البيولوجيا وعلوم الحياة

أعراض إصابة الإنسان بـ”ضربة الشمس” وطرق علاجها

2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

ضربة الشمس أعراض الإصابة بضربة الشمس طرق علاج ضربة الشمس البيولوجيا وعلوم الحياة

لَعَلَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ دَرَجَةَ حَرارَةِ جِسْمِ الإنْسانِ السَّوِيَّةَ المُعْتادَةَ هِي 37 دَرَجَةً سِلْزيوس (مِئَوِيَّة). وعِنْدَما نَبْذُلُ مَجْهودًا عَضَلِيًّا، مثل الجَرْيِ، تَتَوَلَّدُ في الجِسْمِ حَرارَةٌ زائِدَةٌ.

وجِسْمُ الإِنْسانِ، كَأَيِّ جِسْمٍ آخَرَ، يُمْكِنُه أَنْ يَفْقِدَ الحرارَةَ الزَّائِدَةَ بِطُرُقٍ ثلاثٍ، هي: الإِشْعاعُ والتَّوصيلُ عَنْ طَرِيقِ الجِلْدِ، والانْتِقالُ أو الحَمْلُ عن طَريقِ التَّنَفُّسِ وتَبَخُّرِ العَرَقِ.

ونَحْنُ نَرْتَدِي عَادَةً ثِيابًا تُغَطِّي الجِسْمَ، لِذَلِكَ يَقِلُّ فَقْدُ الحَرارَةِ بالطَّريقَتيْن الأُولَى والثَّانِيَة. لِذَلِكَ فَقَد أَعْطَى اللهُ الإنْسانَ مَيْزَةً مُهِمَّةً، وهي القُدْرَةُ عَلَى إِفرازِ العَرَقِ.

 

فَلِكَيْ يَتَبَخَّرَ العَرَقُ فإنَّه يَحْتاجُ إلَى حَرارَةٍ، وهو يستمِدُّها مِنْ حَرارَةِ الجِسْمِ الزَّائِدَةِ عن حاجَتِهِ. وهكذا تهْبِطُ دَرَجَةُ الجِسْمِ إلَى حَدِّها السَّوِيِّ (المُعْتادِ).

وهَذِه الطُّرُقُ تَعْمَلُ بِكَفاءَةٍ عَالِيَةٍ في مُعْظَمِ الأَحْوالِ لأنَّ بالجِسْمِ جِهازًا دقيقًا لضَبْطِها.ولَكِنْ عِنْدَما تَعْجِزُ هَذِه الطُّرُقُ عَنِ العَمَلِ، فإِنَّ دَرَجَةَ حَرارَةِ الجِسْمِ تَرْتَفِعُ، ويَعْجِزُ الجِسْمُ عَنْ تَنْظيمِ حَرارَتِهِ.

وإذا حَدَثَ ذَلِكَ، نتيجَةً للتَّعَرُّضِ المُباشِرِ لِحرارَةِ الشَّمْسِ مُدَّةً طَويلَةً في جَوٍّ حارٍّ مَعَ نِسْبَةٍ عَالِيَةٍ مِنْ الرُّطوبَةِ في الهَواءِ تَمْنَعُ تَبَخُّرَ العَرَقِ، فإنَّ الأَطِبَّاء يُطْلِقُونَ عَلَى هَذِهِ الحَالَةِ «ضَرْبَةَ شَمْس» أو «ضَرْبَةَ حَرارَة».

 

والشَّخْصُ المُصابُ بِضَرْبَةِ الشَّمْسِ يَشْعُرُ بِهبوطٍ شَديدٍ، وإذا لَمْ نَتَمَكَّنْ مِنْ تَخْفيضِ دَرَجَةِ حَرارَةِ جِسْمِهِ تَسْتَمِرُّ في الارْتِفاعِ حتَّى تَصِلَ إلَى 34° سِلْزيوس، وهَذا يُؤَثِّرُ في الجِهازِ العَصَبِيِّ المَرْكَزِيِّ تَأْثيرًا خَطيرًا.

وتكونُ ضَرَباتُ القَلْبِ في البِدايَةِ سَريعَةً، ويَكونُ الجِلْدُ ساخِنًا وجافًّا ومُحْتَقِنًا. وإذا تَرَكْنا المُصابَ بِغَيْرِ عِلاجٍ يُصْبِحُ نَبْضُهُ بَطيئًا، ثُمَّ يَدْخُلُ في غَيْبوبَةٍ، وقَدْ يَموتُ نَتيجَةً لِذَلِكَ.

ولِكَيْ نُعالِجَ ضَرْبَةَ الشَّمْسِ، فَلابُدَّ مِنْ تَخْفيضِ دَرَجَةِ حَرارَةِ الجِسْمِ بِسُـرْعَةٍ. لِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ نَنْقِلَ المُصابَ إلَى مَكانٍ ظَليلٍ، وأَنْ نَنْزِعَ عَنْه أَكْثَرَ ثِيابِهِ.

