• 352 معادلة خدمة العملاء

    حلقات صوتية قيمة متخصصة في المهارات الإدارية وتطوير الموظفين والمدراء، كل أحد بإذن الله سلطان وجاسم يقدمان بودكاست جديد وأدوات تساعد الموظفين وخصوصا المدراء على النجاح في العمل

    Management in a Nutshell بودكاست ما قل ودل في إدارة الأعمال , برعاية التقدم العلمي للنشر ASPDKW@ – إحدى شركات مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

    إشترك بالمجلة الأكثر شيوعا في عالم الأعمال MIT-Sloan Management Review مترجمة للغة العربية

    رابط الاشتراك

  • 351 خدمة العميل

    حلقات صوتية قيمة متخصصة في المهارات الإدارية وتطوير الموظفين والمدراء، كل أحد بإذن الله سلطان وجاسم يقدمان بودكاست جديد وأدوات تساعد الموظفين وخصوصا المدراء على النجاح في العمل

    Management in a Nutshell بودكاست ما قل ودل في إدارة الأعمال , برعاية التقدم العلمي للنشر ASPDKW@ – إحدى شركات مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

    إشترك بالمجلة الأكثر شيوعا في عالم الأعمال MIT-Sloan Management Review مترجمة للغة العربية

    رابط الاشتراك

  • 350 التعلم المستمر

    حلقات صوتية قيمة متخصصة في المهارات الإدارية وتطوير الموظفين والمدراء، كل أحد بإذن الله سلطان وجاسم يقدمان بودكاست جديد وأدوات تساعد الموظفين وخصوصا المدراء على النجاح في العمل

    Management in a Nutshell بودكاست ما قل ودل في إدارة الأعمال , برعاية التقدم العلمي للنشر ASPDKW@ – إحدى شركات مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

    إشترك بالمجلة الأكثر شيوعا في عالم الأعمال MIT-Sloan Management Review مترجمة للغة العربية

    رابط الاشتراك

  • 349 نصائح للعمل من المنزل

    حلقات صوتية قيمة متخصصة في المهارات الإدارية وتطوير الموظفين والمدراء، كل أحد بإذن الله سلطان وجاسم يقدمان بودكاست جديد وأدوات تساعد الموظفين وخصوصا المدراء على النجاح في العمل

    Management in a Nutshell بودكاست ما قل ودل في إدارة الأعمال , برعاية التقدم العلمي للنشر ASPDKW@ – إحدى شركات مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

    إشترك بالمجلة الأكثر شيوعا في عالم الأعمال MIT-Sloan Management Review مترجمة للغة العربية

    رابط الاشتراك

  • 348 هل أخبر مديري بظروفي الشخصية؟

    حلقات صوتية قيمة متخصصة في المهارات الإدارية وتطوير الموظفين والمدراء، كل أحد بإذن الله سلطان وجاسم يقدمان بودكاست جديد وأدوات تساعد الموظفين وخصوصا المدراء على النجاح في العمل

    Management in a Nutshell بودكاست ما قل ودل في إدارة الأعمال , برعاية التقدم العلمي للنشر ASPDKW@ – إحدى شركات مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

    إشترك بالمجلة الأكثر شيوعا في عالم الأعمال MIT-Sloan Management Review مترجمة للغة العربية

    رابط الاشتراك

  • 347 علاقة المدير بالموظفين أثناء الأزمة

    حلقات صوتية قيمة متخصصة في المهارات الإدارية وتطوير الموظفين والمدراء، كل أحد بإذن الله سلطان وجاسم يقدمان بودكاست جديد وأدوات تساعد الموظفين وخصوصا المدراء على النجاح في العمل

    Management in a Nutshell بودكاست ما قل ودل في إدارة الأعمال , برعاية التقدم العلمي للنشر ASPDKW@ – إحدى شركات مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

    إشترك بالمجلة الأكثر شيوعا في عالم الأعمال MIT-Sloan Management Review مترجمة للغة العربية

    رابط الاشتراك

  • هل تحور فيروس كورونا المستجد إلى سلالات مختلفة؟

    بين الحين والآخر تطل علينا  أخبار عن تحور فيروس كورونا المستجد SARS CoV-2 إلى سلالات مختلفة بعد اكتسابه بعض الطفرات ”Mutations“. فتارة تعلو نغمة يشوبها التشاؤم ترى أن هناك سلالات جديدة عالية الضراوة وسريعة الانتشار في طريقها لجعل هذا الوباء العالمي كابوساً أشد قسوة مما هو عليه الآن، أو أنها على الأقل انتشرت في بعض البلدان التي عانت انتشارًا كبيرًا للوباء. وتارة أخرى تعلو نغمة يشوبها التفاؤل ترى أن فيروس كورونا صار أضعف مما كان عليه، وأن الوباء في طريقه للانحسار أو الاختفاء تماماً من تلقاء نفسه.

    أين الحقيقة من كل هذا؟ هل نحن بالفعل في مواجهة مع العديد من سلالات فيروس كورونا المستجد؟ فهل هناك مبررات علمية للتشاؤم أو التفاؤل؟

    عزيزي القارئ، لو أصابتك هذه الأخبار بالحَيْرة؛ فلتصحبني في هذه الرحلة السريعة لزيارة بعض المفاهيم الأساسية في علم الفيروسات وبعض الدراسات البحثية التي أثارت هذه الزوابع.

    بدايةً ما هي الطفرة؟ كيف تحدث؟ وما هو تأثيرها في خصائص الفيروس البيولوجية؟

    غالباً ما نستخدم كلمة طفرة في لغتنا اليومية للإشارة إلى حدوث تغيير كبير أو ظهور شيء فوق المعتاد. ولكن المعلومة التي قد تكون غير مألوفة للبعض أن حدوث طفرات في الفيروسات هو أمر معتاد، وربما لا يصاحبه أي تغيير على الإطلاق. كيف؟

    يُحمَل طاقم الجينات لفيروس كورونا على شريط طويل من المادة الوراثية RNA يصل طوله إلى نحو 30000 حرف من النيوكليوتيدات ”Nucleotides“، تأتي في صورة من أربع صور كيميائية: أدينين ”A“، سيتوزين ”C“، غوانين ”G“ أو يوراسيل ”U“. وتتابع هذه الحروف يحدد الشيفرة الوراثية التي يحملها الفيروس معه إلى داخل الخلية لتقود أوركسترا التضاعف (التكاثر)، والذي يهدف إلى إنتاج فيروسات جديدة. ويعتمد تضاعف الفيروس على خطوتين أساسيتين: الأولى، هي نسخ ملايين النسخ من مادته الوراثية. والثانية، هي ترجمة هذه الشيفرة الوراثية إلى بروتينات تدخل في تركيب هيكل الفيروس وبروتينات أخرى تقوم بأدوار وظيفية مهمة أثناء خطوات التضاعف.

    يمتلك فيروس كورونا آلة لنسخ مادته الوراثية، يطلق عليها إنزيم البلمرة ”RNA polymerase“. ويستخدم هذا الإنزيم شريط الحمض النووي RNA كقالب لبناء أشرطة أخرى عديدة مكملة له تحت قواعد الاقتران في الشيفرة الوراثية ”Base pairing“، ولكنه يرتكب بعض الأخطاء أثناء عملية النسخ. ونظراً لأن قدرة هذا الإنزيم على تصحيح هذه الأخطاء ”[Proofreading“ محدودة، تحدث الطفرات. ومن ثم، فإن تراكم الطفرات العشوائية هي طبيعة متأصلة في الفيروسات وأثر جانبي حتمي لعملية التضاعف.

    على سبيل المثال، وبحسب الموقع nextstrain.org، يكتسب فيروس كورونا المستجد طفرة استبدال أو طفرتين  كل شهر، بمعدل 24 طفرة في السنة تقريبا. وهذا المعدل منخفضٌ نسبياً لو قارناه بأنواع أخرى من الفيروسات كالإنفلونزا، والتي يصل معدل طفراتها إلى أربعة أضعاف هذا الرقم. ويرجع هذا المعدل البطيء نسبياً -في حدوث الطفرات- إلى امتلاك إنزيمات البلمرة في فيروسات عائلة كورونا لقدرة معقولة على تصحيح أخطاء النسخ. وفي المجمل، هذه أخبار مطمئنة جداً، لأنها ترجِّح أن فيروس كورونا في الأغلب سيحتاج إلى سنوات عديدة قبل أن يكتسب القدرة على مراوغة الاستجابة المناعية التي تستحثها اللقاحات.

    السؤال الذي يطرح نفسه: كيف تؤثر هذه الطفرات في الفيروس؟ هل تجعله أكثر خطورة؟

    في الأغلب ليس لها أي تأثير، أي أنها طفرات صامتة، وذلك لأن الشيفرة الوراثية ثلاثية ومن الممكن أن يتغير الحرف الثالث في شيفرة النيوكليوتيدات دون أن يطرأ أي تغيير على تتابع الأحماض الأمينية. أحياناً أخرى، يُستبدل حمض أميني بآخر مشابه له في الخصائص البيوكيميائية، ومن ثم يكون التأثير في وظيفة البروتين طفيف جدًا.

    وحينما يحدث استبدال حمض أميني بآخر مختلف في الخصائص، يطرأ بالطبع تغيير على وظيفة البروتين. ولكن في أغلب الأحوال يكون تأثير الطفرة معرقلا لإحدى وظائف الفيروس الحيوية ”Deleterious mutation“. وغالبا ما تختفي الفيروسات الحاملة لهذه الطفرة المعرقلة مع الوقت عن طريق الانتخاب  (الانتقاء) الطبيعي Natural selection، لأنها تكون أقل قدرة على التنافس مع الفيروسات من النمط البرّي ”Wild type“.

    قلة قليلة جدًا من هذه الطفرات قد تكون مفيدة للفيروس وتكسبه ميزة لم تكن موجودة من قبل ”Gain of function“ . ولكن من أجل أن تنتشر هذه الفيروسات التي تحمل طفرة مفيدة على نطاق واسع، لا بد وأن تتعرض لظروف انتخابية (انتقائية) مناسبة ”Selective pressure“. فعلى سبيل المثال، وليس الحصر، أن يكتسب الفيروس قدرة على إحداث العدوى في عائل جديد، كأن يقفز من الحيوان للإنسان، كما هي الحال مع فيروس كورونا المستجد، لأن هذا العائل الجديد يفتح مجالًا أوسع أمام الفيروس للتضاعف. ومع هذا الانتشار الواسع في الانسان، فمن الصعب جدًا أن يتعرض فيروس كورونا المستجد لظروف انتخابية تجعله أكثر انتشاراً، لأنه بالفعل حقَّق هذه المهمة وبكفاءة عالية!

    وهذا يقودنا، عزيزي القارئ، إلى المفهوم الثاني الذي عادة ما يساء استخدامه في وسائل الإعلام وبعض المنشورات البحثية. ماذا تعني كلمة سلالة؟ وما هو مدلولها العلمي؟

    كلمة سلالة ”Strain“ تعني ظهور نمط جيني جديد متميز وظيفياً. وعلى الجانب الآخر، كلمة معزولة ”Isolate“ تعني فيروسًا تم عزله حديثاً من شخص مصاب. وجميع المعزولات تحتوي على طفرات عشوائية، لكنها تتبع سلالة واحدة طالما لم تتوفر الأدلة التجريبية والوبائية التي تؤكد أن هذه الطفرات أدت إلى تغيرات وظيفية في الفيروس.

    متى يكون إطلاق وصف سلالة على إحدى المعزولات ويكون وصفًا سليمًا علمياً؟

    حينما يثبت بالتجربة أن الطفرات أحدثت تغييراً على قدرة الفيروس الممرضة، أو جعلته أكثر انتشاراً أو اكسبته القدرة على مراوغة الأجسام المضادة المناعية. ففي العادة تستغرق مثل هذه التجارب وقتاً طويلاً، ولا بد أن يصل أكثر من فريق بحثي إلى النتيجة بنفسها شكل مستقل حتى يتم قبولها في المجتمع العلمي.

    مؤخرًا، خرجت علينا بضع دراسات بحثية، بعضها مُحكَّم وبعضها لم يخضع لمراجعة الأقران معتبرة بعد، وأشارت إلى ظهور سلالات جديدة أكثر خطورة من فيروس كورونا المستجد نتيجة لحدوث بعض طفرات الاستبدال. وللأسف، فقد تهافتت بعض المنصات الإعلامية على الترويج لهذه الادعاءات دون تحقق، وبذلك ساهمت في نشر شعور بالقلق غير المبرر. واعتمدت هذه الدراسات على تحليل وراثي لعدد قليل جداً من الشيفرات الوراثية الكاملة لمعزولات فيروس كورونا حول العالم، واستخلص بعض الباحثون استنتاجات بأن هناك سلالتين أو أكثر بناء على نسبة انتشار عالية لبعض المعزولات في مناطق جغرافية معينة. ولكن ما غاب عن هذه الدراسات هو تقديم الأدلة التجريبية التي تدعم هذه الاستنتاجات. حتى الآن لم يتوفر لنا أي دليل علمي يثبت أن أي من المعزولات -التي تم الحصول عليها من مرضى كورونا- اختلفت في خصائصها البيولوجية. ولم يقدم أي من الباحثين أدلة على أن من أيًا هذه الطفرات نتج منها، على سبيل المثال، قابلية أكبر على الارتباط بالمستقبِلات أو قدرة أعلى التضاعف في الخلايا. وانتشار معزولة في منطقة جغرافية معينة قد يكون نتيجة لصدفة محضة حدثت أثناء المسار الطبيعي للوباء، وليس نتيجة لأنها بيولوجياً أكثر قدرة على الانتشار من غيرها. وعلى سبيل المثال، من الممكن جداً أن تسافر طفرة مع انتقال شخص مصاب من الصين إلى أوروبا، ثم مع فرض قيود على السفر من الصين، يكون هذا النمط الجيني محظوظاً لأنه كان الأول في الوصول إلى أوروبا، ومن ثم سيكون بالطبع أوسع انتشاراً – ظاهرة تعرف بتأثير المُنشئ ”Founder effect“.

    دراسات أخرى أشارت إلى حدوث طفرات حذف في بعض جينات فيروس كورونا المستجد. وعلى الرغم من غياب الأدلة العلمية على أن هذه الطفرات كان لها تأثير سلبي في خصائص الفيروس، إلا أن البعض روج لها على منصات التواصل الاجتماعي على أنها علامات على انخفاض ضراوة الفيروس وعلى أن الوباء في طريقه إلى الزوال من تلقاء ذاته. واستندت هذه التكهنات على دراسة بحثية سابقة عن إحدى طفرات الحذف التي تم رصدها في مرحلة متأخرة من وباء فيروس سارس 1، والذي تسبب في حدوث نحو 8000 إصابة في عام 2003. وأثبتت هذه الدراسة أن فيروسات سارس 1 التي حملت هذه الطفرة كانت قدرتها على التضاعف في الخلايا أضعف من أسلافها. ربما ساهم ظهور هذه الطفرة من تقليل خطورة الوباء، ولكننا لا نستطيع الربط بينها وبين الاختفاء المفاجئ للوباء في عام 2004. نحن لا ندري كيف اختفى فيروس سارس 1 على وجه التحديد، ولكن بالطبع ساهمت ردود الأفعال العالمية القوية للسيطرة على الوباء وطبيعته البطيئة بالانتشار في إخماده. أزعم أن المقارنة بين وباء سارس 1 والوباء الحالي هي في الأصل غير عادلة، لأن هناك فارقًا كبيرًا في حجم ورقعة الانتشار. هل سيختفي وباء عالمي تعدى الخمسة ملايين ونصف المليون حالة تلقائياَ لمجرد ظهور طفرة ذات تأثير سلبي في جزء ضئيل من فيروسات من المحتمل جداً أنها ستختفي سريعاً كنتيجة للتنافس مع فيروسات لا تحمل الطفرة وذات لياقة عالية؟ أعتقد أنه احتمال بعيد الحدوث!

    ختاماً، جميع الطفرات المرصودة حتى الآن في فيروس كورونا المستجد SARS CoV-2 لم يثبت لها تأثير في سلوك الفيروس ولم تجعله أكثر أو أقل خطورة. وإلى أن يثبت العكس بالتجارب العلمية المتحكّم فيها Controlled experiment، نحن بصدد مكافحة سلالة واحدة من فيروس كورونا المستجد حتى الآن. وأي ورود لسيرة سلالات متعددة في سياق التغطيات الإعلامية للأبحاث دون توفير الأدلة الكافية هو استخدام غير دقيق وتشويه للحقائق.

  • هل أنت سجين “غرف الصّدى”؟

    د. عمّار العاني
    باحث في المعلوماتية وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي، (سورية)

    في الوقت الذي تظهر فيه معظم الأبحاث العلمية أن ظاهرة الاحترار العالمي والتغير المناخي حقيقة مؤكدة، فإن نحو 15% من الجمهور لا يصدق هذه “النظرية” ويعتبرها خدعة من قبل الحكومات. وتظهر الإحصاءات أن نحو 5% من الأهالي يمتنعون عن تقديم اللقاحات الأساسية لأطفالهم إيماناً منهم بأخطارها، على الرغم من التوافق شبه الكامل في الأوساط الطبية على أن هذه المخاوف لا أساس لها.

        وفي سياق مشابه، تسعى الجمعية العالمية لأبحاث الأرض المسطحة The International Flat Earth Research Society ((IFERS إلى تفنيد أكذوبة كروية الأرض، وهي تعقد مؤتمراً سنوياً يشارك فيه آلاف الأشخاص من حول العالم (أو عبر العالم في حالة فيروس كورونا التي نشهدها) وتُقدَّم خلاله عشرات المحاضرات والأوراق “العلمية” التي تثبت أننا نعيش على أرض مسطحة!

     ونجد مئات الأمثلة المشابهة لنظريات المؤامرة ونشر التشكيك بالحقائق العلمية المثبتة، بدءاً من زيارات الكائنات الفضائية، مروراً بالتشكيك في رحلات أبولو والهبوط على سطح القمر وتقديرات العلماء لعمر الكون، وانتهاءً بعشرات النسخ من مؤامرات فيروس كورونا المستجد COVID19. كل هذا ليس بالجديد أوالمفاجئ؛ لكن ما هو جديد ومفاجئ هو الارتفاع الحاد في انتشار وشعبية هذه الادعاءات في عصر وسائل التواصل الاجتماعي خلال العقد الأخير، في الوقت الذي يفترض أن تتراجع فيه أفكار كهذه. لكن الدراسات المتتالية تعزو هذا الارتفاع إلى ظاهرة أفرزتها تقنيات التواصل الاجتماعي ذاتها، واصطُلِح على تسميتها غرف الصدى Echo Chambers.

    وقد صاغ هذا المصطلح الناشط في مجال الإنترنت إيلي باريزر Eli Pariser عام 2010، ونوقش في كتابه الذي صدر عام 2011 وهو يحمل العنوان نفسه. ووفقًا لهذا الناشط : “يتعرض المستخدمون باستمرار إلى قدر أقل من وجهات النظر المخالفة لهم، ويعزلون فكرياً في فقاعة المعلومات الخاصة بهم”. وفي الواقع، ليست هذه الظاهرة بحديثة أو خاصة بوسائل التواصل الاجتماعي، فقد ذهبت معظم منصات الإعلام التقليدية الخاصة والرسمية في الأنظمة الديموقراطية والشمولية إلى التحكم في تدفق المعلومات بشكل أو بآخر، وذلك بهدف تشكيل القناعات و”حماية” جمهورها من الرأي الآخر. ولكن لطالما كان القارئ أو المشاهد واعياً إلى حد ما بوجود هذه المؤسسات وبنياتها، إذ إنه كان يعلم بوجود سياسة تحريرية معينة لجريدة ما، وأن لكل محطة تلفزة جهة ممولة ذات توجه معروف، كما كان على علم بوجود جريدة تخالف الأولى ومحطة تناوئ الثانية حتى لو حُرم منهما قسراً أو طوعاً.

       إن ما تغير في عصر التواصل الاجتماعي هو اختفاء المصدر وغياب التنوّع، فالخبر يأتي من “الأصدقاء” في مجموعات وتكتلات افتراضية متجانسة يبقى فيها المحرّر مستتراً أو غير موجود أصلاً، لأن المحرر الفعلي هو… الخوارزمية.

    آيديولوجيا الأرباح

    كي نستوعب أبعاد هذه الظاهرة علينا أن نفهم الخوارزميات التي تستخدمها مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، تويتر، غوغل، يوتيوب، لانتقاء باقة تضم بضع عشرات من الأخبار من بين ملايين الاحتمالات كي تعرضها على صفحتك الخاصة.

    هذه المواقع ليست مدفوعة بأجندات حزبية أو خطط مسبقة لانتقاء هذه الباقة، بل هي في معظمها برمجيات ذكاء اصطناعي تتعلم من عادات المستخدم وتتطور دون تدخل بشري، فهي مصممة أولاً وأخيراً لتحقيق الأرباح عن طريق إبقاء المستخدم على الصفحة وعدم مغادرته لها. ولتحقيق ذلك تستغل هذه الخوارزميات نزعة بشرية غريزية يسميها علماء النفس confirmation bias the أو الانحياز التأكيدي أو الذاتي.

    ترجع هذه الفكرة إلى ستينات القرن العشرين وإلى الباحث البريطاني في علم نفس الجماعة بيتر واسون Peter Wason من جامعة لندن، الذي كشفت أبحاثه على آلاف المشاركين الآلية السيكولوجية لظاهرة الانحياز التأكيدي: “عندما يرغب الناس في أن تكون فكرة ما أو مفهوم معين صحيحاً، إما للمصلحة بذلك أو بدافع الخوف من البدائل، ينتهي بهم الأمر إلى الإيمان العميق بأنها صحيحة وإلى جمع وتبنّي المعلومات التي تؤكدها واستبعاد كل ما يمكن من الدلائل التي قد تهدد قناعاتهم”.

    صُمّمت خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي كي تستشعر هذه الآلية، وتعلمت مع الوقت أن عرض أفكار وآراء تخالف تلك التي يحملها المستخدم سيؤدي على الأغلب إلى موقف مشكك وعزوف عن الاستمرار في التصفح، ومن ثم خسائر كبيرة لعوائد الإعلانات التي تشكل المصدر الأساسي للربح. فهذه المواقع تقدم خدماتها مجاناً للمستخدم وتعتمد بشكل كامل على تعلقه وإدمانه على تصفح المحتوى، وهذا لا يمكن استمراره إلا بتقديم المزيد والمزيد من الآراء والأفكار التي تتطابق وتؤكد قناعاته ولا تتحداها بأي شكل من الأشكال. وبعد أشهر وسنوات من استشعار الخوارزميات لذائقة كل مستخدم، سيجد الأخير نفسه سجين فقاعاتٍ لا تتردد فيها إلا أفكاره وقناعاته الشخصية، وهذه هي “غرف الصّدى”.

    فقاعة أم جماعة؟

    طفت هذه الظاهرة على السطح بشدة خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016 وأزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2017، حيث ثبت وجود مجموعات كبيرة من المصوتين الذين يعتمدون على “غرف الصّدى” هذه كمصدر رئيسي للأخبار وتكوين الرأي، وتعذّر على المؤسسات التقليدية اختراق جدران هذه الغرف وعرض ما يمكن اعتباره حقائق غير قابلة للجدل، فداخل هذه الفقاعات تفقد الحقيقة قيمتها وتتحول إلى صوت نشاز يخرّب التناغم والتوافق في الآراء التي تتردد بين جدرانها، الآراء التي تتعالى في متتاليات هندسية من “التغريد” وإعادة التغريد.

    إنها “نيرفانا” افتراضية جماعية تقدم للمؤمنين بها الشعور بالأمان والقوة والتعاضد، ويصبح معها الجدل العقلاني الموضوعي أوحتى تبادل الأفكار وتداولها مصدر تهديد للانسجام، وهو خطر يستدعي الاستئصال بالحجب block أو حتى الـمقاطعة unfriend.

    استنفرت هذه العواقب الخطيرة عدة جامعات ومراكز أبحاث مرموقة لتقدم لنا دراسات أكثر عمقاً عن هذه الظاهرة، منها مثلاً دراسة للدكتور نغوين  Nguyen صادرة عن جامعة كامبريدج تميز بين نوعين من أساليب تكوين الرأي: الأول يطلق عليه فقاعات معرفية epistemic bubbles، والآخر غرف الصدى echo chambers وأطروحة الدكتور نغوين حول الفقاعات المعرفية تجادل كالتالي: “عندما تجد نفسك تتعرض بشكل متواصل لنوعية (البوستات) والأخبار التي تحمل دائماً وجهة النظر نفسها، مع غياب كامل للرأي المخالف، فأنت في فقاعة معرفية”، حيث تحجب الخوارزمية عنك جزءاً كبيراً من المعلومات لضمان تحويلك إلى مستهلك سهل غير مشكك، غافل تماماً أنت وشريحتك عن آراء ومعارف أخرى خارج دائرة المألوف هذه. ومن السهل جداً “فرقعة” هذا النوع من الفقاعات الشائعة عَبْرَ تمرير آراء جديدة ومختلفة ومعارف متنوعة إلى داخلها، الأمر الذي سيتكفل بتوسيع آفاق تلك الشريحة ودمج أفرادها بالتدريج في مجموعات أخرى لزيادة التنوع والتفاعل الإيجابي بينهم.

    تكمن المشكلة الأخطر في أسلوب النوع الثاني والسلبي الذي يخصص له نغوين مصطلح “غرف الصّدى”، حيث يمكن أن تتسلل بعض المعلومات والآراء التي تتحدى ثوابتها، لكن أفراد الشريحة هنا يتعاملون مع هذه المصادر بتشكيك ورفض ويضعونها في خانة الكذب والمؤامرة والخيانة، ويعتبرونها ذات أثر مدمر على “تماسك” الجماعة.  تنحو”غرف الصّدى” إلى عزل أعضائها ليس عن طريق قطع خطوط اتصالهم بالعالم، وإنما عن طريق تلوين هذا العالم بالأبيض والأسود، إنه صراع ثنائي بسيط ومطلق بين الخير والشر، فالناس جديرون بالثقة إذا كانوا يتماهون معي، وأي شخص يخالفني الرأي هو خبيث ولا يمكن تصديقه.

    باختصار، في الفقاعة المعرفية تغيب المعلومة أما في غرف الصدى فتغيب الثقة.

     غرفة بيضاء في عالم أسود

    في دراسة أخرى للباحِثَيْن مارشال فان ألستين Marshall Van Alstyne وإريك برنجولفسن Erik Brynjolfsson من معهد ماساتشوستس للتقانة MIT، نقترب أكثر من العواقب الاجتماعية والسياسية لهذه الظاهرة التي تعيد تشكيل الانتماءات والهويات بعيداً عن خطوط التكوين التقليدية الجغرافية منها أو الطبقية أو العرقية أوالدينية، إذ يمكن في مجتمع متجانس إلى حد ما، ويعيش في أحياء متجاورة، أو حتى ضمن عائلة واحدة، أن يتحوصل أفراده في “غرف صدى” متباعدة تضعهم على جبهات صراع مفتعلة. يسمي الباحثان هذه الظاهرة  بلقنة سايبرانية Cyberbalkanization؛ في إشارة إلى منطقة البلقان التي تصدعت فيها يوغوسلافيا السابقة إلى سبع دول بصورة سريعة وعنيفة. وفي هذا التشبيه نبوءة غير مستبعدة لاحتمال انتقال الصراعات التي تعززها خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي من “غرف الصّدى” الافتراضية إلى العالم الحقيقي.

    بالطبع، لا يمكن لأي شخص عاقل أو باحث جاد أن يتّهم “غرف الصّدى” بأنها “تفتعل” صراعات من العدم، فالعالم المعاصر يعيش أزمات حقيقية دون شك، تتجلى بصورة صارخة في الخلل المتعاظم في توزيع الثروة، والتغيرات المناخية العنيفة، والأتمتة المتزايدة لوسائل الإنتاج، والفشل الذريع لأنظمة الحكم الشمولية وما أنتجته الدول الفاشلة من هجرات جماعية وفقدان الثقة المتزايد بالنظرية الليبرالية الرأسمالية. وهي أزمات يتحدث عنها الكاتب الهندي بانكاج ميشرا Pankaj Mishra في كتابه (عصر الغضب)، ويوضح فيها مكامن هذا الغضب الشعبي الجارف الذي يجتاح العالم دون أن يميز بين شوارع دلهي والقاهرة وباريس وهونغ كونغ وبرشلونة وسانتياغو وبيروت. ويصف الكاتب بدقة التقاطعات بين حالات الغليان الشعبي الواسع ليكشف اختلافها في الظاهر وتطابقها في العمق.

    ويتضح أن وسائل التواصل الاجتماعي بخوارزمياتها “الذكية” المثيرة للجدل هي قاسم مشترك بين هذه الصراعات، فهي تعزز عزلة الغاضبين وشيطنة كل من يخالف قناعاتهم، ويصبح الاستقطاب وانعدام الثقة العملة الاجتماعية والسياسية السائدة، فالعالم المعقد يصبح سهل الفهم بعملية فرز بسيطة: الأخيار من هم داخل “غرفة الصّدى” والأشرار من هم خارجها.

    باب الخروج

    كان الاتحاد الأوروبي هو السبّاق إلى أخذ هذه الظاهرة على محمل الجد، إذ تشير مراكز البحث إلى أن أكثر ما يهدد مستقبله هو الجنوح الواضح نحو التطرف والاستقطاب في مجتمعات يفترض أنها رسّخت قيم المواطنة، ولكن هاهي النزعات القومية والانفصالية والعنصرية الضيقة تعود لتنمو في “غرف صدى” مغلقة لا يمكن اختراقها بالحجة والموضوعية ولا حتى بوساطة المؤسسات الديموقراطية.

    لهذا السبب، نشرت المفوضية الأوروبية في أكتوبر عام 2018 (مدونة ممارسات حول التضليل على مستوى الاتحاد الأوروبي) لتشجيع الحكومات والمنصات على الإنترنت على الحد من “الاستهداف الجزئي” للناخبين وزيادة شفافية الإعلانات السياسية. ويعكف البرلمان الأوروبي على صوغ القوانين التي تسمح بفرض القيود على تصفية أو “فلترة” filtration المحتوى انتقائياً على منصات التواصل. وبهذا الصدد،  تدّعي منصّة غوغل مثلاً أنها حسّنت خوارزمياتها لتقليل تأثير فقاعات الرأي إلى أدنى حد. وعلى هذا المنوال فعلت منصّة فيسبوك، إذ  إنها أقدمت مؤخراً على وضع أدوات وإجراءات للتحقق من أن الإعلانات السياسية التي يتم عرضها في الاتحاد الأوروبي لا تحاصر المستخدم بمرشح معيّن أو توجه وحيد، وتكشف له بالإضافة إلى ذلك هوية من يدفع مقابل الإعلان بوضوح.

    أما في عالمنا العربي، فغني عن الذكر أن مواقع التواصل الاجتماعي أدت دوراً مهما في اندلاع حركات الربيع العربي. ومع فشل معظم مؤسسات الدولة التقليدية في إدارة الصراع سلمياً واستيعاب مفردات العصر الرقمي، فقد تشرذمت المجتمعات العربية في “غرف صدى” مغلقة مشغولة بتأكيد الذات وتخوين الآخر؛ غرف موصدة الأبواب في وجه “الغرباء” وطافحة بالكره والعزلة والنفور، وترتفع جدرانها الافتراضية باطراد بين أبناء الوطن الواحد.

    وفي غياب أي تدخل مؤسساتي، يبدو أن الحل بيد المستخدم نفسه. عليك أن تسأل نفسك أولاً وثانياً وثالثاً: هل أنت سجين “غرف الصّدى”؟ إذا كنت تحيط نفسك بأشخاص يشبهونك، وتستبعد عن قصد أو غير قصد كل رأي يتحدى معتقداتك، وإذا لاحظت بشكل متزايد أن المحتوى الذي يملأ صفحتك يكرر المقولات نفسها، ويتشابه في اللون والشكل والرائحة، وإذا كنت تشعر بانعدام الثقة بينك وبين “الآخر”، فأنت على الأغلب تعيش في “غرفة صدى” أو على الأقل في “فقاعة معرفية”.

    مفتاح الخروج في يدك، عليك أن تكسر الخوارزميات بأن تبحث عن الأفكار التي تخالفك بدلاً من الانجذاب فقط لمن يوافقك، وأن تخصص جزءاً يسيراً من الوقت التي تقضيه على هاتفك الذكي لتقرأ وتشاهد وتتفاعل برحابة صدر مع الآراء التي لا تتفق معها، وعليك إجبار نفسك على وضع إشارة إعجاب لشخص من الطرف الآخر دون أن تخشى رأي من يوافقك الرأي، وعليك أيضا اعتبار العالم الافتراضي كالعالم الحقيقي، يستحق المغامرة والسفر لتتعرف على ثقافات مختلفة وتزور بلادا بعيدة وتتعلم لغات جديدة، بدلاً من الخوف والتوجس والتقوقع فقط مع من يوافقونك الرأي في غرفتك الصغيرة، مهما كان صدى صوتك فيها مطمئناً.

  • 346 كيف تواجه المجهول- الجزء الثاني

    حلقات صوتية قيمة متخصصة في المهارات الإدارية وتطوير الموظفين والمدراء، كل أحد بإذن الله سلطان وجاسم يقدمان بودكاست جديد وأدوات تساعد الموظفين وخصوصا المدراء على النجاح في العمل

    Management in a Nutshell بودكاست ما قل ودل في إدارة الأعمال , برعاية التقدم العلمي للنشر ASPDKW@ – إحدى شركات مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

    إشترك بالمجلة الأكثر شيوعا في عالم الأعمال MIT-Sloan Management Review مترجمة للغة العربية

    رابط الاشتراك

  • 345 كيف تواجه المجهول- الجزء الأول

    حلقات صوتية قيمة متخصصة في المهارات الإدارية وتطوير الموظفين والمدراء، كل أحد بإذن الله سلطان وجاسم يقدمان بودكاست جديد وأدوات تساعد الموظفين وخصوصا المدراء على النجاح في العمل

    Management in a Nutshell بودكاست ما قل ودل في إدارة الأعمال , برعاية التقدم العلمي للنشر ASPDKW@ – إحدى شركات مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

    إشترك بالمجلة الأكثر شيوعا في عالم الأعمال MIT-Sloan Management Review مترجمة للغة العربية

    رابط الاشتراك

زر الذهاب إلى الأعلى