أسباب إصابة الطفل بحالة الشرم
1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثاني
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
حالة الشرم أسباب إصابة الطفل بحالة الشرم الطب
يقضِي جنيُن الإِنسانِ في رَحمِ أُمِّه نحواً من ثمانيةٍ وثلاثينَ أُسبوعاً، ويتشكَّلُ فيها جسمُه شيئاً فشيئاً إلى أن يولدَ كاملَ التكوينِ، وبعضُ الأعضاءِ يتكوَّن في الجنين من عَدَدٍ من القِطَعِ، تَظْهُر مُسْتَقِلَّةً في البدَايَةِ ثم يَلتَحِمُ بعضُها ببعضٍ.
والشَّفَةُ العُلْيَا مِثَالٌ على ذَلِكَ، فتحتَ المَوْضِعِ الذي سوفَ تتكوَّنُ فيه الأنْفُ، تظهرُ قِطْعَتَانِ لَحْمِيَّتَان ثم تلتحمَانِ في الوَسَطِ مكونتين قطعةً وُسْطى (هي التي تصبحُ نُقْرةَ الأَنْفِ أو "العِتْرمَةَ" التي نراها تحتَ أُنُوفِنَا).
كذلك يظهرُ على كُلٍّ من الجانبيْن قطعةٌ أُخْرَى، ثم تلتحمُ هاتَانِ القطعتانِ بالقطعةِ الوُسْطى فتتكَوَّنُ الشَفَةُ العُلْيَا، التي يَتِمُّ تكوينُها بهذه الصورةِ في الأسبوعِ السابعِ.
كذلكَ "الحَنَكُ" (أي سَقْفُ تَجْويفِ الفَمِ) ينشأُ مُعْظَمُه من زائدَتَيْن جانبيَّتَيْن تتحركَّان ثم تلتحمانِ في الوَسَط قبلَ الأسبوعِ العاشِرِ.
وعندَ الميلادِ تكادُ تختفي آثارُ هذه الالتحاماتِ ويُوَلَدُ الإِنسانُ في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ، دليلاً مُتَجَدِّداً على قُدْرَةِ الخَالِقِ العظيمِ.
وفي أحوالٍ نادَرةٍ يختلُّ هذا النظامُ البديعُ، فتنشأُ صُوَرٌ متنوِّعَةٌ من التَشَوُّهَاتِ الناتجةِ من عَدَمِ التحامِ القِطَعِ المختلِفَةِ، وأكثرُ هذه التشوُّهَاتِ حُدُوثاً هو أن تبقَى الشَّفَةُ مَشْقوقةً في أَحَدِ جانبيْها، ويمتدُّ الشَقُّ إلى الأنفِ.
وقد يحدثُ هذا على الجانبيْن، وفي بعضِ الأَحيان يمتدُّ الشقُّ إلى الداخلِ فيصبحُ الفَكُّ العُلْويُّ أيضاً مَشْقُوقاً، بل قد يمتدُّ أكثرَ فيصبحُ الحَنَكُ مَشْقُوقاً من وَسَطِهِ، وهذه التشوُهاتُ أكثرُ حدوثاً في الذُّكور.
وقد يكونُ الحنكُ وحدَه هو المشقوقَ وهذا أكثرُ حدوثاً في الإِناثِ.
وفي أحوالٍ نادرةٍ جدًّا تكونُ الشَفَةُ العُلْيا مشقوقةً من الوَسَطِ، فتشبهُ حينئذٍ شَفَةَ الأَرْنَبِ أو الجَمَلِ، وفي أحوالٍ أَنْدَرَ يكونُ الشَقُّ في الشَفَةِ السُّفْلَى والفكِّ الأَسْفَلِ.
ويُعرفُ الشَقُّ أيضاً بالشَّـرْمِ، ولذلك يوصفُ الذكرُ المُصابُ ببعضِ هذه التَشَوُّهَاتِ بأنَه "أَشْرَمُ"، والأنثى "شَرْمَاءْ". ولكنَّ العَرَبَ يصفون مَشْقُوقَ الشَّفَةِ العُلْيا وحدها بأَنَّه "أَعْلَمُ"، والأُنثى "عَلْمَاءُ".
ولكنْ ما الأسبابُ التي تُؤَدِّي إِلى العُلْمَةِ والشَّـرَمِ؟ عَرَفَ العلماءُ أنَّ معظمَ هذه العيوبِ أسبابُه موروثةُ من أَحَدِ الأبويْن أو الأجدَادِ، ولكنَّ بعضَها يرجعُ إلى إصابَةِ الأمِّ ببعضِ الأمراضِ الفيرُوسِيَّةِ أثناءَ الحَمْلِ أو تَنَاوُلِها بعضَ العقاقيرِ أثناءَ الحَمْلِ دون مَشُورَةِ الطَّبيبِ.
وعندَمَا نرَى مُصَاباً بشَـيءٍ من هذهِ العيوبِ، ينبغِي ألَّا نسخرَ منه، فقد أَمَرَنَا اللّه ألاَّ يسخرَ بعضُنا من بعضٍ، بلْ علينا أن نَعْطِفَ عليه ونحترمَ مشاعِرَه، وينبغي علينا أيضاً أن نحمدَ الله عَلَى عظِيم نِعْمَتِه إذْ أَعْفَانَا من هذا البلاءِ وأحسنَ صُوَرَنَا.
أما المُصَابُ فينبغي عليه الصْبرُ على هذا الامتحانِ من اللّه، سبحانه وتعالى، وليَعْلَمْ ان جزاءَه على الصَّبرِ سوف يكونُ عِنْدَ اللّه كبيراً، كما أنه يستطيعُ أن يعيشَ حياتَه العادِيَّةَ.
فهذه العيوبُ الخِلْقِيَّةِ ليستْ عيوباً تعوقُ المرءَ عن مُزاولَةِ نشاطهِ المُعْتَادِ، كما أن كثيراً منها يُمْكِنُ إصلاحُهُ بِجِراحَاتِ التجميلِ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]