أسباب غزوة تبوك ومجريات أحداثها
1994 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الخامس
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
غزوة تبوك إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة
«تبوك» موضع بين وادي القرى والشام، وهي حصن فيه ماء وزرع ونخيل وبستان ينسب إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم. وهي تقع بين جبل حسمي في جهة الغرب وجبل شروري من جهة الشرق، ضمن أراضي المملكة العربية السعودية حاليا.
وهذا الاسم أطلقه الرسول، صلى الله عليه وسلم، على هذا الموضع، حين كان رجلان من جيشه يحالاون توسيع عين الماء فيها بيديهما، فقال لهما: «ما زلتما تبوكان منذ اليوم». فسميت «تبوك» و«البوك» إدخال اليد في شيء وتحريكه. ولا زالت فيها آبار المياه إلى الآن.
وغزوة تبوك هي واحدة من الغزوات التي لم يحدث فيها قتال. سميت أيضا «بغزوة العسرة»، لكثرة ما صادف الجماعة الإسلامية من ضنك العيش في تلك الفترة.
وتعود أسباب هذه الغزوة المباركة إلى ظهور قوة المسلمين بعد فتح مكة، وهيمنتهم على منطقة الحجاز الهامة، وتهديدها لمصالح الدولة البيزنطية في المنطقة كلها
مما جعل الروم ينظرون إليها نظرة التوجس والخوف على مصالحهم، وعلى عملائهم المتعاونين معهم، والذين يعتمدون عليهم في تجارتهم، وعلى ديانتهم النصرانية التي اعتنقها بعض قبائل العرب الشمالية أمثال «الغساسنة».
وعلى تأمين حدود الدولة البيزنطية الجنوبية من ناحية العرب لبقاء جهودهم الموجهة ضد الدولة الفارسية، عدوهم القوي. وكان الذي شجع الروم على السيطرة على عرب الشمال هو فرقة العرب وتشتتهم وتمزق كلمتهم.
وتجاه هذا الخطر المحدق بالمسلمين، قرر الرسول، صلى الله عليه وسلم، أن يهاجهم الأعداء الذين أعدوا العدة لملاقاته قبل مهاجمتهم للمسلمين، وما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا.
وفي شهر رجب في السنة التاسعة للهجرة، وبعد عودة الرسول، صلى الله عليه وسلم، من حصار قبيلة ثقيف في الطائف، جهز جيشا كبيرا قوامه ثلاثون ألف مجاهد.
ومن الخيل عشرة آلاف فرس يتقدمهم الصحابة الأخيار الذين ضحوا بأنفسهم وأموالهم في سبيل الله. وكان دليله إلى تبوك علقمة بن الفغواء الخزاعي الذي أخلص للرسول إخلاصا كبيرا.
وعقدت الألوية والرايات لهم، وقد شارك في هذه الغزوة أبو بكر الصديق، والزبير بن العوام، وأسيد بن حضير (من الأوس)، والحبات بن المنذر (من الخزرج). فكانت هذه الغزوة تمثل اتحاد القبائل العربية القوي بعد أن وحدها الإسلام.
ولقد وصل الرسول، صلى الله عليه وسلم، إلى تبوك فلم يجد فيها هرقل قائد الروم ولا جيوشه، فقضى فيها عشرين ليلة منتظرا اللقاء، حتى جاءه إليها يوحنا صاحب «أيلة» (العقبة الحالية)، فصالحه وأعطاه الجزية.
كما قدم أهل الحرباء وأذرح وأعلنوا ولاءهم وطاعتهم للرسول، صلى الله عليه وسلم، وقدموا له الجزية. وقد كاتبهم الرسول، صلى الله عليه وسلم، على الأمان.
وكان من نتائج هذه الغزوة الموفقة ظهور روعة التربية الإسلامية، وتشوق الجيل الإسلامي لتحمل المشاق في سبيل العقيدة. وأظهرت الغزوة قدرة الرسول، صلى الله عليه وسلم، العظيمة في التنظيم والإدارة والقيادة.
وفي هذه الغزوة اشتراك الأغنياء والفقراء، والمال مع الجهد حتى انتصر الحق. وهي آخر غزوة خرج فيها الرسول، صلى الله عليه وسلم، محاربا.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]