علوم الأرض والجيولوجيا

البدائل: النوافذ المتحملة، ومعايير السلامة الدنيا، والنهج الوقائي والهدف °C 2

2014 الاقتصاد وتحدي ظاهرة الاحتباس الحراري

تشارلزس . بيرسون

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

معايير السلامة الدنيا النوافذ المتحملة النهج الوقائي والهدف °C 2 علوم الأرض والجيولوجيا

نصت المادة 15 من "إعلان ريو" (Rio Declaration) بشأن البيئة والتنمية على أنه : " من أجل حماية البيئة، يجب أن يطبق النهج الوقائي على نطاق واسع من قبل الدول وفقاً لإمكانياتها.

حيثما يكون هناك تهديدٌ بوقوع ضرر جسيم أو ضرر غير قابل للإصلاح، ولا يجوز استخدام حالة انعدم اليقين الكامل كسببٍ لتأجيل اتخاذ إجراءات "الكلفة–الفعالة" (Cost-Effective) للحيلولة دون حصول التدهور البيئي".

فكما لوحظ في وقت سابق، أن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيير المناخ قد تم توقيعها في مؤتمر ريو، وكان هدفها استقرار غازات الدفيئة [في الغلاف الجوي] عند مستويات معينة تمنع التدخلات المتسمة بالخطورة في النظام المناخي.

 

ونظراً لمحدودية تحليل الكلفة – العائد التي نوقشت سابقاً، فالتساؤل الآن هو، هل مبدأ النهج الوقائي يمكن أن يقدم نهجاً أفضل ومتفوقاً على سياسة الاحترار العالمي.

لقد بُذلت جهودٌ حثيثةٌ لترجمة النهج الوقائي إلى صيغ ذات دلائل سياسية خاصة (Petschel-Held et al.1999). والفرضية الأساسية لهذه الصيغ هي أن المتغيرات المناخية يجب أن تبقى ضمن الحدود الجيولوجية.

 

وهو ما يعني، أن معدل درجة الحرارة العالمية تكون أدنى من درجتها القصوى عند آخر فترة لعصرين جليديين والبالغة °C 16.1، (بالإضافة إلى الزيادة عبر الزمن بواقع °C 0.5) التي تمثل معدل التغير في درجة الحرارة، الذي يرتبط بدوره ارتباطاً وثيقاُ بالأضرار. 

ويحافظ على زيادة في درجة الحرارة  لا تتعدى °C 0.2  في العقد الزمني، والإبقاء على خفض المسببات الاجتماعية/ الاقتصادية لانبعاثات غازات الدفيئة وإبقائها عند مستويات معتدلة(22).

هذه المعوقات قد حددت مسارات كل من الانبعاثات المقبولة وغير المقبولة، وبالتالي ما كنا نعتبره آمناً ضمن المعايير الدنيا "النوافذ المتحملة" (Tolerable Windown)، لا يمكن اعتباره واحداً من مسارات الانبعاثات الكفوءة، ولا يمكنها بطبيعة الحال، البرهنة على أن العوائد قد تجاوزت التكاليف.

 

في حالة التغير المناخي، يتضمن النهج الوقائي الالتزام باستخدام بموارد كبيرة للتخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة الحالية، وللحد من احتمالية لاغير مؤكدة لحصول أضرار المستقبلية قاسية.

وهذا بحد ذاته، ليس بالضرورة أن يكون ضمن الصراع القائم حول استخدام التحليل التقليدي لـ الكلفة – العائد وعلى أساسه الفكري القائم عليه، أو مبنياً على نظرية الفائدة  المتوقعة.

فإذا استخدمنا معامل النفور من المخاطرة بصورة عالية جداً، أو عالية جداً جداً، فلم يتعذر علينا احتساب صافي القيمة الحالية، التي قد تنشئ صيغ متماثلة للنهج الوقائي القوي.

 

على أية حال، فإن هذا يلفت الانتباه لطبيعة الاختيار التعسفي الذي يعني ما هو في جوهر العامل الأخلاقي-  كم منا يرغب في المخاطرة برفاهية أجيال المستقبل(23).

وبإيجاز، فإن تحليل الكلفة– العائد الحديث هو بالفعل مطوية في ثنايا عناصر النهج الوقائي.

وإن الاستخدام الذكي للقيم المختارة، والنمذجة الواضحة للمناخ في الإنتاج ووظائف الفائدة  الراهنة، والفائدة  المتوقعة، ما هي إلا ثلاثة أمثلة على ذلك.

وإن مشكلة الاعتماد على  السياسة الوقائية النقدية تتلخص في أنها لا تخبرنا كم علينا أن ننفق، أو مدى السرعة المطلوبة [في التنفيذ].

وعليه، ستكون تلك السياسة الوقائية النقدية دليلاً غير منجز بجدية لغرض اعتباره مخطط [لرسم] سياسة [التغير المناخي].

 

هناك نقدٌ مماثل تناول هدفCo  2، معتمداً بقدرٍ كبير على التصريحات السياسية في السنوات الأخيرة (European Council of the European Union 1996; Commission of the European Communities 2005; Copenhagen Accord 2009; Cancun Agreement 2010)(24).

إلا أن هذا النقد بصورة أو أخرى هو جذابٌ بشكل سطحي. فمن خلال وضع هدف يسمح بزيادة درجة الحرارة، يبدو أنه يمكننا أن نستغني عن الفوضى، والأعمال التجارية التي تشمل على قياس الأضرار، ودقة المآزق الأخلاقية المحيطة باحتساب الخصم عبر الأجيال الحالية والمستقبلية، والثقل الاجتماعي لتلك الأضرار.

 

لقد تم تبسيط المشكلة وفق نهج تطبيقان الأقل –كلفة (Least-Cost Exercise)، وهي على الدوام أسهل من تحليل الكلفة – العائد الشامل. كما أن هدف Co  2 يبدو ميزة إضافية لها، لكونها بالاساس مبنية على قواعد علمية.

فعلى سبيل المثال، جاء في اتفاق كوبنهاغن: "… يجب علينا الاعتراف بوجهة النظر العلمية، التي ترى أن الزيادة في دراجات الحرارة عالمياً يجب أن تكون أقل من درجتين مئويتين… لتعزيز جهودنا التعاونية الطويلة الأمد لمكافحة تغيير المناخ" (التشديد على ذلك مضاف).

في واقع الأمر، إن كلاً من الأسس المبسطة والأسس العلمية بالنسبة لهدف Co 2 ما هو إلا مجرد وهم. إذ لا يمكن للمرء الهروب من الحاجة للنظر في تكاليف مثل تلك السياسة [المتعلقة بالتغير المناخي]، لوضع تلك التكاليف مقابل المنافع المتوقعة، وعلى رأسها تجنب المخاطر.

 

إن فكرة الهدف القائم على درجات الحرارة  مبنيٌّ على أساس علمي، وهي فكرة هشة أيضاً.

ولا يوجد توافق على ذلك. فعلى سبيل المثال، خَلُصَ كل من رامانثان (Ramanathan) وفنج (Feng) عام 2008م إلى أنه، عند عام 2005م، كانت الدول التي ينبعث منها بالفعل ما يكفي من غازات الدفيئة، قد عَرّضت العالم لارتفاع في درجات الحرارة بما معدله Co 2.4 مع مديات تتراوح ما بين Co 1.4 و Co 4.3.

في حين أن شيلنهوبر (Schellnhuber 2008) أفاد أن هناك  فرصةً عادلةً  (Fair Chance) للحفاظ على خط Co 2، إلا أنها تتطلب ثورة صناعية للاستدامة الحالية.

وبعبارة أخرى، نحن لا نعرف ما إذا كان ذلك هدفاً تكنولوجياً ذا جدوى. وبالفعل، لم يؤيد الفريق الحكومي الدولي المعني بتغيير المناخ (IPCC) هذا الهدف.

 

وعلى نطاق تحليل أكثر عمقاً، سيكون هذا الأمر دون مغزى عندما نضع هدفاً رقمياً لدرجات الحرارة من دون تحديد مستوى اليقين المطلوب.

إن أداة سياستنا تتمثل في السيطرة على الانبعاثات. وإن الخطوات المرتبطة بين مستويات الانبعاثات وارتفاع درجات الحرارة تتضمن شكوكاً علميةً جدية عميقةً تتعلق بدورة الكربون، والاستجابة لتركيزات المناخ.

ويترتب على ذلك عندئذٍ ترجمة الأهداف لمستويات الانبعاثات المطلوبة لتحقيق هدف درجة الحرارة المستهدفة، والرقم يشير إلى مقدار احتمالية تحقيق النجاح الذي بمقدورنا التعايش معه(25).

 

لنضع الأمر بوضع مختلف إلى حدٍ ما، [هدف] الـ Co 2 يستحضر صورة مضللة، يتجه فيها المنحني المتعلق بدرجات الحرارة إلى الأضرار ليأخذ شكل مِضرب الهوكي مع ثنية حادة عند Co 2.

وهي صورة جذابة تشير إلى أن ظاهرة الاحتباس الحراري هي ظاهرة حميدة وليست بالسيئة، لتنقلب النقطة [عند  Co2] لتليها عواقب وخيمة.

ولا شك أن هناك نقطة انقلاب ترجيحية، إلا أنها ما تزال مجهولة إلى حدٍ كبير. فلا العلم ولا الاقتصاد يمكنهما أن يوفرا دعماً كبيراً لهذا النهج في تحديد الأهداف. ولعل كل هذا ذا صفة قاسية بشكل مبالغ فيه.

وقد يكون من المفيد في السياق السياسي، اختيار رقم ملائم مقرب واعتباره نقطة محورية لحشد الدعم المطلوب لاتخاذ إجراءات قوية. فقد لا تؤخذ الدرجتين المئويتين على محمل الجد، لركودها القليل جداً. ويستوجب علينا أن نتذكر العيوب الخطرة في النهج البديل، التي هي كلفة الفائدة.

 

الخلاصة:

قد ينجو تحليل الكلفة– العائد من هذا الادعاء الذي يصفه بالضعف، ولكن بصعوبة. وتشمل نقاط ضعف تحليل الكلفة – العائد، الاستخدامات الملتبسة لاختبارات التعويض الافتراضية لـ كالدور-هيكس في السياق الدولي وعبر الأجيال الراهنة والمستقبلية.

ويزيد من احتمالية حصول الخطأ في هذا النهج، هو احتوائه على سلسلة طويلة من الافتراضات العلمية والاقتصادية وعدم كفاية أدواته التقليدية لاستيعاب حالة عدم اليقين العميقة، واحتمالية حدوث الكارثة، والقدرة على التعامل مع الحدود الدنيا، ونقاط التحول، وإعادة الوضع لطبيعتيه الأصلية، وإهمال اهتمامات الاستدامة. وعلى وجه الخصوص، إمكانية حدوث الكارثة تميل إلى النقاش بعيداً عن التحليل التقليدي لـ الكلفة – العائد، باتجاه النظر في السياسة من خلال عدسة التأمينات الاجتماعية.

الفصل التالي سيكون حول وزن الخصم، والوزن الاجتماعي، اللذين سيضافان لهذه القائمة بواسطة توثيق صراعات تحليلات الكلفة – العائد مع تلبية تطلعات تحقيق المساواة عبر الأجيال وضمن الأجيال. وعلى الرغم من ذلك، فإن تحليل الكلفة–العائد والهيكلية التي تستقر عليها نظرية الفائدة  المتوقعة هي إطارٌ متماسك لتقييم سياسة [تغيير المناخ].

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى