الاكتشافات التي أدت إلى ظهور نظرية “تكتونية الصفائح”
2001 الزلازل
فريال ابو ربيع و الشيخة أمثال الصباح
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
نظرية تكتونية الصفائح الاكتشافات التي ادت الى ظهور نظرية تكتونية الصفائح علوم الأرض والجيولوجيا
كان للدراسات التي أجريت في مجال جيولوجيا المحيطات الأثر الكبير في بلورة وظهور نظرية تكتونية الصفائح في نهاية الستينات من القرن العشرين، وقد تعددت هذه الدراسات في مجالات متنوعة، وأدت نتائجها مجتمعة إلى التوصل إلى هذه النظرية.
ومن هذه الدراسات المسوحات التثاقلية لدراسة الشذوذ في قيم الجاذبية الأرضية الناتجة عن التغيرات في كثافة الصخور المكونة للقشرة، والمسوحات السزمية لدراسة تراكيب القشرة المحيطية والوشاح العلوي، والمسوحات المغناطيسية للصخور، وقياسات توزيع السريان الحراري(Heat Flow) وكذلك دراسة طبوغرافية قاع المحيطات.
ومنذ بداية القرن العشرين حتى نهاية الستينات منه أدت هذه الدراسات إلى التوصل إلى عدة اكتشافات علمية أثبتت صحة نظرية الانجراف القاري، كما مهدت لظهور نظرية تكتونية الصفائح
وفيما يلي عرض لأهم هذه الاكتشافات:-
1- حيود وسط المحيط(Midoceanic Ridges ) وتمدد وانتشار قاع المحيط (Sea Floor Spreading ) :-
تحدث هذه الظاهرة في المناطق وسط المحيطات، وتمثل المناطق التي تتباعد عندها أجزاء من الغلاف الصخري( Lithosphere )حيث ينفصل إلى صفيحتين.
وتمتلئ الثغرة الناتجة عن هذا التباعد بصخور منصهرة تنبعث من الغلاف الوهن(غلاف الانسيابِAsthenosphere ) الساخن.
وتبرد هذه المواد ببطء مكونة القشرة المحيطة في قاع المحيطات وتستمر عمليتا التباعد والامتلاء حتى تضيف غلافاً صخرياً جديداً ( Lithosphere) بين الصفائح المتباعدة.
وتشكل مناطق الامتلاء نطاقات مرتفعة عن قاع المحيط تسمى الحيود (Ridge) وترتفع هذه الحيود أو الحواجز حوالي ثلاثة كيلومترات عن قاع المحيط.
وعلى امتداد قمة هذه الحيود يوجد وادٍ عميق نسبيا) Rift ) وينتج من تباعد الحيد من منتصفه نتيجة قوى الشد الأفقية والعمودية على محور الحيد ، هذه التي تتسبب في حدوث الزلازل الضحله على طول محور الحيد.
وبطبيعة الحال فإن قيمة السريان الحراري (Heat Flow) تزداد بدرجة كبيرة عند قمة الحيد أو الحاجز.
وتتكون القشرة المحيطية من البازلت الذي يعلو صخور الجابرو والسربنتين ، وفوق طبقة البازلت تتكون طبقة من الرسوبيات المحيطية.
وبدراسة أعمار هذه الرسوبيات عن طريق محتواها من الحفريات وُجد أن أقدمها هو أبعدها عن حيد منتصف المحيط، وأن أحدثها هو أقربها منه.
وتسمى هذه الظاهرة تمدد وانتشار قاع المحيط (Sea Floor Spreading)، وهي التي أنتجت (على سبيل المثال) قاع المحيط الأطلنطى خلال المئتى مليون عام الماضية.
ويقدر متوسط معدل انتشار قاع المحيطات بحوالي خمسة سنتيمترات في السنة إلا أنة يتفاوت من مكان إلى آخربشكل واضح.
وعلى الرغم من أن الطبقات الصلبة الخارجية للأرض تتجدد باستمرار عند حيود منتصف المحيط فإن المساحة السطحية للأرض تظل ثابتة حيث إن هناك نطاقات يحدث فيها اندساس وابتلاع لأجزاء من الغلاف المتجدد.
2- صدوع النقل (Transform fault) :-
هي نوع خاص من صدوع تزيح المضرب (Strike-slip Faults)، وهي التي تقطع حيد وسط المحيط مسببة إزاحته (نقله) عن امتداده الصلي وتتكرر هذه الصدوع التحويلية على امتداد الحيد.
والشكل (1-2) يوضح أحد صدوع النقل الذي قطع الحيد ab إلى جزأين Áb , aA
وبتطبيق نظرية انتشار قاع المحيط فإن قاع المحيط سينتشر على جانبي الحيد في اتجاه الأسهم الموضحة في الشكل حيث تكون في اتجاهين متضادين في الجزء Á A .
أما خارج هذا الجزء فتتحرك القشرة المحيطية على جانبي صدع النقل في الاتجاه نفسه، وبذلك يكون الجزء النشط (الذي تحدث عليه الزلازل فقط) هو الجزء الواصل بين جزئي الحيد اللذين انتقلا، وهو يتميز بثبات طوله رغم استمرار الحركة عليه.
ويُطلق تعبير صدع النقل على الجزء النشط فقط وتكون الإزاحة الفعلية على صدع النقل عكس الإزاحة الظاهرية للحيد. كما يظهر في شكل (1-2).
ويمكن لصدوع النقل أن تحدث بين جزأين من حيد وسط المحيط أو بين حيد وغور محيطي أو بين غورين محيطيين.
3- انعكاس الاستقطاب المغناطيسي لصخور قاع المحيط:-
لا يمتلك الصهير البركاني المندفع من الغلاف الوهن على طول حيد وسط المحيط أي صفات مغناطيسية إلى أن يبرد وتقل درجة حرارته عن درجة الكيوري (Curie Point) فإنه يكتسب مغناطيسية في اتجاه المجال المغناطيسي الأرضي السائد في أثناء تصلبه.
وتظل هذه الصخور محتفظة بخواص مجالها المغناطيسي من حيث القيمة والاتجاه حتى لو تغير بعد ذلك المجال المغناطيسي الأرضي عبر تاريخ الأرض.
وبدراسة المغناطيسية القديمة المتحفرة في صخور قاع المحيط لوحظ أنها تشكل أشرطة (Magnetic stripes موازية لحيد وسط المحيط).
تتميز بانعكاس مغناطيسية بعضها بينما تكون مغناطيسية بعضها الآخر في نفس الاتجاه العادي (اتجاه المجال المغناطيسي الحالي للأرض) وتنتشر هذه الأشرطة بالتبادل على جانبي حيد وسط المحيط.
وتم تفسير هذه الشذوذات بأنه عندما يبرد الجزء الجديد من قاع المحيط الذي يتكون عند وسط الحيد فإنه يتمغنط في نفس اتجاه المجال المغناطيسي الأرضي السائد في وقت تكونه.
حيث يكون هذا المجال إما عادياً أو معكوساً ثم يخرج جزء جديد آخر من صخور قاعد المحيط في فترة زمنية تالية، ويتحرك الجزء الأقدم أفقياً في اتجاهين متضادين بعيدا عن الحيد وينتج شريطين مغناطيسيين متماثلين (في اتجاه المجال المغناطيسي) على ناحيتي الحيد.
وبانعكاس المجال المغناطيسي للأرض وقت تجمد جزء حديد من قاع المحيط يكون لهذا الجزء الجديد اتجاه معكوس.
وباستمرار الانتشار والتباعد الأفقي لقاع المحيط تتكون أشرطة مغناطيسية متبادلة مع بعضها البعض وتكون متماثلة على جانبي الحيد. ويتناسب عرض كل شريط مغناطيسي طرديا مع طول فترة الاستقطاب المغناطيسي (الفترة التي يأخذ فيها المجال المغناطيسي أحد الاتجاهين العادي أو المعكوس) ومع معدل انتشار قاع المحيط.
ومن هنا أمكن معرفة معدلات انتشار قاع المحيط في المواقع المختلفة.
والشكل (1-3) يوضح رسما تخطيطيا لانتشار قاع المحيط والأشرطة المتبادلة لانعكاس المجال المغناطيسي الأرضي.
4- الأغوار المحيطية (Oceanic Trenches):-
كانت بداية اكتشاف هذه الأغوار في أثناء إجراء المسوحات التثاقلية (Gravity Survey) حيث تم اكتشاف مناطق بها شذوذ سالب لقيمة مجال الجاذبية الأرضية يقدر بـ 200 ميللي جال وذلك غرب المحيط الهادي.
وتم تفسير هذه القيم المنخفضة للجاذبية الأرضية بسبب اتجاه الغلاف الصخري (Lithosphere) المحيطي للاندساس أسفل المناطق القارية.
وتوجد هذه الأغوار عند بعض أطراف المحيطات ويفصلها عن القارات مجموعات من الجزء تأخذ هيئة أقواس تسمى أقواس الجزر (Island Arcs) حيث تكثر الأنشطة الزلزالية والبركانية
وتتميز مناطق الأغوار المحيطية بانخفاض قيم السريان الحراري الأرضي بعكس مناطق حيود وسط المحيط.
5- اكتشاف نطاقات بينيوف (Benioff Zones):-
في عام 1954 قام عالم الزلازل بينيوف بدراسة توزيعات بؤر الزلازل من حيث أعماقها في بعض مناطق شواطىء المحيط الهادي، حيث وجد أن الزلازل تحدث في نطاق مائل يصل عرضه إلى 250 كيلومتر ويمتد إلى عمق ما بين 650 إلى 700 كيلومتر.
ولاحظ أن الزلازل الضحلة تحدث على طول الأغوار المحيطية ثم يزيد عمقها كلما اتجهنا إلى داخل الكتله القارية، وتتراوح زاوية ميل نطاق بينيوف من 22 إلى 60 درجة.
وقد تم تفسير نطاقات بينيوف بأنها تحدث نتيجة اندساس (Subduction) الغلاف الصخري المحيطي تحت القارات أو تحت جزء آخر من غلاف صلب محيطي آخر.
وأوضح مثال على ذلك هو الساحل الغربي لأمريكا الجنوبية حيث تغوص صفيحة المحيط الهادي تحت صفيحة أمريكا الجنوبية، ولهذا فإن أعماق بؤر الزلازل تتباين بشكل واضح حيث توجد الزلازل الضحلة قرب السواحل بينما تقع الزلازل المتوسطة والعميقة في عمق القارة.
والشكل (1-4) يوضح مخططاً مجسماً لحركة الصفائح التكتونية وموضحاً عليه حيد منتصف المحيط وصدوع النقل وأماكن الاندساس حيث يوجد نطاق بينيوف للزلزال.
6- تيارات الحمل الحرارية (Convection Currents):-
في عام 1928 قدم العالم البريطاني "أرثر هولمز" تفسيراً مقنعاً للقوى المحركة لانجراف القارات التي تسببها تيارات حمل صاعدة لأعلى، تحت الكتل القارية تؤدي إلى انفصالها إلى جزأين
ويتحرك كل منهما أفقياً بعيداً عن الآخر، وذلك بقوى تيارات الحمل التي تؤدي إلى هذا الانجراف، وفي مناطق الاندساس فإن حركة تيارات الحمل تنعكس فتهبط رأسياً إلى أسفل حامله معها الكتل المحيطية ذات الكثافة المرتفعة لتنصهر في الأعماق لتعطي مجما جديدة تصعد مرة أخرى لتكون جزءا جديدا من قاع المحيط.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]