يوضح شكل (5) منحنى التوزيع التكراري لتقدير عمر صخور القاعدة التابعة لمرحلة ما قبل الكمبري، ومنه يظهر أن عملية بناء القارات هي عملية تحدث على مراحل متعاقبة.
وتوضح القمم العليا في المنحنى مراحل التكوين أو البناء القاري (Phases of formation) وعلى ذلك فإن أقدم مرحلة بناء للقارات حدثت منذ نحو 3800 إلى 3500 مليون سنة مضت، وأدت إلى تكوين أقل من 10% من مساحة قشرة الأرض الحالية.
ويرجح العلماء أن نحو 60% من حجم قشرة الأرض تم تكوينها خلال مرحلة البناء القاري الثانية خلال الفترة من 2900 إلى 2600 مليون سنة مضت. وتتركب كل أجزاء القشرة القارية التي تكونت خلال هاتين المرحلتين من الصخور الأركية.
ثم تعرضت القشرة الأرضية بعد ذلك لعمليات بنائية تكتونية متلاحقة خاصة خلال الفترة من 1900 – 1700 مليون سنة مضت والفترة من 1100 – 900 مليون سنة مضت.
وتميزت مناطق الحركات البنائية التكتونية خلال هاتين المرحلتين الأخيرتين بامتداداتها الطولية (Linear Provinces).
ومن الحركات التكتونية التي أثرت في بناء القارات هي تلك التي حدثت منذ نحو 600 مليون سنة مضت، ولكنها لا تظهر على منحنى التوزيع التكراري لمرحلة ما قبل الكمبري (شكل 5).
وفيما بعد هذه المرحلة البنائية الأخيرة تمكن العلماء من تسجيل حدوث عدة مراحل بنائية للجبال والقارات بصورة دقيقة عن تلك التي حدثت في مرحلة ما قبل الكمبري.
وقد ربط العلماء حدوث هذه الحركات البنائية للقارات خلال مرحلة الحياة (Phanerozoic) بما حدث للقارات من عمليات الزحزحة والتصادم. ووفقاً لتحديد اتجاهات القطبين الشمالي والجنوبي للكرة الأرضية واختلاف مواقعهما.
أمكن تحديد أبعاد القارات القديمة وأشكالها ومواقعها، وذلك عن طريق دراسة عينات الصخور الممغنطة قديماً، وتحديد أعمارها وعلاقتها باتجاهات الحقل المغنطيسي للأرض في الوقت الحاضر.
ولما كانت معظم التكوينات الإرسابية فوق صخور القارات التابعة لمرحلة الحياة تقل في عمرها الجيولوجي عن فترة ما قبل الكمبري، فقد ساعد ذلك على سهولة تقدير عمرها النسبي.
كما نجح العلماء في تفسير ما تعرضت له القارات من زحزحة أفقية (منذ نحو 200 مليون سنة) تفسيراً دقيقاً بمواقع القطبين المغنطيسين الحاليين.
تتميز صخور الدروع الأركية بتكوينها في نطاقات مقوسة أو حلزونية النظام ولا تحدث في نطاقات طولية الامتداد، كما أنها تحدث في تكريب جيولوجي مميز.
ويتألف أساساً من كتل من الصخور الخضراء (Greenstones) تنحصر بين مساحات واسعة من النيس (Gneiss) والجرانوديوريت (Granodiorites) (شكل 2).
وتتضمن هذه التكوينات الصخرية الأخيرة علامات تدل على ارتباطها بقباب الباثوليت المتداخلة (Batholithic Intrusion)والتي تقع فوق مناطق انزلاق الألواح الجيولوجية عند هوامش القارات.
أما كتل أو أحزمة الصخور الخضراء فتتألف هي الأخرى من تكوينات إرسابية وبركانية تعرضت لعمليات التحول.
وتقع مجموعة التكوينات النارية بين صخور الانديزيت الممثلة في الأقواس الجزرية القارية، وتكوينات اللابة الثيوليتية المكونة للحواجز المحيطية الوسطى.
ومن ثم اقترح البعض أن الصخور الخضراء تمثل بقايا من أرضيات الأحواض البحرية الهامشية، أو ما يسمى كذلك باسم أحواض أقواس الجزر المتراجعة (Retro – Arc Basins) وتندفع الماجما الثيوليتية (Tholeitic Magma) عبر الشقوق في أرضيات الأحواض البحرية في حين تنبثق اللابة الانديزيتية (Andesitic lavas) من البراكين الممثلة في أقواس الجزر القارية.
ويوضح شكل (3) الاقتراح الذي يفسر كيفية نشوء تكوينات النيس والصخور الخضراء الأركية على عدة مراحل تتمثل فيما يلي:
1- يتكون في البداية حوض بحري تتجمع الرواسب وفرشات اللابة فوق أرضية.
2- تتعرض الرواسب لعمليات الطي والرفع تبعاً لتعرضها لاضطرابات تكتونية تحت تأثير اندفاعات الجرانيت والجرانوديوريت.
3- تكوين قوس جزري وحوض بحري جديدين.
4- انضغاط الرواسب تحت تأثير اندفاعات الماجما.
5- تكوين قوس جزري وحوض بحري ثالث، ثم تعاد الدورة من جديد. وينتج عن ذلك تكوين جيولوجي يماثل بدرجة كبيرة خصائص التركيب الجيولوجي للأراضي الأركية. وقد تكون هذه العملية هي المسؤولة عن تكوين أقدم القشرة القارية للأرض.
توالي الزيادة في نمو المناطق البنائية التكتونية : Accretion of Orogenic Provinces
تميل مناطق الكتل الأركية التي يقع عمر صخورها عن 2000 مليون سنة إلى الوقوع عند حواف مناطق الكتل الأركية الأقدم عمراً.
ويشبه هذا التركيب الجيولوجي ذلك الذي يظهر في السلاسل الجبلية حين تظهر تكويناتها الصخرية إلى أعلى فوق جذور الجبال، وتحاط هذه السلاسل الجبلية بتكوينات الكتل أو الدروع الأركية الأقدم عمراً.
ويطلق على مثل هذه التراكيب الجيولوجية «مناطق بنائية تكتونية» (جوفية) (Orogenic Provinces).
ويمكن تفسير نمو القارات على أنه عملية نمو متواصلة. فقد تكونت الدروع أو الكتل الأركية الهامشية والسلاسل الجبلية والتي أضيفت إلى هوامش الكتل القارية بفعل الانضغاط خلال فترات متتابعة.
وينجم عن تكرار حدوث هذه العملية النمو التعاقبي (Episodic Growth) أو العرضي للقارات (اي نموها على مراحل زمنية متعاقبة) كما يتضح في الشكل.
ويحدث ذلك نتيجة لتتابع حدوث فترات للإرساب (Deposiotn) وأخرى للبناء التكتوني (Orogenesis) عندما تتعرض هوامش القارات لتأثير عمليات الشد (Tension) (في اتجاهين متضادين) والضغط أو الانضغاط (Compresion) (في اتجاهين متقابلين).
وهكذا تندمج الثنيات المقعرة الحوضية العظمى (في قشرة الأرض) (Geosynclines) مع هوامش الألواح الجيولوجية.
وتتغطى أرضيات الثنيات المقعرة الحوضية العظمى بالرواسب القارية والمحيطية على السواء، ثم تتعرض أرضيتها لعلميات متنوعة، منها تباين الانصهار الجزئي للمواد اللابية وأثر ذلك في دفع بعض المواد إلى أعلى ورمي بعضها الآخر إلى أسفل في مناطق انزلاق الألواح الجيولوجية وانغماسها في مواد «الوشاح».
وتندفع أجزاء من أرضية الثنيات الحوضية العظمى إلى أعلى لتكون تكوينات جديدة تضاف إلى القشرة القارية.
ومن ثم فإنه يمكن تفسير نشأة التركيب الجيولوجي لأقدم أجزاء القشرة الأرضية، وفقاً للنظام التكونية التي تعرضت لها هذه الألواح الجيولوجية.
وتتألف معظم الدروع القارية القديمة من كتل أركية في الوسط، ويحيط بها تكوينات صخرية أصغر عمرً وقد تتغطى هذه التكوينات الخيرة بأخرى حديثة العمر الجيولوجي.
أما أحزمة التكوينات الجيولوجية الحديثة العمر الجيولوجي والممثلة في نطاق الكتل الأركية القديمة في الوسط، فيبدو أنها كانت عبارة عن تكوينات انحبست فيما بين نطاقات الكتل الأركية القديمة.
ومن ثم يمكن أن تتكون كتل أو دروع أركية قديمة عندما تتصادم مع كتل أركية أصغر حجماً. وقد وجد الباحثون بقايا من صخور أرضيات المحيط (صخور السيما) داخل تكوينات سلاسل الكورديلليرا مما يؤدي حدوث عملية التصادم القاري.
تشكلت القارات الأولية القديمة (Protocontinents) في المراحل النهاية من عملية تكوين كوكب الأرض.
وحيث لم يستطع العلماء التعرف على كيفية نشوء كوكب الأرض وبقية كواكب المجموعة الشمسية، إن كل ما يتعلق بنشأته وتكوين قاراته وبحاره عبارة عن نظريات وافتراضات غير مدعمة تماماً بالأدلة العلمية.
واقتراح العلماء أن كوكب الأرض قد انفصل على السحابة الشمسية القديمة منذ 4.6 × 10 9 سنة على الأقل.
وعندما بدأ الإنسان يغزو الفضاء ويكتشف الكثير عن خصائص القمر وكواكب المجموعة الشمسية، عرف العلماء أن كوكب الأرض قد تنامى في الفضاء تبعاً لالتحام المفتتات الكونية، والتي كانت تشبه في تركيبها المعدني النيازك الحجرية.
واقتراح العلماء أن مرحلة نمو كوكب الأرض استغرقت فترة يتراوح مداها من 25 إلى 100 × 10 6 سنة.
وتبعاً لدوران الأرض حول محورها تجمعت المعادن الثقيلة والمواد المشعة في مركزها، ونتج عن ذلك توليد طاقة حرارية عظمة تؤدي إلى انصهار المواد المعدنية وتكوين الغازات التي تنبثق إلى سطح الأرض عند حدوث البراكين.
وخلال الفترة من 100 إلى 500 ×10 6 سنة نشطت عمليات تسخين مواد مركز الأرض وظهرت المصهورات النارية والغازات على سطحها، وتكونت بذلك الأغلفة الغازية والصخرية والمائية لكوكب الأرض.
وبمعرفة المواد المشعة في التكوينات الصخرية القديمة لقشرة الأرض وعُمرها الزمني، رجح العلماء أن أقدم صخور قشرة الأرض عمراً يرجع إلى نحو 3800 مليون سنة على الأقل.
ومن بين هذه الصخور القديمة تلك التي عثر عليها في منسوتا وجنوب غرب جرينلند وفي جنوب روديسيا، حيث تبين أنها تتألف من صخور نارية وأخرى متحولة يتراوح عمرها من 3.5 إلى 4 × 10 9 سنة.
تطور نمو القارات: The Growth of Continents
هناك رأيان مختلفان حول كيفية نشوء صخور السيال (Sial) أو بمعنى آخر القشرة القارية على سطح الأرض وهما:
1- ربما تكونت صخور السيال كيميائياً عند بداية تكوين الأرض ثم تعرضت لتأثير القوى التكتونية (الداخلية) وتشكلت بصورة مستمرة.
2- ربما تكونت صخور السيارل بصورة متواصلة عند حواف الألواح الجيولوجية المتقابلة، ومن ثم فإن هذه القارات تواصل نموها عبر الأزمنة الجيولوجية.
وقد أكدت الأدلة العلمية الحديثة المعتمدة على نتائج التحليل الإشعاعي لنسبة الأسترنتيوم 87 إلى (الأسترنتيوم 86) في صخور القشرة الأرضية مفهوم الرأي الثاني، الذي يقترح تكوين صخور السيال عند حواف الألواح الجيولوجية المتقابلة.
ويوضح شكل (1) القوى المقترحة لكيفية نشوء القشرة الأرضية. فعند انزلاق اللوح الجيولوجي إلى أسف وانغماره في مواد الوشاح يتعرض للإنصهار من جديد، وأول من يتعرض من المعادن للإنصهار هي تلك التي تتميز بحاجتها لكي تنصهر إلى أقل درجة انصهار (Lowest Melting Point) وتقل نقطة أو درجة الانصهار وفقاً لمدى وفرة المياه في التكوينات التي تعرضت للإنزلاق والهبوط في مواد الوشاح.
والمعادن التي تنصهر في البداية هي تلك التي تتميز كذلك بقلة كثافتها. وحيث إن الشرائح المنزلقة تتعرض في هذه الحالة للإنصهار جزيئاً، فإن المعادن المنصهرة الأقل كثافة تتسرب إلى أعلى المعادن غير المنصهرة الأعلى كثافة، وقد تنفصل عنها وتكون كتل من اللابة المندفعة الخفيفة الكثافة.
أما بقية اللابة (وتكون في هذه الحالة أعلى كثافة) فتنساب إلى أسفل وتتميز اللابة في هذه الحالة بأنها من النوع فوق القاعدي Ultrabasic ويطلق على عملية الانصهار الأخيرة هذه تعبير تفاوت أو تباين الانصهار الجزئي (Fractional Melting) (Differentiation).
أما كتل الماجما الأقل كثافة والتي انصهرت في البداية فتستمر في الصعود إلى أعلى وتجد لنفسها مكاناً في الألواح الجيولوجية المتراكبة (Overriding Plates). وعندما تبرد الماجما تصبح جزءاً لا يتجزأ من تكوينات القارات وتزيد من حجمها.
ووفقاً لهذه العملية فإن القشرة الأرضية تتكون فوق أعالي مناطق انزلاق الألواح الجيولوجية وانغماسها في مواد الوشاح.
تشير النظريات الحديثة إلى أن الغلاف الجوي لكوكب الأرض قد تكوّن في وقت مبكر جداً من تاريخ هذه الأرض.
وبعد نشأة الحياة على الأرض فإن العمليات الحيوية – البيولوجية – أصبحت هي العامل الرئيسي والمؤثر في تركيب الغلاف الجوي. ويشكل الغلاف الجوي الذي يحيط بكوكب الأرض قشرة رقيقة جداً.
ولا تتجاوز كتلة الغلاف الجوي واحداً في المليون من كتلة الأرض الصلبة، حتى إن كثافة هذا الغلاف عند مستوى سطح الأرض تقل عن واحد في الألف من كثافة الصخور.
وتقدّر كتلة الغلاف الجوي بحوال (5.136 ± 0.007) × 10 21 جرام (جدول 1 ).
ويقل سمك الغلاف الجوي فوق سطح الأرض عن واحد في المائة من نصف قطر الأرض، كما أن 97% من كتلة الغلاف الجوي تقع تحت ارتفاع 29 كيلومتراً.
ولقد بحث العلماء في كيفية نشوء الغلاف الجوي، وحاولوا تفهم ما طرأ على التركيب الكيميائي للغلاف الجوي من تغيير عبر العصور الجيولوجية المتعاقبة.
ولم يكن هذا بالأمر السهل لاستحالة الحصول على عيّنات من الغلاف الجوي خلال الأزمنة الغابرة، ومع هذا فإن الحصول على هذا المطلب لم يكن ميئوساً منه.
فنشأة الحياة، ووجود الحيوانات منذ أكثر من 600.000.000 سنة، والعلامات التي بقيت على الرواسب القديمة نتيجة لتفاعل الغلاف الجوي مع الصخور، وطبيعة الغازات البركانية خلال حقب الحياة القديمة، كلّها أدّت إلى تزويد العلماء والباحثين ببعض المعلومات حول تطور الغلاف الجوي.
وعلى أية حال فإنه لا يمكننا بمثل هذه المعلومات أن نحلّ جميع الألغاز الخاصة بتاريخ الغلاف الجوي للأرض.
وقد يكون من الأفضل أن نعرّف المشكلة بشيء من الدقة قبل أن نحاول إيجاد الحلول لها. فالغلاف الجوي يحتوي حالياً على عدد بسيط من المكوّنات الرئيسية وعلى عدد كبير جداً من المكوّنات الثانوية – حسبما هو موضح في الجدول السابق (رقم 1 ) .
ولكلٍّ من هذه المكوّنات ضغطه الخاص به. فلبعض هذه المكوّنات ضغط ثابت عند مستوى سطح الأرض، وللبعض الآخر ضغط متغيّر في الزمان والمكان.
ففي الوقت الحاضر، على سبيل المثال – يمكن أن توجد بعض الغازات مثل: الأمونيا، والميثان، (CH4) والهيدروجين في الغلاف الجوي على شكل «أثر» فقط لأن مثل هذه الغازات تكون غير مستقرة بسبب وجود الأكسجين بكميات كبيرة في الوقت الحاضر.
في حين أن الأكسجين ما كان ليشكل عنصراً رئيسياً في الغلاف الجوي في الأزمنة الماضية، عندما كانت غازات المثيان والأمونيا والهيدروجين توجد بكميات وفيرة.
أصل الأكسجين:
إن أصل الأكسجين ووجوده في الغلاف الجوي للأرض كان ولا يزال محلّ جدل خلال عدة عقود.
وقد سادت نظريتان وصولاً لحلول علمية لهذه المشكلة.. تقول النظرية الأولى إن الأكسجين قد نتج عن عملية البناء الضوئي خلال العصور الجيولوجية المتعاقبة، حيث ينفصل الكربون عن الأكسجين في ثاني أكسيد الكربون، ويمكن التعبير عن ذلك بالمعادلة التالية:
ويسير هذا التفاعل في الاتجاه المعاكس أيضاً أثناء تحلل النباتات وتنفس الحيوانات.
وعلى هذا فإن معظم الأكسجين الذي ينتج عن عملية البناء الضوئي يُستهلك ثانية بواسطة تحلل النباتات وتنفس الحيوانات.
أما الكمية الصغيرة الباقية من الأكسجين فهي المسؤولة عن وجود الأكسجين بهذه الكمية الكبيرة نسبياً في الوقت الحاضر.
وتقول النظرية الثانية إن الأكسجين الحرّ ينتج عن الأشعة فوق البنفسجية التي تعمل على تفكك جزيئات الماء إلى أكسجين وهيدروجين في الجزء العلوي من الغلاف الجوي، إلا أن معظم هذين العنصرين يتحدان من جديد.
ولما كانت كتلة ذرة الأكسجين تزيد 16 مرة عن كتلة ذرة الهيدروجين، فإن ذرات الهيدروجين بسبب خفة وزنها تفلت من الغلاف الجوي، وتبقى ذرات الأكسجين.
فالاكسجين الحر نشأ إذن من تحلل بخار الماء وانفلات غاز الهيدروجين. غير أن هناك عاملاً آخر يحدّ من إنتاج الأكسجين، ألا وهو وجود الأوزون (O3).
فهذا الغاز – كما هو معروف – يمتص الأشعة فوق البنفسجية، ويمنع جزءاً كبيراً من هذه الأشعة من الوصول إلى الطبقات السفلى من الغلاف الجوي حيث توجد كميات كبيرة من بخار الماء.
الشواهد الحيوية – البيولوجية:
إن الفرضية التي تقول بأن التركيز العالي لغاز الأكسجين في الغلاف الجوي في الوقت الحاضر يعود لإنتاج الأكسجين بفعل عملية البناء الضوئي، لتدل على أن جو الأرض كان يحتوي على نسبة ضئيلة من الأكسجين قبيل وجود عملية البناء الضوئي.
ومن المحتمل جداً أن تكون الحياة قد نشأت في وقت مبكر جداً من تاريخ الأرض.
فالصخور الرسوبية التي اكتشفت في جبل باربيرتون (Barbeton) في جنوب أفريقيا تعتبر أقدم صخور الأرض حيث يعود عمرها إلى حوال 3.3 ×10 9 سنة.
وتحتوي هذه الصخور على قطع من الفحم بالغة الصغر، والتي قد تكون حسب رأي موير (M. Muir) ذات منشأ حيوي.
فالأحجار الجيرية في جنوب أفريقية، والتي يعود تاريخ وجودها إلى نفس الحقبة الزمنية، تحتوي على النسيج الضام الذي هو على الأغلب بقايا طحالب جيرية. وعلى هذا الأساس فإنه من المحتمل أن تكون الحياة قد بدأت منذ أكثر من 3 ×10 9 سنة.
وعلى أية حال، فإنه لم يعرف بعد متى تطورت الكائنات الحية حتى أصبح بإمكانها إنتاج الأكسجين، غير أن الشواهد التي تركتها الصخور الرسوبية تدل على أن ذلك حدث منذ أكثر من 2 × 10 9 سنة.
وقد افترض كل من بركنر (L. V. Berdner) ومارشال (L. C. Marshal) أن الحياة النباتية والحيوانية التي نشأت على اليابسة منذ حوالي 400 × 10 6 سنة قد حدثت عندما بلغ مستوى ضغط الأكسجين حواليقيمته الحالية، لأنه في مثل هذا المستوى فإن شدة الأشعة فوق البنفسجية التي تصل من الشمس إلى الأرض تكون بطيئة إلى الحد الذي لم تعد معه تسبب خطراً على الحياة.
ومع أن هذه الفرضية قد لا تعدو كونها مجرّد تصوّر مثير، إلا أن وجود الحيوانات، وهي التي تستهلك الأكسجين، ليدل على أن مستويات الأكسجين في الجو خلال الـ 400 × 10 6 سنة الماضية لم تقل عن قيمتها الحالية.
الشواهد التي تركتها الرواسب:
نجد في عصرنا الحاضر أن تأكسد الصخور على سطح الأرض منتشر على نطاق واسع.
ولو أن الأكسجين لم يكن موجوداً في الأزمنة الغابرة. فإننا نتوقع أن تكون المعادن في الرواسب القديمة أقل تأكسداً.
والمعادن مثل الحديد والمنجنيز واليورانيوم والكبريت هي من بين العناصر التي تستجيب في ايامنا هذه بسرعة لعملية الأكسدة.
فأكسيد اليورانيوم (UO2) – على سبيل المثال – يتفاعل بسرعة مع الأكسجين ليكوّن أنواعاً متعددة من أكاسيد اليورانيوم.
وتدل المشاهدات على أن الجو منذ حوالي 2 ×10 9 و 3 ×10 9 سنة كان على الأرجح اقل قدرة على أكسدة العناصر مما هو عليه في الوقت الحاضر، ومع هذا فقد كان كافياً لأكسدة الحديد وتكوين أكاسيد الحديد التي تراكمت على نطاق واسع.
الشواهد من انبثاق الغازات:
أوضح روبي (W. W. Rubey) أن العديد من المكوّنات المتطايرة للغلاف الجوي والمحيطات لا يمكن أن يكون مصدرها تجوية الصخور النارية (البركانية).
وقد بيّن أن تصاعد هذه المكوّنات المتطايرة كان نتيجة لغليانها في باطن الأرض عبر تاريخها الطويل. وتعتبر ثورة البراكين في عصرنا الحاضر، بالإضافة إلى انبثاق مياه النافورات الحارة شاهداً على ذلك.
وتتكون الغازات التي تتصاعد عن انبثاق المصهورات البركانية على سطح الأرض بشكل رئيسي من: الماء وثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت والهيدروجين وأول أكسيد الكربون والنيتروجين. ويوضح جدول (2) نسب الغازات لصادرة عن بركان جزر هاواي.
ويتضح مما سبق أن الاكسجين الحر يكاد يكون لا وجود له، فضغط الأكسجين في هذه الغازات حوال 10 -7 ضغط جوي.
ويلاحظ من الجدول أن غاز ثاني أكسيد الكربون يلي الماء من حيث نسبة وجوده في هذه الغازات، في حين أن نسبة وجود هذا الغاز في الغلاف الجوي وفي المحيطات صغيرة جداً.
هي العملية التي تتكون بها المناطق الجبلية كالألب والهيمالايا والأبلاش وغير ذلك من الأحزمة الجبلية.
وتتميز الأحزمة الجبلية بطولها، وهي تحتوي على مناطق فاصلة ذات تشكيلات رسوبية وحرارية سبق أن تعرضت للتشوه، وهذه المناطق الفاصلة تكون موازية للأحزمة الجبلية لكنها غير مماثلة بشكل عام.
وللأحزمة الجبلية هندسة داخلية معقدة، حيث تتضمن نقل كميات كبيرة من التتابعات الصخرية غير المتشابهة كالرواسب البحرية، والقشرة القارية (السيال) (Sial) والقشرة المحيطية، والوشاح (Mantle).
ويعد التشوه الكبير والتحول الذي يحدث لحزام جبلي معين ذا مدى زمني قصير نسبياً، إذا قورن بالزمن الذي تم خلاله ترسيب كميات كبيرة من الصخور التي يحتويها هذا الحزام.
ويمكن القول أن الأحزمة الجبلية تعتبر مناطق غير طبيعية تراكمت فيها طبقات صخرية رسوبية ونارية، وتعرضت لتشوهات حادة، وتغيرات حرارية.
وتساعد الدراسات الجيولوجية السطحية والدراسات الزلزالية (Seismological studies) ودراسة تكون المحيطات على فهم نشأة الجبال، وقد بينت الدراسات الزلزالية التي أجريت في العقود الأخيرة أن قاع المحيطات يشتمل على مجموعة من السلاسل الجبلية المحيطية (Oceanic Ridges) والأخاديد (Trenchs) وأقواس الجزر (Island Arcs).
وقد أوضح جلبرت (Gilbert) أن السلاسل الجبلية المحيطية والأخاديد المجاورة تختلف بصورة أساسية عن الأحزمة الجبلية الموجودة على اليابسة.
وتبين من النماذج المعملية أن نشوء الجبال قد ترتب على تطور السلاسل الجبلية المحيطية، والأخاديد المحيطية، وحركة تباعد القارات (Continental Drift).
وعلى الرغم من أن السلاسل الجبلية المحيطية والأخاديد المحيطية وأقواس الجزر تعتبر نظماً جبلية فإنها لا تعد أحزمة جبلية بالمفهوم الكلاسيكي لهذه الأحزمة الذي يقصرها على الكتل القارية.
حركة صفائح الغلاف الصخري:
تعتبر صفائح الغلاف الصخري (Lithosphere) قطاعات كروية «صفائح» (spherical segments) للوشاح الخارجي والقشرة الأرضية، ويتراوح سمك هذه الصفائح بين 5 كيلومترات عند السلاسل الجبلية المحيطية و 150 كيلومتراً تحت المناطق المركزية للقارات.
ويحدث لهذه الصفائح نمو على طول السلاسل الجبلية المحيطية (أنظر شكل 1-أ)، واستهلاك طول الأخاديد المحيطية(أنظر شكل ا-ب) وتنشأ أقواس الجزر فوق نطاقات الانزلاق (Subduc-tion zones) في أجزاء محيطية كاملة من الصفائح.
وتوضح الأشكال من(ا – جـ) إلى (ا – و) مجموعات مختلفة من نطاقات الانزلاق وأقواس الجزر والقارات الصغيرة، مثل مرتفع لورد هاو (Lord Howe Rise)، بينما يوضح الشكل (1 – جـ ) تصادم القارة الهندية مع كتلة التبت، حيث أدى هذا التصادم إلى انهاء الانزلاق وظهور جبال الهيمالايا.
وتتحرك الصفائح بعيداً عن السلاسل الجبلية المحيطية بصورة متماثلة، ويبلغ معدل تحركها 1-10 سم سنوياً تقريباً، وهي تتصرف كما لو كانت كتلاً يابسة (Rigid Masses) تقريباً، وتوصف حركاتها بدلالة أقطاب الدوران (Poles of Rotation) بالنسبة لبعضها البعض.
إن المفاهيم الأساسية لنشوء الجبال القائمة على حركة الصفائح، (Plate Tectonics) تقرر أن حواف القارات (من النوع الأطلسي) التي تطورت خلال الفترة التي كانت فيها المحيطات وحدة واحدة.
قد تحولت إلى أقواس جزر من نوع السلاسل الجبلية (Cordilleran – Type)، وأحزمة جبلية عندما حدث استهلاك للغلاف الصخري في نطاقات الانزلاق الموجودة تحت الأخاديد المحيطية، وذلك على طول الحواف القارية خلال فترة انغلاق المحيط.
تراكم رواسب المحيط:
يمكن استناداً إلى فهم ميكانيكية نشوء الجبال، تفسير كيف تطورت حواف القارات، وكيف تكونت رواسب أعماق المحيط، وكيف تكونت القشرة الجديدة للمحيط المفتوح.
ولو أخذنا المحيط الأطلسي كمثال، فسوف نجد أن الغلاف الصخري قد تكون عند السلسلة الجبلية المحيطية. ثم تحرك بعيداً عن محور هذه السلسلة.
وعند انفتاح المحيط، انفصلت القشرة القارية، وأثناء ابتعادها عن السلسلة الجبلية المحيطية أصبحت نهايتها هي الحواف القارية للمحيط المفتوح باستمرار، والمواقع التي تأتي منها معظم رواسب المحيط، وحينما بدأ المحيط
في الاتساع أخذت كميات كبيرة من الرواسب تتراكم عند منطقة تلاقي القارة بالمحيط. ولو حدث تطور لحافة صفيحة يتم اندساسها في نطاق انزلاق، فإن صفيحة الغلاف الصخري تستهلك.
