وفي عام 1990، كان يمكنك مشاهدة الشابة "ساسكيا" (البالغة من العمر 18 عاما) على شاشات التلفاز، أو الاستماع إليها في الإذاعة، أو القراءة عنها في الصحافة الهولندية.
وهذه الشهرة التي أحاطت ((ساسكيا)) ترجع إلى فكرتها الجديدة عن نظام أمان لأفران الغاز المنزلية. حيث يحتوي طباخ الغاز على جهاز حساس Sensor، مرتبط بموقّت يثبَّت بجوار كل شعلة غاز.
ويتم فصل الغاز بشكل آلي بعد وقت محدد (نحو 30 أو 40 ثانية)، بمجرد رفع المقلاة أو ما شابه ذلك بعيدا عن اللهب. إنه نظام وقاية رائع للمصابين بعادة النسيان.
وهنا تتذكر "ساسكيا" قائلة: "قبل أيام قليلة من الاحتفال بعيد رأس السنة العام الماضي، شاهدت إعلانا عن مسابقة للطلبة البالغين من العمر أقل من عشرين عاما، حيث كان الإعلان معلقا بجامعة ديلفت للتكنولوجيا Delft.
وكانت المسابقة تطلب من المشاركين وصفا لفكرة اختراع. وكانت الجائزة الأولى عبارة عن 2500 جيلدر هولندى، مع إمكانية قيام الجامعة بتنفيذ فكرة الاختراع الرابح.
واعترضتني مشكلة كبيرة، وهي أنه لم تكن لدي أي أفكار!! وأخيرا، جاءتني فكرة طباخ الغاز في اللحظة الأخيرة، فأسرعت بإرسال مشروعي بالبريد، ونسيت كل شيء بعد ذلك)).
((وبعد مرور أسبوعين، اتصلت بي الجامعة هاتفيا: لقد كنت الفائزة. يا له من احتفال رائع!! فلم أحصل على مبلغ الجائزة فحسب، ولكن قامت شركة "سيمنس" بمنحي رحلة مجانية إلى "ميونخ" في ألمانيا)).
وسارت الأمور بسرعة كبيرة بالنسبة لـ "ساسكيا". فقد عرضت شركات كبيرة لطباخات الغاز – مثل شركتي – ETNA and ATAG اهتمامها بمشروع "ساسكيا".
كما دعاها الاتحاد الهولندي للعلماء الشباب للمشاركة في المسابقة القومية في مدينة "جورنجن Groningen" في يونيو 1990.
حيث قامت بعرض مشروعها عن نظام الأمان لأفران الغاز المنزلية، الذي تمكنت من تحقيقه بالكامل، وربحت الجائزة الثانية.
((عندما فكرت في صناعة جهاز حساس لفرن الغاز المنزلي، استخدمت الكهرباء لعمل الموقت، ولكنني أدركت أنه يجب إيجاد وسيلة آلية- أي وسيلة أبسط وأرخص)).
وليس من السهل دائما تحمل النجاح، خاصة وأن الكثيرين – حتى من بين الشباب – ما زالوا يعدون الفيزياء ميدانا للرجل، لكن "ساسكيا" شابة واقعية، لم يدر النجاح رأسها.
فهي تدرك كل الإدراك أنه ما زال أمامها الكثير لكي تحقق فكرتها، لكن لديها الشباب، وأمامها عمر بأكمله تستطيع فيه أن تحول "كل الأفكار المجنونة" التي ما زالت تدور في رأسها إلى واقع ملموس.
عندما تقابلت مع "ساسكيا فان هولتن Saskia Van Hulten"، كانت على وشك الذهاب إلى "استكهولم Stockholm".
فعند بلوغها الثامنة عشرة من عمرها تم دعوتها – صدق أو لا تصدق- لحضور احتفال جائزة نوبل في العلوم عام 1990 كضيفة، وليست كحاصلة على الجائزة، فلم يحن الوقت بعد!!
وكانت "ساسكيا" هي العالمة الشابة البارزة الوحيدة من هولندا، التي تم اختيارها لحضور مؤتمر استكهولم الدولي للشباب في العلوم، والذي يتزامن عقده مع الاحتفال بجائزة نوبل.
ويمكن اعتبار الشابة "ساسكيا" أحد رموز أوروبا المستقبل. حيث أتيحت لها فرصة السفر حول العالم، والتحدث بأكثر من لغة – الهولندية، الألمانية، الفرنسية والإنجليزية – وفوق ذلك كله… أنها كانت فتاة!!
وكان والدي "ساسكيا" من السياسيين النشيطين، حيث تم إرسالهما من بلد إلى آخر في خدمة الأمم المتحدة.
وقد كانت مخترعة المستقبل "ساسكيا" في السادسة من عمرها، عندما وجدت نفسها في إفريقيا: في "مالي" أولا، ثم في "بوركينا فاسو".
وحول تلك الفترة تقول لي "ساسكيا": "لقد كنت أضجر من اللعب بالدمى، وأفضل على ذلك اللعب بسيارات أخي الصغيرة والتعرف على كيفية صنعها، أو بناء المنازل بمكعبات الليجو.
ولقد استمتعت دائما بعمل الأشياء بيدي، وما زلت أرى نفسي، وأنا أجلس القرفصاء في أحد أركان حديقتنا، بينما كنت أقوم بتشكيل فرن صغير من الطمي على الطريقة الأفريقية. حقا، لقد أحببت أفريقيا…".
وقد تغير المنظر تماما في عام 1984، حيث كان على والديها الانتقال إلى مدينة "نيويورك" للعمل لمدة عامين في الأمم المتحدة. وهناك التحقت ((ساسكيا)) بالمدرسة العالمية للأمم المتحدة.
ونجدها تقول: ((لقد استمتعت بحصص العلوم والرياضيات هناك، حتى أنني فزت بجائزة عن مشروع قمت به عن الطاقة الشمسية)).
ومرة أخرى عادت عائلة "ساسكيا" إلى التنقل والرحيل في عام 1986، ولكن إلى ماليزيا في هذه المرة. حيث صادفها حسن الحظ هناك.
فلم يكن في مدرستها الفرنسية سوى 25 طالبا وطالبة: "لقد كنا ثلاثة فقط في حصة الحساب، وبالرغم من أننا كنا صغارا جدا، إلا أن مدرسنا كان أستاذا جامعيا!!".
واليوم، وقد عادت "ساسكيا" إلى موطنها هولندا، تقوم بالاستعداد للحصول على شهادة البكالوريا الأوروبية من المدرسة الأوروبية في مدينة بيرجن "Bergen".
"إن واجباتي المنزلية هنا أقل مما كانت عليه في المدرسة الفرنسية، وهذا يتيح الوقت لي للعمل في مشروعاتي العلمية.
والحقيقة، أنني أفضل دراسة ساعتين في الفيزياء، عن دراسة ساعتين في اللغة الهولندية أو الفرنسية!!".
"جاءتني الفكرة وأنا أرى أخي البالغ من العمر ثمانية أشهر وهو يتناول حساءه " … هكذا قالت لي "إيما" حين قابلتها في عام 1985.
وكانت هذه الفتاة السويدية الجميلة – الشقراء كمعظم أبناء اسكندينافيا – تبلغ حينئد الخامسة عشرة من عمرها.
ويبدو أن أخاها الصغير لم يكن يتناول كمية من حسائه بقدر ما كان يسكبه في كل مكان، إذ كان الحساء يأخذ طريقه إلى أي مكان ما عدا فم هذا الطفل!! وسرعان ما كان يحول الطفل صدريته إلى حالة يرثى لها من كثرة الحساء الذي يسكبه عليها.
وهكذا وجدت والدة "إيما" نفسها – حيث كانت تعمل مصممة لمطبوعات النسيج الزخرفي – تبدل الصدرية تلو الأخرى لهذا الطفل.
وتكافح بكل جهدها للاحتفاط بأعداد إضافية من الصدريات النظيفة. وكانت المشكلة التي كانت تواجه ((إيما)) هي إيجاد طريقة لانقاذ أمها من دائرة الكد والكفاح غير النهائية فيما يتعلق بتنظيف الصدريات للطفل.
فلماذا لا تخترع صدرية للطفل سهلة التناول، ويمكن التخلص منها بعد استخدامها مباشرة، مثلما نفعل بمناديل الورق. ومن الأفضل أن تكون هذه الصدرية الورقية على بكرة، بحيث يمكن لفها مثل مناشف ورق الحمام.
وقد قامت "إيما" بتطوير فكرتها على شكل أفضل، وكان ذلك في عام 1984، حيث كانت كل ورقة، أو صدرية، بها فتحة شبه دائرية في أعلاها، هذه الفتحة كبيرة بدرجة كافية، لتسمح بدخول رأس الطفل فيها. أما طرف المريلة الأسفل، فتوجد به ثنية تشبه الجيب لتلقي الطعام الذي يسقط من أعلى.
كانت الطفلة "إيما" تعيش بالقرب من مدينة "جوتنبرج Gothenburg"، وهي ثاني أكبر المدن السويدية. وفي ذلك الوقت، لم تكن تحلم أن ترى من النظام الملكي السويدي أكثر من تمثال الملك المعروض في وسط المدينة، على الرغم من أنها قد رأت بالطبع العائلة الملكية على شاشة التلفاز.
وفي الحقيقة، لقد أخبرني والدها بأنها قد استلمت جائزتها شخصيا من يد الملك ((جوستاف Gustav)) ملك السويد، حيث قام بتسليمها الجائزة في عام 1985 ضمن فعاليات المسابقة القومية الثالثة للمخترعين من أطفال المدارس الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و 16 عاما.
وكانت جائزة "إيما" واحدة من الجوائز السبع الأولى التي تم توزيعها على الأفراد المخترعين، حيث بلغت قيمة الجائزة 3000 كرون سويدي (أي حوالي 500 دولار أمريكي)، وهي تعد جائزة كبيرة لطفلة في مثل عمرها، ولاختراع مثل "صدرية الطفل".
ولم يكن "صدرية الطفل" هو الاختراع الوحيد لمخترعتنا الصغيرة ((إيما)). ففي وقت تلك المسابقة، كات تملك الكثير من الأفكار في رأسها.
فعلى سبيل المثال، كانت لديها فكرة اختراع يجنبنا فقدان أغطية أقلام الحبر، وفكرة اختراع ((خشخيشه)) وحلقة أسنان مطاطية للأطفال معا"، ومنشفة ورق أسطوانية للمعاقين يمكن استخدامها بيد واحدة فقط.
