أمثلة مختلفة توّضح كيفية حدوث الاتزان الداخلي للجسم
1987 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الأول
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الاتزان الداخلي للجسم البيولوجيا وعلوم الحياة الطب
أجسامُنا مجموعةٌ كبيرة من الأجهزة التي تعمل معاً في تنساقٍ كامل. وحتى تؤديّ هذه الأجهزةُ أعمالَها على أحسنِ وجه يجب أن تتوفرَ لها موادُّ معينة بمقاديرَ محددةٍ
وأن تبقي في ظروفٍ ثابتة مناسبة. ولكنَّ الظروف حولَ الانسان (أو الحيوان أو النبات) تتغير، كما أن أجسامَنا تأخذُ وتعطي، فتزداد المواد التي فيها وتنقص.
ولذلك زوَّدَ اللهُ أجسامَنا بطرق تعمل دائما على تعديلِ ظروفها الداخلية وكَمِّيات المواد الموجودةِ بداخلها بحيثُ تبقى على الدوامِ قريبةً من أَنْسَبِ المستوياتِ لحياتنا. والأمثلة القليلة التي سوفَ نذكرها لك تُوَضِّح هذه الفكرة.
في دماغنا جهاز ضابط لدرجة الحرارة، خُلق مُثَبَتاً ليحفظ أجسامنا حولَ درجة 37 مئوية (أو سيليزية).
فإذا مالَتْ درجةُ حرارةِ أجسامنا إلى الارتفاع، بسبب نشاطٍ زائد ولَّد فيها حرارةً كثيرة أو لارتفاع درجة حرارةِ الجَوِّ حولنا، نبَّه جهازُ ضبط الحرارة أجسامَنا إلى ما يلي:
زيادة كميةِ الدم الحار إلى الجلد (فتحمرُّ وجوهنا) حتى تنطلق الحرارة منه إلى الجو، وتَصَبُّب العرق من سطح الجسم فَيَخْفِض درجة حرارة الجسم عندما يتبخر إلى الهواء، وزيادة معدلِ تنفسِّنا حتى تخرجَ مقاديرُ من الحرارة مع هواءِ الزفير.
وتهدأُ هذه الأمورُ كلُّها إذا عادتْ حرارة أجسامنا إلى الاستقرار عند درجة 37.
أما إذا بَرُد الجو من حولنا، نَبَّه جهازُ ضبط الحرارة أجسامَنا إلى حفظ معظم الدم في داخل الجسم، فلا يذهبُ منه إلى الجلد إلّا مقدارٌ قليل (فتشحب وجوهُنا)، وذلك خوفا من فقد الدم لحرارته إذا ما لامسَ الجوَ الباردَ حول الجلد.
وكذلك يدفعنا جهازُ ضبط الحرارة إلى زيادةِ نشاطنا بالرَّكْض أو حتى بالوثب في مكانِنا، حتى تتولَّدَ في أجسامنا مقاديرُ أخرى من الحرارة. أما إذا لَمْ نفعلْ ذلك، إرْتَجَفْنَا ونحنُ وقوف.
ومعنى هذا الارتجاف هو حركة عنيفة في العضلات لتوليد الحرارة. هذا فضلاً عن أننا نميلُ إلى أن ننطويَ على أنفسنا، حتى لا ينشكفَ منها إلى الجو البارد إلا أجزاءُ قليلة. (هذا إذا لم يتوفر لنا غطاءٌ كافٍ يعزلُ أجسامَنا عن الجَوِّ البارد المحيطِ بنا).
ولا حياةَ لنا دون توفر كمية معينة من الماء في أجسامنا. وفي دماغنا أيضا جهاز لضبط كمية الماء في أجسامنا، فإذا نقصت كميةُ الماء في أجسامنا، بسبب عَرَقٍ غزير أو إسهالٍ أو قَيْء، جفَّت حلوقُنا وعطشنا فَتَنَبَّهْنا إلى طلب الماء لنشـربَه، وانطلق من دماغنا هرمون ينبه الكُلْيتَيْن إلى المحافظة على ما في الجسمِ. من ماءٍ فتخرجُ بولا قليلاً مركزاً.
أما إذا زادتْ كميةُ الماء في أجسامنا، لِشُرْبِنَا سوائلَ كثيرةٍ أو تناوُلِنَا طعاماً فيه ماء كثير، نُبِّهَتْ الكُلْيتان إلى إخراج الماء الزائدِ عن حاجتنا، فأخرجَتْ بولا كثيراً مُخَفَّفاً.
وسكر العنب، الذي يعرفه الكيميائيون باسم "جلوكوز"، هو أهم مادة تعمل بها أدمغتُنا وتحرقُها أجسامُنا لإطلاق الطاقةِ اللازمةِ لتدفئة أجسامِنا وكلِّ نشاطٍ نبذلُه.
ويجب أن يتوفرَّ مستوى معين من الجلوكوز في الجسم على الدوام. وفَطَرَ اللهُ أجسامَنا على أن تَتَصَرَّف في هذا تصـرفاً حكيماً. فإذا أَكَلْنا وَجْبَةً غنيةً بالأرز والحلوى، ارتفع مستوى السكر في دَمِنَا بعد هَضْمها وامتصاصِها.
ولذلك تفرز البنكرياس كميةً وافرة من هرمون الإنسولين الذي يعملُ على مرور السُّكَر إلى داخل خلايا الجسم لتأخذَ حاجَتَها منه، ثم يعملُ على خَزْنِ الزائدِ من السكر في الكَبِد والعضلات.
أما إذا طال جُوعُنا وانخفض مستوى السكر في دَمِنا، أفرز البنكرياسُ هرموناً آخرَ يُطْلِقُ السُكَّرَ المختزنَ ليذوبَ ويجرِيَ في الدم حتى يستفيدَ منه الجسم.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]