أمثلة على عائلات جميع أفرادها علماء
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني
صبري الدمرداش
KFAS
عائلات جميع أفرادها علماء العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
ليست من القواسم المشتركة بين العلماء ، وإن كان ثمة أمثلة لها: عائلة شاكر، عائلة بيكيريل، عائلة داروين، وعائلة كوري .
– آل شاكر :
الأب وأبناؤه الثلاثة كلهم علماء.
فقد كان الأب من مشاهير علماء الفلك عند أمير المؤمنين الخليفة المأمون. ولما توفي موسى لم يدخر المأمون وسعاً في أن يرعى الأيتام الثلاثة، محمد وأحمد وحسن ، حتى وصلوا إلى المستوى العلمي الرفيع الذي خولهم الانضمام إلى أساتذة بيت الحكمة ، وبجدهم واجتهادهم وعبقريتهم صاروا علماء في كثيرٍ من المجالات العلمية النظرية والتطبيقية .
فمحمد، الابن الأكبر، نال شهرة فائقة في علوم الفلك والرياضيات والفلسفة والطب في حين برع أحمد، الابن الأوسط ، في الناحية التقنية، حيث ركز على ابتكار كثير من الآلات والوسائل الميكانيكية وتطويرها، وأما حسن، أصغر الأبناء، فقد حصل على ريادة في عصره في علم الهندسة .
ومما يذكر هو تعاون بني موسى فيما بينهم وتحابهم لدرجة أصبحوا معها مثلاً يحتذى في مجال العلم بروح الفريق، فكثير من بحوثهم ومؤلَّفاتهم قسمةٌ بينهم .
– ال بيكيريل :
أول افرادهها العلماء هو أنطوان سيزار الذي ولد في "شاتيلون" عام 1788 وأصبح مهندساً ضابضاً في جيوش نابليون، حيث خاض معارك كثيرة في كلٍ من أسبانيا وفرنسا.
وبعد سقوط نابليون اعتزل الجندية وكرِّس حياته للعلم. وكان ميّالاً بطبعه لدراسة الكهرباء، وحصل في عام 1837 عن بحوثه في هذا الموضوع على امتياز عظيم، هو مدلاة كوبلي من الجمعية الملكية بلندن، كما أجرى بحوثاً عن نموّ النبات، والمغناطيسية، وأحوال الطقس، ونشر منها الكثير .
وقد اصبح أستاذاً لعلم الطبيعة في متحف باريس للتاريخ الطبيعي عام 1937، وظل كذلك حتى لقي ربه عام 1878 وهو في التسعين من عمره ! .
وبموت الأب خلفه الابن، ألكسندر إدموند، الذي ولد عام 1820، في وظيفته أستاذ في المتحف نفسه. وقد كثَّف جهوده لدراسة البصريات. ومات الابن في عام 1891 .
وبموت الابن، خلفهما الحفيد، أنطوان هنري، أشهر الثلاثة، والذي ولد عام 1852، وكان مهندساً مدنيا محترفاً. ولكن بموت أبيه خلفه في كرسي علم الطبيعة في المتحف ذاته! فهو أستاذٌ ابن استاذ ابن استاذ.
وقد اكتشف بيكيريل الثالث – هذا – نتيجة بحوثه الدقيقة المتواصلة نوعاً جديداً من المادة ، هي المادة المشعة . وقد أدّى كشفه هذا إلى ثورة في عالم الفيزيقا.
ومُنح من أجله نصف جائزة نوبل في الفيزيقا والنصف الثاني كان من نصيب آل كوري. وقد مات عام 1908 . وبهذا ضربت هذه العائلة رقماً قياسياً في وراثة المناصب العلمية .
– آل داروين:
الجد والإبن والحفيد كلهم علماء .
فالجد، إراسْمُوس داروين الذي مات قبل ولادة حفيده بسنواتٍ سبع، كان عالماً مشهوراً في الطبيعيات، اقترح نظرية جريئة عن "تحوَّل" الكائنات الحية، كما ألّف كتاباً عن "قوانين الحياة العضوية" . ونظم قصيدة عن "الحب بين النباتات"! .
أما الابن، روبرت وارنج، فكان طبيباً ناجحاً .
وأما الحفيد، تشارلس، أشهر الثلاثة ، فكان عالماً في التاريخ الطبيعي من طراز فريد، طبَّقت شهرته الآفاق. له أعمالٌ كثيرة ، في مقدمتها "نظرية التطور البيولوجي" ومؤلَّفات عديدة، من أهمها "أصل الأنواع".
وبالكتاب والنظرية لا زال الجد يثار حول أصل الإنسان خاصة وسيظل، والعاصم الوحيد منه الإيمان والتصديق "لقد خلقنا الإنسانَ في أحسنِ تقويم" ( التين : 4 ) .
– آل كوري :
زوج وزوجة وابنتهما وزوج الابنة كلهم علماء! .
الزوج هو بيير كوري أستاذ الفيزيقا في السوربون، والزوجة مدام كوري وهي أستاذة وابنة لأستاذ في الفيزيقا كذلك، والابنة إيرين الباحثة في مختبر كوري، وزوج الابنة هو فردريك جوليو أستاذ في الطبيعة أيضاً .
وقد تمكن الزوجان – بعد طول صبرٍ وأناة – من كشف ما لا يقل عن ثلاثة أنواع من العناصر الجديدة أسمياها: راديوم لأنه مشع، وبولونيوم تكريماً لوطن الزوجة بولونيا، وأكتينيوم. ومكافأة لهما منحتهما الجمعية الملكية في عام 1903 مدلاة ديفي.
وفي العام نفسه مُنح الزوجان جائزة نوبل في الفيزيقا، مشاركةً مع أنطوان هنري بيكيريل كما أسلفنا. وفي عام 1905 انُتخب الزوج عضواً في الأكاديمية الفرنسية للعلوم .
وبعد وفاة الزوج في 19 إبريل عام 1906، إثر حادثٍ أليم، واصلت الأرملة العالمة مارى، مسيرتها التي بدأتها وزوجها وصرفت في ذلك الثمانية والعشرين عاماً الباقية من حياتها.
وقد تمكنَّت في عام 1910 وبمفردها من استفراد الراديوم النقي وتعيين وزنه الذري، فكوفئت على ذلك بمنحها جائزة نوبل في الكيمياء.
فكانت بذلك من القلائل الذين فازوا بشرف الحصول على تلك الجائزة العالمية مرتين، الأولى في الفيزيقا عام 1903 والثانية في الكيمياء عام 1911. حتى أنه عندما ماتت في عام 1934 عن عمرٍ يناهز السادسة والسبعين وصفت بأنها "أشهر سيدات عصرها" .
وبموت الأم جاءت الابنة لتحمل من بعدها لوائي الفيزيقا والكيمياء كذلك، وقد تزوجت إيرين من عالم الفيزيقا فردريك جوليو. ولكنها احتفظت باسم الأسرة فكانت تعرف بـ "إيرين جوليو كوري". وخطت هي وزوجها خطوة أبعد في دراسة العناصر المشعة، حيث تمكنا من إنتاج النشاط الإشعاعي اصطناعياً! .
وذلك بقذف البورون بسيلٍ من جسيمات ألفا السريعة، فنتجت مادة مشعة جديدة، ولهذا العمل الفذ اقتسما معاً جائزة نوبل في الكيمياء عام 1935 . وقد ماتت إيرين عام 1956 .
وبهذا يكون آل كوري قد ضربوا الرقم القياسي في الحصول على جوائز نوبل، إذ تجمَّع لجيلين فقط من علمائهم جوائز خمس!! .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]