وكانت فكرة "إيما" عن اختراعها "لصدرية الأطفال والبكرة" رائعة حقا !! لقد كانت من الروعة لدرجة أن إحدى الشركات السويدية الكبيرة قد قامت بإنتاجها في النهاية بعد إدخال بعض من التعديلات البسيطة عليها.
ولحسن الحظ أن "إيما" لم تكن تظهر اهتماما كبيرا في هذا الشأن، حيث أتذكر عندما قالت لي أثناء مقابلتها، "إن تكوين ثروة ليس هدفي الوحيد".
فإذا كانت هوايتها هي ممارسة الاختراع، فإن شغف "إيما" في الحياة هو تربية الخيول والعناية بها، وركوبها في مسابقات، إن أحسن أصدقائها هو حصانها الذي يدعى ((درانيلا Dranella)).
وهذا ما يفسر لي ما قالته تلك المراهقة السويدية ذات مرة : ((بكل صراحة، إن كل ما أتمناه من اختراعي هو أن يجلب لي المال الكافي فقط لإطعام حصاني ((درانيلا)).
ولدت الطفلة"راشيل زيمرمان Rachel Zimmerman" في 28 مايو عام 1972 بكندا، وهي تعيش في مدينة "لندن" بولاية "أنتاريو " Ontario
وعلى الرغم من أنها تبدو مثل الكثير من الفتيات الأخريات، من حيث استمتاعهن بالتطريز، والرياضة، والبيانو، إلا أن "راشيل" كانت مميزة عنهن.
فعندما بلغت السادسة من عمرها، كانت تفضل البحث في الموضوعات العلمية وقدمت أول أفكارها في مسابقة عامة. وأصبحت مهتمة بعلوم الفلك عندما بلغت الثامنة من عمرها، فاتجهت للبحث في كل ما يتعلق بأمور الكواكب.
وعندما بلغت الحادية عشرة من عمرها، قامت بتمثيل مدرستها في مسابقة في الرياضيات، وكانت قد اختمرت لديها فكرة اختراعها الذي اشتهر فيما بعد، وهو عبارة عن لغة خاصة بالأشخاص المعاقين، قامت بتكييفها مع الكمبيوتر.
وتتحدث "راشيل" عن اختراعها قائلة : "في الحقيقة، إنه لا يوجد أي شخص معاق في عائلتي، ومع ذلك فإن الصعوبات التي تواجه المعاقين قد سببت لي الإزعاج الشديد. فإنني أشعر بأنهم معزولون تماما".
فكيف لمعاق "غير قادر على التحكم في عضلاته التي يستخدمها في التحدث أو الكتابة) أن يطلب كوبا من الماء، أو يطلب فتح جهاز التلفاز؟
وهكذا وجدت راشيل نفسها مهتمة بعمل ((شارلز بليس Charles Bliss)) الذي قام بتطوير لغة اتصال المعاقين.
وكانت تلك اللغة، المعروفة باسم "رموز بليس"، قد تم تصميمها للمعاقين على أساس مفاهيم، ورموز، وصور ذات معنى وضعت على لوح كبير، ويجب على الشخص المعاق أن يشير إلى الرموز التي تترجم ما يفكر فيه.
ولقد أدت مهارة "راشيل" في استخدام الكمبيوتر إلى إيجاد طريقة لربط لوحة رموز خاصة من جهاز كمبيوتر رخيص الثمن، بحيث تظهر الكلمات الإنجليزي المناسبة على الشاشة أو أوراق الطباعة.
وتشرح "راشيل" اختراعها فتقول: "إن كل ما على الشخص المعاق أن يفعله هو أن يلمس برقة الرموز المعروضة على لوحة شديدة الحساسية.
ولقد قمت بضبط مفتاح للمسح على اللوحة، لأن حركات المعاقين قد لا تكون بالطبع محكمة. كما يوجد هناك الحروف الأبجدية الموجودة بلوحة المفاتيح، والتي يمكن بواسطتها تصميم اسم الشخص المعاق، طبقا ((لشفرة رموز بليس)).
ويوجد هناك مفتاح آخر لطباعة الجمل، تمكن الشخص المعاق من أن يترك رسالة مكتوبة. وبالمناسبة فقد قامت "راشيل" بتكييف اختراعها من اللغة الانجليزية إلى اللغة الفرنسية.
ومثل كل المخترعين، فقد كانت "راشيل" تفكر من أجل إدخال التحسينات على اختراعها. فالكثير من الاختراعات ما هي إلا تحسينات قد أدخلت على أشياء موجودة بالفعل، ويمكن تسجيل تلك التحسينات كبراءات اختراع جديدة.
وقد قضت "راشيل" الساعات الطويلة في التفكير والتجريب، والعمل لشهور طويلة في تطوير البرامج الخاصة باختراعها، بالإضافة إلى تعديل بنية النموذج الأصلي للاختراع.
وفي مايو عام 1985، قامت "راشيل" بعرض مشروعها في "معرض العلوم الكندي"، وهو عبارة عن مسابقة تقوم بتنظيمها مؤسسة العلوم للشباب.
وقد حصلت "راشيل" على الجائزة الثانية (ميدالية فضية) في مجال علوم الكمبيوتر للصغار، كما قدمت لها شركة IBM شيكا بقيمة 300 دولار امريكي.
وقد تم عرض مشروعها العلمي أيضا في "معهد رموز بليس للاتصالات" في مدينة "تورنتو"، وكذلك في المعرض الدولي للمخترعين الشبان بمدينة "بلوفديف" في بلغاريا.
وكانت "راشيل" دائمة الاهتمام بشؤون الفقراء والمحتاجين، فكانت توفر الوقت لزيارتهم، ومد يد العون لهم، وبخاصة للطلبة الصغار.
وقد قامت الحكومة الكندية بتكريمها في احتفالات الشباب في يونيو عام 1985، وذلك نظرا لما قدمته للمدارس والمجتمع.
وحصلت "راشيل"، في نفس العام، فيما بعد، على "جائزة المواطنة الكندية"، وكذلك على خطاب تهنئة من وزير الدولة للعلوم والتكنولوجيا.
وهكذا رأينا كيف جاءت فكرة للطفلة الصغيرة "راشيل"، وكيف تابعت تلك الفكرة وطورتها. ولربما تأتي لها المزيد من الافكار وتسلك نفس الطريق.
وعندما سألتها "ومن سيستخدم اختراعك هذا؟ هل هي النمور الصغيرة والقطط والبوم؟! "
أجابتني" لا بل سيستخدمه الكثيرون، سيستخدمه الطبيب أو الممرضة التي ترغب في ملء نموذج في منتصف الليل دون أن تزعج المرضى، أو ترغب في الكتابة في صحيفة المريض التي توضح تطور حالته في ضوء المستشفى الخافت.
وهو للعاملين في الغرف المظلمة للمعامل، وسيستخدمه العاملون في غرف تحميض الصور في المختبرات، ونقاد السينما أو المسرح الذين يرغبون في تدوين ملاحظاتهم النقدية بعد أن تطفأ الأنوار، والطلبة الذين يشاهدون الشرائح التصويرية في الفصول".
وللطفلة "بيكي" أفكار أخرى أيضا، فهي تفكر في الشرطي الذي يرغب في تحرير مخالفة سرعة في الليل!!
وماذا عن المطاعم الرومانسية العائلية التي تضاء بالشموع الخافتة؟ ، بحيث لا يمكنك قراءة قائمة الطعام أو فاتورة الحساب.
وكان شغف "بيكي" وولعها الدائم ينصب على الاختراع والعزف على الجيتار.
ولا عجب أن نرى الصحافة وقد ركزت الأضواء عليها بسبب نجاحها البارز الذي يتمثل في تسجيل 6 براءات اختراع وهي ما زالت في السادسة عشرة من عمرها. إنه بحق رقم قياسي فريد تتمناه أي فتاة.
وتدين "بيكى" بجانب كبير من نجاحها إلى والدها الذي لم يتوقف عن تشجيعها على متابعة أفكارها وتطويرها، كما قدم إليها المساعدة المهنية، وساعدها في الحصول على براءات اختراعها.
ولا عجب في ذلك، فهو مخترع ومحام متخصص في براءات الاختراع، وليس من حظ كل صبية صغيرة لديها أفكار قيمة أن تجد إلى جوارها في البيت متخصصا فنيا وخبيرا قانونيا!
واليوم نرى الفتاة "بيكي" – وهي في الثلاثين من عمرها – على رأس شركتها الخاصة بإنتاج منتجات اختراعاتها المختلفة من "الأوراق المضيئة".
كما تقوم هي ووالدها بالقاء المحاضرات عن "العمليات التي يمر بها الاختراع". أمام طلبة المدارس الابتدائية الثانوية.
وأخيرا يقول لنا والدها "السيد شرودير": "إن أي شخص تقريبا، يمكنه أن يكون مخترعا؛ فليس من الضروري أن تأتي الاختراعات من المختبرات الكبيرة للأبحاث. يكفي أن توجد لديك فكرة جيدة، وأن تتابعها حتى النهاية".
ولدت الطفلة "بيكي شرودير Becky Schroeder" في 6 سبتمبر عام 1961 في مدينة توليدو Toledo بولاية أوهايو Ohio وهي أصغر فتاة أمريكية تبتكر اختراعا تحصل بمقتضاه على براءة اختراع.
فقد كان عمرها عشر سنوات، عندما اخترعت وسيلة تمكن الناس من القراءة والكتابة وسط الظلام. وهي عبارة عن ورقة ضوئية، توضح أسفل الورق العادي.
وقد جاءت فكرة الاختراع للطفلة "بيكي"، وهي تلميذة مجدة مثابرة على العمل وأداء واجباتها المدرسية، عند غروب الشمس في أحد الأيام. وعلى الفور تابعت فكرتها حتى النهاية.
"راودتني فكرة الاختراع في أحد مواقف السيارات، حيث كنت جالسة في السيارة، أقوم بأداء واجبي المدرسي، بينما كانت أمي تتسوق في السوق المركزية. وبالتدريج، خيم الظلام على المكان.
فبدأت التفكير كم يكون رائعا لو تمكنت من الكتابة في الظلام!! وفكرت في الألعاب الفسفورية، وعند عودتي إلى المنزل كانت الفكرة تدور في رأسي.
وفي اليوم التالي، توجهت إلى أحد محلات الألعاب، حيث اشتريت زجاجة طلاء فسفوري بمبلغ 39 سنتا. ثم جلست على طاولة المطبخ وكسوت بعض أوراق الرسم بتلك المادة الفسفورية، ثم أغلقت على نفسي غرفة الحمام التي ليس بها نوافذ، وأطفأت الضوء. .. فتوهجت ورقتي المطلية في الظلام!!
بعد ذلك وضعت ورقة مسطرة فوق الورقة الفسفورية، وبدأت في الكتابة. وعلى الرغم من انطفاء الضوء، إلا أنني تمكنت من رؤية ما كنت أكتبه، وقراءته بعد ذلك. فكان حماسي شديدا، حتى أنني خرجت مسرعة من الحمام، وأنا أقفز في الهواء، وأصيح قائلة لوالدي: لقد نجحت فكرتي !!".
ومنذ ذلك اليوم، لم تتوقف الطفلة "بيكي" عن الإثارة والانفعال، بسبب ما تحرزه من اكتشاف تلو الآخر.
فقد لاحظت على سبيل المثال، أنه من أجل تنشيط المادة الفسفورية، فإن كل ما تحتاجه هو 60 ثانية من التعرض لضوء ساطع أو لضوء النهار، وسوف يستمر توهج تلك المادة لمدة 15 دقيقة أو أكثر. وكان ذلك الإشعاع الضوئي كافيا لإظهار السطور حتى من خلال ثلاث ورقات.
واستطاعت الطفلة "بيكي" في النهاية من خلال متابعتها لفكرتها، التوصل إلى نوعين من الأوراق المتوهجة، التي يمكن وضعها كقاعدة تحت أوراق الكتابة. النوع الأول من تلك الأوراق : تغطيه المادة المتوجهة بالكامل، وتوجد به خطوط سوداء يسترشد بها الكاتب. أما النوع الثاني من الورق: فهو خال تماما من المادة المتوهجة فيما عدا سطور إرشادية للكتابة.
ومنذ حصولها على براءة الاختراع الأولى، وهي في الثانية عشرة من عمرها، استطاعت الطفلة "بيكي" تسجيل خمس براءات اختراع أخرى؛ كلها تعديل لاختراعها الأساسي "ورقة المساندة التي تتوهج في الظلام".
حيث أضاف الاختراع الثاني ورقة تغطية ذات تصاميم، لتسهل عمليات رسم الصور، أو ممارسة الألعاب، أو تنفيذ الخدع السحرية، كما أدخلت تحسينا ثالثا يتيح للمستخدم أن يشعر بالسطور كما يراها.
وأضافت اختلافا آخر لاختراعها الأساسي يستفيد من البطارية كمصدر طاقة، بتنشيط المادة المتوهجة بدلا من استخدام الطلاء الفسفوري لاضاءة ورقة الكتابة.
وفيما بعد ، أخذ اختراع "بيكى شرودير" شكل "مصباح صغير" يمكن وضعه في جيب القميص او المعطف.
كما اخترعت "بيكي" لفة مطوية مزودة ببطارية يمكنها إلقاء الضوء عند فكها حسب المسافة المرغوب فيها.
بمجرد التفكير في دولة "نيبال Nepal" تتدافع إلى الذهن تلك الصور التقليدية، جبال إيفرست، وكاتماندو، والرهبان بردائهم المميز، والمعابد، والابتهالات.
ولا يطرأ على الذهن التفكير في أشياء حديثة مثل، الأبحاث، والتقنيات الجديدة، والاختراعات.
ولكن مما يدعو إلى الدهشة، أنه يوجد – في مثل هذه المملكة الصغيرة المنعزلة، والتي تقع ما بين الهند وهضبة التبت- مخترعين!!، حيث تقابلت مع مخترعة شابة جديرة بالإعجاب.
وتلك المخترعة الشابة هي الفتاة "راجاني ماتو Rajani Mahto" التي ولدت في 12 ديسمبر 1969 في مدينة "كاتماندو Katmandu".
وعندما بلغت السادسة عشرة من عمرها، كان يمكن ملاحظة بريق عينيها البنيتين كالماس الذي في أذنيها، كما ترى ضفائرها الكثيفة السوداء وهي تتدلى على ظهرها.
لقد رأيتها شابة حاسمة. كانت أشبه بإلهة هندية، وكانت ترتدي قميصا أبيض، وزيها المدرسي الرمادي. وقد حدثتني عن حبها للشعر باللغتين النيبالية والإنجليزية.
والمعروف أن بلد "راجاني" هي من الدول الفقيرة النامية، والتي تفتقر إلى كل ما هو حديث. فنسمع "راجاني" وهي تقول: "عندما نرغب – ونحن أطفال صغار في مدارس نيبال – في دراسة العلوم، فإن كل ما يتوافر لنا هو مجموعة قليلة من الكتب فقط.
فلا تتوافر لدينا حتى أبسط أدوات المختبرات العلمية، التي يمكن أن تتيح لنا الفرصة لتطبيق ما تعلمناه نظريا.
فمنظمتي "اليونيسيف، واليونسكو" لا ترسل لنا ما يمكن أن نستعمله لاجراء التجارب العملية، وتكتفي فقط بإرسال الكتب. فالنظريات يمكن أن ننساها بسرعة شديدة، أما إذا قمنا بتطبيقها عمليا، فإننا نتذكرها إلى الأبد".
"ولهذا السبب، قمت بالتعاون مع خمس فتيات أخريات، ببناء نموذج تعليمي يمكن بواسطته تعلم أساسيات الفيزياء من خلال التطبيقات العملية".
والفتاة "راجاني" تملؤها الثقة بالنفس، حيث يبدو هذا واضحا وهي تشرح لنا وظائف ذلك النموذج، وهي متعددة مثل: تحويل الكهرباء إلى ضوء، وحرارة، وصوت، ومغناطيسات، وتأثيرها على العناصر الكيميائية، وغير ذلك.
"لقد قررنا صناعة نموذج متكامل يضم جميع تلك الاستخدامات المختلفة للكهرباء في وحدة واحدة. ولكننا لم نكن نعرف كيف نفعل ذلك.
إذا كان ممكنا أم لا!! فتوجهنا إلى مدرس العلوم، الذي أكد لنا أنه طالما أن كل هذه الوظائف متعلقة جميعا بالكهرباء، فإن فكرة النموذج عملية تماما وملائمة.
"ويمكن للدائرة المتكاملة التي قمنا ببنائها أن تخدم عملية شرح عدد من التأثيرات المتعلقة بالكهرباء والمغناطيسات.
فعلى سبيل المثال، يمكن لتلك الدائرة فحص مقاومات الموصل والعازل؛ ومدى الاعتماد على قوة كهرومغناطيسية، وقطبيها وحثها، ومبدأ الجلفانوميتر (مقياس للكشف عن التيار الكهربائى أو تعيين اتجاهه)… الخ.
ففي الحقيقة، إن هذا النموذج التعليمي قد تم تصميمه، بحيث يغطي كل برنامج العلوم الذي يتم تدريسه في جميع مدارس نيبال الثانوية".
وكما تقول "راجاني" فإن هذا النموذج عملي للغاية. وهناك شيء مؤثر ومثير حول هذا الاختراع النيبالي!! فهو يتكون من : درج بسيط قياس 20x20 بوصة، توجد بداخله العديد من الأشياء التي تستعمل في البيوت مثل: فضلات من الخشب الرقيق، وعلبة كبريت، وبقايا زجاج من شباك مكسور، وقضيب حديد، وقطع من السلك، وشفرة حلاقة.
وكانت المواد الوحيدة التي اشترتها لبناء النموذج هى: سلك نحاسي عازل، ومقابس توصيل، وبطاريات، وشريط لاصق عازل، وصمغ.
وتتحدث "راجانى" قائلة: "آه لو تعرف كم من الوقت استغرق لبناء هذه الدائرة المتكاملة, ثم تشغيلها.!!.. لحسن الحظ، إن استاذنا كان ممتازا، ووقف إلى جانبنا يرشدنا ويوجهنا.
فقد كان – على عكس الآخرين – يهتم اهتماما شديدا بطلبته. ولقد كان علينا ان نتعلم حتى كيفية استخدام المطرقة لدق رؤوس المسامير وليس أصابعنا!!
إنني أرغب في أن نقوم بالمقارنة بين هؤلاء الأطفال الموجودين في الدول النامية مع الأطفال الذين يعيشون في أوروبا، أو أمريكا، أو أستراليا.
فبينما الكثير من أطفال الدول الصناعية يمكنهم الحصول بسهولة وفي سن مبكر على "حقيبة عدة النجارة"، "وحقيبة المواد الكيميائية الكاملة"، "وأدوات كهربائية معقدة" نجد أن أطفال ((نيبال))، ودول العالم الثالث الأخرى يضطرون إلى استخدام بديل مؤقت قدر استطاعتهم.
أرجو ألا تهز كتفيك بلا مبالاة، وتقول لي: إن اختراع الأطفال النيباليين ليس اختراعا، وليس جديدا، وإنه تم عمله من قبل، وعلى كل حال، فليس هذا اعتراضا.
فهذا الجهاز على تواضعه لم يكن موجودا من قبل في نيبال، وقد صنع هناك بما يعادل عشرة دولارات أمريكية، ويمكن أن يستخدم في تعليم عشرات الآلاف من الأطفال؛ وهذا يعد نعمة كبيرة في أي بلد تعاني من النقص في دعم الحاجات الأساسية للتعليم.
ولهذا السبب، دعنا نرفع قبعتنا تحية "لأكاديمية العلوم والتكنولوجيا في نيبال"، التي كان لديها الذكاء للاعتراف بقيمة هذا الاختراع الذي يمكنك عمله بنفسك.
فكانت لدى هذه الأكاديمية بعد البصيرة لتعلن أن الطفلة "راجاني"، وصديقاتها، وأستاذها، هم أول الفائزين في المسابقة المدرسية عن عام 1984، والتي كانت – بالمناسبة – مفتوحة أمام البنين والبنات على السواء.
وكدليل على اعترافها بوجود مشاكل، قامت الأكاديمية بتقديم – من بين أشياء أخرى- جوائز أكثر عملية من الميداليات والنقود، حيث سلمت لكل الفائزين صناديق مزودة بالأدوات اللازمة للعمل والابتكار، والتي كانت الأولى من نوعها التي يمتلكونها في حياتهم.
الفتيات وصناديق الأدوات، يا له من خليط نادر في "نيبال"، كما هو في أي مكان آخر.
قالت لي "راجانى": "إنني أعرف الكثير من الأمهات اللاتي يكدحن في منازلهن حاليا ومستقبلا، ويستنكرن عدم قيام بناتهن بنفس الشيء. فإذا رفضت البنات عمل ذلك، فإنهن يعاقبن، وقد يتعرضن للضرب.
ومع كل هذه الظروف، فكيف لهن أن يدرسن؟ فالبنات – وأقصد هنا البنات الفقيرات- يعشن حياة مزدوجة. الأولى في المدرسة كطالبات، والثانية في المنزل كخادمات.
فالبنات يتعرضن للتعب والإرهاق أكثر من البنين؛ فضلا عمن يجبرن على ترك المدرسة من أجل الزواج!!".
ومن حظ "راجاني" أنها قد ولدت في عائلة ممتازة. اذ تقول: لقد كانت أمي ربة بيت، ومع ذلك فقد تركتني أعيش حياتي، كان أبي رائعا، وكان يعمل استاذا جامعيا في اللغة والآداب الإنجليزية في "كاتماندو"، وكان أبا ومربيا لأطفاله الأربعة.
فعلمنا كيف نفكر من خلال اللعب. وعندما نخرج معه للتنزه، علمنا كيفية القراءة من خلال لافتات وإعلانات الشوارع. وقد شجعنا والدي على أن نتعلق بوهم، أننا ينصبح يوما ما ذوي شأن.
فكان يحكي لنا عن حياة العظماء في التاريخ، مثل "إبراهام لينكولن". كما ان قصة "ماري كوري" قد فتحت عيني، ولفتت انتباهي… يا له من مثل لامرأة مثل هذه!!
وبالنسبة لأبي، فلم يكن هناك فرق بين البنين والبنات. فالقاعدة واحدة للجميع وهي: تعلموا، ولا تستسلموا، وعندئذ يصبح العالم ملككم!!
وتقول "راجاني" : "إن لدينا الحليف والنصير مجسدا في شخصية ملكتنا "أيشواريا Aishwarya" التي تبلغ من العمر ثلاثين عاما، وهي على درجة عالية من الجمال.
ولما كانت تريد تقدم المرأة، فقد رصدت جائزة خاصة للنساء فقط. وكنت في غاية السعادة لنيل تلك الجائزة، على يد أم الملكة".
وفي الحقيقة، لقد كوفئت هذه الفتاة الشابة – أيضا- نتيجة لحصولها على المركز الثاني على مستوى خريجي المرحلة الثانوية في جميع مدارس نيبال. فقد تزامنت هذه الجائزة مع حصولها على منحة دراسية لعامين جامعيين.
وعندما تتحدث إلى "راجاني"، وتجدها متحمسة للغاية لاختراعها التعليمي المتعلق بأشكال الطاقة، تعتقد بأنها تدرس علوم الفيزياء. وعلى الرغم من أن هذا كان حلمها، إلا أنه لم يتحقق بعد.
فتعترف لنا قائلة: ففي الوقت الحالي التحقت لدراسة علم الأحياء، وعندما سألتها: "لماذا البيولوجيا وليس الفيزياء؟
"قالت: "لأنهم قالوا لي لم يحن الوقت لذلك بعد"، فأسرعت بسؤالها: "من الذي قال ذلك؟ "فقالت لي: "إنه عمي، الذي يعمل "منجما" … صدقني إنه لم يخطئ أبدا".
والواقع، أن "راجاني" تعيش بالقرب من سقف العالم في "نيبال"، وبالقرب من النجوم. لقد كدت أن أنسى ذلك. ..
وفي عام 1984، استلمت الطفلة "كاناكو" البالغة من العمر ثمانية أعوام، الميدالية الذهبية لمنظمة الويبو (WIPO).
واختراع "كاناكو" هو عبارة عن أداة عبقرية للتدرب على جدول الضرب، حيث يسمح هذا الاختراع للمتعلم بأن يفكر في الإجابة في عقله قبل أن تظهر الإجابة الصحيحة على الشاشة.
ولكن كيف يعمل هذا الجهاز؟
إنه يتكون من رقم يظهر على لوحة وشكل أسطواني مصغر، حيث يتم إعداد بطاقة لكل رقمين مطلوب الحصول على حاصل ضربهما، علما بأن الأرقام المضروب فيها تتراوح من واحد إلى تسعة.
فعلى سبيل المثال، تظهر المسألة الحسابية (4x2( في الجزء العلوي من كل بطاقة، بينما يخفى الجزء السفلي الإجابة الصحيحة للمسألة، بحيث لا تظهر إلا عند وضع البطاقة في فتحة الرقم المشار إليه على اللوحة.
يأخذ الطفل البطاقات من مكانها الموجود على جانب الشكل الاسطواني، ثم يضع كل بطاقة في فتحة الرقم – شاشة العرض- وذلك بعد حل المسألة. و
بهذه الطريقة، يمكن للأطفال تعلم جدول الضرب مع التأكد من إجابتهم الصحيحة بعد كل تدريب.
ومن الجدير بالذكر أنه يوجد خياران أمام المتسابقين اليابانيين الصغار في كل عام. فإما أن يختاروا الموضوع المحدد الذي اقترحه المنظمون، أو يكون اختيارهم مفتوحا دون قيود.
وقد كان الموضوع الذي اختاره المنظمون في العام الذي تقدمت فيه "كاناكو" بجهاز جدول الضرب هو "مواد للاستخدام في مجال التعليم".
ولم تكن الطفلة "ميشيكو" ، ذات الأعوام الثمانية، هي الرابحة الوحيدة لجائزة (ويبو WIPO).
بل حصلت على تلك الجائزة كل من الفتاة "أيتسكو Etsuko" في عام 1983، والفتاة "كاناكو Kanako" في 1984.
ومن ثم كانت الأعوام 1982، 1983 ، 1984، ثلاثة أعوام لثلاث فتيات فائزات! وعلى خلاف الأسماء اللاتينية التي يشير فيها حرف الـ "O" في النهاية إلى المذكرk فإن الأسماء اليابانية على العكس تماما إذ يشير حرف الـ "O" في النهاية الى المؤنث.
في عام 1983، استطاعت الطفلة "ايتسكو" البالغة من العمر 13 عاما، اختراع صندوق عبقري لأوراق المذكرات (Memo Box).
وهو عبارة عن نظام يمكنك من سحب أوراق المذكرات الصغيرة (memos) من صندوق مغلق بسهولة ويسر، حيث يمكن أن تسحب بسهولة ورقة واحدة في كل مرة – حسب حاجتك بواسطة ثقل مكون من كرة صغيرة مغطاة بالمطاط.
فعندما يتم شد الخيط المثبت في القلم، تبرز لك قصاصة من الورق من فتحة صغيرة، وذلك بمساعدة كرة زجاجية صغيرة متصلة بالطرف الآخر من الخيط، وأحيطت هذه الكرة الصغيرة بخيط مطاطي ليدعم الخاصية للاصقة لسطحها.
لهذا يمكنك ان تحصل على قطعة ورق في الحال دون البحث عن قلم، وتكتب مذكراتك الموجزة مستخدما الصندوق كقاعدة تستند إليها.
ولاختراع الطفلة "ايتسكو" مميزات عديدة. فالمنظر المألوف للموظفين وهم يضيعون وقتهم في البحث عن قلم وورقة صغيرة من أجل كتابة ملاحظاتهم السريعة، أصبح شيئا من الماضي!!
كما إن إهدار الورق لم يعد كما هو في السابق، ففي كل مرة نسحب الخيط تخرج ورقة واحدة فقط، وليس نصف دستة أوراق!
وسيكون صندوق المذكرات نموذجيا للاستخدام في الهواء الطلق، إذ لن يتعرض لخطر طيران الأوراق، كما أنه صالح للاستخدام في كابينات الهاتف، وفي كثير من الأغراض الأخرى.
في أحد أيام مارس الجميلة من عام 1982، جاء مظروف كبير من اليابان، وكان بداخله صور فتاة صغيرة ساحرة الجمال.
كانت تلك الفتاة ترتدي فستانا رماديا، وعقدا جذابا، وجوارب مزركشة، وحذاء أسود لامعا. وكانت تحمل في يدها شهادة، وبجانبها إختراعها، وهو عبارة عن : صندوق موسيقي. فما قصة هذه الفتاة ؟
إن هذه الفتاة الصغيرة تحب آلة القيثارة اليابانية أو "الكوتو Koto". فتلك الآلة التي أحبتها، كانت ملهمتها لاختراعها، عندما رأت ثمانية أجراس صغيرة معلقة في قاع صندوق لعبتها.
وما توصلت إاليه هذه الفتاة الصغيرة، هو آلة فريدة من نوعها، مكونة من صندوق موسيقي خشبي على شاكلة آلة الكوتو، وتضم ثمانية أجراس.
ويظهر في الصورة أيضا، أمام الفتاة، اختراعها منقوشا عليه اسم (ويبو).
إن تلك الفتاة الصغيرة التي تدعى "ميشيكو إيكيدا Michiko Ikeda"، البالغة من العمر ثمانية أعوام، كانت في الحقيقة أول طفلة في اليابان تحصل على جائزة المنظمة العالمية للملكية الفكرية.
وتلك الجائزة – التي تعد الثانية في الأهمية بعد الجائزة الامبراطورية – قد تم منحها لمخترعتنا ضمن مسابقة مفتوحة لجميع اطفال المدارس باليابان.
حيث يتم تنظيم هذه المسابقة كل عام بواسطة معهد اليابان للاختراع والابتكار (JIII)، الذي يحتل منصب رئيسه الفخري صاحب السمو الامبراطوري الأمير "هيتاشي Hitachi".
ولكن ماذا عن كيفية عمل اختراع "ميشيكو"؟ انه عبارة عن إطار خشبي أفقي ذي ثمانية خطوط، تتدلى طوليا، ومثبتة بواسطة مشابك في مواضع محددة.
حيث يمكن لتلك اللوحة المتحركة أن تنزلق إلى الأمام والخلف تحت قوس، تتدلى منه أعواد صغيرة من الخيزران الرفيع إلى الأسفل، ونجد حبات الخرز مثبتة في تلك العيدان.
وبمجرد شد تلك اللوحة الخشبية، تتصل المشابك بتلك الأعواد فتشدها، مسببة ارتطام الخرزة التي توجد في نهاية كل عود مع جرس من الأجراس الثمانية المتدلية من القوس .
وبالتالي، فإنه يمكن عزف لحن بواسطة شد اللوحة المتدلية في حالة وضع كل مشبك في مكانه الصحيح.