إنجازات العالم “البيروني” في الهند
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني
صبري الدمرداش
KFAS
انجازات البيروني في الهند البيروني أحداث تاريخية المخطوطات والكتب النادرة
كان السلطان محمود قد مدَّ حدود دولته إلى شبه القارة الهندية، بفتحه لأقاليم وايهند وملتان وبهاتندا، إلى ثلاثمائة ميل شرقي نهر الأندوس . وكان البيروني ما يزال يلقى إهمال السلطان له وسوء معاملته إياه .
"سنصحبك معنا يا بيروني في حروبنا بالهند؛ لتدوِّن لنا مالا نعرفه نحن المسلمين عن الهند : تاريخها وأرضها وحضارتها وعقائدها وعاداتها وتقاليدها وأنهارها وجبالها. فلن تنتشر دعوة الإسلام بالهند ويستقر أمره بين الهنود إلا بهذه المعرفة" .
هكذا وجَّه السلطان محمود في غزنة الدعوة إلى البيروني لمصاحبته في حروبه بالهند . ومنذ عام ألف وعشرين والبيروني يصحب السلطان في حروبه تلك ، يشاهده وهو يكتسح وادي الكنج وكشمير وجزيرة كاتياوا ، إلخ ، ويشاهده وهو يهدم الصنم الكبير المقام بمعبد "سمنات" بالجزيرة، ويأخذ قطعا منه يأمر بوضعها عند مدخل جامع غزنة كي ينظف فيه المصلون أقدامهم .
والأماكن التي زارها البيروني مع السلطان ، طوال سنواتٍ سبعٍ بالهند، تقع في إقليمي البنجاب وكشمير.
واستطاع البيروني وهو بالهند أن ينجز أعمالاً كثيرة. فقد استطاع أن يحدد بالأرصاد خطوط العرض لإحدى عشرة مدينة هندية قام بزيارتها بين خمس وستين مدينة رآها رؤيا العين .
كما نجح وهو مقيم بحصن "نندانا" أن يعرف قطر الأرض وطول محيطها ، مستعيناً بمسقط ظل لجبل بالحسابات الهندسية .
وكان هذا المكان يطل على البقعة التي هزم فيها الإسكندر الأكبر المقدوني جيش الملك الهندي "يوُروس" وفيلته .
وكان الحصاد . فقد خرج البيروني من رحلاته تلكم بعددٍ من الكتب أهمها ، كتاب نقدي تاريخي كبير عن حضارة الهند ، عنوانه "تحقيق ما للهند من مقولة، مقبولة في العقل أو مرذولة" .
وقد ضم الكتاب معلومات عن الهند كانت جديدة على المسلمين في زمانه، وظلت جديدة على الثقافة الغربية الحديثة إلى أواخر القرن التاسع عشر . ولم ينته البيروني من كتابه هذا إلا بعد سنوات عشر.
وفي نفس السنة التي توفي فيها السلطان محمود، وقد تُرجم هذا الكتاب منذ عصر النهضة الأوروبية الحديثة إلى عدد من اللغات الأوروبية الحية، واشتُهر بين علماء التاريخ والجغرافيا في أوروبا باسم "تاريخ الهند" أو "الهند".
كما نقل البيروني خلال رحلاته تلك، عدداً من الكتب الهندية من السنسكريتية إلى العربية وعدداً من الكتب العربية إلى السنسكريتية ، فحقَّق بترجماته هذه تواصل الثقافة بين الشعوب الهندية والإسلامية.
كما نقل إلى العالم كذلك الأرقام الحسابية الغُبارية من الهند إلى العرب ، وهي الأرقام المستعملة الآن في قارات أوروبا وأمريكا وآسيا وفي بلاد الشمال الأفريقي ويعرفونها بـ "الأرقام العربية" .
ولم تعرف أوروبا هذه الأرقام عن العرب إلا بعد قرنين من وفاة البيروني ، وهي أرقام تقوم على الزوايا الهندسية.
وأتاحت له هذه الرحلات بالهند أن يتحدَّث ، ولأول مرة ، عن تاريخ الرياضيات عند كل من العرب والهنود ، ولولا صنيعه هذا لاندثر هذا التاريخ إلى الأبد . وما يزال نهر " إنجارا " بالهند يحمل الاسم ذاته الذي خلعه عليه البيروني .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]