اكتشاف “هارفي” العظيم في مجال الدورة الدموية
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول
صبري الدمرداش
KFAS
مجال الدورة الدموية هارفي الطب
استكمال… الصورة
لقد كشف هارفي حقاً عن شيء عظيم. إن العوامل الرئيسة التي تؤدي إلى حدوث الدورة الدموية هي القلب الذي يقوم بدور المضخة واتنقال الدم من أحد جوانب القلب إلى الجانب الآخر عن طريق الرئتين، ثم مروره بعد ذلك خلال الشرايين لكل أجزاء الجسم، وعودته إلى القلب مرة أخرى عن طريق الأوردة.
كان هارفي على علم بمرور الدم في الرئتين عندما بدأ بحوثه، وهو ما كشف عنه ابن النفيس قبل ذلك بأربعة قرون، ولكن إضافته العظيمة تتمثل في أنه أوضح دورة الدم خلال الشرايين والأوردة وربط بين ذلك وبين مرور الدم في الرئتين، فوضع بذلك نظاماً متكاملاً لحركة الدم خلال الجسم.
غير أنه كانت هناك – بالقطع – حلقة مفقود: كيف ينتقل الدم من الشرايين إلى الأوردة في الأطراف لكي يعود إلى القلب؟.
ومرت ثلاث وثلاثون سنة وإذ بأحد العلماء (يعثر) على تلك الحلقة المفقودة. فقد كشف عالم التشريح الإيطالي مارسيللو مالبيجي عن وجود الشعيرات الدموية.
وهكذا استكملت الصورة التي وضعها هارفي… وهكذا نجد أن هذا الكشف العظيم لم يأت دفعة واحدة، وإنما مر بحلقات أو مراحل ثلاث ليست كلها لهارفي.
وإنما بدأه قبله بأربعة قرون ابن النفيس، وعمّقه هو وأصّله، ثم استكملت الصورة من بعده بثلث قرن على يد مالبيجي. هذا ويبين شكل رقم (101) وليم هارفي وبعض اكتشافاته في مجال الدورة الدموية.
قيمة الكشف وأهميته
من الواضح أن القيمة المباشرة لكشف هارفي وزميليه بالنسبة للطب والجراحة تفوق كل تقدير.
فهذا الكشف هو أساس كل الجهود التي تبذل لإصلاح الأوعية الدموية المريضة وأساس العمليات الجراحية في حالة أمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، وعملية (الطفل الأزرق) الشهيرة وغيرها.
غير أن الديِّن أغلى وأفدح بالنسبة لعلم الفسيولوجيا، ذلك أن فكرة الدورة الدموية هي أساس فهمنا الحالي للطريقة التي يضمن بها الجسم تثبيت بيئته الداخلية.
إن الدور الأساسي في الحركة الداخلية لجسم الإنسان يلعبه ذلك السائل العجيب الذي كشف هارفي دورته متمِّماً بذلك جهد من سبقه وممهداً لمن أتى بعده.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]