السلام عليكم .. في الحلقتين الماضتين ابتدأنا رحلة بحث في كواكب المجموعة الشمسية .. ولكن لم تكن رحلة اعتيادية .. فقد كانت بين سطور التاريخ لمعرفة اهم المعلومات الخفية وراء اكتشاف كوكب اورانوس و السعي الحثيث لاكتشاف كوكب ثامن في المجموعة الشمسية .. مما أدى الى تشكيل مجموعة من علماء الفلك اطلق عليها شرطة السماء والتي استعملت مهاراتها الرصدية و الرياضيات العبقرية التي ألفها في حينها الرياضي الشهير فريدريك قاوس لنفس الغرض.. ليكشفوا عن وجود حزام للكويكبات يدور في مدار خاص بين كوكبي المريخ و المشتري .. و في حلقة اليوم سنتعلم الكثير من المعلومات بالتنقل ما بين المعلومات الفلكية و بين تاريخ العلوم بين الأمم .. و قبل ذلك انوه بان هذه الحلقة من البودكاست تتآيكم برعاية من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي .. مؤسسة الكويت لديها العديد من البرامج و الكتب العلمية الشيقة و المناسبة لجميع الاعمار و جميع التخصصات .. تابعوهم و اختاروا ما يناسبكم.. اما الان فنرجع بالزمن و نسير بجانب العلماء لنستكشف حقبة مهمة من حقبات تأسيس العلوم الحديثة.
من خلال بحث العلماء لاكتشاف كواكب جديدة الذي أدى بهم لاكتشاف حزام الكويكبات .. كانت حركة و مسار الكوكب اورانوس تأخذ منحنى غريب و صعب .. بحيث ادرك العلماء وجود شيء لا يمكن تفسيره في حركته .. في البداية ظنوا انها مسألة بسيطة .. ولكن مع مرور الوقت اكتشفوا بانه اورانوس لا يتبع أي نمط فلكي معروف بالحركة ولا يمكن التنبأ على موقعه بدقة في السماء بالاعتماد على المعادلات الرياضية المعروفة حينها .. فكان التحدي الرئيسي بين الفلكيين و الرياضيين في تلك الحقبة ان يجدوا حل لهذة المشكلة .. فحاول العلماء كثيرا لايجاد معادلة تلخص و تشرح حركة اورانوس .. ولكن كل محاولاتهم باءت بالفشل .. و و هذا جعلهم يعتقدون بوجود نقص في مقدامتهم التي ينطلقون منها .. و كانت استنتاجاتهم تؤدي الى انه ربما الحسابات ينقصها احتساب التأثير الجاذبي لكوكبي زحل و المشتري علـى كوكب اورانوس فيما يعرف ب الاضطراب الجاذبي او gravitational perturbations و هي تقنية رياضية ذكية جدا اشتقها العالم الفرنسي لابلاس الذي ما ان استخدم العلماء حسبتها في حركة الاجرام .. فتحسنت معها كثيرا التنبؤات الفلكية بحركات الكواكب و بالتحديد كوكبي زحل و المتشري .. وفي بعض الأوساط العلمية اعتبر هذا الاكتشاف و هذا التآثير و صياغة معادلة رياضية له .. من اعظم الاكتشافات النظرية بعد نظرية الجاذبية للسير إسحاق نيوتن .. و لقب لابلاس على اثر هذا الإنجاز في بلده ب نيوتن فرنسا .. و لأهمية هذا المفهوم في حلقة اليوم .. سآشرحه بشكل موجز و مبسط ليساعدنا في فهم الاحداث اللاحقة .. و هو اضراب بحدث لحركة الاجرام السمواية بحيث تخرج عن النمط و السرعه المعتادة في حركتها .. هذا التأثير ضئيل جدا في جميع الكواكب الصخرية لدرجة يمكن اهمالة من الحسابات .. و لكن في حالة زحل و المشتري بسبب كتلتهم فلا يمكن ذلك و يجب اخذه بالحسبان .. فعندما يمرون بجانب بعضهم البعض فان حركتهم تتأثر .. المشتري يدور حول الشمس كل ٢٠ سنة و زحل يدور كل ٣٠ سنة مره .. وكل ما يقتربون من بعض و تقل المسافة بينهم فذلك يؤدي لدفع سرعة المشتري قليلا و لتباطئ زحل قليلا.. فباخذ هذا المفهوم بالحسبان حاول العلماء تطبيقه على اورانوس للتنبأ بحركته اعتقادا منهم انه هذا ماكان ينقص المعادلات للتنبأ بحركة اورانوس.. ولكن مرة أخرى باءت محاولاتهم بالفشل .. استمر هذا الحال الى الثلاثينيات من القرن التاسع عشر .. و بما ان الفترة الان أصبحت كبيرة من وقت اكتشافه حتى تلك الأيام فاصبح بيد العلماء الكثير من المعلومات التي يستطيعون بناء عليها وضع فرضيات لهذا السلوك .. فكانت اول فرضية تفسر هذا السلوك الغريب لكوكب اورانوس انه ربما بالصدفة ضرب اورانوس عن طريق مذنب جعله يأخذ هذا المسار غير الطبيعي .. و من الفرضيات أيضا وجود مادة ما في تلك المسافة البعيدة عن الأرض تغير نمط حركة اورانوس .. و أيضا تم وضع فرضية بان اورانوس و بسبب بعده الكبير عنا فانه لا يخضع لقوانين نيوتن للجاذبية .. فتخيل ذلك .. كيف انه حركته الغريبة جعلتهم يشككون في افضل نظرية انيقة للجاذبية في وقتها .. لهذه الدرجة كان الوضع مزعج و غير قابل للتفسير .. ولكن على أي حال تم استبعاد كل تلك الفرضيات لضعفها .. ولم يتبقى سوى واحدة و هي التي ستكمل المشوار معنا في هذه القصة .. و هي انه ربما يوجد كوكب خفي يدور خلف اورانوس و يعمل ذلك الاضطراب الجاذبي الذي شرحته قبل قليل مثلما يحدث بين زحل و المشتري .. وكلما مر الوقت مال العلماء لمثل هذه الفرضية .. ولكن كيف يمكن تصحيح المسار و التنبأ بحركة اورنوس من خلال هذا الكوكب .. فنحن لن نره ولا نعرف عنه أي شيئ على عكس زحل و المشتري الذي يسيرون امام اعيننا طوال السنة .. فكان لابد للعلماء من كشف هذا الكوكب .. وكان لابد لهم من نقطة انطلاق .. فكانت مبدأ بود الذي ذكرناه في الحلقة الماضية و الذي يتنبأ بمسافات الكواكب بعدا عن الشمس .. و لكن اذا كانت الطريقة العملية التي سيتخذونها هي رصد الكوكب بالعين و تسجيل الملاحظات .. فان ذلك يتطلب مئات السنين بل والاف لتسجيل قاعدة بيانات ثم تحليلها لان اورانوس يدور حول الشمس كل ٨٤ سنة فعلى العلماء الانتظار كل مرج يدور و يقترب من ذلك الجسم الذي خلفه لتطرب حركته .. فكان لابد من تدخل عبقري لحل هذه المعضلة .. وهنى يأتي دور المحقق الصغير الذي سيأخذنا خطوة للامام.
في العالم ١٨١٩ أي بعد اكشتاف اورانوس ب ٧٣ سنة .. ولد شخص سيكون له شأن كبير جدا في المستقبل الفلكي و هو جون ادامز.. جون ولد في اسرة مكونة من ٧ اشقاء و هو اكبرهم .. ومنذ طفولته بان عليه النبوغ الرياضي بين اقرانه وتنقل عنه الكثير من القصص و المسائلالرياضية التي كان يبرع في حلها بطرق عبقرية .. و بعد ان اكمل عامه الرابع عشر توجه ميوله الرياضي ناحية السماء .. فبذلك العمر الصغير اصبح لديه خريطة للنجوم من صنعه هو .. بعد ان قرأ كل الكتب الفلكية المتوفرة لديه.. و بعدها بسنتين استطاع من كتابة معادلات للتنبأ بالكسوف الشمسي الذي سيحدث في بلدته الإنجليزية ليدكوت الصغيرة .. و اللطيف ان تعليم ادامز كان بالكامل تعليم شخصي في المنزل و كانت طرق الاشتقاق الرياضي التي يستخدمها من ابتكاره .. بعدها التحق ادامز في الجامعة لاكمال دراسته فيما يحب و يبرع .. الرياضيات .. و في اثناء دراسته الجامعية .. زار المرصد الفلكي و عاين التلسكلوب نورثمبيرلاند والذي كان يعد الأفضل في البلاد فاعجب فيه.. و هناك وجد مجلة علمية التي ما ان قرأها حتى تحددت مسيرته العلمية و الحياتية .. فكانت المقالة عبارة عن حركة اورانوس الغريبة و الصعوبة التي يواجهها العلماء في تحديد مساره .. فكانت كفيلة بان تشعل الحماس العلمي في نفس ادامز ليتخذها مسألة شخصية لحل هذا اللغز و المعضلة الفلكية .. ولكن كان عليه ان ينهي دراسته الجامعية أولا كي يتفرغ لها لاحقا.. و بالفعلبعد تخرجه عام ١٨٤٣ عكف على حل المسألة .. ادامز كان يعلم صعوبة المهمة رياضيا و لكن ان تمكن من فعلها فسيدخل التاريخ من أوسع ابوابه .. فللتسهيل على نفسه بدأ بفرضية ان الجسم الذي يدور ابعد من اورانوس و يؤثر عليه يدور في مدار دائري و مسافته بعدا عن الشمس مطابقة لمبدأ بود .. و عندما انشغل في الحسابات كان يجلس فوق رأسه شقيقه الأصغر جورج و يدقق على حساباته حتى لا يخطأ و يبني المعادلات على خطأ.. و بعد أسابيع من الحسابات وصل الى استنتاج راسخ بانه بالفعل هناك اضطراب جاذبي يؤثر على اورانوس من قبل جرم يدور من خلفه .. و لكن تبقى معرفة تفاصيل هذا الجرم من وزن و مدار ادق من الذي افترضه في بداية حساباته .. ولاجل ذلك يحتاج ان يكون بين يديه معلومات رصدية محددة عن مدارات الافلاك.. وكان لايوجد افضل من مرصد قرينج الملكي ليطلب منهم ذلك بعد ان بين لهم انه يعمل على حل معادلات مسار اورانوس .. سعدوا بذلك و زودوه باللازم من معلومات .. و عكف على ترتيبها في السياق و حلها على مدى عدة اشهر ..و خرج بنتائج رائعه منها انه هذا الجرم يدور في دائرة البروج و في تواريخ معينة سيكون في كوكبة او برج الدلو .. فعرف ان الوقت حان ليراسل المرصد في قرينج ليتبعوا ما توصل اليه للكشف عن هذا الجرم .. وكان القرار حينها يرجع لرئيس المرصد الفلكي جورج اييري الذي لم يكن متواجد في اكثر من مناسبة .. فتأخر و تعطل موضوع رصد الكوكب كثيرا .. وفي نفس الاثناء كان هناك عالم فرنسي يعمل بمعزل عن ادامز لحل هذه المشكله و هو الفلكي لي فيغييغ.
لي فوغيغ كان نجم فرنسي صاعد بقوة في مجال الرياضيات و الفلك .. وكانت له اسهامات كثيره في علم الفلك منها ورقة علمية حول تغير محور دوران الكواكب الداخلية حول نفسها في الفترة ٢٠ الف الى ١٠٠ سنة قبل الميلاد .. و كتب ورقة علمية ثانية مماثلة حول المشتري و زحل .. و بعد ذلك اصبح له اهتمام خاص بحساب الاضطراب الجاذبي الذي يؤثر على اورانوس مثله مثل ادامز في إنجلترا .. ولكن عندما نقرأ السير و نقارن بينهم في العام ١٨٤٥ فان الفرق بين ادامز و لي فيغيغ كبير .. فادامز كان حينها يبلغ السادسة و العشرين من العمر و لتتو تخرج من الاكاديمية و اصبح أستاذ فيها يدرس الرياضيات و كان له شغف في الكشف عن الكوكب الذي يقع خلف اورانوس .. اما لو فيغيغ فحينها كان له صيته و سمعته بين الفلكيين و هو في منتصف الثلاثينيات من عمره وله كثير من الاوراق العلمية المنشوره .. حتى في الشخصية فكانوا يختلفون كثيرا .. فالتاريخ ينقل انه لو فيغيغ كان نوعا ما متكبر و معجب في نفسه و اعماله .. على عكس ادامز المتواضع اكثر و سهل المراس .. ولكن حينما نتكلم عن الرياضيات فموهبتهم الرياضية ..عبقرية و فوق كل الشكوك ..و في تلك الفترة كان الاثنان يعملان على حساب موقع الكوكب الجديد و كل منهم لا يعلم عن الاخر شيئا …. و للغرابة .. الاثنان توصلا الى معادلة تبين الاحداثيات بطريقتين مختلفيتين رياضيا .. ولكن كان هناك شخص واحد فقط في المجتمع العلمي على علم و دراية تفصيلية بمعادلات الاثنين و هو رئيس المرصد الذي راسله كثيرا لوفيغيغ و الذي كان يراسله أيضا ادامز و هو الفلكي جورج ايري ادامز كان يراسله لانه الأقرب اليه في إنجلترا ولا يعرف غيره الكثير فيبدو انه داذرة معارفه صغيره .. اما لو فيغيغ فكان يرسل لاكثر من مرصد في أوروبا للتعليق على معادلاته .. فكان جورج ايري مدير المرصد على علم بان لو فيغيغ توصل الى اكتشاف الكوكب الجديد و هو على أبواب نشره للعالم .. ومن جهة أخرى كان يعلم بان ادامز توصل لنفس الاكتشاف الدقيق.. ولكن ايري مدير المرصد تكتم على معادلات ادامز و لم ينشر الخبر بين الفلكيين لسبب كان يريد ان يحققه .. في بريطانيا هناك مرصدان كبيران قرينيج و كيمبردج .. و كان ايري مشرف في وقتها على مرصد قرينيج .. و كان يريد ان يكون اكتشاف الكوكب الجديد نابع من مرصده و تحت اشرافه ولكن لم يكن التلسكوب جاهز فنيا لرصد الكوكب الجديد .. فتعطلت الأمور .. اما لوفيغيغ فكان يراسل كل المراصد التي يستطيع الوصول اليها ليتأكدوا من نتائجه الرياضية حول اكتشاف الكوكب .. فوصلت احد رسائله الى مرصد برلين الذين كان يديره العالم قييل و قرر ان يتابع الرصد من هناك .. و بالفعل في نفس الليلة رصد موقع الكوكب هو و العالم انكيه ليبهروا عندما وجدوا جرم كانوا يعدونه من النجوم سابقا و في كل الخرائط النجمية السابقة .. يتحرك بنفس الوصف الدقيق الذي وصفه لهم لوفيغيغ .. ..