الاستخدام الأمثل للبيئة في مجتمع السوق النابض بالحياة
2014 مجتمع السوق
سبايز بوتشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
العلوم الإنسانية والإجتماعية التكنولوجيا والعلوم التطبيقية
لا يسعى خبراء الاقتصاد بالضرورة إلى رفع المعنويات أو محاولة الحد من التلوث. بدلاً من ذلك، يحاولون تعزيز "الاستخدام الأمثل" (Optimal Use) للموارد. وتماشياً مع أساليب الاقتصاد الكلاسيكي الجديد، يستخدم الاقتصاديون البيئيون مفهوم شخصي للقيمة على أساس العرض والطلب في السوق. وبالتالي، لا يعتبرون بالضرورة جميع أنواع التلوث سيئةً، بل يحاولون تحقيق التوازن بين التكاليف (الإنتاج المُلوِّث) (Polluting Production) والفوائد (من زيادة الاستهلاك) (Increased Consumption) بناءً على رغبة الأشخاص أو القدرة على الدفع.
ويتم استخدام أشكال مختلفة من تحليل التكاليف والمنافع من أجل تحديد مستوى استخدام الموارد والتلوث الذي يُعتبر "الأمثل اقتصادياً" (Economically Optimal). ويُحسب هذا الاستخدام الأمثل استناداً إلى النقطة التي تتساوى فيها المنافع الاقتصادية الهامشية لنوعٍ معين من الإنتاج أو الاستهلاك مع التكلفة الاقتصادية الهامشية للتلوث واستنزاف الموارد اللازمة لهذا النشاط الاقتصادي المعيّن (Pearce 1976, p. 24). ومن منظور السياسات العامة، تهدف السياسات البيئية المرتكزة إلى الأسعار (مثل الضرائب لحماية البيئة) إلى تحقيق المعدل الأمثل لاستخدام الموارد عن طريق تغيير التكاليف الهامشية (سترد هذه الفكرة في مستهلّ النصّ).
وقد طُرح هذا النموذج من التفكير لتحديد الاستخدام الأمثل للوقود الأحفوري والموارد الأخرى المنتجة لغازات الدفيئة لمواجهة المشكلة البيئية العالمية للتغيّر المناخي. على سبيل المثال، استخدم وليام نوردهاوس (William Nordhaus) (1994) تحليل مبدأ التكاليف والفوائد ليُؤكّد أن انخفاضاً ضئيلاً جداً في انبعاثات غازات الدفيئة خلال القرن القادم يمثل الاستخدام الاقتصادي الأمثل للموارد في استجابة لظاهرة الاحتباس الحراري. ومع ذلك، هناك مشاكل متأصلة في العمليات الحسابية للاستخدام الأمثل.
والسبب الأول، يعود إلى أنّ هذه الحسابات تقوم على أساس التكاليف والمنافع في المستقبل، وأنّه يمكن تغيير الحسابات والتلاعب بها عبر استخدام "أسعار الخصم" (Discount Rate) باختلافها (حيث يُفترض على الأفراد تقييم الوقت الحاضر أكثر من المستقبلي). والسبب الثاني يعود إلى أنّ عدداً من الشكوك جعل العمليات الحسابية التي يُستند إليها لتحديد المستوى الأمثل غير دقيقة على الإطلاق. وتشمل هذه الشكوك احتمالات وتكاليف التلوث، واستخدام الموارد والظروف الاقتصادية المستقبلية المتضررة من آثار التغير المناخي. والسبب الثالث هو أنه ليس ممكناً تقييم العدالة التوزيعية أو تحديد القيمة الجوهرية للبيئة النظيفة، وكلاهما يشكلان اعتبارات أخلاقية هامة.
في الاقتصاد الكلاسيكي، تُستمدّ القيمة من سوق الصرف (الفصل الثاني). وقد يبدو أنّ ذلك يقيّد تطبيق هذه النظرية بسبب السلع التي يمكن تداولها في الأسواق، وهي السلع الأساسية المرفقة بحقوق الملكية. ومن الواضح أنّ الإجراءات البيئية لا تتفق مع هذه المعايير (حتى الآن). ومع ذلك، يوسّع الاقتصاديون منطق القيمة الاقتصادية ليشمل الطبيعة والموارد البيئية الأخرى التي لا يمكن "تطويقها" كالممتلكات الخاصة. وهم يتبعون طريقة تقييم الوحدات في عملية استهلاك "الأصول" البيئية مثل وجود البراري أو المساحات الطبيعية غير ملوثة.
غالباً ما تعالج هذه الأساليب، التي تستند إلى الدراسات الاستقصائية أو الاستبيانات، مسائل البيئة أو خدماتها "كما لو" (As If) أنها سلعة ما. وذلك بهدف جعل المستهلكين على "استعداد للدفع" كبديل عن القيمة (Edwards 1987, p.79). ويوفر ذلك أساساً ترشيد الأصول وفقاً للحقوق عندما لا يمكن تجزيء "الأصول" (مثل الهواء النظيف) إلى قطع فردية مثل الممتلكات. ويمكن أيضاً اعتماد الطريقة نفسها لتحديد مقدار التعويض المطلوب لتغطية الخسائر لمثل هذه البضاعة البيئية. ولكن، بما أنّ مثل هذه الأساليب تهدف إلى تحسين الاستهلاك عوضاً عن الحدّ من المشاكل البيئية، يبقى تأثيرها في الحفاظ على النظم البيئية محدود.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]