العلوم الإنسانية والإجتماعية

التنظيم ونزع التسليع في مجتمع السوق النابع بالحياة

2014 مجتمع السوق

سبايز بوتشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

العلوم الإنسانية والإجتماعية التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

قبل الارتفاع الأخير للصكوك القائمة على السوق، استندت استجابات السياسات إزاء الضرر البيئي إلى الأشكال المباشرة للتدخل الحكومي مثل الحد من وصول الأسواق إلى البيئة من خلال الحظر المباشر على الاستخدام. وشكّل إنشاء المتنزهات الوطنية أو حظر قتل الأنواع المهددة بالانقراض أمثلةً على ذلك. وقد استخدمت تدابير أخرى للتأثير على الإنتاج ( Driesen1998). وتشمل هذه القواعد تحديد الحجم الأدنى والحدود القصوى للصيد، أو الاتفاقات الدولية التي تحظر استخدام مركبات الهيدروفليوروكاربون المستنفدة لطبقة الأوزون.

وعكست هذه السياسات الاستجابات المباشرة للمشاكل البيئية. وتقف وراء ذلك الدوافع الأخلاقية للحجج البيئية والشكوك حول فعالية الحلول القائمة على السوق لتحقيق الاستدامة داخل الحركة البيئية. في الآونة الأخيرة، ركزت النقاشات على المشاكل المعقدة للتغير المناخي، مما ولّد اقتراحات بديلة تسعى إلى إعادة بناء النظام الاقتصادي بطريقةٍ أكثر شمولية. وقد برزت فكرتان في هذا الإطار، على شكل مقترحات "لصفقة جديدة للمحافظة على البيئة" (Green New Deal) و"الوضع الثابت" (Steady State) للنموذج الاقتصادي، وكلتاهما تتطلبان تدخلاً أوسع من الدولة لتغيير الديناميكيات الاقتصادية.

وتعكس "الصفقة الجديدة لحماية البيئة" ( Barbier2010) تأثير الفكر الكينزي. وشكّلت مرجعاً لسياسات "الصفقة الجديدة" في إدارة الرئيس روزفلت في الولايات المتحدة الأميركية خلال فترة الكساد الاقتصادي في الثلاثينات. وفي تلك الحقبة، تولت الحكومة دوراً ريادياً في توفير البنية التحتية والخدمات وإيواء المواطنين. وفي "الصفقة الجديدة لحماية البيئة"، من المفترض أن تؤدي الدولة دوراً فعالاً في تحفيز الصناعات الجديدة الصديقة للبيئة، مثل تكنولوجيا الطاقة البديلة. فمن شأنها تسهيل فرص العمل والمساواة في الحصول على الموارد البيئية، وتأمين "انتقال عادل" إلى اقتصادٍ مستدامٍ بيئياً.

وتعكس هذه المقترحات اهتمام كينز في"الاستثمار بالتنشئة الاجتماعية" (Socialising Investment). وهذا يسمح للأسواق بأن تُخصّص الصادرات من السلع المصنعة بين المستهلكين إلا أنها تُعطي دوراً أهمّ بكثير للدولة في اتخاذ القرارات الاستثمارية. ويُفيد كينز بأنه غالباً ما ينتج عن الأسواق الخاصة حالة من الركود بسبب نقص الاستثمار في مواجهة انخفاض الطلب. وبالمثل، يؤكّد بعض خبراء البيئة بأنّ الأسواق، حتى عندما يتم ضبط أسعارها، تفشل في توفير رأس المال الكافي لصناعةٍ مستدامة بيئياً، مقدّمةً حجة ثانية على السيطرة الاجتماعية على الاستثمار.

وأخيراً، يُفيد عدد ملحوظ من الاقتصاديين بأنّ نموذج النمو للاقتصاد بحدّ ذاته يحتاج إلى تغيير. وبالتالي يدعم هيرمان دالي (Herman Daly) (1996, p. 31) "الحالة الاقتصادية المستقرة" (Stead State Economy) القائمة على إعادة استخدام مدخلات الإنتاج. ويعتقد خبراء الاقتصاد الذين يدعمون مفهوم الحالة المستقرة أن "الاقتصاد يمكن أن يتطور" من خلال الابتكار وتقنيات إنتاج جديدة، "ولكن لا يمكنه أن يحقّق نمواً" من حيث استخدامه للطاقة والمادة (Daly 1996, p.31). وانصبّ التركيز على نوعية النمو بدلاً من كميته. وفي الآونة الأخيرة، حدّد تيم جاكسون (Tim  Jackson) (2009) كيف يمكن تطبيق هذه النظرية على أرض الواقع، وأدرج أفكاراً من "الصفقة الجديدة لحماية البيئة" في الكتاب (Prosperity Without Growth) .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى