الاستراتيجيات والسياسات المساهمة في تطوير العلم والتقانة بالصين
1998 تقرير1996 عن العلم في العالم
KFAS
تطوير العلم والتقانة بالصين العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
كدولة نامية عملاقة، تحتاج الصين إلى التقدم في جوانب محددة من العلم والتقانة تتمثل بالآتي:
– تحتاج الصين إلى تطبيق العلوم والتقانات الحديثة (وبخاصةٍ في مجالِ تقانات المعلومات والميكنة) في تحويل صناعاتها التقليدية، كما تحتاج إلى تطبيق الأساليب العلمية الحديثة في الزراعة والتقانات الحيوية Biotechnology لتحديث نظامها الزراعي.
– تحتاج الصين إلى إعطاء أولوية لتطوير التقانات المتقدمة Hi- tech وتضع منتجاتها.
– على الصين أن تسعى إلى تحقيق إنجاز واضح في مجالاتٍ معينةٍ أساسية، من مثل الحد من التزايد السكاني وحماية البيئة واستخدام واستغلال الموارد الطبيعية بشكلٍ شمولي والمحافظة على الطاقة.
– تحتاج الصين إلى أن تتقدم بشكلٍ جذري في مجالات العلوم الأساسية والتطبيقية.
واستجابةً للأهداف الوطنية فيما يتعلق بالنمو الاجتماعي والاقتصادي، استهدفت الاستراتيجية الصينية في العلم والتقانة عام 1990 تحديث التقانات الصناعية ومؤسساتها لتصير هذه الصناعات بشكلٍ رئيسي موجهةً للإنتاج على مستوى كبير، كما استهدفت الاستراتيجية مراقبة البيئة وحمايتها بهدف تطوير التقانات المتقدمة وصناعاتها بشكلٍ انتقائي، ووضعت الاستراتيجية ضمن أهدافها أيضًا التعزيز المستمر للأبحاث الأساسية والسعي نحو تطوير التعليم ونشر وعي وطني حول العلم والتقانة.
إن الأبحاث الأساسية ذاتُ أهميةٍ قصوى للبناء الاقتصادي ولتوطيد أركان حضارة الأمة بشكلٍ عام، فالصين دولة شاسعة المساحة جدًا.
وليس من الممكن تقليص الفجوة بين الصين والدول الصناعية الرئيسية بالاعتماد فقط على استيراد التقانات من الخارج، بدلـًا من الارتقاء بالمستوى العلمي والحضاري (الثقافي) للأمة، ناهيك عن إمكانية الإبداع في مجالاتٍ محددة في ظل مثل هذا الوضع. وبذلك فإن من المهم أن تعتمد الصين على قدرتها الذاتية في الأبحاث الأساسية.
ونظرًا إلى أن الصين تقع ضمن الدول النامية فإن مدى الأبحاث الأساسية فيها يجب أن يقابل قدراتها الوطنية، كما أن اختيار حقول الأبحاث الأساسية والتركيز على التطور فيها يجب أن يتكاملا مبدئيًا مع متطلبات بناء الاقتصاد الوطني والنمو الاجتماعي. وما لم تؤخذ هذه الأمور بعين الاعتبار فإن استقرار الأبحاث الأساسية وتطورها لا يمكن ضمانهما.
وفي هذا المضمار فإن الصين مدعوة إلى تطوير أبحاثها الأساسية ضمن خطة متوسطة المدى وأخرى بعيدة المدى تهدف إلى إحداث تطورٍ نوعي واضح في مستوى قواها البشرية العاملة في حقل الأبحاث الأساسية، حتى تتمكن من بناء قاعدة صلبة للتطور الوطني مواكبة للتقدم العلمي عالميًا، ومن ثم تسعى إلى الإسهام بشكلٍ رئيسي في تطور المعارف الإنسانية في عددٍ مختارٍ من حقول البحث العلمي.
وفي الوقت ذاته يستدعي الامر أن تركز الصين بشكلٍ خاصٍ على الأبحاث التطبيقية وعلى التعزيز تدريجيًا لقدراتها العلمية، لمعالجة القضايا الرئيسية في اقتصادها الوطني ونموها الاجتماعي، وإضافة إلى أمنها الوطني.
وبالتالي فإن من الضروري أن يكون مجال الأبحاث الأساسية والتطبيقية متاحًا لجميع العلماء في الصين وفي الدول الأخرى في العالم؛ فمن المهم توفير حرية التنقل للباحثين وتوطيد علاقات التعاون بين الأكاديمية الصينية للعلوم Chinese Academy of Sciences والجامعات.
وتقوم الحكومة الصينية بدعم وتوجيه الأبحاث الأساسية من خلال تمويلها بوساطة مؤسساتِ العلوم الوطنية ومن خلال برنامج وطني خاص تحت عنوان مشروع الارتقاء (كلايمنكـ) Climbing Project، يهتم بدعم الأبحاث في عددٍ مهمٍ من المجالات ضمن برنامج باندنكـ Pandeng Programme.
إن التطور في التقانات المتقدمة والإنجاز فيها يعكسان بشكلٍ رئيسي القوة الوطنية في البلاد. وتحتاج الصين إلى التركيز على عددٍ محدودٍ من الأهداف والعمل بشكلٍ أساسي في بعض الحقول الرئيسية، وذلك بهدف بلوغ مستوى عالمي فيها، وبالتالي فإن من المهم توجيه الدعم انتقائيًا إلى المجالات والمشروعات التي تتميز بالإمكانيات الواسعة في التطبيقات العملية من ناحية وباحتمالات الوصول إلى فتوحاتٍ (اختراقاتٍ) علمية فيها.
وفي الوقت نفسه يجب أن تنصب الجهود نحو تطوير صناعات التقانات المتقدمة، وتشجيع قطاع التطوير في هذه الصناعات وتسريع عملية تحويلها إلى القطاع الخاص والتصنيع الدولي، وذلك من خلال تعزيز التعاون الدولي واستغلال السوق.
وتأخذ عددٌ من صناعات التقانات المتقدمة أولوية على غيرها من مثل الإلكترونيات المكروية (الصغَرية) microelectronics والحواسيب وبرمجياتها softwares, والاتصالات وشبكاتها، والتقانات الحيوية والميكنة.
كما أن من المهم توجيه النشاطات نحو دراسة أنواع جديدةٍ من النباتات والحيوانات المتنوعة، وتحول الموارد الطبيعية المتجددة (الصناعات التحويلية) واستخداماتها بشكلٍ شمولي، وذلك إضافة إلى الحاجة إلى بحث وتطوير المواد الصُنعية الجديدة من مثل المركبات والمواد اللابلورية amorphous والمواد فائقة التوصيل superconductors والمواد المولدة للفلطية الضوئية.
ولابد من التركيز المستمر على البحث وتطوير نُظم السواتل (الأقمار الصنعية) satellite، وتقانات آلات الاحتراق الداخلي المتطورة، وأنظمة الاستشعار عن بُعد والهجرات الخطرة، وبذلك يمكن للصين أن توسع قدراتها في مجال التعليم العالي وفي مجال مراقبة البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية. وتقوم الحكومة الصينية بتشجيع البحث والتطوير في هذه القطاعات من خلال البرنامج 863 وبرنامج تورتش (الشعلة) Torch Programme.
وبغض النظر عن مقدرة الصين على التحكم في معدلات الزيادة السكانية، فإن مما لا شك فيه أن مستوى الحياة للسكان قد ارتفع، كما أن الاستغلال العقلاني للموارد الطبيعية أخذ مجراه، إضافة إلى الاهتمام بحماية البيئة، وستكون هذه العوامل ذات آثارٍ مهمةٍ في مستقبل الصين.
وبناء على ذلك تولي الصين عناية كبيرة للعلوم والتقانات ذات الصلة بالنمو الاجتماعي، إذ قامت الحكومة بتعزيز البحث والتطوير في مجالات السكان والرعاية الطبية والخدمات الاجتماعية والبُنى التحتية العامة وحماية البيئة؛ إضافة إلى الاهتمام بتطور أنظمة لمراقبة الكوارث الطبيعية والوقاية من آثارها.
وعلى إثر مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية (UNCED) المنعقد عام 1992، شكلت الصين برنامجَ "جدول الصين 21" China's Agenda، كما قامت بتعزيز البحث والتطوير في مجالات البيئة والإيكولوجيا والموارد الطبيعية.
إن تحويل الصناعات التقليدية باستخدام التقانة الحديثة أمر في غاية الأهمية للنمو الاقتصادي في الصين، وفي الوقت ذاته فإنه واجب لا يمكن للمجتمع العلمي والتقاني التخلي عنه (نفض مسؤولياته عن كاهله). ولابد من أن يتوجه البحث والتطوير في القطاعات الصناعية نحو رفع مستوى جني المنافع الاقتصادية.
وفي هذا المضمار لابد من إدخال النُظم التقانية والإدارية الحديثة، وبخاصة في مجال الإلكترونيات وتقانة المعلومات، وذلك حتى يتسنى تحويل القطاعات الصناعية المختلفة، وتطوير دقة الآلات ونُظم تحكمها، وتوفير الطاقة وتقليص استهلاك المواد، وتحسين نوعية الإنتاج، إضافة إلى اختراع أنواعٍ جديدة من المواد، والارتقاء بمستوى الإنتاجية حتى يدخل المنتج الصيني سوق المنافسة الدولية؛ وبشكل مختصر فإن الحاجة ملحة إلى إمثَال optimize هيكل الصناعات ومنتجاتها.
أما الأبحاث في المجال الزراعي فيجب أن تُعزز ويُخطط لها بهدف تسريع عملية التطور الزراعي. وفي الوقت نفسه فإن من المهم تسريع عملية نشر التقانات الزراعية الحديثة وتوطينها وتحويل الصناعات الزراعية بما يتلاءم مع البُنية التحتية والعمالة المتوافرتين.
وفي هذا المجال أنشأت الحكومة الصينية برنامج الأهداف الرئيسية للعلم والتقانة Science & Technology Key Task Programme، وهو برنامج يستهدف توجيه جهود المجتمع العلمي والتقاني في البلاد قاطبة نحو الاهتمام بقضية النمو الاقتصادي، وذلك من خلال الجهود المشتركة للصناعات والجامعات ومعاهد البحث العلمي ومن خلال برنامج سبارك (الشرارة) Spark Programme.
وقد قامت الحكومة الصينية باتخاذ عددٍ من الإجراءات ووضع عددٍ من السياسات بهدف التطبيق الناجح لهذه الاستراتيجيات، ويشمل ذلك النقاط التالية:
– تطوير أساليب إدارة الموارد المالية لوحدات البحث والتطوير، وذلك من خلال الدعم الانتقائي لعددٍ من المجالات والبرامج.
– تطوير مستوى القوى البشرية بهدف إثراء وحدات البحث والتطوير بالقدرات التي تمكِنُها من أداء دور خلاق (مبدع).
– تطبيق أنظمة اقتصادية تهدف إلى تشجيع القطاعين الصناعي والزراعي على المساهمة في التطور العلمي والتقني، وذلك من خلال سياسات المنافع الضريبية والقروض والأسعار والمنافع المتناقضة.
– السعي نحو إيجاد بيئة علمية حرة وديمقراطية ومستقرة في البحث والتطوير والارتقاء عمليًا بالتبادل والتعاون الدوليين في مجال العلم والتقانة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]