التأثيرات الايجابية والسلبية لإنشطة إزالة الحصبة
2013 استئصال الأمراض في القرن الواحد والعشرين
والتر ر.دودل ستيفن ل.كوشي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
أكدت الدراسات السابقة على استئصال شلل الأطفال على احتمال حدوث التأثيرات السلبية على النظم الصحية بسبب اختلاف المصادر عن خدمات المناعة الروتينية والبرامج الصحية الأخرى، خاصة المالية منها والبشرية (Aylward and Linkins 2005; Loevinsohn et al. 2002).
وتبين دراستنا أنه لايوجد دليل على تأثير مالي مباشر من أنشطة إزالة الحصبة المتسارعة على المستوى الوطني. ويحتمل أن يكون ذلك ناجماً عن الدعم المالي الكبير الذي يقدمه المشاركون الخارجيون في معظم البلدان حتى أنه إستشهد بنجاح النشاط المناعي المتمم للحصبة كدليل على صدقية برنامج المناعة الموسع في قدرته على المزيد من الدعم.
وعلى كل حال، فقد أشارت عدة بلدان إلى أن تخصيص التمويل لـ النشاط المناعي المتمم من قبل المتبرعين هو أمر صارم ومتشدد ولا يقود في المدى البعيد إلى تقوية خدمات الوقاية الروتينية. والمشكلة الأخرى التي أعلم عنها في البلدان التي اخترناها للدراسة كانت الإبطاء في صرف الميزانية. ففي فيتنام حدث بعض التوتر في تمويل أكلاف العمليات التي لم يجر توفير المال لها من قبل المستوى المركزي.
التأثيرات السلبية المحتملة على عبء العمل وتوقف الخدمات تأكد في هذه الدراسة من ناحيتين هما المقابلات مع المخبريين الأساسيين والمراجعات مع الموظفين العاملين في الميدان.
وأحد العوامل التي ساهمت في توقف أطول لـ أنشطة إزالة الحصبة المتسارعة يعزى للحاجة إلى تعبئة موظفي تلقيح مؤهلين لإعطاء لقاح الحصبة؛ وهذا ليس مطلوباً في حملات مكافحة شلل الأطفال.
كما أعلم بأن الإبطاء وتوقف الخدمات الصحية كانت تتباين بين مكان وآخر. فبالرغم من أن مدة التعطل كانت قصيرة بسبب كون تنفيذ النشاط المناعي المتمم لا يستغرق مدة طويلة، فقد قيل بأن عدد مرات النشاط المناعي المتمم التي تغطي جميع المستضّدات كان يشكل إجهاداً لكل من التخطيط وتوصيل الخدمات، خاصة في البلدان ذات المصادر الفقيرة.
وكمثيلاتها من الدراسات الأولى حول استئصال شلل الأطفال، فإن معظم التوقفات والأعطال كان يمكن تجنبها من خلال التخطيط الأفضل (Aylward and Linkins 2005).
لقد وجد عدد من التأثيرات الإيجابية على الخدمات الوقائية في دراستنا للبلدان. وكثير منها نجم عن جعل أنشطة مكافحة الحصبة تنضم إلى منظومة البرنامج الموسع للمناعة. فتحسنت مهارات موظفي الصحة (على سبيل المثل، تدريبهم على الخدمات الوقائية وتدريبهم على إدارة البرامج) وتوفرت تجهيزات ونظم إعلامية أفضل (للمراقبة، والإشراف، والتقييم)، مما أفاد البرنامج الإجمالي لـ البرنامج الموسع للمناعة.
وبزيادة التنسيق مع القطاعات الأخرى، توسعت الشبكات، وبذلك ازداد التعاون في المستقبل حول النشاط المناعي المتمم والحملات الجماعية حول البرامج الصحية الأخرى للمكافحة.
حدثت تأثيرات إيجابية إضافية تجاوزت الوقاية، عندما أضيفت تدخلات عناية صحية أخرى إلى الأنشطة المناعية المتممة الحصبة أو الخدمات القصوى وحيث كانت منظومة التوصيل القائمة ضعيفة. وقد اعتبرت البرامج المناعية كوسيلة طبيعية للتدخلات الصحية العامة وساهمت في زيادة التغطية للتدخلات المشتركة، وزيادة فعالية توصيل الخدمات، ورسخت المساواة بين التدخلات المتعددة عند السكان الذين يصعب الوصول إليهم (WHO Regional Office for Africa 2010).
ولقد قيل أن عوامل النجاح الأساسية لانضمام التدخلات في النشاط المناعي المتمم هي تلاؤم البرنامج ووجود برنامج المناعة الموسّع جيد (WHO Regional Office for Africa 2010).
كما نلاحظ في دراستنا أن التدخلات المنضمة تستخدم مبدئياً في البلدان التي تكون فيها النظم الصحية ضعيفة نسبياً.
ففي الكاميرون، كما في البلدان الأخرى، أعلن أن التغطية التي تمت بالنسبة للتدخلات الإضافية كانت كبيرة ( 87 % من معدل التغطية التي تمت في إزالة الديدان في النشاط المناعي المتمم الحصبة عام 2009)؛ وعلى كل حال، وردت تقارير تفيد بأن عدداً كبيراً من التدخلات الإضافية كان يصعب تخطيطه وتوصيله. وقلما أجري تقييم لكل من عدد وفعالية التدخلات المنضمة في النشاط المناعي المتمم.
بالرغم من مشاهداتنا المختلطة بشأن التأثيرات الإيجابية في أغلبها على كثير من المهمات، خاصة الخدمات الوقائية، إلا أن آثارها لم تكن ظاهرة بالتساوي في جميع البلدان الستة. فكانت البلدان ذات المصادر المالية الدنيا والنظم الأضعف التي تحتويها تتجه إلى تحمل التأثيرات الأسوأ وأكلاف الفرصة المتاحة من أنشطة إزالة الحصبة المتسارعة.
وفي هذه البلدان قد تحدث عدة حملات مكافحة للأمراض كل سنة بسبب القدرة المحدودة لمنظومة التوصيل الروتينية، مما يشكل عبئاً إضافياً على موظفي العناية الصحية، خاصة عندما لا يجري تنسيق هذه التدخلات وتخطيطها جيداً. كما أن استدامة تأمين الخدمة الفعالة تكون أيضاً مهددة عندما لا تتضافر تداخلات البرنامج بشكل فعال مع الاتجاه الرئيسي للمنظومة الصحية الوطنية.
فتخصيص الأموال وفصل اللوجستيات أو منظومة الإعلام لا يؤديان إلى تقوية الخدمات الوقائية الروتينية والمنظومة الصحية على المدى البعيد. وعلى العكس، عندما يكون مستوى الانضمام بين أنشطة إزالة الحصبة المتسارعة والخدمات الوقائية الروتينية والمنظومات الصحية أكبر، فإن الفوائد تكون أكثر، كما يحدث في أنشطة مراقبة الأمراض وتوصيل الخدمات الصحية.
إن تجنب التاثيرات السلبية لوحدها ليس بالأمر الصحيح. ومع أنه لا ينتظر من مبادرات الاستئصال أن تحل جميع مشاكل المنظومة الصحية، فإنه يقال بأن الفرص المتاحة لتقوية الخدمات الوقائية الروتينية وتطوير المنظومة الصحية يجب السعي حثيثاً إلى إيجادها واتخاذ الخطوات نحوها (1998 Salisbury).
ويجب على استراتيجية استئصال الحصبة أن تساعد في التصدي للأسباب الجذرية في المنظومة الصحية التي ستستجلب المنافع إلى عدة أولويات في آن واحد، وبذلك تفعّل الفرصة لنجاح برامجها (Travis et al. 2004). وفي هذه الدراسة لم تظهر أنشطة إزالة الحصبة المتسارعة في أي من بلدان الدراسة على أن لها أهداف واضحة في زيادة قدرة المنظومة الصحية أكثر من تحسين خدمات البرنامج الموسع للمناعة ومراقبة الأمراض.
إن التوصيات بوضع أعمال تقوية المنظومة الصحية في أنشطة السيطرة على الأمراض ضمن جهود الإزالة والاستئصال ليست جديدة (Taylor and Waldman 1998). فقد أوصى ميلغارد (Melgaard et al. 1999) بأن تعطى الأولوية لتقوية النظم الصحية القائمة على النظم الجديدة، كما يجب أن تتوسع تمويلات المتبرعين لتشمل استثمارات أخرى في المنظومة الصحية.
وفي الوقت الذي تعترف منظمة الصحة العالمية بالتوترات بين مفاهيم الاستئصال واستدامة التطوير الصحي، فإن مجموعة العاملين في استئصال / إزالة الأمراض والتطوير الصحي المستدام قدمت التوصيات التالية (Salisbury 1998:78):
يجب تحديد منفعة الاستئصال للتطوير الصحي منذ البداية… [ و ] يجب أن توضع الأهداف الممكن قياسها لانجاز هذه المنافع. ويجب أن يعتبر برنامج الاستئصال مسؤولاً عن تأمين هذه الأهداف الأوسع.
التحدي هو في كيفية ضمان ترجمة هذه التوصيات إلى تدخلات فعلية يمكن تمويلها بالكامل وتشميلها في خطط استئصال الأمراض مع تنفيذها والمراقبة الفعلية لمضاعفاتها. ويمكن ملائمة مجموعة الأدوات المطورة لهذه الدراسة (Griffths et al. 2010) لتقدير تقييم مضاعفاتها على المستوى الوطني للبلد.
لهذه الدراسة عدة قيود ونقاط ضعف. فتقدير تأثيرات أنشطة إزالة الحصبة المتنسارعةمن الناحية النظرية لا يمكن أن يتم مباشرة؛ لأن فصل تاثيرات برنامج لقاح الحصبة عن الجهود الأخرى القائمة في المناعة يعتبر صعباً لأنه، في جميع البلدان الستة تتضافر أنشطة إزالة الحصبة المتسارعة بدرجات مختلفة مع الخدمات الوقائية القائمة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن المنظومة الصحية ليست ساكنة؛ والتغيرات المستمرة والإصلاحات تعقد من تقدير التأثيرات. ومع ذلك، فقد بذلت الجهود في جميع نواحي الدراسة للتفريق بين تأثيرات أنشطة إزالة الحصبة المتسارعة والأنشطة المستديمة الأخرى.
لا يمكن تعميم هذه المكتشفات على عدد واسع من البلدان، وقد يكون هناك تحيز ضمني من خلال انتقاء المخبرين. على كل حال، فإن تصميم دراسة الحالات، كل لوحدها، سعى إلى تطبيق عدة أساليب تكميلية، وبذلت الجهود لتحسين موثوقية المكتشفات بتثليث مصادر المعلومات ووضعها في نطاق المعلومات الصحية المكتوبة.
استنتاج
تبين هذه الدراسة البحثية في ستة بلدان أن تأثيرات أنشطة إزالة الحصبة على الخدمات المناعية والنظم الصحية مختلطة النتائج. ولها تأثيرات إيجابية وسلبية على معظم مهام النظم الصحية والمناعة. كما اختلفت النتائج باختلاف قدرات النظم الوطنية ونطاقها والطريقة التي نفذت بها أنشطة إزالة الحصبة المتسارعة.
وتضمنت التأثيرات السلبية إدراك ابتعاد الأولويات عن التدخلات الصحية الضرورية الأخرى، التي يغلب عليها وضوحها وكونها ملموسة في البلدان ذات المصادر المالية الضعيفة والتي تعتمد في الغالب على النشاط المناعي المتمم والمقاربة العمودية في إزالة الحصبة. وتتضمن التأثيرات الايجابية من أنشطة تحسين توصيل لقاح الحصبة (أ) تدريب الموظفين الذي يؤدي إلى تحسين التخطيط والمراقبة ومهارات التقييم، (ب) تجهيزات التشخيص المخبري وسلسلة التبريد الإضافية و (ج) نظم إدارة وإعلام أفضل، التي تفيد أنشطة البرنامج الموسّع للمناعة أخرى، وخدمات عناية صحية أولية.
وبالموازنة، فقد اعترف بالتأثيرات الايجابية على الخدمات الوقائية في البلدان الستة، خاصة في بنغلادش، والبرازيل، وطاجكستان، وفيتنام؛ وأعلم عن تأثيرات سلبية أخرى في الكاميرون وأثيوبيا. ومع ذلك، فلم يظهر في أي من البلدان الستة أن كان لأنشطة استئصال الحصبة أية أهداف صريحة للمساعدة على إزالة الضائقات وزيادة قدرة النظم.
إقرار واعتراف
منح قسم المناعة واللقاحات والبيولوجيات في منظمة الصحة العالمية إكمال هذه الأطروحة إلى LSHTM. ونشكر كافة المخبرين الأساسيين والمستجيبين لإجراء المراجعات في البلدان الستة على مساهماتهم في هذه الدراسة البحثية. ونحن شاكرون لنيكولا لورد (Nicola Lord) على مساعدتها في الإدارة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]