التاريخ

إدعاء ابن الهيثم بالجنون

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

ابن الهيثم التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

جنون.. أبي علي !

كان لا بد له من ادعاء الجنون لينجو من هذا الحاكم المجنون!.

كان الحاكم بأمر الله قد ألحق أبا علي من قبل كاتباً للحسابات في ديوان الرواتب مثلما كان أمره في إمارة البصرة.

وقد انصاع أبو علي لهذا الأمر، وكان في آخر كل نهار يذهب إلى مكتبة دار العلم يعيد كتباً ويستعير أخرى, ثم يعود إلى بيته المتواضع في حي الأزهر، حيث يقضي أكثر ليله يقرأ على ضوء مصباح متأسياً لضياع ساعات النهار منه سدى في ديوان الرواتب.

وتتوالى سنوات، والحاكم بأمر الله يرفض في أبي علي شفاعة الشافعين حتى وساطة أخته ست الملك.

واشتد ضيق أبي علي بعمله في الديوان ونفد صبره. ماذا يفعل؟ كان بوسعه الهرب من مصر شرقاً أو غرباً لكنه قد أحب أرض مصر وشعبها برغم ما يعانيه، وذات نهار كان القرار: الجنون.

 

فما دام الحاكم مجنوناً فلا يصلح معه غير ادعاء الجنون! ادعى أبو علي الجنون: أخذ يضحك ويبكي في آن، ويلزم الصمت، والتوقف عن العمل، ويأتي بحركات هيستيرية.

وهل خال ذلك على الحاكم بأمر الله؟ لما بلغه ذلك أبعد أبا علي عن العمل وحدَّد إقامته في بيته واضعاً على بابه حارسين، ورتَّب له ولخادميه دنانير أربعة في كل شهر تُصرف له كإعانة عجزٍ من بيت المال.

وظل أبو علي يدَّعي الجنون، في كل يوم، لسنوات ثلاث: يحدث نفسه بصوت مرتفع ويجري وراء ظله في ساحة البيت، ويدير الرحى في قلب الليل والناس نيام، وحين يطمئن إلى غفلة حارسيه عن التلصص عليه يجلس إلى منضدته وأوراقه، وقد غطى جوانب المصباح بورقة ويأخذ في القراءة والكتابة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى