .. من الأعلى الى ان تصل الى اسفل التفاحة و بذلك تجد طريق مختصر اقصر من المنحني على السطح يوصلها لنفس المكان و بمسافة اقصر .. ولكن هذا البعد ليس من عالم الدودة انما بعد جديد يضاف للابعاد التي تعيش فيها و يسمى hyperspac  .. ممكن مثال ثاني يقرب المعنى اكثر .. تخيل لديك ورقة بيضاء .. ارسم بالطرف الأيمن للورقة نقطة و وضع في الطرق المقابل له في اليسار نقطة .. الان هذا الشكل المربع الذي امامك يتكون من بعدين.. بعد الطول و بعد العرض  ..الان ..  اذا وضعت نملة على النقطة اليمين .. فاقصر طريق لها كي تصل الى النقطة في اليسار هي ان تمشي بخط مستقيم يصل النقطتين .. و لكن حسب الثقوب الدودية هناك طريق مختصر ثاني يقصر المسافة .. و هو ان تطوي الصفحة بحيث تتطابق النقطتان تحت بعض .. فاذا ثقبت الورقة .. تكون وصلت النقطتين و يكون اقرب طريق يصلهم و يختصرلك المسافات التي كانت ستقطعها النملة اذا مشت في خط مستقيم ..

     هذا من حيث المبدأ و النظرية .. ولكن ماهو بالضبط الثقب الدودي .. في المعادلات .. هو مثل الثقب الأسود .. ولكن بدل ان ينتهي بك المطاف الى نقطة التفرد في الثقب الأسود .. هو موضوع شرحته بثلاث حلقات سابقة .. على العكس في الثقب الدودي .. تفتح لك بوابة في مكان اخر من الكون .. ولكن لنكن واضحين في هذه النقطة .. الثقوب الدودية .. هي ثقوب نظرية بحته .. موجودة في الورق و المعادلات و لم يتم رصذ أي منها في الحقيقة و الواقع .. على عكس الثقوب السوداء التي تمكنه حتى من تصوير افق حدثها في العام الماضي .. و الثقوب الدودية أصبحت مادة دسمة تستخدك بكثرة في افلام الفضاء و الخيال العلمي وستق ان استخدمت في فلم كونتاكت .. حيث جاء العالم كارل سيقان الى كيب ثورن في تلك السنة وكانت فكرته ان سيتخدم ثقب أسود للتنقل عبر الزمن و لكن كيب نصحه باستخدام ثقب دودي لانه ذلك اسلم من الناحية العلمية .. و لكن اين تكمن المشكلة مع الثقوب الدودية ؟ .. عندما يراجع العلماء الرياضيات الخاصة فيها .. يجدون ان هذه الثقوب تولد و تنمو و تكبر ثم تموت أي بمعنى تختفي .. ولكن المشكلة الحقيقة هي في حجمها و في سرعة اختفائها .. بمعنى انه هذه الثقوب غير مستقرة على الاطلاق فهي يمكن ان تفتح لفترة تقدر باجزاء من الثانية قبل ان تغلق مجددا و تختفي .. و لكي تحل هذه المشكلة .. أي سرعة  انغلاق الثقب .. يقترح ثورن انه يمكن البقاء على الثقب مفتوح فترة أطول .. عن طريق تغذيته بمادة تعمل على إبقاء جدران الثقب متباعدين قدر الإمكان و تعمل هذه المادة بعكس قوانين الجاذبية بحيث تعمل مثل القوى الطاردة للخارج  .. بمعنى مادة ذات طاقة سالبة ..و يسمي الفيزيائيين هذه المادة exotic material و على الرغم من اننا لم نجد لها مثيل في الطبيعة حتى الان و لكن فيزيائيا لا يوجد ما يمنع وجودها .. بعد هذا التفصيل حول الثقوب الدودية نعود الى انتيرستيلر .. اذا كيف يعالج الفيلم مسألة خلق الثقوب في ذلك المكان بجانب زحل و عدم انغلاقه حسب ما تشير المعادلات بل على العكس ظل مفتوح لسنوات .. هنى يعلق كيب ثورن بان وجود مثل هذه الثقوب في الطبيعة بهذه الطريقة امر مستبعد لحد يصل الى الاستحالة بسب الاحتمالات الضئيلة ولكنه في الفلم يفترض وجود حضارة متقدمة جدا جدا هي المسؤولة عن فتح هذه البوابة من الأساس و هي المسؤولة عن تغذيتها بال exotic material  لكي لا تغلق و هي تساعد البشر لتخطي محنتهم التي يمرون فيها بالأرض و يشار لهم في الفيلم دائما بكلمة they  او them  ..و هي إشارة لمخلوقات خارجية تساعد الرواد و البشر بشكل عام للنتقال خارج الأرض .. هذا ما يخص الثقب الودي حتى الان .. ولكن ارجع الى نقطة ذكرتها قبل ان انتقل في القصة .. و هي كيف اكتشفت ناسا في الفلم وجود الثقب الدودي .. و قد ذكرت بان ذلك كان عن طريق تسجيلات لموجات الجاذبية سجلها البروفيسور براتد و حللها على مدار أعوام قبل ان يفطن الى طبيعتها مكانها و ما تمثله في الحقيقة.. ولكن ما هي موجات الجاذبية  .. باختصار هي تموجات في نسيج الكون الزمكان تحدث نتيجة ارتطام او اندماج جرمين سماويين ضخمين من قبيل الثقوب السوداء او النجوم النيوترونية .. و هذا ما حدث في الفيلم .. فبروفيسور براند رصد هذه الموجات عن طريق مرصد لايقو لمدة طويلة وكانت تشير الى انه منشأها من نجم نيوتروني ولكن الغريب كان موقعها و هو حول كوكب زحل .. فكيف ذلك .. و لكن بعد التحري و التحليل .. تبين بان هذا النجم النيتروني يدور في الطرف الاخر من الثقب الدودي حول الثقب الأسود العظيم في الفيلم قارقانجوا .. و هذه التموجات في الفضاء كانت تنتقل عبر الثقب الدودي و تصل لاحقا الى الأرض .. و هذا كان السر وراء اكتشاف الثقب الدودي ..

    وكانت الخطة في الفيلم تقتضي ان ينتقل الرواد للطرف الاخر ليجدوا الكوكب المناسب لسكان الأرض و في نفس الوقت يعمل البروفيسور براند على حل معادلة للجاذبية والتي كان يدعي انه فقط ينقصه القليل ليصل الى حل نهائي و الذي ما ان يتمكن من الوصول اليه .. سيساعد البشر في التغلب على مشكلة الجاذبية و ينقلهم بسرعة و بطريقة انجع الى المكان الذي يستقر عليه العلماء في نهاية المطاف .. وكان دائما يشار اليها في الفيلم ب The Equation  .. و لكن في الحقيقة كان البروفيسور براند يكذب لانه بعيد كل البعد عن حل مثل هذه المعادلة و كانت خطته الحقيقية هي ارسال الرواد مع بويضات بشرية ملقحة لكي تكون هي بذرة الإنسانية في العالم الجديد الذي سينتقل اليه الرواد في الطرف الاخر للكون و يكملون مسيرة الانسان في الحياة و بذلك يتم التخلي عن كل من كان موجود في كوكب الأرض .. ولكن على أية حال يقتنع الرواد وهم دكتور براند و هي ابنة البروفيسور و الدكتور الفيزيائي روميلي و معهم كووبر الذي هو على وشك الرحيل مخلفا ورائه ابنته ميرف الذي تربطه فيها علاقة خاصة جدا و التي تضفي بعد درامي لا يوصف في الفلم .. كما شاهدنا في المشهد الذي يركب فيه الصاروخ بعد ان ودعها و هي غاضبه غير راضية عن قراره و وعدها بان يتواصل معها في كل ما سنحت الفرصة.

    ينطلق الرواد مع الروبوتين TARS و CASE متجهين الى كوكب زحل في رحلة مدتها عامين ليصلوا الى الثقب الدودي الذي بجانبه مستخدمين المركبة الفذة اندورينس .. ولأنه هذه المركبة تلعب دور مهم و محوري في الفلم أرى من المناسب ان نتكلم عنها و نشرح بعض ما يخصها .. شكل المركبة تم تصميمه بعد زيارات متعددة لكيب و نولان الى وكالة ناسا و كذلك الى سبيس اكس عند الون ماسك .. ليكون الشكل النهائي للاندورينس دائري بقطر ٦٤ متر أي تعادل ١ ٪ من قطر الثقب الدودي..  و تتكون المركبة اندورينس من ١٢ حجرة او وحدة كما رسمها كيب و يربط بينهم جسر من الجانب مقوس يمكن من خلال هذا الجسر ان يتنقل الرواد الحجرات .. و من في منتصف كل حجرة هناك جسر يمتد الى المركز و الذي يعتبر مركز و محطة اقلاع و التحام للمركبات .. التي هي مجموع طائرتين و جوالتين على سطح الكواكب التي سينزلون فيها  ..اما الحجر فهي مقسمة كالتالي .. ٤ حجرات لسكن الرواد و المعيشة و ٤ لمحركات المركبة نفسها .. و ٤ حجرات لطائرتين و جوالتين سيسخدمها الرواد للانتقال من الاندورينس الى الكواكب و العودة مرة أخرى للمركبة الام ..هذا فيما يخص مكوناتها .. اما الشكل فقد صممه كيب دائريا ليكون مصدر الحركة .. هو نفسه مولدا للجاذبية .. التي تسهل عمل و حركة الرواد في الاندورينس .. فكما نلاحظ في الفيلم الرواد لا يطيرون مثلما يحدث في محطة الفضاء الدولية و ذلك بسبب الجاذبية الصناعية التي تولدها الحركة الدائرية للمركبة .. و تصميم المركبة غير عشوائي نهائيا من ناحية المواد فقد فصل العالم كيب نوعية المواد فهي غير مصنوعة من الحديد الصلب .. لانه المركبة اندورينس ستصادف ثقوب دودية و ثقوب سوداء والتي ستعمل على تشوه التركيب من خلال قوة الجذب التبادلية بين المركبة و هذه الاجرام عندما تقترب منهم .. فقد كان تصميمها من الفايبرز و بسماكة مدروسة تستطيع من خلالها ان تكون مرنه عندما تواجه مجالات جاذبية ضخمة مثل الثقب الأسود قارقانجوا .. و هناك كذلك نقاط علمية في احداث الفلم مرتبطة في المركبة سنمر من خلالها و لكن في الحلقة القادمة .. اما من الناحية الفنية فمن الصادم ان تعلم ان لتمثيل مشاهد الفلم داخل المركبة .. لم يستخدم كريستوفر نولان الكمبيوتر .. فكما يقول كيب اتصل علي المخرج نولان و دعاني الى الاستديو لاصدم بالتحفة الفنية التي اراني إياها .. فقد قام بصناعة المركبة لكي يتم تصوير الاحداث بداخلها .. و قد استخدم كريستوفر نولان اكبر منصات هوليوود لصنع المركبة و للمفارقة هي نفس المنصة التي صنع عليها كهف باتمان في سلسلة ذا دارك نايت .. كل ذلك في سبيل ان تظهر تفاصيل الفلم حقيقية قدر الإمكان و بدون مؤثرات الكمبوتر .. و هناك تفاصيل أخرى لبدلات الرواد لانها أيضا غير عشوائية ولكن لو اخوض فيها لانه المتبقي كثير جدا .. في الفيلم بعد ان ينطلق الرواد في الاندورينس نلاحظ انهم عندما يخلدون الى النوم يدخلون داخل كبسولة فيها على ما يبدو ما يشبه ماء دافئ للنوم.. ولديهم إمكانية تحديد الوقت الذي يريدون الاستيقاظ فيه .. و تسمى هذه العملية بhyper sleep  و هي تقلل الاجهاد الحركي و العضلي للرواد طوال رحلتهم الطويلة و تقلل من استهلاك المغذيات ..اما الماء فمن الممكن ان يعمل على تقليل تعرض الرواد للاشعاع الفضائي وقت نومهم الطويل .. و هذه كلها توقعات ..  طريقة عمل هذه التقنية غير معروفة تماما ولم اجد تفسير لها في كتاب العالم كيب ثورن و بالتالي استنتج انها تندرج تحت بند التخمين العلمي الذي تكلم عنه كيب حول الأساسيات التي سيعتمد عليها في القصة..

    بعد ذلك ومع مرور الوقت والاحداث في الفلم يصل الرواد الى الثقب الدودي الذي تم تصويره بعناية فائقة بالاعتماد على معادلات كيب .. و ما ان يدخلوا الى الداخل حتى يحصل امر غريب للدكتورة براند .. فتفتح مثل بوابة او شيئ غريب في الفراغ و يمتد منها مثل اليد لتمد هي بدورها يدها و يحصل مثل التلامس بينهم .. و يقتنع الرواد بانه هذه لابد ان تكون إشارة و ترحيب من المخلوقات في الحضارة المتقدمة جدا و التي بنت و فتحت هذا الثقب الدودي …. ولكن علميا و حسب الأساسيات الثلاث التي وضعها و اعتمدها كيب ثورن كيف يمكن تبرير ذلك .. فهذا ما سنناقشه في الحلقة القادمة ونبين موقعه من العلم قبل ان نكمل تفسير مفاصل القصة من نسبية اينشتاين في كوكب ميلر و الأمواج الضخمة و السقوظ في قارقانجوا و التعقيد التيسيراكت و الكثير الكثير من الاحداث الشيقة التي سأسعى لتبسيطها قدر المستطاع .. فما سردت اليوم من احداث القصة و تفسيراتها العلمية ما يعتبر الا مقدمة لما سيحدث في الحلقة القادمة .. فحتى ذلك الحين اترركم في رعاية الرحمن و حفظه .. الى اللقاء.

زر الذهاب إلى الأعلى