التخزين الاحتياطي [الإسنادي] والفائض الاحترازي
2014 أبجدية مهندس
هنري بيتروسكي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
التخزين الاحتياطي [الإسنادي] والفائض الاحترازي (Backup And Redundancy). ينحو المهندسون لأن يكونوا أشخاصاً محافظين [في حساباتهم]، وعلى هذا فهم يفضّلون وجود فائضٍ قليل في الأنظمة التي يصمّمونها. ويظهر هذا التوجّه الاحترازي جليّاً بأشكال مختلفة.
قبل وجود عروض الباويربوينت [الحاسوبية] (PowerPoint)، كان المحاضرون في المؤتمرات يقلقون فيما إذا كانت أجهزة عرض الشرائح قياس 35 مم ستعمل بلا منغّصات. ويزيد في هذا القلق حوادث اختناق أجهزة العرض، أو احتراق لمبة الجهاز، أو ترتيب الشرائح على نحو غير ملائم، للأعلى بدلاً من للأسفل أو معكوسة أو بلا ترتيب. ولتحاشي مثل هذه المنغّصات كان المحاضرون يتنقّلون مع حامل الشرائح المعدّة والمجرّبة مسبقاً، والبعض الآخر كل يتنقّل مع شفافيات احتياطية لعرضها باستخدام جهاز إسقاط رأسي ونسخة مطبوعة من هذه الشفافيات. وهذا النهج الاحترازي بقيَ سائداً حتى مع أول أجيال الباويربوينت حيث كان التواصل بين جهاز العرض والكومبيوتر يعاني أحياناً من بعض المصاعب.
مما شجّع على هذا السلوك القصصُ المزعجة مثل تلك التي يرويها أحد أصدقائي مراراً عن منحه ذات مرة فرصة عرض محاضرة أثناء انقطاع التيار الكهربائي. وكان فخوراً بردّة فعله. حيث قام بتمرير شرائحه الواحدة بعد الأخرى في القاعة بحيث يمكن للحاضرين الانتقال بها إلى النافذة ورؤيتها تحت ضوء الشمس. وأن تكون صغيرة هو أفضل من لا شيء. فقد كانت لي تجربة مماثلة تطلّبت مقاربة مختلفة. فقد طُلب مني أن أكون متحدّثاً رئيساً في إحدى اللقاءات. بدأ كل شيء على نحو طبيعي. كان عرضي المحضّر باستخدام الباويربوينت حول النجاح والإخفاق في التصميم وذلك بالاعتماد الكبير على صور الجسور المُسقطة على الشاشة، والتي عملت بشكل ممتاز خلال الدقائق العشر الأولى من الحديث. فجأة حدثت همهمة شؤم وانقطعت الإضاءة في القاعة وتوقّف جهاز العرض والميكروفون عن العمل، ولم يكن من خيار لدي سوى أن أرفع صوتي وأن أستمرّ في العتمة شارحاً الشرائح التي كان سيراها الجميع. بادر أحد الحضور بفتح الأبواب الجانبية المؤدية إلى بهو الاستقبال التي كانت توفّر بعض الضوء الطبيعي القادم من نوافذ المدخل، وهذا أضاء المنصّة حيث أقف ومنح الحضور إمكانية التحديق في شيء ما.
بعد خمس دقائق تقريباً عاد جهاز الإسقاط للعمل فجأة بمثل ما انطفأ، ومررت بسرعة على الشرائح التي وصفتها بالكلمات لأتابع بعدها محاضرتي، إلى أن توقّف جهاز العرض ثانية لحوالي دقيقتين ليعاود العمل بعدها. وعلمنا لاحقاً أن عمّال البلدية قطعوا من غير قصد بعضَ خطوط الكهرباء المدفونة في الأرض خارج الفندق. وعودة الكهرباء إلى جهاز الإسقاط كانت بفضل بداهة منظّم اللقاء الذي جلب شاحنته إلى قرب الرصيف ومدّد سلسلة من ثلاثة كابلات – وجدها في بهو الاستقبال – بين مبدلة التيار المستمر من شاحنته إلى تيار متناوب إلى جهاز الإسقاط، والانقطاع الثاني كان بسبب تعثّر أحدهم بالكابلات.
في النهاية قمت بالمرور عبر عرض الباويربوينت المتقطّع، وبدا أنه قُبل على نحو معقول، ويعود ذلك بلا شكّ للاستجابة والتفكير السريعين للمهندس المُنظّم للقاء ولإصراري الشديد على إتمام الحديث. وبعد ذلك كان هناك الكثير من النكات الطبيعية والتهنئات المرحة. وعاد التيار الكهربائي إلى الفندق بفضل المولد الاحتياطي، وذهب الناس كلٌّ في اتجاهه إلى اجتماعات الهيئات والعشاء وانشغالات شتى. أما أنا وزوجتي فقد عدنا إلى غرفتنا حيث تركت حاسوبي الذي جلبته معي ضماناً إضافة إلى ذاكرة الجيب (Stick Memory) التي خزّنت فيها محاضرتي.
من سوء الطالع أن الفندق لم يكن لديه قدر كافٍ من الفائض الاحترازي. فلم تكن مولّداته قادرة على توفير الإضاءة وتشغيل المصاعد في نفس الوقت. ووجدنا أنفسنا مضطرين لنزول دستة من درجات سلالم احتياطية باستخدام طاقتنا، الضرورية والمرحّب بها دائماً، إنها سلالم الإطفاء، لحضور العشاء بلا تأخير (From “Speaking of Failure,” ASEE Prism, January 2011, p. 25) .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]