• التوأم الأزرق – الجزء الأخير

    السلام عليكم .. في الحلقتين الماضتين ابتدأنا رحلة بحث في كواكب المجموعة الشمسية .. ولكن لم تكن رحلة اعتيادية .. فقد كانت بين سطور التاريخ لمعرفة اهم المعلومات الخفية وراء اكتشاف كوكب اورانوس و السعي الحثيث لاكتشاف كوكب ثامن في المجموعة الشمسية .. مما أدى الى تشكيل مجموعة من علماء الفلك اطلق عليها شرطة السماء والتي استعملت مهاراتها الرصدية و الرياضيات العبقرية التي ألفها في حينها الرياضي الشهير فريدريك قاوس لنفس الغرض..  ليكشفوا عن وجود حزام للكويكبات يدور في مدار خاص بين كوكبي المريخ و المشتري .. و في حلقة اليوم سنتعلم الكثير من المعلومات بالتنقل ما بين المعلومات الفلكية و بين تاريخ العلوم بين الأمم ..  و قبل ذلك انوه بان هذه الحلقة من البودكاست تتآيكم برعاية من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي .. مؤسسة الكويت لديها العديد من البرامج و الكتب العلمية الشيقة و المناسبة لجميع الاعمار و جميع التخصصات .. تابعوهم و اختاروا ما يناسبكم.. اما الان فنرجع بالزمن و نسير بجانب العلماء لنستكشف حقبة مهمة من حقبات تأسيس العلوم الحديثة.

    من خلال بحث العلماء لاكتشاف كواكب جديدة الذي أدى بهم لاكتشاف حزام الكويكبات .. كانت حركة و مسار الكوكب اورانوس تأخذ منحنى غريب و صعب ..  بحيث ادرك العلماء وجود شيء لا يمكن تفسيره في حركته .. في البداية ظنوا انها مسألة بسيطة .. ولكن مع مرور الوقت اكتشفوا بانه اورانوس لا يتبع أي نمط فلكي معروف بالحركة ولا يمكن التنبأ على موقعه بدقة في السماء بالاعتماد على المعادلات الرياضية المعروفة حينها .. فكان التحدي الرئيسي بين الفلكيين و الرياضيين في تلك الحقبة ان يجدوا حل لهذة المشكلة .. فحاول العلماء كثيرا لايجاد معادلة تلخص و تشرح حركة اورانوس .. ولكن كل محاولاتهم باءت بالفشل .. و و هذا جعلهم يعتقدون بوجود نقص في مقدامتهم التي ينطلقون منها .. و كانت استنتاجاتهم تؤدي الى انه ربما الحسابات ينقصها احتساب التأثير الجاذبي لكوكبي زحل و المشتري علـى كوكب اورانوس فيما يعرف ب الاضطراب الجاذبي او  gravitational perturbations و هي تقنية رياضية ذكية جدا اشتقها العالم الفرنسي لابلاس الذي ما ان استخدم العلماء حسبتها في حركة الاجرام .. فتحسنت معها كثيرا التنبؤات الفلكية بحركات الكواكب و بالتحديد كوكبي زحل و المتشري .. وفي بعض الأوساط العلمية اعتبر هذا الاكتشاف و هذا التآثير و صياغة معادلة رياضية له .. من اعظم الاكتشافات النظرية بعد نظرية الجاذبية للسير إسحاق نيوتن  .. و لقب لابلاس على اثر هذا الإنجاز في بلده ب نيوتن فرنسا .. و لأهمية هذا المفهوم في حلقة اليوم ..  سآشرحه بشكل موجز و مبسط ليساعدنا في فهم الاحداث اللاحقة .. و هو اضراب بحدث لحركة الاجرام السمواية بحيث تخرج عن النمط و السرعه المعتادة في حركتها .. هذا التأثير ضئيل جدا في جميع الكواكب الصخرية لدرجة يمكن اهمالة من الحسابات ..  و لكن في حالة زحل و المشتري بسبب كتلتهم فلا يمكن ذلك و يجب اخذه بالحسبان .. فعندما يمرون بجانب بعضهم البعض فان حركتهم تتأثر  .. المشتري يدور حول الشمس كل ٢٠ سنة و زحل يدور كل ٣٠ سنة مره .. وكل ما يقتربون من بعض و تقل المسافة بينهم فذلك يؤدي لدفع سرعة المشتري قليلا و لتباطئ زحل قليلا.. فباخذ هذا المفهوم بالحسبان حاول العلماء تطبيقه على اورانوس للتنبأ بحركته اعتقادا منهم انه هذا ماكان ينقص المعادلات للتنبأ بحركة اورانوس.. ولكن مرة أخرى باءت محاولاتهم بالفشل .. استمر هذا الحال الى الثلاثينيات من القرن التاسع عشر .. و بما ان الفترة الان أصبحت كبيرة من وقت اكتشافه حتى تلك الأيام فاصبح بيد العلماء الكثير من المعلومات التي يستطيعون بناء عليها وضع فرضيات لهذا السلوك .. فكانت اول فرضية تفسر هذا السلوك الغريب لكوكب اورانوس انه ربما بالصدفة ضرب اورانوس عن طريق مذنب جعله يأخذ هذا المسار غير الطبيعي .. و من الفرضيات أيضا وجود مادة ما في تلك المسافة البعيدة عن الأرض تغير نمط حركة اورانوس .. و أيضا تم وضع فرضية بان اورانوس و بسبب بعده الكبير عنا فانه لا يخضع لقوانين نيوتن للجاذبية .. فتخيل ذلك .. كيف انه حركته الغريبة جعلتهم يشككون في افضل نظرية انيقة للجاذبية في وقتها .. لهذه الدرجة كان الوضع مزعج و غير قابل للتفسير .. ولكن على أي حال تم استبعاد كل تلك الفرضيات لضعفها .. ولم يتبقى سوى واحدة و هي التي ستكمل المشوار معنا في هذه القصة .. و هي انه ربما يوجد كوكب خفي يدور خلف اورانوس و يعمل ذلك الاضطراب الجاذبي الذي شرحته قبل قليل مثلما يحدث بين زحل و المشتري .. وكلما مر الوقت مال العلماء لمثل هذه الفرضية .. ولكن كيف يمكن تصحيح المسار و التنبأ بحركة اورنوس من خلال هذا الكوكب .. فنحن لن نره ولا نعرف عنه أي شيئ على عكس زحل و المشتري الذي يسيرون امام اعيننا طوال السنة .. فكان لابد للعلماء من كشف هذا الكوكب .. وكان لابد لهم من نقطة انطلاق .. فكانت مبدأ بود الذي ذكرناه في الحلقة الماضية و الذي يتنبأ بمسافات الكواكب بعدا عن الشمس .. و لكن اذا كانت الطريقة العملية التي سيتخذونها هي رصد الكوكب بالعين و تسجيل الملاحظات .. فان ذلك يتطلب مئات السنين بل والاف لتسجيل قاعدة بيانات ثم تحليلها لان اورانوس يدور حول الشمس كل ٨٤ سنة فعلى العلماء الانتظار كل مرج يدور و يقترب من ذلك الجسم الذي خلفه لتطرب حركته .. فكان لابد من تدخل عبقري لحل هذه المعضلة .. وهنى يأتي دور المحقق الصغير الذي سيأخذنا خطوة للامام.

    في العالم ١٨١٩ أي بعد اكشتاف اورانوس ب ٧٣ سنة .. ولد شخص سيكون له شأن كبير جدا في المستقبل الفلكي و هو جون ادامز.. جون ولد في اسرة مكونة من ٧ اشقاء و هو اكبرهم .. ومنذ طفولته بان عليه النبوغ الرياضي بين اقرانه وتنقل عنه الكثير من القصص و المسائلالرياضية التي كان يبرع في حلها بطرق عبقرية .. و بعد ان اكمل عامه الرابع عشر توجه ميوله الرياضي ناحية السماء .. فبذلك العمر الصغير اصبح لديه خريطة للنجوم من صنعه هو .. بعد ان قرأ كل الكتب الفلكية المتوفرة لديه..  و بعدها بسنتين استطاع من كتابة معادلات للتنبأ بالكسوف الشمسي الذي سيحدث في بلدته الإنجليزية ليدكوت الصغيرة .. و اللطيف ان تعليم ادامز كان بالكامل تعليم شخصي في المنزل و كانت طرق الاشتقاق الرياضي التي يستخدمها من ابتكاره .. بعدها التحق ادامز في الجامعة لاكمال دراسته فيما يحب و يبرع ..  الرياضيات .. و في اثناء دراسته الجامعية .. زار المرصد الفلكي و عاين التلسكلوب نورثمبيرلاند والذي كان يعد الأفضل في البلاد فاعجب فيه.. و هناك وجد مجلة علمية التي ما ان قرأها حتى تحددت مسيرته العلمية و الحياتية .. فكانت المقالة عبارة عن حركة اورانوس الغريبة و الصعوبة التي يواجهها العلماء في تحديد مساره .. فكانت كفيلة بان تشعل الحماس العلمي في نفس ادامز ليتخذها مسألة شخصية لحل هذا اللغز و المعضلة الفلكية .. ولكن كان عليه ان ينهي دراسته الجامعية أولا كي يتفرغ لها لاحقا.. و بالفعلبعد تخرجه عام ١٨٤٣ عكف على حل المسألة .. ادامز كان يعلم صعوبة المهمة رياضيا و لكن ان تمكن من فعلها فسيدخل التاريخ من أوسع ابوابه .. فللتسهيل على نفسه بدأ بفرضية ان الجسم الذي يدور ابعد من اورانوس و يؤثر عليه يدور في مدار دائري و مسافته بعدا عن الشمس مطابقة لمبدأ بود .. و عندما انشغل في الحسابات كان يجلس فوق رأسه شقيقه الأصغر جورج و يدقق على حساباته حتى لا يخطأ و يبني المعادلات على خطأ.. و بعد أسابيع من الحسابات وصل الى استنتاج راسخ بانه بالفعل هناك اضطراب جاذبي يؤثر على اورانوس من قبل جرم يدور من خلفه .. و لكن تبقى معرفة تفاصيل هذا الجرم من وزن و مدار ادق من الذي افترضه في بداية حساباته .. ولاجل ذلك يحتاج ان يكون بين يديه معلومات رصدية  محددة عن مدارات  الافلاك.. وكان لايوجد افضل من مرصد قرينج الملكي ليطلب منهم ذلك بعد ان بين لهم انه يعمل على حل معادلات مسار اورانوس .. سعدوا بذلك و زودوه باللازم من معلومات .. و عكف على ترتيبها في السياق و حلها على مدى عدة اشهر ..و خرج بنتائج رائعه منها انه هذا الجرم يدور في دائرة البروج و في تواريخ معينة سيكون في كوكبة او برج الدلو .. فعرف ان الوقت حان ليراسل المرصد في قرينج ليتبعوا ما توصل اليه للكشف عن هذا الجرم .. وكان القرار حينها يرجع لرئيس المرصد الفلكي جورج اييري الذي لم يكن متواجد في اكثر من مناسبة .. فتأخر و تعطل موضوع رصد الكوكب كثيرا .. وفي نفس الاثناء كان هناك عالم فرنسي يعمل بمعزل عن ادامز لحل هذه المشكله و هو الفلكي لي فيغييغ.

    لي فوغيغ كان نجم فرنسي صاعد بقوة في مجال الرياضيات و الفلك .. وكانت له اسهامات  كثيره في علم الفلك منها  ورقة علمية حول تغير محور دوران الكواكب الداخلية حول نفسها في الفترة ٢٠ الف الى ١٠٠ سنة قبل الميلاد .. و كتب ورقة علمية ثانية مماثلة حول المشتري و زحل .. و بعد ذلك اصبح له اهتمام خاص بحساب الاضطراب الجاذبي الذي يؤثر على اورانوس مثله مثل ادامز في إنجلترا .. ولكن عندما نقرأ السير و نقارن بينهم في العام ١٨٤٥ فان الفرق بين ادامز و لي فيغيغ كبير .. فادامز كان حينها يبلغ السادسة و العشرين من العمر و لتتو تخرج من الاكاديمية و اصبح أستاذ فيها يدرس الرياضيات و كان له شغف في الكشف عن الكوكب الذي يقع خلف اورانوس .. اما لو فيغيغ فحينها كان له صيته و سمعته بين الفلكيين و هو في منتصف الثلاثينيات من عمره وله كثير من الاوراق العلمية المنشوره .. حتى في الشخصية فكانوا يختلفون كثيرا .. فالتاريخ ينقل انه لو فيغيغ كان نوعا ما متكبر و معجب في نفسه و اعماله .. على عكس ادامز المتواضع اكثر و سهل المراس .. ولكن حينما نتكلم عن الرياضيات فموهبتهم الرياضية ..عبقرية و فوق كل الشكوك ..و في تلك الفترة كان الاثنان يعملان على حساب موقع الكوكب الجديد و كل منهم لا يعلم عن الاخر شيئا …. و للغرابة .. الاثنان توصلا  الى معادلة تبين الاحداثيات بطريقتين مختلفيتين رياضيا .. ولكن كان هناك شخص واحد فقط في المجتمع العلمي على علم و دراية تفصيلية بمعادلات الاثنين و هو رئيس المرصد الذي راسله كثيرا لوفيغيغ و الذي كان يراسله أيضا ادامز و هو الفلكي جورج ايري ادامز كان يراسله لانه الأقرب اليه في إنجلترا ولا يعرف غيره الكثير فيبدو انه داذرة معارفه صغيره .. اما لو فيغيغ فكان يرسل لاكثر من مرصد في أوروبا للتعليق على معادلاته  .. فكان جورج ايري مدير المرصد على علم بان لو فيغيغ توصل الى اكتشاف الكوكب الجديد و هو على أبواب نشره للعالم .. ومن جهة أخرى كان يعلم بان ادامز توصل لنفس الاكتشاف الدقيق..  ولكن ايري مدير المرصد تكتم على معادلات ادامز و لم ينشر الخبر بين الفلكيين  لسبب كان يريد ان يحققه .. في بريطانيا هناك مرصدان كبيران قرينيج و كيمبردج .. و كان ايري مشرف في وقتها على مرصد قرينيج .. و كان يريد ان يكون اكتشاف الكوكب الجديد نابع من مرصده و تحت اشرافه ولكن لم يكن التلسكوب جاهز فنيا لرصد الكوكب الجديد .. فتعطلت الأمور .. اما لوفيغيغ فكان يراسل كل المراصد التي يستطيع الوصول اليها ليتأكدوا من نتائجه الرياضية حول اكتشاف الكوكب .. فوصلت احد رسائله الى مرصد برلين الذين كان يديره العالم قييل و قرر ان يتابع الرصد من هناك .. و بالفعل في نفس الليلة رصد موقع الكوكب هو و العالم انكيه  ليبهروا عندما وجدوا جرم كانوا يعدونه من النجوم سابقا و في كل الخرائط النجمية السابقة .. يتحرك بنفس الوصف الدقيق الذي وصفه لهم لوفيغيغ .. ..اعادوا نفس تجربة الرصد في اليوم الموالي و ظهرت لهم نفس النتائج و استطاعوا كذلك قياس قطر الكوكب الذي تبينه انه يعادل ٣.٣ ثانية قوسية و قريب جدا مما توقع لو فيغيغ بالرياضيات و التي كانت ٢.٦ ثانية قوسية.. فارسلوا مكاتيب التهنئة ل لوفيغيغ على إنجازه العظيم في اكتشاف هذا الكوكب بل زاد قييل و كتب اقتراح بتسمية الكوكب ب جوناس .. عندما وصلت الرسائل الى لوفيغيغ فرح فرحا شدبدا بهذا الاكتشاف و على الفور عممه بارسال رسائل الى مراصد بريطانيا و الى الرياضي قاوس .. و اشتعلت حرب لتسميته مرة أخرى مثل كوكب اورانوس .. و هذه المره اقترح لوفيغيغ تسمية الكوكب على اسمه و حصل على دعم فرنسا كاملة التي تغنت بهذا الإنجاز الفرنسي فاصبح كوكب لوفيغيغ .. اما ادامز فظل مخفيا في الظل ولم يظهر للعلن كل ذلك بسبب تأخر مراصد بريطانيا بتلبية دعوة ادامز بالبحث عن كوكبه المنشود و اهتمت المراصد بمشاريعها برصد النجوم التي لم يكونوا على استعداد لايقافها مما أصاب ادامز بخيبة امل شديدة جدا ..  الى ان جاء الفلكي جون هرشل و هو بالمناسبة ابن وليام مكتشف اورانوس .. و كان حينها له كلمته في المجال.. فاخذ ينشر في المجلات العلمية و في الصحف البريطانية نتائج ادامز التي هي مطابقة ل لوفغيغ و والتي لها القدرة على اكتشاف ذلك الكوكب .. فعندها ضجت الصحافة والمجتمع العلمي على المراصد البريطانية كيف انه احداثيات كوكب جديد كانت تحت اعينهم و رفضوا او تكاسلوا في معاينته .. و في نفس الوقت وصلت الاخبار الى فرنسا بوجود شخص ما يدعى ادامز كان قد سبق لوفيغيغ في اكتشاف الكوكب مما أدى الى غضب البعض و سخرية الاخرين .. اما لوفغيغ فقد صعق من وجود شخص يسمى ادامز يدعي مثل هذا الادعاء وكان بالنسبة للفرنسيين بان الانجليز يريدون خطفو سلب هذا الإنجاز باي طريقة .. فاستهزؤوا بهم في الصحف و الرسومات …. ادامز في الحقيقة سبق لوفغيغ .. ولكن المشكلة هي ما تستطيع اثباته لا ما تستطيع ان تقوله العالم .. تطورت احداث القصة كثيرا و بتفاصيل بين البلدين سياسيا و علميا .. و لكن في العام ١٨٤٦ تم تسجيل مكتشف الكوكب  ل لوفيغيغ .. واسم الكوكب تم تغييره من قبل الاتحاد الفلكي الذين كانوا مسبقا قد اختارو الاسم نبتون كونه متماشي مع الاسطوره الرومانية و باقي الكواكب .. اما ادامز .. فقد حصل أخيرا على اعتراف رسمي كمكتشف لكوكب نبتونن..  نفس الاعتراف الذي حصل عليه لوفغيغ بعامين ليتساوى معه بهذا الإنجاز .. و يكون لهذا الكوكب اغرب قصة اكتشاف .. فمكتشفيه الاثنين لوفغيغ و ادامز .. كشفوا عن اختبائه و راء اورانوس عن طريق الورق و المعادلات التي الهمتهم اياها تحركات اورانوس الغريبة .. وللمصادفة لم يكونوا اول من ينظر الى اكتشافهم للكوكب.. بل كان الفلكي قييل من مرصد برلين

     .. اما الان و بعد ان استمعنا للقصة وراء هذا الاكتشاف .. فبعد الفاصل سنطير الى نبتون  صاحب القصة و الضجة في تلك الفترة لنتعرف عن قرب عن اخر كواكب المجموعة الشمسية .

    من وقت اكتشاف كوكب نبتون الى وقت طويل جدا ..  و معرفتنا به لا تتعدى القياسات الفلكية و سرعته في المدار و المعلومات الظاهرية .. حتى العام ١٩٨٩ عندما مرة المركبة فويجر بجانب الكوكب .. فبعد مرورها تمكنت من تصويره و على اثر ذلك تمكن العلماء من تحليل هذه الصور و استنتاج الكثير من الحقائق المرتبطة في نبتون .. فالان نحن نعلم بان وزن كوكب نبتون يعادل 17  مرة ضعف وزن الأرض و اما بالنسبة لحجمه .. فهو الرابع من بين كواكب المجموعة الشمسية .. ويمكن ان يستوعب ٥٧ كرة أرضية بداخله ..و بالنسبة لتركيب الكوكب من حيث المواد .. فهو كحال باقي الكواكب الغازية العملاقة .. تركيبه و التراكيز في المواد تختلف على حسب الطبقة التي ترصد فيها المواد .. و يمكن تقسيمهم الى ٤ طبقات .. لنأخذهم من الدخل الى الخارج .. في عمق  الكوكب عند اللب يتكون من ثلوج و لب صخري .. و ما ان تخرج الى اول طبقة بعد اللب .. فنجد العباءة التي تغطيه تتكون من  امونيا و غاز الميثان و الماء و سنأتي بتفصيل مسألة الماد و تواجده في هذا المكان بعد قليل .. و بعد ذلك نصعد الى الغلاف الجوي الداخلي للكوكب .. فيتكون من الهايدروجين و الهيليوم و غاز الميثان .. و أخيرا الغلاف العلوي او الخارجي للكوكب .. وسبب اللون الأزرق الذي يظهر على الكوكب .. هو انه غاز الميثان المتواجد في طبقات الجو ..يمتص اللون الأحمر القادم من اضاءة الشمس .. فيبقى اللون الأزرق ليتشتت على سطحه و يجعله بهذا اللون المميز

    وعلى عكس توأمه اورانوس .. فان العواصف في نبتون ضارية جدا  و الرياح فيه تدور حرفيا بسرعات تفوق سرعة الصوت .. و هي من الأشياء الغريبة والتي حيرت العلماء.. كيف لكوكب ابعد من اورانوس يكون فيه رياح بهذا الشكل .. و السبب وراء ذلك ان باطن نبتون حار جدا جدا أي اللب .. وتصل درجة الحرارة فيه الى ٧٠٠٠ درجة سيليزية  و في مقابل ذلك الحرارة في الأجواء الخارجية للكوكب منخفضة جدا و تعادل -٢٠٠ درجة سيليزية .. و هذا الفرق ينشا عنه هذه الرياح السريعة .. و تقترح بعض الدراسات بان هذه الحرارة في الباطن ممكن ان تذيب طبقات الثلج في ارتفاع معيين على الكوكب لتعمل على خلق محيطات من المياه فيكون لدينا بيئة ديناميكية غريبة في نبتون.. و من ناحية الغلاف الجوي فان نبتون مثير اكثر من اورانوس عندما تنظر له من الخارج .. فيمكنك مشاهدة عواصف بيضاء و بقع سوداء تأتي و تذهب و هي من المظاهر الأولى التي رصدتها مركبة الفويجر عند مرورها بالكوكب.. و تعتبر هذه العاصفة على سطحه مشابهه للبقعه الحمراء العظيمة التي تظهر على سطح المشتري .. هذا بالإضافة الى ان الكوكب مائل على محوره بزاوية 28.3  درجات و هي زاوية ممتازة جدا لتكوين الفصول على سطحه مثل كوكبنة الأزرق المائل بزاوية ٢٣ درجة ونصف.. و تجعل الأقطاب تختلف درجات حرارتها على حسب الموسم .. فهذه كلها مظاهر ديناميكية تجعل نبتون و ان كان كوكب ثلجي مثل اورانوس و لكن يختلف عنه بدرجة كبيرة

    وعندما نتحدث عن كواكب خارجية .. فلابد ان نتطرق للحلقات .. فهي موجودة لديهم جميعا .. و نيبتون ليس استثناء.. و لكن في حالة نبتون فالحلقات لديها صفة غريبة .. فعادة عندما تتشكل الحلقات او عندما تدخل فيها مادة فانها تتوزع بشكل متساوي على طول امتداد الحلقة .. ولكن في نبتون نرى هناك أماكن فيها تكتلات للمادة اكبر من أماكن أخرى .. بمعنى أماكن فيها سماكة و أماكن تكون اضعف .. و سبب ذلك يعود الى الأقمار في نبتون .. فبعض هذه الأقمار يدور بقرب شديد من الحلقات و من بينها .. مما يجعل هناك اختلال في توزيع مواد الحلقة .. ولكن ليس بفارق كبير جدا و لكن تكفي بشكل ملحوظ للعلماء ..

    نأتي الان الى الأقمار .. و هم ١٤ قمر يدورون خول نبتون .. جميعهم أقمار عادية .. باستثناء قمر واحد فهو يعد من الأقمار المهمة ليس فقط عند نبتون ولكن في المجموعة الشمسية .. و هو القمر ترايتن و هو القمر السابع بالحجم في المجموعة الشمسية  .. و هذا القمر لديه ميزة غريبة جدا جدا ..  و هي انه يدور باتجاه معاكس لاتجاه دوران نبتون .. و هذا شي عجيب .. فتخيل جميع كواكب المجموعة الشمسية بجميع اقمارها الكبيرة تدور باتجاه .. و هذا القمر ترايتن يدور بحركة تراجعية بالاتجاه المعاكس .. و هذا دليل واضح بانه هذا القمر لم يكن ناشأ من نبتون .. بل انه تم اسره في جاذبية نبتون بينما كان يسبح بالفضاء قادما من نجم او مجموعة نجمية أخرى .. ولكن اذا كان اسر بجاذبية نبتون لمذا لم يدر بنفس اتجاه دورانه …. و هنا يفصل العلماء في هذه المسألة فهي ليست بالهينة .. فالنموذج المقترح لحل هذا الاشكال.. هو ان في ما مضى من الزمن كان نبتون موجود و صادف وجود جرمين في السماء تصادموا مع بعض بالقرب من نبتون .. احدهم طرد بعيدا جراء الاصطدام و الاخر بقى مكانه و بالاخذ بالحسبان جاذبية نبتون فالمحصلة هي بقاءه القمر ولكن بدوران معاكس و هي كما ذكرت من المسائل المعقدة في مسائل الجاذبية و تسمى بمعضلة الثلاث اجسام و هي معضله لها حلول معقدة و بظروف و شروط خاصة ..  وبسبب دورانه عكس اتجاه نبتون .. فان سرعته تقل في كل مره يقترب فيها منه .. و انخفاض السرعه يؤدي الى اقتراب القمر اكثر و اكثر من الكوكب .. و هنى يدق ناقوس الخطر بالنسبة لترايتون .. لانه سينتهي به الحال و يدخل مجال روش( و هذا المفهوم اعتقد شرحته سابقا في حلقة سيد الخواتم) و اذا دخل مجال روش   ستسحقه جاذبية نبتون و تفتته الى فتات ينضم الى باقي حلقات الكوكب .. ولكن لا داعي للقلق الان فذلك لن يكون قبل ٣ مليارات سنة من اليوم .. و اذا حدث ذلك .. ستكون حلقات لامعة جدا بسبب وجود الثلج في محتوى القمر و التي يعكس اشعة الشمس بقوة .. و لكن لا اعتقد ان أي منا سيشهد ذلك الحدث ..

    تقريبا هذه اهم صفات اخر كواكب المجموعة الشمسية .. نبتون .. و بذلك أكون انتهيت من رحلة و مسيرة طويلة ابتدأتها في الموسم الماضي لاستعراض كواكب المجموعة الشمسية.. و لكن بالطبع لا يمكن ختم هذه المجموعة بدون التعرض لبلوتو .. فهو الاخر لديه محبين و معجبين يجب ارضائهم ..  و هو ما سيكون موضوع حلقتنا القادمة .. فحتى ذلك الحين اترركم في رعاية الرحمن و حفظه .. الى اللقاء

  • التوأم الأزرق – الجزء 1

    السلام عليكم .. رحلة اليوم هي تكملة لما ابتدأناه سابقا باستكشاف المجموعة الشمسية من كواكب و أقمار .. ولكن الكوكب الذي سنستكشفه اليوم و توأمه في الحلقة القادمة مختلفين جدا في خاصية فريدة لهم .. فكل من كوكب عطارد و الزهرة و المريخ و المشتري و زحل .. يمكن رؤيتهم و رصدهم بالعين المجردة و يمكن تمييزهم بسهولة كبيرة في السماء.. باستثناء هذين العالمين..  فخلف كوكب زحل في البرد القارس .. تقبع تلك العوالم في الظلام  بعيدين بدرجة كافية ليتخفوا عن ابصارنا .. معتمين بالكاد تنعكس اشعة الشمس منهم .. و حركتهم بطيئة جدا لا نكاد نلاحظها .. و احتجنا ان ننتظر الىأواخر القرن الثامن عشر حتى نكتشف وجودهم .. انهم كوكبي اورانوس و نبتون .. و خلف اكتشافهم قصص و تضحيات و رياضيات و علوم .. سوف نتعرف عليها في هذه الحلقة .. وقبل ذلك انوه بان هذه الحلقة من البودكاست تتآيكم برعاية من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي .. مؤسسة الكويت لديها العديد من البرامج و الكتب العلمية الشيقة و المناسبة لجميع الاعمارو جميع التخصصات .. تابعوهم و اختارو ما يناسبكم .. اما الان فنرجع بالزمن لعام ١٧٨١ لنتعرف على قصة الموسيقار هرشل و علاقته بكوكب اورانوس.

    في مساء الثالث عشر من شهر مارس عام ١٧٨١.. كان وليام هيرشل يعاين المساء و يتفحص النجوم بتلسكوبه في باحة بيته الخلفية في مدينة باث الإنجليزية .. هيرشل موسيقي و حرفته الموسيقى .. و لكن الفلك اخذ جزء الهواية و العشق في حياته الشخصية..  و اخذ يكبر معه طوال السنين .. الى ان افضى به الحال لقضاء وقت اكبر مع معداته الفلكية اكثر من معداته الموسيقية .. و ما سيراه بعد قليل في تلك الليلة بالسماء .. غير حياته كما غير و أضاف لعلم الفلك و العلوم بشكل عام الى الابد.. فقد اصبح اول شخص يكتشف عالم جديد لم نكن نعلم بوجوده ..فطوال العقود السابقة في البشرية كانوا يتعرفون على الكواكب بالنظر اليهم في السماء .. و خلال الحضارات المتعاقبة لم يتعرف احد على عالم جديد غير الذي نستطيع ر .. الى ان تقريبا توقفت عملية البحث و محاولة إيجاد عالم جديد غير الذي نعرف ..الا ان هريشل كان له رأي مغاير .. فعلى الرغم من كونه غير متخصص في الابعاد و الحسابات الفلكية .. الا انه أيضا لم يكن هاوي فلكي عادي .. فمن شدة شغفه بالفلك اخذ هو يصنع التلسكوبات و لم يلبث الا و اصبح صانع افضل تلسكوب في عصره .. و هو نفسه التلسكوب الذي استخدمه للنظر في تلك الليلة..  فكانت العدسة بقطر ٧ انشات و التلسكوب بطول ٧ اقدام و كانت لديه مجموعته الخاصة من العدسات المكبرة .. و في اثناء معاينته للنجوم .. لفت نظره شي غريب بينما كان يمر و يعاين في تلسكوبه كوكبة الجوزاء و كان حينها يستخدم عدسة مكبرة بقوة ٢٢٧ مرة .. هذا االشيء الغريب الشبيه بالنجم أوحى له بان يغير عدسة التكبير الى عدسة بقوة ٤٦٠ مرة .. فلصدمته .. تضاعف حجم النجم الذي يرصده .. ( بين قوسين نقول هنا .. أصحاب التلسكوبات يعلمون انه حتى لو ضاعفت عدسة التكبير الى أي حد فان حجم النجمة لن يتعدى النقطة عند رصده لانه بعييد جدا جدا .. على عكس الكواكب مثل زحل و المشتري فتبدو أوضح و اكبر .. و هو ما حدث لهذا الجرم ) .. فتحمس هرشل و بدل العدسة المكبرة بواحد لديها قوة تكبير 932 مرة  فتضاعف حجم الجرم معه مرة أخرى .. فدون ذلك مباشرة في مدونته الفلكية و كتب عنوان (جرم مدهش اما سحابة نجمية او مذنب جديد ) .. و لكن في قرارة نفسه كان يشك لذلك لانه يعلم بان حتى السحابة النجمية ستكون بعيدة و لن تكبر بهذا الحجم .. واما المذنب بالعادة يكون له ذيل يتبعه من جراء احتراقه و هو ما لم يكن موجود هني .. تجاوز شكوكه و سجل موقع الجرم في مدونته .. و عاد مساء 17 عشر من نفس الشهر لمعاينة ما اكتشف.. و اعتقد أخيرا انه مذنب غريب لم يكن احد يعلم بوجوده .. فلاخذ سبق هذا الاكتشاف العظيم .. راسل المجتمعات الفلكية التي يعرفها .. فراسل مرصد أكسفورد و اطلعهم على نتائجه و فعل المثل مع المرصد الملكي في قرينج الذي كان يضم اكبر الفلكيين في إنجلترا و اكثرهم خبرة الفلكي ماسكيلاين ..

    جميعهم راجعوا البيانات و رصدوا المذنب ..فورا لاحظوا شيئ غريب فيه .. و صنفوه على انه مذنب و لكن بتصنيف جديد .. فاقترح ماسكيلاين من المرصد الملكي على هرشل بان يكتب ورقة علمية يذكر اكتشافه و نوع تلسكوبه و ينشرها في المجلات الفلكية.. و هو ما فعل .. و بعدها نوقشت ورقته العلمية في المجتمع الملكي الفلكي في لندن و لم يستطع الحضور لبعد المسافة بين لندن و مدينة باث و كانت تحت عنوان مذنب جديد .. قوبلت الورقة العلمية بالتشكيك الكبير من قبل الفلكيين .. خصوصا بان قوة المكبرات العدسية التي استخدمها لم تكن متوفرة لديهم .. فمثلا اقوى عدسة مكبرة في المرصد الملكي كانت بقوة 227 فكيف يملك هذا الهرشل عدسات تكبر الى الف مرة .. فتم التشكيك بالنتائج ..

    تم التشكيك ام لا .. فالخبر انتشر كالنار في الهشيم بالاوساط العلمية خصوصا بين محبي رصد المذنبات و من بينهم الفلكي الفرنسي مييزير .. فكتب رسالة يبين اعجابه لهرشل .. و مع اقتراب الصيف من تلك السنة اختفى الجرم في السماVفكان لا يشرق الا مع الفجر فلا يمكن ان يرى .. وكان على هرشل انتظار مدة طويلة حتى يستطيع رصده …. فاستغل هذا الوقت للدراسة الرياضية و الفلكية ليتآكد من بياناته اكثر و اكثر عن طريق الحسابات .. فبدا حسابات مدار المذنب .. بافتراض مدار منحني كقطع مكافىئ مثل المسارات التي تؤخذها اكثر المذنبات .. و لكن كلما حاول بائت محاولته بالفشل عندما يقارنها مع المشاهدات المسجلة لحركة هذا الجرم في السماء .. و لم ينجح بالوصول لشيئ.. انتشر الخبر طبعا في الأوساط الفكلية ووصل الى روسيا .. حيث يوجد رياضي و فلكي كبير جدا في بستسبيرغ يسمى اندريس ليكسيل .. اندريس حاول بطريقة مختلفة .. فقال بدلا من محاولة افتراص انه الجرم يسأخذ في مداره شكل البرابولا او القطع المكافئ .. لماذا لا نفترض انه سيآخذ مسار الكواكب بتطبيق معادلات جوهانس كيبلر و التي تبين بانه الكواكب تآخذ مسارات شبه دائرية .. و بعد الدراسات تبين انه افتراضه صحيح و مطابق للواقع .. وصلت الدراسة الى المجتمع الملكي في بريطانيا .. فارسل جوزيف بانكس رئيس التجمع الى هرشل .. بانه هناك بعض الفلكيين يعتقدون انه ما اكتشفته ليس بمذنب بل هو كوكب و عالم جديد يضاف الي كواكب المجموعة الشمسية .. فاقترح عليه ان يسرع بتسميته قبل ان يسبقه اليه اخرون في إنجلترا و فرنسا ..

    في تلك الاثناء كان هرشل مزحوم بحياته الشخصية بين دروس الموسيقى و الحفلات الموسيقية التي كانت حرفته وبين شغفه في صناعة التلسكوبات و مراقبة السماء .. لدرجة انه اخته كارولين تسرد في مذكراتها انه في احد الأيام انكب هرسل على صناعة تلسكوبه لمدة ١٦ ساعه بدون حركة لتضطر هي لوضع الطعام في فمه حتى لا يسقط من التعب .. عموما .. بعدما انتشر خبر انه الجرم المكتشف هو كوكب و ليس بمذنب .. انهالت رسائل التهنئة عليه من كل حدب و صوب ..وسط انبهار الفلكيين من اكشتافه و قدرت تلسكوبه العظيم على رصد جرم بهذا البعد السحيق .. فانهالت عشرات الطلبات لصناعة التلسكوب من اكبر الخبراء الفلكيين في اقطاب أوروبا.

    بعدما كبر الموضوع جدا و اخذ صيته في المجتمع العلمي و صار مقبول في الأوساط الفكلية وجود كوكب سابع .. بادر جوزيف بانكس رئيس التجمع الملكي لتنظيم لقاء يجمع هرشل مع ملك بريطانيا آنذاك جورج الثالث في لندن ..ففرح هرشل لهذه الفرصة العظيمة .. فمن خلالها كان يسعى لتثبيت مكانته العلمية و ابعاد الشكوك عن اكتشافه .. فحزم امتعته متجها الى لندن .. و اخذ معه تلسكوبه ذو السبعة اقدام .. لغاية في نفسه .. و عندما وصل الى لندن توجه الى المرصد الملكي و بعدما حيووه .. وضع هرشل تلسكوبه بجانب تلسكوب المرصد الملكي .. ليبرهوا من جودته و الدقة و العناية في صعنه و كان يفوق كل ما لديهم من تلسكوبات .. لتنطفئ بعض الشكوك التي ساورتهم من نتائج رصده .. بعد ذلك بايام التقى هرشل بالملك جورج و وضح له رسم للكواكب بالمجموعة الشمسية و موقع الكوكب الذي اكتشفه و سار اللقاء على افضل ما يكون .. بحيث انه الملك طلب جلسة ثانيه من هرشل بعد عدة أسابيع .. و تبادلوا اطاف الحديث فكان المشتركات بينهم كثيرة واهمها كان حب الملك لعلم الفلك ..

    الان يحتاج الكوكب الى اسم حتى يعرف في المراجع و الكتب .. فدارت الكثير من الاحاديث و الآراء حول هذا الامر .. ففي فرنسا جاء اقتراح اسم الكوكب على اسم مكتشف .. هرشل .. و لكن عارض هذا الاسم الكثير من الفلكيين كونه غير متطابق مع الكواكب الستة من قبله .. كوكب هرشل ..يبدو خارج الصياغ المتعارف عليه .. فكان هناك اقتراحات متعددة مرتبطة بالاسطوره اليونانية اسوة ببقية الكواكب .. فتم اقتراح اسم استيرا الهة العدالة التي لم تستطع تحقيقها في الأرض فذهب هناك و سكنت الكوكب .. و من الاقتراحات أيضا كان الاسم سايبلي زوجة ساترون من الأسطورة لتكون العائلة كلها هناك .. و اقترحوا أيضا هايبركرونيوس .. أي حرفيا فوق زحل .. و غيرها الكثير .. و في تلك الاثناء حاول جوزيف بانكس رئيس المرصد الفلكي بان يخدم هرشل ليحصل على راتب من الملك حتى يترك الموسيقى و يتفرغ لعلوم الفلك .. و هو ما حدث حيث أعطاه الملك ٢٠٠ باوند .. كان اقل مما يتقاضى لقاء الموسيقى و لكن كانت تكفيه ليعيش .. و بعد ذلك .. تأثر هرشل بكرم و حفاوة الملك و كتب رسالة رسمية الى جوزيف بانكس بانه يود ان يتم تسمية الكوكب الذي اكتشف بالاسم جورجيوم سيدوس و أصبحت النجم الجورجي  .. بعد فترة تم معارضة هذا الاسم في الأوساط العلمية كون ما اكتشفه هرشل كوكب و ليس نجم .. الى ان جاء اقتراح ذكي من الاكاديمية الملكية العلمية في برلين .. وكان الاقتراح يتضمن تسمية الكوكب ب يورانوس .. وكان الاقتراح منطقي و لاقى رواج بين الفلكيين كون يورانوس هو اب ساتورن و جد جوبيتر من الأسطورة اليونانية و متماشي مع باقي الكواكب . فصار للكوكب اكثر من اسم .. كوكب يورانوس عند المجتمع العلمي .. و الكوكب الجورجي في بريطانيا .. حتى تم تثبيته رسميا يورانوس..  ..و في اللغة العربية يسمى ب أورناوس .. تتعدد الأسماء و القصد واحد .. كوكب سابع بعيد عنا لم نكن نعلم عنه شيئا من قبل ..  و الان بعد ان عرفنا قصة اكتشافه و تسميته .. فل نسافر اليه لنتعرف على تفاصيل ذلك العملاق الثلجي ..

    وصلنا الان الى كوكب اورانوس .. لنتحدث قليلا عن مسألة رؤيته قبل الكلام عن صفتاته بالنسبة لمسألة رؤية الكوكب بالعين المجردة .. اذا اردنا التحدث بدقة.. فهي غير مستحيلة .. ولكن تتطلب شروط صعبة ان تتحقق في أيامنا هذه .. فتحتاج الى سماء صافية جدا جدا و يكون الكوكب بالافق حينها يمكن رصده .. في الواقع القدماء لاحظوا وجوده قبل وليام هرشل و لكن لبعده الكبير و لبطئ حركته الظاهرية .. فهو يتحرك 4 درجات في السنة و هو شيئ جدا قليل يعادل قطر القمر ثمانية مرات .. و لكن تخيل هذه المسافة يقطعها خلال سنة اذا رصدته من الأرض في كل ليلة .. فالسنة في كوكب اورانوس و هي مدة دورانه حول الشمس تتطلب 84 سنة أرضية .. و هذا الشيئ جعل من رآّه قديما من الفلكيين بان يصنفه من النجوم .. بل اكثر من ذلك فكثير من خرائط السماء قديما ثبتت وجوده بين النجوم .. الا ان جاء وليام هرشل و كشف لغز هذا الجرم كما سمعنا قصته قبل قليل.

    لنتحدث الان عن اهم صفاته و خصائصه التي تميزه .. و نبدأ مع الحجم .. عندما نتحدث عن الاحجام فنحن الان ابتعدنا كثيرا عن العمالقة الغازيين مثل زحل و المشتري .. فاورانوس يقارن بالأرض  .. فهو اكبر من قطر الأرض بأربع مرات .. ووزنه اثقل ب 14 مرة فقط و بذلك يكون اقل بكثيير جدا من العمالقة الغازية .. و يعتبر اورانوس هو الرابع في المجموعة الشمسية من حيث الوزن و لكن الثالث من حيث الحجم لانه لم ينضغط بدرجة كافية .. فتحت الغلاف الجوي هناك طبقات من الثلج الي ان تصل الى اللب .. و على الرغم من انه اورانوس اقرب الى الشمس من نبتون .. الا انا اورنوس ابرد من نبتون .. و ذلك لانه وزنه اصغر فلم يستطع الحفاظ على حرارته و برد بشكل اسرع من نبتون .. و يكون هو الابرد في المجموعة الشمسية .. و لونه ازرق كلون السماء .. اكتسب هذا اللون بسبب وجود غاز الميثان بكثافة في طبقاته العليا .. فالميثان يعمل بكفاءة عالية على امتصاص الأمواج الطويلة من الطيف المرئي و بالتالي يتشتت اللون الأزرق على سطحه و يظهر بهذا اللون .. من اكثر الأشياء غرابة و صورتها المركبة فويجر ٢ بمرورها بجانب الكوكب .. هو اللون  الازرق الصااافي من غير أي صفات من غيوم او عواصف او أي شيئ .. كرة زرقاء بلا معالم حرفيا .. و هو ما كان مريب لحد بعيد .. ولكن الان و مع صور التي يلتقطها هابل .. بدأت تظهر خطوط تبين حركة في الغلاف الجوي .. و غيرها من صفات و ذلك بسبب تغير المواسم في كوكب اورانوس من وقت تصوير الفويجر عندما مر بجانب الكوكب الى وقت وقت تصوير هابل .. فظهرت بقع سوداء داكنة و ظهرت كذلك بقع بيضاء .. كالتي تظهر عند حدوث البرق و تصويره من خارج الغلاف.. و عندما نتكلم عن تغير المواسم .. فتخيل نصف الكوكب جامد و بارد لمدة طويلة جدا ثم تدخل حرارة الشمس عليه و تبدأ بتسخين و تحريك الغلاف الجوي  و تنشأ العواصف. و بعد قليل سنتعرف السبب وراء المدة الطويلة للمواسم عندما نصل بالحديث عن طريقة دورانه حول نفسه.. .. يختلف اورانوس أيضا عن الالمشتري و زحل بخاصية أخرى و هي احتوائه على لب صب .. و لكن كيف للعلماء معرفة ذلك.

    للإجابة عن هذا السؤال يحتاج العلماء معرفة الكثير من خصائص الجرم و بالتالي يخرجون بمثل هذه الاستنتاجات .. فمثلا يتوجب معرفة  وزن الكوكب و بعد ذلك من الضروري معرفة حجم الكوكب من احتساب قطره و بعد ذلك باستخدام المعادلات الرياضية و النمذجة بالحاسوب يمكن معرفة كيف لهذه الكتلة ان تتوزع في هذه المحيط .. و يمكن كذلك احتساب القصور الذاتي او moment of inertia  .. و يزيد على ذلك قدرتنا على رصد الكوكب من الخارج و تحليل الطظبقات الخارجية و معرفة انه الكوكب يتكون يمجمله من (٪٨٢.٥) هيدروحين و (١٥.٢٪) هيليوم .. فبالتالي نستنج انه باقي الكتلة  التي تشغل المواد بالداخل و اللب لابد و ان تكون اثقل من هذين الغازي و بالتالي تكون مواد صلبة .

    اما اغرب خاصية يتميز فيها فعلا هذا الكوكب .. فهو ميلانه التام بزاوية ٩٨ درجة أي شبه متعامدة على الأقطاب الشمالية و الجنوبية .. لتخيل ذلك لنقارنها الان بالأرض .. تخيل الكرة الأرضية امامك .. فهي مائلة كما تعلم بزاوية ٢٣ ونصف حول محور دورانها .. تخيل بجانبها الان كوكب اورناوس فسترى بانه الكوكب مائل بزاوية قائمة ..  .. فجميع الكواكب تدور حول الشمس و تدور حول نفسها من الغرب الى الشرق .. باستثاء  كوكب الزهرة الذي يدور بحركة بطييئة جدا جدا و تصنف بانها معكوسة .. و كوكب اورانوس الذي يدور من الأعلى الى الأسفل بسبب الميلان ب ٩٨ درجة .. و هذا يسبب أيضا حركة معكوسة مقارنة بالكواكب الأخرى و تسمى ب rotrograte motion .. فالقطب الجنوبي والشمالي على الاجناب و خط الاستواء في المنتصف من الأعلى الى الأسفل .. فاذا قابل القطب الشمالي الشمس مثلا.. يكون نصف الكوكب معتم تماما و لا يصله أي فوتون من الشمس .. والعكس بالعكس .. و يبدو انه لا يوجد خصائص فريدة لكل قطب .. فكل ما تقابل احد الأقطاب مع الشمس .. فانه يبدو مشع و لامع اما الجزء الاخر ينتظر دورته التي مدتها ٤٢ سنة حتى تظهر عليه نفس الخصائص .. و الجميل بالموضوع .. باننا في علم الفلك الحديث نشهد لأول مره تغير الأجواء في كوكب اورانوس .. فطوال السنوات السابقة ظللنا نواجه قطب واحد  منذ ارسلنا المركبات الفضائية و في كل سنة يتيغر ببطئ و في كل سنة لدينا أشياء جديدة نكتشفها و ندرسها فيه. ومن تلك الأشياء الحلقات التي تدور من حوله مع الأقمار.

    حلقات كوكب اورانوس لم يتم تصوريها و اكتشافها بشكل واضح بل جاء عن طريق الصدفة و ذلك  كان عن طريق مجموعة من العلماء في عام ١٩٧٧ كانو يدرسون كيف سيكون تآثير مرور كوكب اورانوس من امام مجموعة نجمية .. مثل عملية الكسوف … أي كيف سيحجب اورانوس ضوء هذه المجموعة النجمية …. و اذا اردت ان تتخيلها اكثر ..  تكون النجوم في الخلفية و اورانوس في المنتصف و العلماء يصورون من الأرض .. فصورو الكثير من الصور و البيانات.. و عندما انتهوا و أتوا الى عملية التحليل  .. وجدوا بان النجوم لم تختفي دفعة واحدة عند مرور اورانوس .. بل اختفت و ظهرت عدة مرات من قبل بداية الكسوف و اختفت و ظهرت النجوم بعد الكسوف .. و عندما حللوا البيانات .. تبين وجود حلقات تحيط بكوكب اورانوس  و النجوم كانت تختفي و تظهر عندما تحجب الحلقات ضوء النجوم و هكذا علمنا يوجود حلقات تحيط بهذا الكوكب .. و الحلقات ضعيفة جدا و يعتقد بعض العلماء انها تشكلت حديثا .. و يتكون النظام من تقريبا ١٣ حلقة تحيط بالكوكب .. ٩ اكتشفها العلماء وقت عملية الكسوف .. و٢ صورتهم المركبة فويجر و ٢ صورهم تلسكوب هابل عام ٢٠٠٥ . هذا ما يخص الحلقات

    اما الأقمار .. فقبل رحلة الفويجر كنا نعلم بوجود خمسة أقمار تدور حول اورانوس .. و هم الأقمار تايتانيا ، اوبيرون، ايريال، امبريال و أخيرا القمر ميراندا و هي تعتبر اكبر الأقمار في اورانوس و اغلب هذه الأسماء تم استيحاءها من مسرحية شيكسبير spirites and spirites   .. أقمار اورانوس ليس بالكبيرة على الاطلاق فاكبرها هو القمر تايتانيا و هو تقريبا اقل من نصف حجم قمر الأرض .. فلا توجد عوالم كبيرة هناك مثل التي تدور حول المشتري او زحل .. و انما أقمار في الغالب تتكون من الصخور و الثلوج .. لا يوجد الكثير من التميز تم اكشتافه في هذه الأقمار ربما لانه فعلا لا يوجد شي مميز او ربما يرجع السبب لأننا أساسا لم نرسل رحلات كثيرة لاستكشاف تلك البقعة من مجموعتنا الشمسية .. فالبنهاية اغلب المعلوكات من الفويجر ٢ و من المراصد الأرضية بالإضافة الى هابل بالطبع .. و لكن اذا اردنا ان نذكر الأهم .. اومبريل و ابريون شبه ميتين جيولجيا و على العكس من ذلك تايتانيا و اريال فيهم تشققات يبدو انها حدثت مسبقا وقت تشكل الكوكب و مصدر الحرارة كان من الجاذبية التبادلية بين اورانوس و الأقمار و سبق و شرحت طريقة تولد هذه الحرارة و يتبقى ميراندا فهو الاميز بينهم من حيث التضاريس .. فهو مشوه بشكل كبير و غريب و به قنوات متوازية من التشققات و كانه مقضوم او اكل من احد الجوانب .. هذا بالنسبة للخمسة الأكبر التي نعرفهم قبل الفويجر و تعرفنا عليهم اكثر من خلال صور المركبة .. و لكن الفويجر أيضا كشفت عن وجود ١١ قمر صغير يدورون حول اوروانوس و١١ قمر اكتشفتهم المراصد الأرضية الحديثة مع تلسكوب هابل ليكون المجموع ٢٧ قمر .. و لا يتفوق عليه بعدد الأقمار في المجموعة الشمسية سوى كوكبي المشتري و زحل .. و اذا تم تصويرهم بالأشعة تحت الحمراء يمكن الكشف بشكل جميل .. و بالمناسبة شكل الأقمار و هي تدور عمودية و ليس بجانب الكوكب جميلة جدا و غريبة .. ابحث في الانترنت عن صورها فستدجها غريبة و محيرة .. و بما ان الحديث جرنا مرة أخرى الى غرابة دوران اورانوس .. لنتكلم عن سبب ذلك قبل ان نتخم الحلقة .. فلكي يحدث مثل هذا الانقلاب لكوكب على محوره .. لابد و انه حدث اصطدام هائل جدا فسي وقت بداية تشكل الكوكب .. مما أدى الى ميلان الكوكب برمته واصبح كانه يدور على جنبه ..و يقدر العلماء حجم الجسم الذي ضرب اورانوس بان يكون باضعاف كتلة الأرض .. ولكن بعض الدراسات تستنج انه من الصعوبة بان يكون جسم واحد بضربة واحده قادر على احداث هذا الميلان .. فتوجد اقتراحات بانها اكثر من ضربتين من اجرام بحجم كوكب الأرض.. و طبعا كل هذا حصل في البدايات وقت تشكل المجموعة الشمسية.. و لازالت الدراسات قائمة في هذا الخصوص و لم تصل الى استنتاج حاسم حتى الان.

    تقريبا هذا اهم ما يخص عمالقنا الأزرق الأول .. فقد عرفنا قصته اكتشافه و تسميته و خضنا في اهم تفاصيله العلمية .. ارجوا ان تكونوا قد استمتعم في هذه الحلقة و لاتنسون الاشتراك و تقييم البرنامج حتى تصلكم الحلقات أولا بأول .. اما الان اتركم بحفظ الرحمن .. حتى نلتقي في الحلقة القادمة مع العملاق الثلجي الاخر .. نبتون .. الى اللقاء.

  • 313 من يحدد احتياجاتي التدريبية؟

    حلقات صوتية قيمة متخصصة في المهارات الإدارية وتطوير الموظفين والمدراء، كل أحد بإذن الله سلطان وجاسم يقدمان بودكاست جديد وأدوات تساعد الموظفين وخصوصا المدراء على النجاح في العمل

    Management in a Nutshell بودكاست ما قل ودل في إدارة الأعمال , برعاية التقدم العلمي للنشر ASPDKW@ – إحدى شركات مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

    إشترك بالمجلة الأكثر شيوعا في عالم الأعمال MIT-Sloan Management Review مترجمة للغة العربية

    رابط الاشتراك

  • ومضات علمية 33 : هل الغرافيتونات موجودة بالفعل ؟

    ربما كانت الغرافيتونات هي جوهر التحدي الأكبر في الفيزياء النظرية، هذا التحدي هو البحث عن نظرية كل شيء، وهي مجموعة من المعادلات التي تصف كل القوى والجسيمات في الكون.
    – لعقود من الزمن، كافح المنظرون من أجل توحيد نظرية اينشتاين للجاذبية المعروفة بالنسبية العامة مع نظرية ميكانيكا الكم التي تصف العالم تحت الذري.
    ويرجع ذلك لأن لكل نظرية منهما منظورا مختلفا جذريا حول قوة الجاذبية. ووفقا لأينشتاين، تشوه المادة نسيج المكان والزمن المحيطين بها، مما يخلق تأثير مجال القوة الجاذبة. ولكن نظرية الكم تصف جميع القوى الفيزيائية من حبث ما يعرف بـ الجزيئات التبادلية أو حاملات القوى التي تتطاير بخفة من مكان لاخر. وفي حالة الجاذبية تعرف تلك الجسيمات بـ الغرافيتونات.
    ويعتقد معظم المنظرين بضرورة وجود الغرافيتونات لأن نظرية الكم أوضحت كل قوى الطبيعة. ولكن لايوافق الجميع على ذلك. فلم يتم التحقق بنجاح من أي نظرية تدعي التوحيد بين نظرية الكم والنسبية العامة مما أثار شكوكاً بأن الجاذبية ربما لا تشبه أي قوة أخرى، وفي هذهالخالة ربما لاتوجد الغرافيتونات . وحتى لو كانت موجودة ، لان العثور عليها مسألة أخرى. وتتنبأ نظرية الكم بأنه نظرا إلى أن للجاذبية نطاقالا نهائيا فعليا، فلابد أن تكون للغرافيتون كتلة منخفضة بشكل مذهل. وتشير دراسات موجات الجاذبية الناتجة عن تصادم الثقوب السوداءإلى أن الغرافيتونات يجب أن تكون أخف من الإلكترون بمقدار مليار مليار مليار مرة على الأقل. فالجاذبية هي إلى حد بعيد القوة الأساسية الأضعف في الطبيعة. ويعني هذا أن أي مجس للغرافيتون يجب أن يكون هائلا بشكل لايصدق وأن يوضع بالقرب من مصدر قويللغرافيتوانات. وتشير الحسابات الى أنه حتى لو وجد مجس بكتلة تعادل كتلة كوكب المشتري وتدور حول نجم نيوتروني (وهو مصدر قوي محتمل للغرافيتونات) فإن هذا المجس سيحد صعوبة في إكتشاف أي شيء.

  • 312 العمل في السحابة

    حلقات صوتية قيمة متخصصة في المهارات الإدارية وتطوير الموظفين والمدراء، كل أحد بإذن الله سلطان وجاسم يقدمان بودكاست جديد وأدوات تساعد الموظفين وخصوصا المدراء على النجاح في العمل

    Management in a Nutshell بودكاست ما قل ودل في إدارة الأعمال , برعاية التقدم العلمي للنشر ASPDKW@ – إحدى شركات مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

    إشترك بالمجلة الأكثر شيوعا في عالم الأعمال MIT-Sloan Management Review مترجمة للغة العربية

    رابط الاشتراك

  • ومضات علمية 29 : كيف تعمل ساعة الكوارتز؟

    اختُرِعت ساعاتُ الكُوارتْزْ في نهايةِ ستينياتِ القرنِ العشرينْ، مُعلنةً بدايةَ ما أَطلَق عليهِ البعضُ اسمَ «ثورةُ الساعاتِ»، وسُرعانَ ما غمرتِ ساعاتُ الكوارتْزِ الأسواقَ العالمية. وباعتبارِها أجهزةً دقيقةً لضبطِ الوقت، استَخدَمت هذه الساعاتُ ظاهرةً طبيعيةً تُسمَّى «الكَهروضغطية» Piezoelectricity .
    في هذه الحلْقةِ من «ومضاتْ علميةْ» سنتعرفُ على الآليةِ التي تعملُ بها ساعاتُ الكوارتْزْ. اكتشفَ الكهروضغطيةَ في العامِ ألفٍ وثمانِمئةٍ وثمانينْ عالما الفيزياء الأخوان بيير وبول جاك كوري Pierre and Paul-Jacques Curie ، وهي تدفُّقٌ كهربائيٌ ناتجٌ من المعالجةِ الميكانيكيةِ أو الكهربائيةِ لبعضِ البلوراتِ ذاتِ البِنيةِ الذريةِ غيرِ المتماثلةْ. يتكوَّنُ الكوارتْزْ على المستوى الذَرِّيِّ من أيوناتِ (الأكسجينِ السالبةِ الشُّحنةْ) وأيونٍ واحدٍ من السيليكونْ (مُوجبِ الشُّحنةْ)، مرتبطةً في بنيةٍ هَرَميةْ. وعندما تنضغطُ هذه البِنيةُ ميكانيكيًّا، يُشحَنُ كلٌّ من جانبَي البلورةِ، فيكونُ أحدُهُما سالبَ الشُّحنةِ والآخرُ مُوجبَ الشُّحنةْ . وينطبقُ الشيءُ نفسُهُ على الاتجاهِ العَكسيّْ؛ يمرُّ التيارُ عَبْرَ الكوارتْزْ فتتغيرُ البنيةُ البلوريةْ؛ مما يجعلُها تتذبذبْ. وتُعرَفُ هذه الظاهرةُ بالتأثيرِ الكهروضغطيّْ. لكن كيفَ يُستخدَمُ هذا التأثيرُ في تشغيلِ الساعاتْ؟ عندما يمرُّ تيارٌ عَبْرَ الكوارتْزْ، يصبح تذبذُبُهُ دقيقًا وثابتًا نسبيًّا.
    يستفيدُ صانعو الساعاتِ من هذِهِ الظاهرةِ ويُحوِّلونَها إلى دقاتٍ لعقربِ الثواني على وجهِ الساعة. وعندَ مُرورِ التيارِ من بطاريةِ الساعةِ عبْرَ مُوَلِّدِ ذبذباتِ الكوارتْزْ، تتذبذبُ البلورةُ بمعدَّلِ اثنين وثلاثين ألفًا وسبْعمِئةٍ وثمانٍ وستين 32,768 مرة في الثانية. وتستقبلُ رُقاقةٌ مجاورةٌ التيارَ من البلوراتِ المتذبذبةْ، وبمجردِ أن تصلَ إلى الذبذبةِ الرقمِ اثنين وثلاثين ألفًا وسبْعمِئةٍ وثمانٍ وستين (32,768 )، تُرسِلُ الرقاقةُ نبضةً كهربائيةً واحدةً إلى محرِّكِ الساعةِ، فتديرُ التروسَ الداخليةَ بمقدارِ دقةٍ واحدةْ.

  • ومضات علمية 32 : كيف تقلل من خطر الإصابة بنوبة قلبية

    في هذه الحلقة سنتعرف على بعض النصائح الطبية التي قد تساعدك في تقليل خطر الإصابة بنوبة قلبية.

  • التوأم الأزرق الجزء 2

    إعداد وتقديم: م. حسن الشيرازي

    السلام عليكم .. في الحلقة الماضية بدآنا رحلة البحث عن العملاق الأزرق الأول في المجموعة الشمسية و عرفنا قصة الموسيقي وليام هرشل و كيف تطورت الاحداث التي أدت به الى اكتشاف اورانوس .. ذلك العالم البعيد .. ولكن رحلة البحث و قصة الاكتشاف لا تتوقف عند هذا الحد .. فالمغامرة مستمرة و و ستكشف في ثناياها عن بنية اعمق و فهم اكبر لكوننا الذي نعيش فيه .. وقبل ذلك انوه بان هذه الحلقة من البودكاست تتآيكم برعاية من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي .. مؤسسة الكويت لديها العديد من البرامج و الكتب العلمية الشيقة و المناسبة لجميع الاعمار و جميع التخصصات .. تابعوهم و اختارو ما يناسبكم .. اما الان نبتدأ من حيث ما انتهينا في الحلقة الماضيه عند هرشل و تثبيت اسم اورانوس ..

    الاكتشاف العظيم الذي قام به وليام هرشل عندما فتح اعيننا على كوكب اورانوس .. اشعل الساحة العلمية في تلك الفترة .. ليس فقط لاكتشاف كوكب جديد و تعديل مفهومنا للمجموعة الشمسية و عدد كواكبها .. بل كذلك لانه فتح احتمالية وجود كواكب أخرى هناك في الخفاء و الفضاء البعيد ..  بانتظار ان يكتشفها احد العلماء و يحفر اسمه في التاريخ كما فعل هرشل .. فابتدا علماء من أمثال اندريس  ليكسيل و غيره الكثير من العلماء بافتراض وجود كواكب تدور حول الشمس ابعد من اورانوس علينا اكتشافها عمليا .. و لكن السؤال المطروح اين و في أي جزء من السماء علينا البحث و التمحيص و ما هي الالية الانجع لمثل هذه العملية البحثية .. اما بالنسبة لهرشل فعاد الى شغفه في استكشاف النجوم الثانئية و حساب بعدها عن الأرض باستخدام هندسة حاليليو من القرن السابع عشر .. و غرضه الأساسي من ذلك رسم  خرائط نجميه أوضح لفهم تركيب هذا الكون .. فخطر في باله مشروع يصب في هذا الاتجاه عام 1785 عن طريق بناء اكبر تلسكوب في العالم يتكون من منظار بطول 40 قدم و وبعرض أربعة اقدام .. فعرض هرشل المشروع على الملك جورج الذي استلطف الفكرة .. و بحكم العلاقة الطيبة التي تجمع الشخصين كما استمعنا في الحلقة الماضية ..  قرر ان يمضي بالمشروع و ابتدءه بدعم هرشل بالفين جنيه إسترليني في بداية المشروع ثم تبعها ب 2000 أخرى .. و كان الملك أيضا يدعم شقيقة هرشل .. كارولين .. ب 50 جنيه استرليني سنويا نظير اعمالها الكبيره في مساعدتة شقيقها ..  و التي بدأت هي الاخرى في تكوين شعبيتها كفليكة و ستغدو في المستقبل من اكبر صائدي المذنبات في العالم .. اما التلسكوب فقذ فبدء العمل فيه و كان يستمر على مناوبتين .. في كل مناوبة 12 عامل يكدحون في تشييده باشراف كامل من هرشل .. اكتمل بناء التلسكوب في اربع سنوات .. وكان  وزنه طن كامل..  وفي اول يوم من استخدامه يوم 28 أغسطس من العام 1789 ..  ادار هرشل التسلكوب الى كوكبه المفضل زحل و تمعن في جمال حلقاته .. واصبح هذا التلسكوب معلم سياحي في المدينة و يشار اليه بانه اعجوبة العالم الثامنه في تلك الحقبة من الزمن  ،، و لكن للأسف فلكيا لم يكن التلسكوب بتلك الجودة .. فاكشتف هرشل بعد فترة بان الحجم الكبير هذا يمنعه من التنقل بحرية في السماء .. بالإضافة الى مشكلة الندى الذي كان يتكون على العدسة و يسبب الضباب في الليالي الباردة .. ولكن في الجهة المقابلة هذا التلسكوب جذب انظار العلماء لزيارته .. فكان العالم فون زاك من المهتمين و أراد ان يرى كيف يقوم هرشل بعملياته الرصدية .. فصعق من الالية الدقيقة التي كان يتبعها هرشل .. فكان يراقب النجوم و عندما يرصد احدها يقوم بالصراخ لاخته كارولين التي كانت في شرفتها تترقبه من النافذة لتسجل التوقيت و الاحداثيات التي يلقنها إياها وذلك لرسم و تحديث الخرائط النجمية.. وكانت زيارة فون زاك لهرشل ورائها فكرة جديدة لمسح السماء و البحث عن الكواكب سينتج من ورائها اكتشاف عظم .. زاك واحد من علماء عديدين يعتقدون بان المسافات بين الكواكب تتخذ نمط معين ثابت يفصل بينها .. و ساتوقف قليلا لشرح الفكرة و تطورها لاهميتها في قصة اكتشاف الكواكب و الاجرام ثم نعود مرة أخرى لفون زاك  .. اصل فكرة نمط المسافات الثابت الذي يفصل الكواكب يعود لفيلسوف الماني يدعى فون وولف .. و مفادها .. ان اذا كانت الأرض تبعد عن السماء 10 وحدات .. فان المسافة الفاصلة بين الشمس  و عطارد هي 4 وحدات و بين الشمس و الزهرة 7 و هكذا ..اي بمعنى زيادة تتبع نمط معين .. و في العام 1766 اكتشف العالم تايتوس بانه هذه الأرقام التي تفصل الكواكب عن بعضها تتبع قاعده رياضية بسيطة يمكن استنتاجها و صياغتها .. وكانت تنطبق على جميع الكواكب باستثاء خلل بسيط فيها .. فهناك المسافة الفاصلة بين المريخ و المشتري .. فيها فراغ هائل لا يدور في شيء.. و بحسب المعادلة يمكن ان يكون فيها جرم يدور  .. ومع أجواء اكتشاف هرشل التي تملئ الجو العلمي .. فاقترح تايتوس بان لابد من وجود شيئ يدور في هذا المدار لتكتمل نظرية الأنماط الفاصلة بين الكواكب .. لم يقترح تايتوس مباشرة وجود كوكب لكبر هذا الادعاء فقط اكتفى بالقول بوجود شيئ ما ..في تلك الاثناء .. كان العالم الألماني بود من برلين و الذي بالمناسبة اقترح الاسم يورانوس .. يكتب كتاب خاص في علم الفلك و سمع بفكره تايتوس .. فضمنها في كتابه و نقلها حرفيا كلمة بكلمة..  دون الاشاره لاسهامات تايتوس الذي اخذ عنه الفكرة .. و في نسخة تالية للكتاب ذكر اسم تايتوس .. ولكن اليوم وصل بين أيدينا ان هذا القانون الذي يفصل بين الكواكب بانماط محسوبة يعرف بمبدأ بود .. و سناتي بذكر هذا المبدا بعد قليل .. و اذا كان لديك متسع من الوقت و تستطيع مراجعة الانترنت فيفضل مشاهدته الان .. فقط ابحث عن مبدأ بود .. او ابحث عن  bod law .. b o d..فيسظهر لك جدول بسيط يبين العلاقة بين مسافات الكواكب و كيف يمكن التعبير عنها بمعادلة بسيطة.

    نرجع مرة أخرى للعالم فون زاك و زيارته لهرشل .. فبعدها بأعوام  لم يستطع احد من العلماء و الفلكيين الوصول لجرم  يدور ابعد من اورانوس ..فخرج زاك بالاعتماد على مبدأ بود  بفكرة ذكية و هي البحث في المنطقة بين المريخ و المشتري ولكن ببحث ممنهج .. و ذلك عن طريق ٢٤ فلكي موزعين في ارجاء أوروبا .. كل منهم له احداثيات محددة في السماء و تواقيت محددة يترصدون للكوكب عند مروره و يسجلون ملاحظاتهم .. وكان فون زاك  يسمي هذه المجموعة بشرطة السماء .. بحيث انه كل فلكي مثل الشرطي ينتظر مرور الكوكب لينقض عليه .. كل فلكي من ال٢٤ حفظ منطقته عن ظهر قلب .. و حفظوا النجوم فيها و كانوا على أهبة الاستعداد لاي جرم غريب يدخل المنطقة التي كان يراقبها .. الا ان ذلك لم يحدث لفترة طويله من المراقبة ..  فخبتت روح البحث بينهم .. الى ان اعلن الفلكي جيوزيبي بيازي من إيطاليا عن اكتشاف جرم جديد في هذه المنطقة .. تنفس الصعداء و أخيرا تم اكتشاف جرم بعد بحث مضني استمر مدة طويلة .. ولكن هذا الجرم كانت حركته غريبه في السماء و كان يغير مواضعه من ليله الى أخرى اسرع من الكواكب الاعتيادية .. راقبه على مدار شهرين من سيسيلي الإيطالية و لكن بعدها مرض بيازي مرض شديد لم يستطع اكمال بحثه لتحديد مدار هذا الجرم ..و المشكله انه لا احد من العلماء استطاع رصده غيره فلا يمكنهم مواصلة البحث من أماكنهم .. الى ان تدخل ولحسن الحظ الرياضي الشهير جدا كارل فريدريك قاوس و الذي يسمى أحيانا بامير الرياضايات .. ففي فترتها عندما عرف بالمسأله كان عمره ٢٣ سنه .. فقرر ان يجد الكوكب المزعوم بالرياضيات بدلا عن رصده في السماء.. فبدلا من معاينة السماء بالتلسكوب .. امسك قاوس بورقة و قلم و راح يشتق طريقة رياضية جديدة لحساب الافلاك .. فباستخدام ملاحظات و رصد بياتزي و مهارته الرياضية .. استطاع تحديد هذا الجرم ..  و على الفور ارسل النتائج الى العالم فون زاك الذي ما ان لبث رفع رأسه الى السماء في الوقت و المكان المحدد من قاوس حتى وجد الجرم يمر من امامه .. فاصبح الامر لا مجال للشك فيه ..  تم  العثور على الكوكب المفقود .. وبعدها لمع اسمع قاوس كاحد امهر الرياضين .. فقد اخترع طريقة رياضية لحساب مسار فلك لا تأخذ منه ساعة من الزمن في حين كانت الطرق القديمة تتطلب عمل ٣ أيام متواصلة بلياليها للخروح بنفس النتيجة ..

    و بالرجوع الى الكوكب المكتشف حديثا .. ظهرت على السطح مباشرة مطالبات لتسميته .. و كالعادة الفرنسيين اقترحوا الاسم بياتزي نسبه الى مكتشفه و عارضوهم الالمان بتفضيلهم تسميات من للاسطورة الرومانية .. فاقترحوا الاسم جونو و هيرا .. حتى انه يقال من شدة أهمية تسمية الكوكب في تلك الفترة ..  نابيليون بونابارت استدعى العالم لابلاس الى ارض احد المعارك حينها واقام معه لقاء لمناقشة تسمية هذا الكوكب .. ولكن بياتزي كان قد حسم امره مسبقا بان تسمية هذا الكوكب ترجع له وحده ..  فاقترح بياتزي الاسم سيريس فير داي ناندا .. فكان اسمه مركب من ق سمين .. سيريس نسبة الى اله الحصاد من الأسطورة الرومانية و الاسم فير داي ناندا نسبة الى حاكم نابولي و صقلية .. و لكن كالعادة أسماء الملوك و الامراء لا تلقى رواج في الأوساط العلمية .. فسقط بعد مرور وقت قصير ليكون الاسم .. كوكب سيرس..

    عندما كان كل شيئ يسير بانتظام بالنسبة لمبدأ بود و اكتشاف الكوكب سيرس .. اختل هذا السلام بعام واحد فقط بعد الاكتشاف الذي حصل عام ١٨٠٢ .. عندما اعلن احد أعضاء شرطة السماء الفلكي ويليام اولبيرس انه اكتشف كوكب ثاني يدور في المدار الذي يقع بين المشتري و المريخ ..و الذي سماه لاحقا ب بالس .. المشكلة كانت انه لاول مرة يتم اكتشاف كوكبين يتقاطعون في المدارات .. فاستعانوا بعميد الفلكيين حينها وليام هرشل ليحسب ابعاد هذه الكواكب .. فكانت اول مره يرصد هذه الكواكب .. فحينها تفاجئ لصغر حجم هذه الكواكب على غير العادة .. و علق هرشل بانه هذه الاجرام لا ترقى لان تسمى بكواكب .. لدرجة انه استغرق من هرشل ٢٢ محاولة لرصد الجرم سيرس .. فاسماها هريشل ب astroidal   .. و هي مشقته من شبيه النجم .. فالنجم باللاتينية يسمى astrum و بما انه هذا شبيه نجم فاطلق عليه استرويدال.. و في نفس السنة كتب ورقة علمية أرسلها الى المجتمع الملكي اقترح تسميتها astriods   بدلا عن الكواكب

    هذا الامر لم يعجب بياتزي .. وكتب الى هرشل كان يجب ان تسميه ب planetoid  بدلا عن astroids  كون الجسم المكتشف لا شأن له في النجوم ..ولكن الفلكيين مالوا الى تسمية هرشل ..و في الجهة الأخرى نال هرشل نصيبه من الانتقاد من قبل الصحافة و اتهموه بالانانية .. فكان جل الانتقادات يدور حول ان هرشل يريد ان يميز الكوكب الذي اكتشفه و يقلل من إنجازات الاخرين بأسماء تقلل من انجازهم .. و على أي حال لم يلتفت هرشل للنقد .. و بعد ذلك بعامين تم اكتشاف كويكب ثالث يدور في المدار اسموه العلماء بجونو و بعدها بثلاث أعوام عام ١٨٠٧ اكتشف العالم اولبريس كويكب رابع و هو نفس العالم الذي اكشتف الكويكب الثاني بالاس .. فاستدعى العالم قاوس ليأخذ شرف تسميته كون قاوس له الفضل الأكبر رياضيا لكل هذه الاكتشافات .. فاسمها فيستا ..

    فصار واضحا لدى العلماء بان هذه المنطقة من المجموعة الشمسية تسكنها مجموعة كبيرة من الكويكبات .. و في تلك الفترة كان العلماء يقترحون بالاستناد على مبدأ بود على تواجد كوكب في هذا المكان .. فتفسيرا لوجود هذه الكويكبات في هذا المكان .. لابد و ان حصل انفجار اثر تصادم جرم مع كوكب ليفتته الى كويكبات صغيرة الحجم .. و كان هرشل يميل لهذا الرأي و لكن كان ينوه بان لكي يكون الموجود في هذه المنطقة سابقا كوكب ..  لابد و ان يكون هذا الكوكب بحجم ٣٠ الف كويكب من احجام  الكويكب  بالاس .. حتى يشكلوا كوكب يعادل حجم اصغر كوكب في المجموعة الشمسية .. عطارد ..  و اليوم نحن نعلم بان هذا الحزام فيه من الكويكبات عدد يتراوح بين مليون الى مليونين كويكب بقطر اكبر من كيلو متر .. و ملايين الكويكبات اصغر من ذلك .. و اما تواجدها في هذه المنطقة فيرجع الى محصلة قوى التجاذب بين الكواكب و بالاخص كوكب المشتري ..  التي جمعتها من اطراف المجموعة الشمسية و قذفتها تدور في هذه المنطقة من الفضاء.

    في غضون ربع قرن تقريبا .. من أواخر القرن الثامن عشر و بدايات التاسع عشر .. خارطة المجموعة الشمسية تغيرت بشكل دراماتيكي بسبب  الاستكشافات التي حصلت .. فاكشتاف اورانوس الذي يدور حول الشمس مسافة ابعد مرتين من زحل.. جعل حجم المجموعة الشمسية يكبر الى الضعف عما كان يعتقد سابقا  كبر .. و فيما كان سابقا فراغ كبير بين المشتري و المريخ .. قد ملئ بخمس كويكبات والباقي من حزام الكويكبات يكتشف شيئا فشيئآ .. فقد صار لزاما على الفلكيين تحديث الخرائط النجمية الى دقة عالية ..  و أهمية ذلك يعود لسببين و كالعادة احدها علمي و الاخر سبب عملي .. اما الجانب العلمي فهو استكمال لمسيرة البحث عن الكواكب الأخرى في مجموعتنا الشمسية لفهم بنية هذا الكون و هو شغف العلماء و الانسان منذ قديم الزمان .. اما الجانب العملي فهو الاحتياج الكبير و الملح لهذه الخرائط في عمليات الملاحة .. فكلما كانت الخرائط دقيقة تسهلت الحياة اكثر على البحارة و الرحالة .. و مثال ذلك .. فان النظر الى مواقع الكواكب و القمر .. .. وبعد ذلك مقارنتها بالخرائط النجمية التي بالكتب و الجداول تساعد البحار مثلا في تعيين الزاوية بين موقع النجم و الأفق ليعرف هو ارتفاعه في خطوط الطول في الكرة الأرضية و بالتالي موقعه بدقه ليستخدم هذه المعلومات في التنقل بكل ثقة بين لجج البحار .. و المثال ينطبق على رحالة البر .. وقبل ان نختم حلقة اليوم ساشرح بايجاز وبشكل مبسط الطريقة التي يعتمدها العلماء في عمل مثل هذه الجداول و الخرائط لتزيد من ثقافتك الفلكية بشكل خاص و العلمية بشكل عام .. ذكرت قبل قليل بان هذه الخرائط تسجل فيها مواقع النجوم .. ولكن كيف يقيسها و يعتمدها العلماء عمليا .. مواقع النجوم و الكواكب في السماء يعبر عنها باحداثيات على الكرة السماوية .. ولكن ما هي الكرة السماوية ؟ الكرة السماوية عبارة عن كرة افتراضية تحيط بالكرة الأرضية فيها خطوط طول و خطوط عرض مشابه لتلك التي ترسم على الكرة الأرضية .. و هذه الكرة السماوية لديها قطب شمالي يقع مباشرة فوق القطب الشمالي للكرة الأرضية و الشيئ نفسه للقطب الجنوبي .. وخط الاستواء عليها هو انعكاس لخط الاستواء الكرة الأرضية .. اذا لم تستطع تخيل شكلها ابحث في الانترنت على كلمة الكرة السماوية او celestial sphere .. الان خطوط الطول و العرض في هذه الكرة تقاس بالدرجات أيضا مثل الكرة الأرضية .. كل درجة تعادل ٦٠ دقيقة و كل دقيقة تعادل ٦٠ ثانية .. فعندما نقول ثانية قوسية  او arcsecond  علي هذه الخريطة فذلك يعادل ١/٦٠*٦٠ او ١/٣٦٠٠ .. مثال ذلك .. عرض القمر المكتمل  .. يعادل بالحسابات الفلكية نصف درجة ..  او ٣٠ دقيقة قوسية او ١٨٠٠ ثانية قوسية .. فبحساب هذه المعلومة .. يضيف اليها الفلكيين الوقت الذي مر فيه هذا الجرم وقت الرصد.. و يقيسون ارتفاعه فوق الأفق .. فيستطيع العلمآء تحديد موقع هذا الجرم في هذا الوقت من السنة على الكرة السماوية .. بعد ان ينتهوا من الناحية النظرية .. ييتم حساب مدارات الافلاك لهذه الاجرام بالطرق الرياضية .. لاستبعاد وتقليل بعض الاخظاء من العمليات الرصدية و يخرجون بمثل هذه الجداول و الخرائط التي كانت تفيد الناس في مجالات مختلفة مثل ما ذكرت ..

    و على كل حل بين الفائدة العملية و بين شغف المعرفة نرى بان العلماء انجرفوا وراء المنطقة الخطأ في قصتنا للبحث عن كوكب جديد في المجموعة الشمسية في تلك الحقبة ..  و بان الامر لم يكن بالسهولة المتوقعة بعد اكتشاف هرشل .. و لكن نتيجة ذلك البحث لم تذهب سدا ..  فقد تكللت بالكشف عن حزام الكويكبات الذي يدور بين المشتري و المريخ .. وكان لابد لهم اذا ما كانوا يريدون استكشاف كوكب جديد ان يسترشدوا بالاكتشاف الحديث مجددا .. اورانوس .. و ينتظرهم مجهود رصدي اكبر و عبقرية رياضية اقوى لكي يستطعوا رصد ما هو ابعد من اورانوس و اكتشاف المجهول .. و هذا هو ما سيكون موضوع حلقتنا القادمة و الذي نختم به سلسلة التوأم الأزرق باكتشاف الكوكب نبتون ..

  • 311 التعيينات الخاطئة

    حلقات صوتية قيمة متخصصة في المهارات الإدارية وتطوير الموظفين والمدراء، كل أحد بإذن الله سلطان وجاسم يقدمان بودكاست جديد وأدوات تساعد الموظفين وخصوصا المدراء على النجاح في العمل

    Management in a Nutshell بودكاست ما قل ودل في إدارة الأعمال , برعاية التقدم العلمي للنشر ASPDKW@ – إحدى شركات مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

    إشترك بالمجلة الأكثر شيوعا في عالم الأعمال MIT-Sloan Management Review مترجمة للغة العربية

    رابط الاشتراك

  • ومضات علمية 31 : لغز التدفقات الراديوية السريعة

    من بين جميع الأجرام التي حيّرت علماء الفلك، فإن التدفقات الراديوية السريعة محيّرة على وجه الخصوص. كما يوحي اسمها، فهي دفقة سريعة ومفاجئة من الموجات الراديوية، وغالبا ما تستمر لأجزاء قليلة من الملّلي ثانية. اكتشفت أولاها تلسكوباتنا اللاسلكية في عام ألفان وسبعة ، وقد سعينا جاهدين إلى محاولة تفسيرها منذ ذلك الحين. يبدو أن التدفقات الراديوية السريعة تأتي من خارج درب التبانة، وغالباً ما تبعد مئات الملايين من السنوات الضوئية. ولكي تُرى من هذه المسافة، يجب عليها خلال جزء من الثانية إطلاق قدر من الطاقة يعادل ما تبثه الشمس خلال ثمانين عاماً. وتتراوح التفسيرات بين ثقوب سوداء متصادمة إلى إشارات من حضارات خارج كوكب الأرض. ولكن قبل أن يتمكن الفلكيون من اكتشافها، فاجأنا الكونُ بلغز اخر، حيث شوهد تدفق يعرف بالتدفق FRB121102 نابع من مجرة صغيرة على بعد ثلاثة مليارات سنة ضوئية، بصورة متكررة. وفي يوم واحد فقط من شهر أغسطس ألفان وسبعة عشر ، تكرر ظهوره ثلاثة وتسعون مرة كاملة، واستبعد وقوع حدث واحد كسبب له- أيّاً كان سبب التدفق، فلابد أن يكون مستمراً. لذلك، فقد يكون سبب التدفقات الراديوية السريعة هو نجوم نيوترونية سريعة الدوران، أو سقوط المواد باستمرار في الثقوب السوداء. وبطبيعة الحال، فقد يكون التدفق FRB121102 زائفاً: ربما كان هناك سببان منفصلان للتدفقات الراديوية السريعة المتكررة وغير المتكررة. وفي أكتوبر ألفان وثمانية عشر أُعلن عن مجموعة جديدة من تسعة عشر تدفقاً راديويّاً سريعاً غير متكرر، بما في ذلك أقرب وأسطع تدفق راديوي سريع اكتشف حتى الان. وستساعدنا دراسة خصائصها على تحديد مجراتها المجاورة- وفي المحصلة، كما نأمل، معرفة العمليات الكارثية التي تسببها.

زر الذهاب إلى الأعلى