 

وأَفْضَلُ وَسائِلِ التَّبْريدِ السّـَريعِ هيَ غَمْرُ الجِسْمِ في المِياهِ المُثَلَّجَةِ. فإذا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُمْكِنًا فإِنَّنا نُحيطُ الجِسْمَ بأَكْياسٍ من الثَّلْجِ، مع تَدْليكِ الجِسْمِ لِتَنْشيطِ الدَّوْرَةِ الدَّمَوِيَّةِ. ويَجِبُ عَلَيْنا أَنْ نُتَابِعَ دَرَجَةَ حَرارَةِ الجِسْمِ حَتَّى تَصِلَ إلَى 38.5 دَرَجةِ سِلْزيوس.

وبَعْدَ تَخْفيضِ دَرَجَةِ حرارَةِ الجِسْمِ، يَجِبُ أَنْ يَشْرَبَ المُصابُ بالتَّدْريجِ كَمِّيَّةً كَبيرَةً منَ المِياهِ، وأَنْ يَحْصُلَ عَلَى كَمِّيَّةٍ مناسِبَةٍ مِنْ مِلْحِ الطَّعامِ.

فإنَّه إذا لَمْ يَحْصُلْ المُصابُ عَلَى مِلْحِ الطَّعامِ، قَدْ يُصابُ بالإجْهادِ الحَرارِيِّ، وفيه تَتَقَلَّصُ العَضَلاتُ، ويَعْرَقُ المُصابُ عَرَقًا غزيرًا، وتَرْتَفِعُ دَرَجَةُ حَرارَةِ الجِسْمِ. وهَذَا قَدْ يُؤَدِّي إلَى هُبوطِ الدَّوْرَةِ الدَّمَوِيَّةِ، ورُبَّما إلَى الغَيْبوبَةِ.

 

وبَعْدَ اسْتِخْدَامِ أَجْهِزَةِ تَكييفِ الهَواءِ في المَباني الحَديثَةِ ووسائِلِ الانْتِقالِ، أَصْبَحَتْ الإصابَةُ بِضَرْبَة الشَّمْسِ نادِرَةً. ولكنْ عِنْدَ إقامَةِ المُعَسْكَراتِ، مثل مُعَسْكَراتِ الكَشَّافَةِ، أو قَضاءِ العُطلاتِ في الخِيامِ غَيْرِ المُكَيَّفَةِ في المَناطِقِ الخَلَوِيَّةِ، فإنَّ الإصابَةَ بِضَرْبَةِ الشَّمْسِ تكونُ مُحْتَمَلَةَ الحُدُوثِ.

وفي مِثلِ هَذه الأَحْوَالِ، يَجِبُ أَن نَتَجَنَّبَ التَّعَرُّضَ المُباشِرَ لأَشِعَّةِ الشَّمْسِ خُصوصًا عِنْدَما يَشْتَدُّ الحَرُّ، وأَنْ نَسْتَخْدِمَ المِظَلاَّتِ العَريضَةَ.

ويَحْسُنُ بِنا أيضًا أَنْ نَلْبِسَ ثيابًا قُطْنِيَّةً واسِعَةً تُغَطِّي مُعْظَمَ الجِسْمِ. وأَفْضَلُ أَلْوانِ الثِّيابِ هُوَ اللَّونُ الأَبْيَضُ لأَنَّه يَعْكِسُ الجُزْءَ الأَكْبَرَ منْ أشِعَّةِ الشَّمْسِ، كما أَنَّ الثِّيابَ القُطْنِيَّةَ تَمْتَصُّ كَمِّيَّةً كبيرةً مِن العَرَقِ مِمَّا يَسْمَحُ بِالبَخْرِ، وهَذَا يُساعِدُ عَلَى تَخْليصِ الجِسْمِ مِنْ بَعْضِ الحَرارَةِ.

 

وفي أَوْقاتِ الحَرِّ الشَّديدِ يَجِبُ أَنْ نَشْرَبَ كَمِّيَّةً كبيرَةً من المِياهِ البارِدَةِ. فالمياهُ البارِدَةُ تُساعِدُ عَلَى خَفْضِ حَرارَةِ الجِسْمِ، كما أَنَّها تُعَوِّضُ الجِسْمَ عَن المِياهِ الّتي يَفْقِدُها في صورَةِ عَرَقٍ.

ومِنَ المُهِمِّ أيضًا أَنْ نَحْصُلَ عَلَى كَمِّيَّةٍ مُناسِبَةٍ مِنْ مِلْحِ الطَّعامِ مَعَ ما نَأْكُلُ من أَغْذِيَةٍ، و«المُخَلَّلُ» من أَصْنافِ الطَّعامِ المُحَبَّبَةِ الّتي تُؤَمِّنُ الحُصولَ عَلَى مِلْحِ الطَّعامِ.

ولَكِنْ تَذَكَّرْ دائِمًا أَنَّ الإسرافَ في تناوُلِ مِلْحِ الطَّعامِ ضَارٌّ بِالجِسْمِ أَيْضًا. كَذَلِكَ تَجَنَّبْ القِيامَ بِمَجْهودٍ عَضَلِيٍّ في وَقْتِ اشْتِدادِ الحَرِّ، لأنَّ ذَلِكَ يُوَلِّدُ حرارَةً زائِدَةً قَدْ يَعْجِزُ الجِسْمُ عَن التَّخَلُّصِ مِنْها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى