آلية اكتشاف البطاطس والتبغ في العالم واستخدامهما
2016 علوم العصور الوسطى المتأخرة وعصر النهضة
جون كلارك مع مايكل ألابي وإيمي جان بيير
KFAS
أبحر المستكشفون إلى العالم الجديد في القرن السادس عشر بحثاً عن الذهب.
وبشكل ما يمكن القول إنهم بلغوا غايتهم، ولكن بشكل غير متوقع تمثل في نوعين من النباتات ذات صلة ببعضهما: البطاطس، سولانيوم تبوروسيوم، والتبغ، نيكوتينيو تابوكيوم.
استغل الأهالي الأصليون لأمريكا الجنوبية البطاطس لطعامهم منذ حوالي ١٠,٠٠٠ سنة على الأقل.
ويحتمل أن درن البطاطس كان ينمو في البرية ويجمعه الأهالي، لكن هناك أدلة تشير إلى أن قبيلة الأنكاس بدأت زراعته منذ حوالي ٦,٠٠٠ سنة. بل طوروا أنواعاً من البطاطس درناتها مقاومة للصقيع.
البطاطس محصول غذاء رئيسي ممتاز. فهو مصدر غني بالكربوهيدرات وينمو في المناخ البارد والمعتدل وعلى المرتفعات العالية، حيث الظروف لا تناسب زراعة الحبوب مثل القمح والذرة.
كما يمكن تخزين الدرنات بكل سهوله ونظراً لأنها عالية الصلابة يمكن تداولها دون عناية خاصة ونقلها مسافات طويلة دون أن تفسد.
طور الأنكاس طرقاً لتجميد الدرنات المهروسة الجافة وتحويلها إلى دقيق (تشونو) يمكن تخزينه لسنوات ثم إعادته إلى سيرته الأولى بإضافة الماء إليه وطبخة لصنع نوع من أنواع الخبز.
يعتقد أن الإسباني خوان دي كاستيلانوس هو أول أوروبي تعرف على البطاطس وذلك في حوالي عام ١٥٣٧. فخلال رحلاته في أمريكا الجنوبية صادف مخازن في منازل الأهالي تضم الذرة والبقوليات وشيئاً غربياً بالنسبة له أسماه «الكمأ». ولم يكن الكمأ الذي اكتشفه إلا البطاطس. في عام ١٥٩٧ نشر الإنجليزي جون جيرارد (١٥٤٥ – ١٦١٢) مؤلفه العشبيات ضمنه وصفاً تفصيلياً لنبات البطاطس.
أُدخل البطاطس إلى إنجلترا لأول مرة عام ١٥٦٣ بواسطة الملاح الإنجليزي (والأدميرال لاحقا) جون هوكنز (١٥٣٢ – ٩٥)، لكن جعله غذاءاً شعبياً سار بوتيرة بطيئة. فهذا المحصول الأرضي الغريب القبيح الشكل نظر إليه الأوروبيون في البداية بنوع من الريبة، بل والاشمئزاز أيضا. اعتبر البطاطس قذراً وغير مقدس وبدائي – يليق فقط بالعبيد وليس المسيحيين «المتحضرين».
كانت إيرلندا من أوائل الدول الأوربية التي تقبلت البطاطس وذلك في حوالي عام ١٦٠٠. ليس واضحاً تاريخياً من الذي جلب البطاطس إلى إيرلندا – يحتمل أن يكون الإنجليزي جون هوكنز أو المستكشف الإنجليزي وولتر رالي (حوالي ١٥٥٤ – ١٦١٨).
يزدهر نبات البطاطس في المناخ المعتدل الرطب، وخلال ستينيات القرن السابع عشر أسس نفسه كمحصول غذائي رئيسي، كما أن الغالبية العظمي من سكان أوروبا أصبحت معتمدة في غذائها بشكلٍ كاملٍ على البطاطس خلال ثمانينيات القرن التاسع عشر.
لكن البلاء حل عام ١٨٤٥ عندما تعرض المحصول الوطني الرئيسي إلى ما عُرف بآفة البطاطس التي سببتها فطريات تُسمى علمياً فاتوفرلونا إنفستانوس. وعلى مدى السنوات الأربع التالية أدت المجاعة إلى موت ما يربو على مليون فرد، كما هاجر مليون آخر إيرلندا بحثاً عن حياة أفضل في العالم الجديد، لكن غالبيتهم لقت حتفها في البحر .
إن الاعتماد الكلي على البطاطس كلف حياة الكثيرين. لكن، وبشكل عام، مثل أيضاً مساهمة إيجابية للتقدم البشري. ولا يمكن قول الشيء نفسه عن التبغ بالطبع. تحتوي أوراق نبات التبغ على مادة النيكوتين الكيميائية والتي تنتمي إلى عائلة القلويات العضوية تضم عدداً من المركبات من بينها الكافين. ومثل الكافين يتميز النيكوتين بأنه عقار منبه.
استخدم سكان أمريكا الأصليون التبغ منذ ما لا يقل عن ٢,٠٠٠ عام. وفي البداية كانوا يمضغون الأوراق أو يدخنونها باستخدام غلايين مصنوعة من الطين أو من الحجر أو من قصب السكر أو في لفائف من أوراق النخيل أو كوز الذرة مشدودة بحبل.
اشتقت مفردة السيجار من كلمة سيجار التي تعني الدخان في لغة المايا، أما مفردة التبغ أو التنباك أو التوباكو فاشتقاقات من كلمة توباغو بلغة المايا أيضاً وتعني نوعاً من الأنابيب، كما أطلق الاسم نفسه على إحدى جزر البحر الكاريبي.
عندما رسى كريستوفر كولومبوس (١٤٥١ – ١٥٠٦) على شواطئ جزر البهاما عام ١٤٩٢ أهداه السكان الأصليون الأواك بعض الفاكهة والرماح وربطة من أوراق نباتات جافة. وبالطبع كانت الفاكهة والرماح أشياء مألوفة لكلومبوس، لكن أوراق النبات كانت لغزاً له فرماها جانبا.
بعد عدة أسابيع لاحظ المستكشفان الإسبانيان رودريغو دي جيريز ولويس دي تورس استنشاق سكان كوبا الأصليون الدخان المتصاعد من إشعال لفيفة من أوراق النباتات خلال المنخرين مستخدمين عصا مصنوعة من قصب السكر على شكل الحرف Y. بدأ جيريز تجريب التدخين بنفسه.
لكن هذه العادة جلبت له المتاعب عند عودته إلى موطنة إسبانيا، إذ أدى الدخان المتصاعد من فمه ومنخريه إلى إقناع السلطات بأن به مس من الشيطان وعلى إثر ذلك قضى جيريز سبع سنوات في السجن أطلق سراحه بعدها حين أصبح التدخين نشاطاً إعتياديا في إسبانيا.
بدأ الأوروبيون زراعة التبغ في أمريكا الجنوبية عام ١٥٣١. جاء أول ذكر للنبات في لوحة «البنج الأصفر» المضمنة في كتاب نشر عام ١٥٥٤ لمؤرخ العلوم الطبيعية الفنلندي ريمبرت دوديونز (١٥١٧ – ٨٥). انتشر التبغ في أوروبا خلال الفترة من الخمسينيات إلى السبعينيات من القرن السادس عشر.
وفي نهايات القرن السادس عشر ازدهرت زراعة التبغ بشكل كبير في أمريكا الجنوبية وشرقي أمريكا الشمالية واعتبر دواءاً لجميع الأمراض. كان يُنصح بتدخين التبغ لعلاج أمراض عدة من مثل وجع الأسنان والرائحة الكريهة للفم والتيتانوس علاوة على المفارقة في وصفه لعلاج السرطان.
ألف السفير الفرنسي لدى البرتغال جين نيكوت (١٥٣٠ – ١٦٠٠) عام ١٥٦٠ كتاباً حول الاستخدامات الطبية للتبغ، وتخليداً له دخل مصطلح نيكوتيانا علم النبات واشتقت منه مفردة النيكوتين.
لوحظت خاصية الإدمان على التبغ في وقت مبكر. تضمنت كتابات الفيلسوف الإنجليزي فرنسس بيكون (1561 – 1626) عام 1610 ذكراً لذلك. بل أن المشاعر ضد التدخين كانت عالية خلال القرن السابع عشر: منع التدخين في الأماكن العامة في الكثير من البلدان، كما أن الصين سنت الإعدام عقوبة لمن يخالف ذلك.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]