استراتيجية التعبئة القانونية
2014 البذور والعلم والصراع
أبي ج . كينشي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
العلوم الإنسانية والإجتماعية البيولوجيا وعلوم الحياة
على الرغم من أن جزءاً من استراتيجية الحركة الاجتماعية هو انتشار التقاضي، إلا أن ذلك يختلف باختلاف النظم القانونية المعتمدة في بلدان معينة.
فقد يمكن استخدام التقاضي كاستراتيجية للطعن في تشكيلة واسعة من التطوّرات التكنولوجية، بدءاً من الخلل زرع الثدي وحتى سدود إنتاج الطاقة.
فالتعبئة القانونية هي من الاستراتيجيات البارزة للمعارضين للمحاصيل المهندسة وراثياً في كندا والولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول أخرى.
كما ذكرنا في فصل سابق، فقد طالب مزارعو الولايات المتحدة الأميركية بإنذار قضائي لشركة مونسانتو، لاتهامها [المزارعين] -بدعوى قضائية – انتهاكهم لحقوق براءات الاختراع، وفي قضية أخرى حدثت حديثاً في أستراليا، سحبت وكالة لاعتماد المنتجات العضوية شهادتها لمزرعة، بعد التأكد من أن الحقل ملوث ببذور الكانولا المحوّرة وراثياً من حقل جيران.
وقد استخدم ذلك مزارعو العضوية وادعوا قضائياً على المزارع الجار، كرد فعلٍ (O’Brien 2011). وفي كندا، واجه المزارعون ومناهضو التكنولوجيا العضوية شركات التكنولوجيا الحيوية في المحكمة، كمدعين ومدّعى عليهم على حدٍ سواء.
ففي الحالتين المتعلقين بالكانولا المهندسة وراثياً، كانت الأحكام القضائية المتخذة بخصوص وضع الجينات الناشزة تدعم حقوق الملكية لشركات التكنولوجيا الحيوية، والحفاظ على الوضع الراهن في ما يخص تنظيم اللوائح الخاصة بإطلاق المحاصيل المهندسة وراثياً في البيئة.
علاوة على ذلك، ففي كلتي الحالتين أصبحت الإجراءات في غاية العلمائية، أي أن الأدلة العلمية والخبراء الشهود كانوا مركز القرارات القضائية الصادرة.
فالفحص الدقيق للإجراءات القانونية يشير إلى استنتاجين بشأن التعبئة للدفاع عن الزراعة غير المهندسة وراثياً. الأول، لم يكن مفاجئاً، وهو الحد الذي تمتلكه شركات التكنولوجيا الحيوية للوصول إلى خبراء ذوي وضع علمي عالٍ، ولهم ميزة إيجابية عالية في المحكمة، التي تفسّر بشكل ضيق جداً الأسئلة المطروحة حول التكنولوجيا الحيوية كمسألة تكنولوجية.
أما الثاني، على أية حال، فهو أن للقضاة هامش كبير للبت في كيفية صنع التشابه بين الجينات الناشزة والقوانين القائمة. فعلى الرغم من أن هذا لم يحدث بوضوح في هذه الحالات، إلا أنه ليس من الصعب تصوّر الموقف (أقرب إلى حالة فأرة هارفارد) حيث يحول قلق شريحة شعبية واسعة من المحاصيل المهندسة وراثياً طرق تفسير القضاة للقانون. ففي التقاضي الذي شمل الفلفا المهندسة وراثياً، على سبيل المثال، قضت المحكمة بأن قانون البيئة القائم لا بدّ من تطبيقه على المحاصيل الجديدة المثيرة للجدل، مطالبة بتوضيح أكبر تفصيلاً لبيان الأثر البيئي مما ينفّذ عادةً على المحاصيل المهندسة وراثياً في الولايات المتحدة الأميركية.
فقد استفادت من استخدام شرط كثيراً ما كان يغفل في قانون السياسة البيئية الوطنية لتقييم الآثار الاجتماعية والاقتصادية المحتملة.
درس آخر يتعيّن استخلاصه من هذه الحالات وهو أن الدعاوى القضائية المتعلّقة ببراءات الاختراع هي واحدة من الطرق المفاجئة التي اعتمدتها الحركات الاجتماعية لتعبئة المجتمع من أجل التغيير.
ومثل الدفاع في القضايا الجنائية الذي قد يشكل جزءاً من الحركات الاجتماعية التي تشمل العصيان المدني (Barkan 2006).
قد تولد الدعوى القضائية لانتهاك حقوق براءات الاختراع (تشمل الجينات، والبرمجيات، وأموراً خلافية أخرى تتعلق بالملكية الفكرية) فضاءً جديداً للاحتجاج، على الرغم من أنها قد تقلل من زخم الحركة الاجتماعية من خلال تجفيف الموارد ومضايقة المزارعين.
يمكن أن تكون العلوم والتكنولوجيا عرضة للتدقيق العام في قاعات المحكمة، إلا أن العلم قد لا يكون حليفاً لا يمكن الاعتماد عليه لهؤلاء الذين يبحثون عن طعن بالوضع الراهن. فهو صديق للحركة المناهضة للتكنولوجيا الحيوية إلى المدى الذي يحتاجه الناس لمعرفة التغيّرات التي تحدث في هذا العالم الطبيعي؛ وفي قاعة المحكمة من الممكن الطعن بالادعاءات التي يقدمها الخبراء في الجانب الآخر الذي يتعلّق بالسلامة والدقة والتحكّم في ما هو مهندس وراثياً. وبشكل أعم، إن تنافس الخبراء الشهود يكشف درجة من عدم اليقين وحيزاً من تفسيرات الأدلة العلمية، وقد تكشف الدعاوى القضائية مناقشات واسعة حول الآثار الاجتماعية المترتبة على التطورات التكنولوجية.
ومن جانب آخر، فإن الأحكام القانونية قد يتولد عنها إيقاف عملية قضائية قبل أوانها، ومن الصعب التنبؤ بكيفية تفسير المطالبات المتضاربة معرفياً لدى القاضي والمحلفين. فكما هو الحال في الدعوى القضائية الجماعية للمزارعين العضويين؛ على سبيل المثال، قد يختار القاضي تأجيل النظر في اللوائح العلمية الناظمة القائمة بدلاً من النظر في المعارف المتناقضة التي تنطوي عليها.
علاوة على ذلك، إن الإجراءات القانونية مكلفة وقد تحوّل الانتباه بعيداً عن الإجراءات الأخرى.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]