ويبدأ المحيط في الانغلاق وتتحول الحواف القارية إلى حزام جبلي. ولو حدث تطور لنطاق انزلاق بالقرب من حافة قارية، فإن الحافة تتحول لحزام جبلي بسبب عمليات حرارية تحدث في نطاق الانزلاق.
ويكون الأخدود الواقع فوق نطاق الانزلاق هو موقع ترسيب فتات الصخور الناجمة عن الحزام الجبلي، ويحدث الترسيب والتشوه في نطاق الانزلاق بالإتجاه القاري للحزام الجبلي.
النباك كثبان رملية صغيرة تتجمع حول بعض النباتات الطبيعية في المناطق الصحراوية.
ويتراوح طول النبكة بين 8 أمتار للنباك الصغيرة و 40 متراً للنباك الكبيرة، والعرض بين 3 أمتار للنباك الصغيرة و 11 متراً للنباك الكبيرة.
ويبلغ ارتفاع النبكة الصغيرة نحو نصف متر، بينما يصل ارتفاع الكبيرة منها إلى حوالي أربعة أمتار، وهو غاية ما يصل إليه طول النباتات المثبتة لتلك النباك في عملية مقاومتها لردم الرمال.
ويزداد الارتفاع بالقرب من السبخات، حيث يؤدي ارتفاع درجة رطوبة المكان إلى تماسك الحبيبات الرملية ويزداد معدل تراكمها.
وقد تتقارب النباك وتلتحم معاً مكونة ما يسمى بالقصيم، الذي يصل طوله إلى أكثر من 120 متراً وعرضه نحو 30 متراً وارتفاعه نحو 4 أمتار ويتميز بوجود عدد من القمم.
وتتكون النبكة حينما تعترض حركة الريح المحملة بالرمال عقبة ما، تتمثل في أغلب الأحيان بأحد النباتات السائدة في البيئة، مثل العوسج والطرفاء والغردق.
ويبدو أعلى النبكة قبابي الشكل أو مدبباً في اتجاه منصرف الريح، ومرتفعاً تسوده النباتات في اتجاه مهب الريح.
وهي تأخذ أشكالاً متباينةن مثلثة أو بيضاوية أو غير منتظمة الأبعاد، لكنها تتشابه في كون محاورها تتفق مع اتجاه الرياح السائدة.
ويكثر هذا الشكل الأرض في المناطق الساحلية في الكويت وسواحل الخليج العربي، كما ينتشر في مناطق مختلفة من الصحاري العربية.
وممن قام بدراسة هذه الظاهرة كليو والشيخ (1986) وميكلسكا ودواجيلو (1980).
النافورات الحارة هي ينابيع تنبثق منها المياه الساخنة وبخار الماء والدخان بصورة متقطعة فوق سطح الأرض إلى ارتفاع يتراوح بين 100، 200 متر في بعض الأحيان.
وتوجد النافورات الحارة في المناطق التي تكثر بها البراكين. ومن أشهر النافورات الحارة التي توجد في يلوستون بالولايات المتحدة الأمريكية التي يقصدها السياح.
كما توجد في نيوزيلندا وأيسلندا. والجدير بالذكر أن مصطلح (Geyser) الذي يطلق على النافورة الحارة هو مصطلح ايسلندي.
ويوجد في يلوستون بارك بولاية يومنج الأمريكية ما يزيد على 100 نافورة حارة نشطة، وأكثر من 3000 نافورة حارة غير نشطة.
ومن أشهرها نافورة أولدفيثفل (المخلص القديم) التي تندفع منها المياه الحارة مرة كل ساعة، في كل منها ترتفع المياه بين 100 – 150 قدم، وتستمر نحو خمس دقائق.
أما النافورات الأخرى فهي أقل انتظاماً وبعضها ينفجر في شكل متقطع ويصل ارتفاع المياه والبخار فيها إلى ما يزيد على 76 متراً.
ومن المعتقد أن انفجار المياه الساخنة في هذه النافورات الحارة يعزي إلى وجود صخور حارة جداً، تمثل بقايا كتل من مادة الصهير في أعماق ليست بعيدة عن سطح الأرض.
ويأخذ فم النافورة الحارة شكلاً غير منتظم ويمتلئ عادة بالمياه، وكلما تعمقنا في هذه القناة زادت درجة حرارة المياه حتى تفوق درجة الغليان، وذلك بسبب وجود عمود من الماء فوقها.
كذلك تؤدي حرارة الباطن إلى رفع حرارة هذه المياه فتتحول إلى بخار ماء يندفع بشدة إلى أعلى، ويرفع المياه الساخنة فوقه إلى أعلا في شكل نافورة هي النافورة الحارة.
وقد تنساب المياه من فوهة النافورة تدريجياً وبلطف حتى يصبح عمود المياه الساخنة خفيفاً فيسهل على البخار دفعة بشدة عبر القناة إلى أعلى مما يؤدي إلى انفجار هائل للمياه الحارة تخرج من عنق النافورة، وتواصل ارتفاعها في الهواء فوق سطح الأرض.
مسلات صخرية تنشأ في العادة عن توسيع المفاصل الصخرية في صخور الحجر الرملي الجيري، وهي تسمية محلية تسمع في منطقة العلا في غرب الجزيرة العربية.
ناتروليت:
اشتق اسم المعدن من الكلمة اللاتينية ناتريوم (Natruim) بمعنى صوديوم. وذلك إشارة إلى تركيب المعدن الذي يتبع عائلة الزيوليت، وتركيبه الكيميائي هو (Na2.Al2Si3 O102H2O).
وعادة ما يستبدل بعنصري البوتاسيوم والكالسيوم بعض الصوديوم ويتبلور المعدن في فصيلة المعيني القائم.
ويوجد علىشكل بلورات منشورية أو إبرية أو شعيرية شكل (1) مرتبة بطريقة إشعاعية.
المعدن أبيض أو عديم اللون، ذو بريق زجاجي يميل إلى البريق اللؤلؤي في الأنواع الشعيرية، الصلادة = 5-5.5 ويتميز المعدن بوجود تشقق منشوري تام، الوزن النوعي 2.25.
والناتروليت معدن ثانوي يتكون من محاليل حرمائية تحت ظروف حرارة منخفضة، مالئاً للفراغات في الصخور البازلتية، ومصاحباً لمعادن زيوليت أخرى، بالإضافة إلى الكالسيت والأبوفيليت والبرينيت.
والمنطقة التي يوجد بها هذا المعدن بكثرة هي بيرجن هيل بولاية نيوجيرسي الأمريكية، وكذلك في بركانيات الهضبة الاثيوبية وترنتينو بأيطاليا.
العصر قبل الأخير من عصور دور الثلاثي التابع لحقب الحياة الحديثة، والذي يبدأ من نهاية عصر الاليجوسين إلى بداية عصر البليوسين.
ويشكل مع عصر البليوسين ما يعرف بالنيوجين. ويعتبر الجيولوجيين أن عمر الاكوتياني على الجزء الأسفل من الميوسين، بينما يرى البعض الآخر أنه الجزء العلوي من عصر الاليجوسين.
ويتميز الميوسين بفترتي غمر واسع وطغيان للبحر على اليابسة يفصلهما فترة انحسار تكونت خلالها بعض الجبال المحلية ذات الانتشار المحدود وقد تكون البحر الأحمر خلال عصر الميوسين.
وتشتمل صخور الميوسين على كافة أنواع الصخور الرسوبية البحرية والقارية، إضافة الى انتشار الطفوح البركانية، بينما يندر ظهور الكتل النارية الجوفية على سطح الأرض إلا في بعض الأماكن كالفلبين.
وقد أطلق سير تشارلز ليبل اسم ميوسين لول مرة على الجزء الأوسط من دور الثلاثي على اساس أن 18% من أحافيره ما زالت أنواعها تعيش إلى الآن في البحار على اليابسة.
وبالرغم من أن التتابع المثالي النموذجي لصخور الميوسين بدأت دراسته في تلال سوبيرجا (Superga Hills) بالقرب من تورينو بإيطاليا، إلا أن الكثير من أحافيره وبعض تقيسماته قد تمت بمناطق أخرى كتورينو وبوردو وداكس وحوض فينا، والذي يحتوي على تتابع شبه كامل وسميك لصخور الميوسين.
التقسيمات:
لم يحدد ليل الحدين السفلي والعلوي للميوسين، كما أنه لم يقسم العصر إلى وحدات طباقية أصغر، وقد ظلت تلك العملية صعبة بالنسبة لعلماء الأحافير اللافقارية والفقارية، وذلك للتشابه الكبير وعدم التباين في المحتوى الأحفوري لصخور الميوسين الأقدم والأحدث.
ومن المعلوم أن الاختلاف الرأسي في الأحافير الناشئ عن تطور الحياة هو الأساس في تحديد النطاقات الحيوية، والتي يبنى عليها تقسيم العمود الاستراتيجرافي (الطباقي) إلى وحدات أصغر.
ومما يزيد من صعوبة تحديد حدى الميوسين العلوي والسفلي، وتقسيم الميوسين إلى وحدات أصغر، عدم اكتمال تتابع الميوسين في غالبية مناطق العالم، واختلاف الأحافير في الترسبات البحرية عنها في الترسبات القارية. وأكثر المناطق الأوروبية احتواء على تتابع كامل لصخور الميوسين البحرية هي منطقة جوتلند.
ويقسم عصر الميوسين بأوروبا إلى ثلاثة طبقات:
ويطلق على التورتوني الهيلفيني بحوض فينا اسم الفيندبوني، بينما يطلق على رواسب البيرديجالي والهيلفيتي ذات الطبيعة البحرية العميقة بشمال إيطاليا اسم اللانجيني، وتستخدم مسميات أخرى لأقسام الميوسين في المناطق المختلفة من العالم.
ويعتبر بعض علماء الأحافير اللافقارية عمر السرماتي (ما بعد الفيندبوني) أنه الجزء الأعلى من الميوسين، بينما ينظر علماء الأحافير الفقارية إلى هذا العمر على أنه الجزء السفلي من عصر البليوسين اعتماداً على دراسة الأحافير الثديية.
وتتوضح صخور البرديجالي في أوروبا بشكل متوافق أو غير متوافق قليلاً على طبقات الاليجوسين، وفي كاليفورنيا تتزامن الطفوح والحمم والرماد البركانية للميوسين الأسفل مع التصدع الكتلي بالمنطقة، وأدى بروز كتلة صدع سييرانيفادا بغرب الولايات المتحدة إلى حيود المجاري المائية الغربية، مما أدى إلى بداية تكون رواسب فتاتية قارية كالطين السيليسي.
ويتميز الميوسين الأسفل بوجه عام بغمر شامل للبحار والمحيطات مما يجعلها على هيئة محيط كوني كبير مشابه لما ساد العالم أثناء عصر الايوسين.
وغطت بحار الميوسين السفلي في منطقة البحر الأبيض المتوسط في نطاقات تمتد من أوروبا إلى تركستان ومن سيرينيكا (Cyrenaic) مروراً بمصر (مكونة ما يعرف بمارل الجلوبيجيرينا، والذي يعتبر الصخر المصدر الرئيسي للنفط بمنطقة خليج السويس) وحتى إيران وترسبات الجاج (Gaj) ما يكافئها في الهند وحتى زنجبار وموزنبيق وسيلان.
كما غمر بحر الميوسين السفلي مناطق شرق الانديز واستراليا ونيوزيلندة ومنطقة كاليفورنيا – أوريجون – واشنطن.
أعقب ذلك خلال الميوسين الأوسط ما يعرف بحركات الميوسين الأوسط البانية للجبال (حركة ستيريان بأوروبا – حركة لويزيان وفترة زومان بكاليفورنيا، وحركة الثلاثي لشرق الهند).
وقد نشأ عن هذه الحركات تكون رواسب وصخور قارية بوسط أمريكا وسهل الهند العظيم، إضافة إلى رواسب بحار عميقة بأوروبا ورمال المولاسي بسويسرا.
وقد تتابع ترسيب الرواسب القارية والمحتوية على حفريات أشباه القرود وأخرى أشباه الإنسان في جنوب الهيمالايا إلى الفيلبين.
تلا ذلك فترة عمر واسعة رئيسية تعرف بفترة العمر البحر متوسطية الثانية. أدت تلك الفترة إلى تكون صخور رسوبية بحرية بمناطق عديدة من أوروبا وكاليفورنيا.
وانتهت تلك الفترة بانحسار شديد للبحر مع نهاية عصر الميوسين وبداية عصر البليوسين نتيجة لحركات ارضية واسعة كالحركات الرفائيلية والركامية بكاليفورنيا، مما أدى إلى ارتفاع سطح الأرض واتساع القارات وزيادة الاتصال بينها.
الحياة خلال الميوسين:
تنوعت وتعددت أنواع البطنقدميات في بحار الميوسين بشكل فجائي، بينما ظلت أنواع أخرى مستقرة من طائقة السائدة خلال عصر الاليجوسين، وازداد سمك وحجم أصدافها زيادة هائلة.
كما تكاثر وازداد حجم قنافذ البحر والدياتومات والمرجانيات والرأسقدميات والقشريات والحشرات والقروش ذات الأسنان الكبيرة بمناطق محددة، وانتشرت المنخربات الدققة بالمياه العميقة كالروتاليد، كما سادت المنخربات الكبيرة كالليبيدوسيكلين والميوجبسين بمياه البحار الدافئة الضحلة، والتي بادت في نهاية الميوسين وقد تأقلمت.
وبدأ في الظهرو ثدييات بحرية كالفقم وأسد البحر وشبيه بقر البحر واتخذت بعضها أشكالاً حديثة كالحيتان وبقر البحر وقد أدت بعض العوائق عصر الاليجوسين كالتأثير الحراري بالمناطق الباردة (مناطق خطوط العرض العليا) إلى انتشار الأسماك الصدفية الاستوائية.
وبالرغم من أن الأسماك الصدفية قد بدأت من الاليجوسين وربما من الايوسين إلا أن أكثرها انتشاراً الآن في العصر الحال (3-6) أنواع بدأت منذ عصر الميوسين.
وانتشرت الثدييات على اليابسة كتلك الموجودة الآن، فيما عدا عائلتين أو ثلاثاً، وتتمثل حيوانات أوراسيا في الدب والغزال والضبع والزرافة، وقد انتشر الماستورون والكلب الضخم لأول مرة بأمريكا الشمالية، ونتيجة لازياد المراعي والحشائش الخضراء وجدت وتطورت أنواع الحصان والجمل، وظلت الحيوانات الثديية لكل من استراليا وأمريكا الجنوبية ومدغشقر منفصلة بعضها عن بعض.
الحياة النباتية:
ازدهرت أصول نباتات الأخشاب الحمراء في الصين وكاليفورنيا، وقد أدت برودة الجو المتزايدة خلال حقب الحياة الحديثة، وإلى تغير (تحول) الأقاليم النباتية جغرافيا نحو خط الاستواء حيث الدفء على طول سلاسل الجبال الممتدة من الشمال إلى الجنب بمحاذاة المحيط الهادي.
بالرغم من تكدس النباتات نتيجة لتداخل الشواطئ كما الحال في ماليزيا والكاريبي، ويلاحظ انتشار أصول النباتات الحديثة على طول سلاسل الجبال الممتدة من الشرق إلى الغرب بالعالم القديم مكونة ما يعرف بفلورا الميوسين البحر متوسطية.
وقد اقام الإنسان الحديث زراعته وحضارته المتعاقبة بهذه المناطق واعتماداً على هذه الثروة النباتية الطبيعية.
صخر تعرض لأقصى درجات التحور الميكانيكي فتحبب بدرجة يصعب معها التعرف على الصخر الأصلي بالرغم من عدم تغيره كيميائياً.
ويتشابه هذا الصخر مع حجر الصوان، فهو صلد متماسك، ويعزي مظهره الزجاجي إلى تحطيم الصخر الأصلي تحت ظروف ضغوط محبوسة عالية جداً، مما حدا بالأجسام الممتزجة إلى الالتحام بقوة فيما بينها.
ويصعب التعرف على مكونات الميلونيت المعدنية مجهرياً، ولكن باستخدام حيود الأشعة السينية أمكننا التعرف على المكونات الرئيسية وهي الكوارتز والفلسبار.
ويرجع ظهور الترتيب التطبقي المخطط في صخور الميلونيت إلى انسحاق الصخور المطحونة بدرجة تحبب قصوى، وعادة يلاحظ وجود بقايا من الصخور الأصلية غير مطحونة على شكل بقع عديسية تتوازى مع اتجاه حركة التراكب (overthrusting).
وعادة تكون المكونات المعنية لبقايا الصخور في حالة إجهاد ومتشققة. ويظهر النسيج البورفيري الفتاتي في الميلونيت الذي يحتوي على بقايا عديسية أو عيون.
ويتشابه النسيج التطبقي المخطط في صخور الميلونيت مع النسيج الذي ينشأ عادة كنتيجة للحركات الانسياببية أو الانزلاقية في الصخور.
وأحياناً يلاحظ نسيج يتشابه مع صخور البريشيا، أي أن الميلونيت يتكون من فتات صخري به زوايا حادة.
وتوصف صخور الميلونيت الحاوية لمثل هذا الفتات والتي حدث لها إعادة تبلور بعد التحبب بأنها ميلونيت بلاستوزي (Balstomylonite).
وتنتشر أحزمة صخور الميلونيت داخل الصخور الجرانيتية والنيس والكوارتزيت. ولكن يمكن أن تنشأ من جراء تحور ميكانيكي لصخور أخرى.
فصخور الميلونيت عموماً هي منتجات تشوه تهشمي شديد للغاية، لصخر سحقت وطحنت بين كتل الصخر المتحركة على الجانبين المتقابلين لنطاق الصدع.