اعادوا نفس تجربة الرصد في اليوم الموالي و ظهرت لهم نفس النتائج و استطاعوا كذلك قياس قطر الكوكب الذي تبينه انه يعادل ٣.٣ ثانية قوسية و قريب جدا مما توقع لو فيغيغ بالرياضيات و التي كانت ٢.٦ ثانية قوسية.. فارسلوا مكاتيب التهنئة ل لوفيغيغ على إنجازه العظيم في اكتشاف هذا الكوكب بل زاد قييل و كتب اقتراح بتسمية الكوكب ب جوناس .. عندما وصلت الرسائل الى لوفيغيغ فرح فرحا شدبدا بهذا الاكتشاف و على الفور عممه بارسال رسائل الى مراصد بريطانيا و الى الرياضي قاوس .. و اشتعلت حرب لتسميته مرة أخرى مثل كوكب اورانوس .. و هذه المره اقترح لوفيغيغ تسمية الكوكب على اسمه و حصل على دعم فرنسا كاملة التي تغنت بهذا الإنجاز الفرنسي فاصبح كوكب لوفيغيغ .. اما ادامز فظل مخفيا في الظل ولم يظهر للعلن كل ذلك بسبب تأخر مراصد بريطانيا بتلبية دعوة ادامز بالبحث عن كوكبه المنشود و اهتمت المراصد بمشاريعها برصد النجوم التي لم يكونوا على استعداد لايقافها مما أصاب ادامز بخيبة امل شديدة جدا .. الى ان جاء الفلكي جون هرشل و هو بالمناسبة ابن وليام مكتشف اورانوس .. و كان حينها له كلمته في المجال.. فاخذ ينشر في المجلات العلمية و في الصحف البريطانية نتائج ادامز التي هي مطابقة ل لوفغيغ و والتي لها القدرة على اكتشاف ذلك الكوكب .. فعندها ضجت الصحافة والمجتمع العلمي على المراصد البريطانية كيف انه احداثيات كوكب جديد كانت تحت اعينهم و رفضوا او تكاسلوا في معاينته .. و في نفس الوقت وصلت الاخبار الى فرنسا بوجود شخص ما يدعى ادامز كان قد سبق لوفيغيغ في اكتشاف الكوكب مما أدى الى غضب البعض و سخرية الاخرين .. اما لوفغيغ فقد صعق من وجود شخص يسمى ادامز يدعي مثل هذا الادعاء وكان بالنسبة للفرنسيين بان الانجليز يريدون خطفو سلب هذا الإنجاز باي طريقة .. فاستهزؤوا بهم في الصحف و الرسومات …. ادامز في الحقيقة سبق لوفغيغ .. ولكن المشكلة هي ما تستطيع اثباته لا ما تستطيع ان تقوله العالم .. تطورت احداث القصة كثيرا و بتفاصيل بين البلدين سياسيا و علميا .. و لكن في العام ١٨٤٦ تم تسجيل مكتشف الكوكب ل لوفيغيغ .. واسم الكوكب تم تغييره من قبل الاتحاد الفلكي الذين كانوا مسبقا قد اختارو الاسم نبتون كونه متماشي مع الاسطوره الرومانية و باقي الكواكب .. اما ادامز .. فقد حصل أخيرا على اعتراف رسمي كمكتشف لكوكب نبتونن.. نفس الاعتراف الذي حصل عليه لوفغيغ بعامين ليتساوى معه بهذا الإنجاز .. و يكون لهذا الكوكب اغرب قصة اكتشاف .. فمكتشفيه الاثنين لوفغيغ و ادامز .. كشفوا عن اختبائه و راء اورانوس عن طريق الورق و المعادلات التي الهمتهم اياها تحركات اورانوس الغريبة .. وللمصادفة لم يكونوا اول من ينظر الى اكتشافهم للكوكب.. بل كان الفلكي قييل من مرصد برلين
.. اما الان و بعد ان استمعنا للقصة وراء هذا الاكتشاف .. فبعد الفاصل سنطير الى نبتون صاحب القصة و الضجة في تلك الفترة لنتعرف عن قرب عن اخر كواكب المجموعة الشمسية .
من وقت اكتشاف كوكب نبتون الى وقت طويل جدا .. و معرفتنا به لا تتعدى القياسات الفلكية و سرعته في المدار و المعلومات الظاهرية .. حتى العام ١٩٨٩ عندما مرة المركبة فويجر بجانب الكوكب .. فبعد مرورها تمكنت من تصويره و على اثر ذلك تمكن العلماء من تحليل هذه الصور و استنتاج الكثير من الحقائق المرتبطة في نبتون .. فالان نحن نعلم بان وزن كوكب نبتون يعادل 17 مرة ضعف وزن الأرض و اما بالنسبة لحجمه .. فهو الرابع من بين كواكب المجموعة الشمسية .. ويمكن ان يستوعب ٥٧ كرة أرضية بداخله ..و بالنسبة لتركيب الكوكب من حيث المواد .. فهو كحال باقي الكواكب الغازية العملاقة .. تركيبه و التراكيز في المواد تختلف على حسب الطبقة التي ترصد فيها المواد .. و يمكن تقسيمهم الى ٤ طبقات .. لنأخذهم من الدخل الى الخارج .. في عمق الكوكب عند اللب يتكون من ثلوج و لب صخري .. و ما ان تخرج الى اول طبقة بعد اللب .. فنجد العباءة التي تغطيه تتكون من امونيا و غاز الميثان و الماء و سنأتي بتفصيل مسألة الماد و تواجده في هذا المكان بعد قليل .. و بعد ذلك نصعد الى الغلاف الجوي الداخلي للكوكب .. فيتكون من الهايدروجين و الهيليوم و غاز الميثان .. و أخيرا الغلاف العلوي او الخارجي للكوكب .. وسبب اللون الأزرق الذي يظهر على الكوكب .. هو انه غاز الميثان المتواجد في طبقات الجو ..يمتص اللون الأحمر القادم من اضاءة الشمس .. فيبقى اللون الأزرق ليتشتت على سطحه و يجعله بهذا اللون المميز
وعلى عكس توأمه اورانوس .. فان العواصف في نبتون ضارية جدا و الرياح فيه تدور حرفيا بسرعات تفوق سرعة الصوت .. و هي من الأشياء الغريبة والتي حيرت العلماء.. كيف لكوكب ابعد من اورانوس يكون فيه رياح بهذا الشكل .. و السبب وراء ذلك ان باطن نبتون حار جدا جدا أي اللب .. وتصل درجة الحرارة فيه الى ٧٠٠٠ درجة سيليزية و في مقابل ذلك الحرارة في الأجواء الخارجية للكوكب منخفضة جدا و تعادل -٢٠٠ درجة سيليزية .. و هذا الفرق ينشا عنه هذه الرياح السريعة .. و تقترح بعض الدراسات بان هذه الحرارة في الباطن ممكن ان تذيب طبقات الثلج في ارتفاع معيين على الكوكب لتعمل على خلق محيطات من المياه فيكون لدينا بيئة ديناميكية غريبة في نبتون.. و من ناحية الغلاف الجوي فان نبتون مثير اكثر من اورانوس عندما تنظر له من الخارج .. فيمكنك مشاهدة عواصف بيضاء و بقع سوداء تأتي و تذهب و هي من المظاهر الأولى التي رصدتها مركبة الفويجر عند مرورها بالكوكب.. و تعتبر هذه العاصفة على سطحه مشابهه للبقعه الحمراء العظيمة التي تظهر على سطح المشتري .. هذا بالإضافة الى ان الكوكب مائل على محوره بزاوية 28.3 درجات و هي زاوية ممتازة جدا لتكوين الفصول على سطحه مثل كوكبنة الأزرق المائل بزاوية ٢٣ درجة ونصف.. و تجعل الأقطاب تختلف درجات حرارتها على حسب الموسم .. فهذه كلها مظاهر ديناميكية تجعل نبتون و ان كان كوكب ثلجي مثل اورانوس و لكن يختلف عنه بدرجة كبيرة
وعندما نتحدث عن كواكب خارجية .. فلابد ان نتطرق للحلقات .. فهي موجودة لديهم جميعا .. و نيبتون ليس استثناء.. و لكن في حالة نبتون فالحلقات لديها صفة غريبة .. فعادة عندما تتشكل الحلقات او عندما تدخل فيها مادة فانها تتوزع بشكل متساوي على طول امتداد الحلقة .. ولكن في نبتون نرى هناك أماكن فيها تكتلات للمادة اكبر من أماكن أخرى .. بمعنى أماكن فيها سماكة و أماكن تكون اضعف .. و سبب ذلك يعود الى الأقمار في نبتون .. فبعض هذه الأقمار يدور بقرب شديد من الحلقات و من بينها .. مما يجعل هناك اختلال في توزيع مواد الحلقة .. ولكن ليس بفارق كبير جدا و لكن تكفي بشكل ملحوظ للعلماء ..
نأتي الان الى الأقمار .. و هم ١٤ قمر يدورون خول نبتون .. جميعهم أقمار عادية .. باستثناء قمر واحد فهو يعد من الأقمار المهمة ليس فقط عند نبتون ولكن في المجموعة الشمسية .. و هو القمر ترايتن و هو القمر السابع بالحجم في المجموعة الشمسية .. و هذا القمر لديه ميزة غريبة جدا جدا .. و هي انه يدور باتجاه معاكس لاتجاه دوران نبتون .. و هذا شي عجيب .. فتخيل جميع كواكب المجموعة الشمسية بجميع اقمارها الكبيرة تدور باتجاه .. و هذا القمر ترايتن يدور بحركة تراجعية بالاتجاه المعاكس .. و هذا دليل واضح بانه هذا القمر لم يكن ناشأ من نبتون .. بل انه تم اسره في جاذبية نبتون بينما كان يسبح بالفضاء قادما من نجم او مجموعة نجمية أخرى .. ولكن اذا كان اسر بجاذبية نبتون لمذا لم يدر بنفس اتجاه دورانه …. و هنا يفصل العلماء في هذه المسألة فهي ليست بالهينة .. فالنموذج المقترح لحل هذا الاشكال.. هو ان في ما مضى من الزمن كان نبتون موجود و صادف وجود جرمين في السماء تصادموا مع بعض بالقرب من نبتون .. احدهم طرد بعيدا جراء الاصطدام و الاخر بقى مكانه و بالاخذ بالحسبان جاذبية نبتون فالمحصلة هي بقاءه القمر ولكن بدوران معاكس و هي كما ذكرت من المسائل المعقدة في مسائل الجاذبية و تسمى بمعضلة الثلاث اجسام و هي معضله لها حلول معقدة و بظروف و شروط خاصة .. وبسبب دورانه عكس اتجاه نبتون .. فان سرعته تقل في كل مره يقترب فيها منه .. و انخفاض السرعه يؤدي الى اقتراب القمر اكثر و اكثر من الكوكب .. و هنى يدق ناقوس الخطر بالنسبة لترايتون .. لانه سينتهي به الحال و يدخل مجال روش( و هذا المفهوم اعتقد شرحته سابقا في حلقة سيد الخواتم) و اذا دخل مجال روش ستسحقه جاذبية نبتون و تفتته الى فتات ينضم الى باقي حلقات الكوكب .. ولكن لا داعي للقلق الان فذلك لن يكون قبل ٣ مليارات سنة من اليوم .. و اذا حدث ذلك .. ستكون حلقات لامعة جدا بسبب وجود الثلج في محتوى القمر و التي يعكس اشعة الشمس بقوة .. و لكن لا اعتقد ان أي منا سيشهد ذلك الحدث ..
تقريبا هذه اهم صفات اخر كواكب المجموعة الشمسية .. نبتون .. و بذلك أكون انتهيت من رحلة و مسيرة طويلة ابتدأتها في الموسم الماضي لاستعراض كواكب المجموعة الشمسية.. و لكن بالطبع لا يمكن ختم هذه المجموعة بدون التعرض لبلوتو .. فهو الاخر لديه محبين و معجبين يجب ارضائهم .. و هو ما سيكون موضوع حلقتنا القادمة .. فحتى ذلك الحين اترركم في رعاية الرحمن و حفظه .. الى اللقاء