الأخاديد القمرية: تعريفها وكيفية تشكلها وأنواعها
2013 دليل مراقب القمر
بيتر غريغو
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
أصبح واضحاً للمراقبين الأوائل للقمر أن هناك الكثير والكثير بالنسبة للقمر أكثر من البحار والجبال والفوهات البركانية.
وجاء مع كل تقدم في علم البصريات الخاص بعدسات التليسكوب تحسن في قدرة التبيُّن (وهي قدرة تحويل الإحداثيات القطبية إلى إحداثيات ديكارتية)، مما يزيد من الوضوح بأن سطح القمر بالغ التعقيد
وبدأ المراقبون في القرن الثامن عشر، بأحدث تليسكوبات لديهم في ذلك الوقت، بالبحث عن فئة محيرة من الملامح القمرية، والأمثلة المعروفة منها كانت قليلة ومتباعدة بين – الوديان الضيقة، بعضها كان مستقيماً وبعضها الآخر منحنياً والبعض الآخر كان شكله جيبياً. قام عالم الفلك الألماني الهاوي يوهان شروتر بدراسة هذه الوديان بالتفصيل في أواخر القرن الثامن عشر، وهو الذي سماها أخاديد (Rille هي الكلمة الألمانية بمعنى أخدود)، وهي الكلمة التي لا تزال تستخدم بشكل واسع بين أوساط علماء جيولوجيا القمر والكواكب الأخرى.
توجد الأخاديد المستقيمة في التضاريس القمرية المنبسطة والجبلية على حد سواء. ويكون عرضها عادة أكثر من 5 كم ويمكن أن تمتد طولاً لمئات الكيلو مترات، تقطع البحار والنجود على حد سواء.
ويبدو أن أصلها عميق القاع، حيث وجدت عندما دفع الشد القشري إلى تشكل صدوع متوازية قريبة ودفع إلى انخفاض الأرض بين الصدعين. وعمل التصدع على تشويه أشكال أي فوهات بركانية أو جبال موجودة
مسبقاً في مساره. وتظهر الصور الفوتوغرافية الملتقطة من مدار القمر العديد من الأمثلة الرائعة من الأخاديد التي تشق طريقها بوضوح عبر جدران الفوهات البركانية، مسببة إزاحة عمودية للقشرة على امتداد طولها.
وأدت عملية جيولوجية مماثلة إلى تشكل منظومة الوادي المتصدع في شرق أفريقيا (طوله 6400 كم، وعرضه وسطياً 50 كم)، ورغم عدم وجود شيء على سطح القمر يقارن به منحيث اتساع النطاق، هناك الكثير من الأخاديد الواضحة الملامح التي يمكن أن يستكشفها مراقب القمر.
أفضل مثال لوادي قمري متصدع – رغم أنه واسع جداً بحيث لا يمكن تصنيفه كأخدود – هو وادي الألب (Alpine Valley)، وهو معلم فريد من نوعه تتوضع طبقاته بوضوح عبر 130 كم من جبال الألب. يكون عرض وادي الألب في بعض الأماكن 20 كم، وترتفع جدرانه المنحدرة وسطياً إلى حوالي 2000 متراً فوق قاع الوادي.
ويشق أخدود صغير طريقه ملتفاً على طول مركز قاع الوادي. ويبدو وادي الألب نظيفاً جداً ومرتباً كما لو أنه نًحت في قشرة القمر باستخدام إزميل شطف عملاق. أخبرني عالم فلك هاوي محترم أن تلك كانت هي الحل – حيث كان «إزميل الشطف العملاق» في السيناريو المشكوك فيه نوعاً ما هو نجم ارتطم بالقمر بزاوية مائلة بشكل لا يصدق!
وما حدث فعلاً أنه مباشرة بعد انفجار حوض بحر الأمطار بفعل ارتطام نجمي، بدأت القشرة المحيطة بالاستقرار واستجابتأجزاء القشرة لقوة الشد. فظهر صدعان متوازيان تماماً عبر سلسلة جبال الألب،
الحافة الرئيسة لحوض بحر الأمطار. وغاصت المنطقة المحاطة بالصدعين تحت مستوى القمم الجبلية. ويسمي علماء الجيولوجيا هذا النوع من الوديان أخدود خسفي (Graben كلمة أخدودخسفي بالألمانية)
. ومن ثم انطمر قاع وادي الألب اللاّبة التي تدفقت من البحار القمرية. وأخيراً ظهر أخدود أصغر على طول وسط قاع الوادي، نحتته عوامل التعرية لتدفقات اللاّبة من بحر الأمطار. وحدث التصدع مع بدء التضاريس في حوض بحر الأمطار وحوله بالاستقرار، وسببت قوى الشد والانضغاط تشوه القشرة القمرية.
هناك أمثلة عديدة أخرى للوديان المتصدعة التي تشق طريقها عبر الحدود الجبلية للبحار القمرية. وتقع أخاديد موبرتيوس شرق الفوهة البركانية موبرتيوس، وتُرى عبر وسائل أكبر في ظروف رؤية جيدة. وتوجد أخاديد عديدة، وهي أخاديد أفلاطون، وسط مناطق الألبشرق فوهة أفلاطون. تُرى أخاديد عديدة
داخل البحار نفسها، وتكون متحدة المركز معها بعيداً عن الشاطئ تماماً ويزهو بحر الأمطار بوجود أخاديد برادلي، وفرزينيل وهادلي قرب شاطئه الجنوبي الشرقي.
وتقع منظومة جميلة لثالوث من الأخاديد قرب وسط القمر. ويعتبر أخدود أرياديوس الأبسط من بينها، وهو أخدود صدعي بطول 220 كم يتجه من الشرق إلى الغرب ويشق طريقه بوضوح عبر الفوهات البركانية والهضاب. ويكون عرض الأخدود 5 كم في بعض الأماكن
وتدخل النهاية الغربية لأخدود أرياديوس في المنطقة القمرية المنبسطة ويتصل بأخدود قطري مع المقطع الشرقي لأخدود هايجينيوس. ويبلغ طول هذا المَعْلم القمري الفريد 220 كم ويتألف من سلسلة من الفوهات البركانية والحفر المتصلة، وهو ربما خط صدعي عميق
جدب النشاط البركاني وتَشكُل فوهة عنق البركان. وتقع إلى جنوب هايجينيوس أخاديد تريزنكر، وهي شبكة متداخلة من الصدوع الملتفة التي تشكل موضوعاً رائعاً للدراسة التليسكوبية قبل الربع الأول بقليل عندما تكون قريبة من خط الفصل القمري.
العديد من الأخاديد القمرية متحدة المركز مع حواف بعض البحار. كما هو الحال مع جدران (منحدرات) ألتاي، فوجودها ليس صدفة، لأن منشأها لابد أن تكون بفعل عوامل عميقة. وتتضمن الأمثلة المنظومة القائمة حول فوهة جوكلينيوس في بحر الخصوبة،
وأخاديد هبتايا في بحر الهدوء وأخاديد بلينيوس في بحر الصفاء.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]